نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
بسم الله الرحمن الرحيم
التعليل بالتفرد من القرائن القوية التي استعملها أئمة النقد في تمييز صواب الراوي من خطئه
والذي يظهر أنَّ التفرد ليس علة في كل حال، وإنما ينظر إلى القرائن التي من خلالها يغلب
على ظن الناقد ضبط الراوي أو خطئه
ومن القرائن مراعاة حال الراوي المتفرِّد، والشيخ المتفرَّد عنه، والحديث المتفرَّد به
ولا يصح الاستدلال بتصحيح الأئمة أو بعضهم لبعض الأفراد، إلا مع توفر هذه القرائن
مع التنبُّه لاختلاف نظر الأئمة في الحكم على الأفراد
وأمثلة الإعلال بالتفرد في كلامهم كثيرة وظاهرة، وقد وقفت على جملة منها
فأحببت في هذا الموضوع أن نتعاون على جمع نصوص النقاد في هذه المسألة، ومحاولة الوصول إلى
نتائج واضحة في هذا الباب
وأرى أن يقتصر جمعنا على النصوص الصريحة في الإعلال بالتفرد
وأفضل من هذا تلك النصوص التي جمعت بين صراحة التعليل بالتفرد مع بيان سبب التعليل به
في ذلك المثال
ولعل الإخوة يفيدون بما وقفوا عليه من نصوص صريحة للائمة المتقدمين في هذه المسألة
تأييداً أو معارضة
أسأل الله أن ينفع ويبارك
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
قال أبو محمد ابن أبي حاتم:
(قيل لأبي: يصحُّ حديثُ أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في اليمين مع الشاهد؟
فوقفَ وقفةً فقال: ترى الدراوردىَّ ما يقول؟ يعنى قوله: قلتُ لسهيل فلم يعرفه
قلت: فليس نسيان سهيل دافعاً لما حكى عنه ربيعة، وربيعة ثقةٌ، والرجل يحدِّث بالحديث وينسى
قال: أجل، هكذا هو، ولكن لم نرَ أن يَتبعَه متابعٌ على روايته، وقد روى عن سهيل جماعةٌ كثيرةٌ ليس عند أحد منهم هذا
الحديث
قلت: إنه تقول بخبر الواحد؟
قال: أجل، غير أني لا أدري لهذا الحديث أصلاً عن أبي هريرة أعتبرُ به
وهذا أصلٌ من الاصول لم يتابع عليه ربيعة)
فلنتأمل في هذا النص المهم، وكيف أعلَّ الحديثَ مع أنه من رواية ربيعة بن أبي عبدالرحمن
وبيَّن سبب تعليله بأن الحديثَ أصلٌ من الأصول لم يتابع عليه ربيعة
مع أنَّ الإمام أبا حاتم صحح الحديث في موضع آخر، ولعله ترجَّح له ثبوت هذا الحديث
وبقطع النظر عن تصحيح الحديث -فليس هذا محلَّ البحث- إلا أنَّ المراد هو نصُّ أبي حاتم
على سبب تعليله للحديث، وأنه لم يطمئن لثبوته لتفرد ربيعة به مع كون ذلك الحديث أصلاً في
القضاء بالشاهد واليمين
ويلاحظ في هذا النص أنَّ أبا حاتم رحمه الله يوثق ربيعة
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
قال ابن أبي حاتم:
(سألت أبي عن حديثٍ رواه بُرْد بن سنان عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه كان يصلي، فاستفتحت الباب فجاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم ففتحَ البابَ
ومضى في صلاته.
