نسميها تجاربا ... وهي أخطاءنا التي فتشنا لاسمها عن مرادفا يمسح العارويسكت صوت الضمير فكانت التجربة ..
كم هي كثيرة تجاربنا – عفوا – حماقاتنا ولو قيد الله لها كاتبا لاستنزفت محابر المطابع قاطبة ... ولبقيترفوف الذاكرة ملأى ...
التجربة – 1 –
ماذا يقول الناس لبعضهم بعضا في النت .. يكذبون- ربما – بل هذا ديدنهم
شخصيات خرافية .. وأسماء في جزيرة عائمة ومجتمع الكتروني يصنع أشخاصا بزر وينهيهم بزر .. يفصّل الناس فيه شخوصهم كيفما اتفق .. قد أكون – أنا الأنثى - فيه رجلا أكتشف حماقات بنات جنسي مع ذاك الجنس الذي بدا لي مهندس تجاربي ..
وقد أفصل لنفسي فستان حلمي وأخلع على ذاتي ابدع الصفات وأعيش حلاوة الخرافة ...
وقد أكتشف فيه خبث البشر وحمقهم .... يعصون خلف الأزرار ويكبر شيطانهم في الخرافة والأوهام .. كأن العالم فيه الفصام ... يمارس الكثيرون رذائلهم في جزيرة التجارب هذه .. يكفي أن تمسح من حاسوبك الآثار تسحب كرسيك تتفقد ساعتك .. وتعلن أوبتك .. ذاك العاصي ليس أنت إنه شبيهك الإلكتروني ،،
لا بد وأن مهندسا ما سيلتقط تجربتي ويحاول أن يجعلها تليق بمقام متحذلقة مثلي