قلت لأبي: ما حالُ هذا الحديث؟
فقال أبي: لم يرو هذا الحديث أحدٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم غيرُ بُرْد، وهو حديثٌ منكر، ليس يحتمل الزهريُّ مثل هذا الحديث وكان بُرْدٌ يرى القدرَ)
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
قال الحافظ أبو أحمد ابن عدي في الكامل:
(...وعاصم بن ضمرة لم أذكر له حديثاً لكثرة ما يروي عن علي مما تفرَّدَ به، ومما لا يتابعه الثقات عليه
والذي يرويه عن عاصم قومٌ ثقاتٌ، البليَّة من عاصم، ليس ممن يروي عنه)
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
نسأل الله أن ينفع ببحثكم هذا ويبارك
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحمادي
ولا يصح الاستدلال بتصحيح الأئمة أو بعضهم لبعض الأفراد، إلا مع توفر هذه القرائن
مع التنبُّه لاختلاف نظر الأئمة في الحكم على الأفراد
و كذا لا يصح الاستدلال بتضعيف الأئمة أو بعضهم لبعض الأفراد، إلا مع توفر هذه القرائن
مع التنبُّه لاختلاف نظر الأئمة في الحكم على الأفراد.
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
عاصم بن ضمرة، وإن وُثِّق في الجملة، فقد قال فيه ابن حبان: كان رديء الحفظ فاحش الخطأ، يرفع عن علي قوله كثيراً، فلما فحش ذلك في روايته استحق الترك، على أنه أحسن حالاً من الحارث.
قلت: فمثله لا يحتمل منه التفرّد.
لذا ، فأولى ما ينبغي البحث فيه هنا: أفراد الثقات، وموقف الأئمة النقاد منها.
ومنها أفراد الصحيحين. ولعلي أذكر بعضاً منها تباعاً بإذن الله تعالى.
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
بارك الله فيك انظر رسائلك الخاصة
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
بارك الله فيكم شيخنا ,,, نحن بانتظار الباقي.
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
بارك الله فيكم
للشيخ إبراهيم اللاحم بحث في المسألة ذكر فيه بعض الأمثلة وضوابط فينبغي لمن أراد أن يتكلم في المسألة أن يقرؤه فإنه لا يستغني عنه
ونصوص الأئمة في الإعلال بمجرد التفرد نصوص نظرية وتطبيقية
ولعلّ من أقدم النصوص التطبيقية عن الأئمة هو
_ ما رواه عبد الرحمن بن أبي حاتم في الجرح والتعديل قال سمعت أبي وذكر حديث عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته ) قال شعبة استحلفت عبد الله بن دينار : هل سمعتها كذا من ابن عمر ؟ فحلف لي ، قال أبي : كان شعبة بصيرا بالحديث جدا ، فهما فيه ، كان إنما حلفه لأنه كان ينكر هذا الحديث ، حكم من الأحكام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشاركه أحد ، لم يرو عن ابن عمر أحد سواه
فانظر كيف أنكر شعبة هذا الحديث لتفرد ابن دينار الثقة الثبت به ثم لم يرده لقرائن حفت الحديث جعلته يعتقد عدم وهم ابن دينار به
وعبد الله بن دينار لم يخالف أحدا من أصحاب ابن عمر لكن أنكره شعبة لأنه كان متقرر عند وعند إخوانه من النقاد أن مجرد التفرد دليل على وهم المتفرد على تفصيل عندهم
ومن أقدم النصوص أيضا
_ قَالَ مَالِك : مَا لِأَهْلِ الْعِرَاق يَسْأَلُونَنِي عَنْ حَدِيث " السَّفَر قِطْعَة مِنْ الْعَذَاب " ؟ فَقِيلَ لَهُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ سُمَيّ أَحَد غَيْرك ، فَقَالَ : لَوْ عَرَفْت مَا حَدَّثْت بِهِ ، وَكَانَ مَالِك رُبَّمَا أَرْسَلَهُ لِذَلِكَ راجع الاستذكار وفتح الباري
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
اقتباس:
قال أبو محمد ابن أبي حاتم:
قيل لأبي: يصحُّ حديثُ أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في اليمين مع الشاهد؟
فوقفَ وقفةً فقال: ترى الدراوردىَّ ما يقول؟ يعنى قوله: قلتُ لسهيل فلم يعرفه
قلت: فليس نسيان سهيل دافعاً لما حكى عنه ربيعة، وربيعة ثقةٌ، والرجل يحدِّث بالحديث وينسى قال: أجل، هكذا هو، ولكن لم نرَ أن يَتبعَه متابعٌ على روايته، وقد روى عن سهيل جماعةٌ كثيرةٌ ليس عند أحد منهم هذا الحديث قلت: إنه تقول بخبر الواحد؟
قال: أجل، غير أني لا أدري لهذا الحديث أصلاً عن أبي هريرة أعتبرُ به وهذا أصلٌ من الاصول لم يتابع عليه ربيعة
فيه فوائد:
1_ الإعلال بمجرد التفرد وإن لم تكن هناك مخالفة فربيعة هنا لم يخالف أحدا من أصحاب سهيل وإنما روى ما لم يرووا
وهناك فرق في نصوص المتقدمين بين الإعلال بالمخالفة والإعلال بمجرد التفرد وعلى كل قسم أمثلة
وهذا يشمل التفرد المطلق كأن يتفرد بأصل الإسناد
ويشمل التفرد النسبي مثل زيادات الثقات ونحوها
وعلى ذلك أمثلة كثيرة في الأمات وانظر بعضها في بحث اللاحم وسيأتي بعضها معنا
وهناك مبحث على المجلس وغيره للشيخ محمد بن عبد الله ذكر فيه بعض الأمثلة على رد الأئمة لبعض زيادات الثقات لمجرد التفرد وإن لم تكن هناك مخالفة ولم يكتمل بعد
ومبحث زيادة الثقة مرتبط ارتباطا جوهريا مع مبحث التفرد لأن زيادة الثقة تفرد نسبي
فما يذكر من أمثلة على رد بعض الزيادات وإن لم تكن هناك مخالفة يصلح دليلا على ما نحن بصدده من اعلال الأئمة بمجرد التفرد
لكن الموضوع مطروح لذكر أمثلة على التفرد المطلق
2_ أن تفرد راو عن إمام له أصحاب بحديث لم يشاركوه فيه دليل على وهمه وقد نبه على ذلك مسلم في المقدمة
3_ النظر في الحديث المتفرد به هل هو من الأصول أم لا ؟
4_ أن رد الحديث بمجرد التفرد وكذا رد بعض زيادات الثقات ليس من قبيل رد خبر الواحد وليس فيه هدم للسنة كما يزعم البعض
ولم يصحح البخاري حديث ربيعة لما سئل عنه كما في العلل للترمذي وصحح المرسل من طريق جعفر بن محمد عن أبيه
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبدالرحمن الطائي
نسأل الله أن ينفع ببحثكم هذا ويبارك
بارك الله فيك أخي أبا عبدالرحمن
هذا ليس بحثاً، وإنما هو مشروعٌ نتعاون فيه جميعاً لجمع نصوص الأئمة في الإعلال بالتفرد
ومن خلالها يمكن التوصل إلى نتائج واضحة بمشيئة الله
وما ذكرتَ بقولك:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبدالرحمن الطائي
و كذا لا يصح الاستدلال بتضعيف الأئمة أو بعضهم لبعض الأفراد، إلا مع توفر هذه القرائن
مع التنبُّه لاختلاف نظر الأئمة في الحكم على الأفراد
=ظاهرٌ في كلامي
فقد ذكرتُ أنَّ التفرُّدَ بمجرَّده ليس علة -فيما يظهر لي- بل لابد
من قرائن تقوي التعليلَ به
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبدالرحمن الطائي
عاصم بن ضمرة، وإن وُثِّق في الجملة، فقد قال فيه ابن حبان: كان رديء الحفظ فاحش الخطأ، يرفع عن علي قوله كثيراً، فلما فحش ذلك في روايته استحق الترك، على أنه أحسن حالاً من الحارث.
قلت: فمثله لا يحتمل منه التفرّد.
لذا ، فأولى ما ينبغي البحث فيه هنا: أفراد الثقات، وموقف الأئمة النقاد منها.
ومنها أفراد الصحيحين. ولعلي أذكر بعضاً منها تباعاً بإذن الله تعالى.
بارك الله فيك
هذا مثالٌ من الأمثلة، والمثالان الأولان أظهر في موضوعنا
وإنما ذكرتُ كلامَ ابن عدي لتصديره ترجمة عاصم بتوثيق ابن معين، فلا يَرِدُ عليه رأيُ ابن حبان
في عاصم، رحمهم الله جميعاً
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
الشيخ الحمادي لمذا لم تجب لي ؟
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
بارك الله فيكم وهذه بعض النصوص أيضا ونحن نقتصر على الصريح منها لشرط صاحب الموضوع وإلا فلو ذكرنا الصريح وغيره لطال بنا الأمر
قال ابن أبي حاتم في العلل:
وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ شُعْبَةُ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْن بَشِيرٍ ، عَنْ عُمَرَ ، قَالَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَشْبَعُ مِنَ الدَّقَلِ ، وَمَا تَرْضَوْنَ أَنْتُمْ دُونَ أَلْوَانِ التَّمْرِ وَأَلْوَانِ الثِّيَابِ قَالَ كَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ ، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ سِمَاكٍ فَلَيْسَ يُتَابِعُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ ، إِنَّمَا يَقُولُونَ سِمَاكٌ عَنِ النُّعْمَانِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، لا يَقُولُونَ عُمَرُ
قُلْتُ لأَبِي أَيُّهُمَا أَصَحُّ
قَالَ شُعْبَة أحفظ
قلت لم يتابعه أحد
قَالَ وإن لم يتابعه أحد ، فإن شُعْبَة أحفظهم
فانظر كيف كان متقررا عند عبد الرحمن وأبيه أن التفرد دليل على الخطأ لكن لما كان شعبة المتفرد جبر هذا الوهم بسعة حفظ شعبة وكثرته وشدة إتقانه وتثبته
وهذا مثال على قول ابن رجب في شرح العلل : وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث - إذا تفرد به واحد - وإن لم يرو الثقات خلافه - إنه لا يتابع عليه ، ويجعلون ذلك علة فيه ، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه
يتبع...
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
ومنها :
قال مسلم في التمييز :
فأما رواية المعافي بن عمران عن أفلح عن القاسم عن عائشة فليس بمستفيض عن المعافي إ نما روى هشام بن بهرام وهو شيخ من الشيوخ ولا يقر الحديث بمثله إذا تفرد.ا.هـ
وهشام وثقه ابن واره وقال ابن حبان مستقيم الحديث
وهذا الحديث لغرابته كتبه عن هشام أحمد وابن معين وابن المديني وابنا أبي شيبة
وقد كان الحفاظ يكتبون وينتخبون غرائب الشيوخ للمعرفة لا للاحتجاج راجع بحث اللاحم في التفرد فقد ذكر أمثلة على ذلك
فانظر إلى قول مسلم " ليس بمستفيض عن المعافى " أي غير مشهور عنه دليل على أن التفرد علامة على الوهم
ومثل هذه النصوص أقل ما يستفاد منها أن كبار النقاد يجعلون التفرد دليل على الوهم في الأصل _ ثم قد تكون هناك بعض القرائن جابرة لهذا التفرد أو هذا الوهم_ فيتوقفون في بعض ما يتفرد به الثقة وأحيانا يحكموا عليه بالنكارة والبطلان والله أعلم
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمجد الفلسطينى
قال مسلم في التمييز :
فأما رواية المعافي بن عمران عن أفلح عن القاسم عن عائشة فليس بمستفيض عن المعافي إ نما روى هشام بن بهرام وهو شيخ من الشيوخ ولا يقر الحديث بمثله إذا تفرد.ا.هـ
وهشام وثقه ابن واره وقال ابن حبان مستقيم الحديث
وهذا الحديث لغرابته كتبه عن هشام أحمد وابن معين وابن المديني وابنا أبي شيبة
... فانظر إلى قول مسلم " ليس بمستفيض عن المعافى " أي غير مشهور عنه دليل على أن التفرد علامة على الوهم.
ومثل هذه النصوص أقل ما يستفاد منها أن كبار النقاد يجعلون التفرد دليل على الوهم في الأصل _ ثم قد تكون هناك بعض القرائن جابرة لهذا التفرد أو هذا الوهم_ فيتوقفون في بعض ما يتفرد به الثقة وأحيانا يحكموا عليه بالنكارة والبطلان والله أعلم
في هذا الكلام مباحث:
الأول: أن مسلماً إنما توقف في قبول تفرد هشام لأنه ـ عنده ـ شيخ، وهو أدنى منزلة وحفظاً من الثقة. فمثله لا يحتمل منه التفرد، عند كثير من أئمة هذا الشأن.
ولا يلزم توثيق غير مسلم له أن يكون عند مسلم ثقة، وهذا واضح.
الثاني : دعوى مسلم رحمه الله تعالى أن هشاماً تفرد به، وليس ذلك كذلك، فقد تابعه ثقات، فرووه عن المعافى، به.
ـ أبو هاشم محمد بن علي الموصلي، عند النسائي، والدارقطني.
ـ خالد بن يزيد القطربلي، عند الطحاوي في شرح معاني الآثار.
ـ إسحاق بن إبراهيم الهروي، عند أبي يعلى في معجمه، وأبي الفضل الزهري في حديثه.
الثالث: قول الأخ الفلسطيني حفظه الله: وهذا الحديث لغرابته كتبه عن هشام أحمد وابن معين وابن المديني وابنا أبي شيبة.
قلت: هذا ظن، وإلا فإن الخبر نقله الخطيب في تاريخ بغداد، دون ذكر لهذا التعليل.
الرابع: قوله: ومثل هذه النصوص أقل ما يستفاد منها أن كبار النقاد يجعلون التفرد دليل على الوهم في الأصل.
قلت: نعم، ذلك إن كانوا متفقين على هذا الأصل، أما أن نختار نصوصاً معارَضةً بمثلها، بل وبما قعده الحفاظ في كتب أصول الحديث، فلا.
وهذا الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول في الحديث الشاذ: (وهو أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس وليس من ذلك أن يروي ما لم يرو غيره). فحسبنا به.
لأجل هذا نقول: إن هذه النصوص قد استقرأها الحفاظ أصحاب الاستقراء التام لمصنفات القوم، فرأوا أنهم قد استقروا على ما ذكروه في كتب المصطلح، فلا يعكر عليه خلاف وارد في المتقدمين، فهذا باب واسع، والله أعلم.
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
بارك الله فيك
لي عودة مع ما كتبته لكن بعد أن أنقل بعض النصوص حتى لا يتشتت الموضوع
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
ومنها:
قال ابن أبي حاتم في العلل:
وَسَمِعْتُ أَبِي ، وَذَكَرَ حَدِيثًا رَوَاهُ قِرَانُ بْنُ تَمَّامٍ ، عَنْ أَيْمَنَ بْنِ نَابِلٍ ، عَنْ قُدَامَةَ الْعَامِرِيِّ ، قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بِالْبَيْتِ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِمِحْجَنِهِ
وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : لَم يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَيْمَنَ إِلا قِرانٌ ، وَلا أَرَاهُ مَحْفُوظًا ، أَيْنَ كَانَ أَصْحَابُ أَيْمَنَ بْنِ نَابِلٍ ، عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ ؟
فهذا نص صريح على ما نحن بصدده
رد: نصوص الأئمة في التعليل بالتفرد
ومنها:
حديث ضمرة وهو _ثقة_ عن الثوري عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر يرفعه من ملك ذا رحم عتق
قال النسائي : هذا حديث منكر ولا نعلم أحدا رواه عن سفيان غير ضمرة بن ربيعة الرملي
قال الترمذي : ولم يتابع ضمرة على هذا الحديث وهو خطأ عند أهل الحديث
ولذلك رده أحمد ردا شديدا
فانظر كيف أعل الأئمة هذا الحديث من أجل تفرد ضمرة به عن سفيان مع أنه لم يخالف
وأين كان أصحاب الثوري القطان وابن مهدي ووكيع عن هذا الحديث
وقد وثق أحمد ضمرة ولكن حكم على حديثه هذا الذي تفرد به بأنه أقرب إلى الكذب لأنه لا أصل له عن الثوري ولا أصل له عن عبد الله بن دينار
قال ابن القيم قال الإمام احمد عن ضمرة : إنه ثقة إلا أنه روى حديثين ليس لهما أصل أحدهما هذا الحديث ا.هـ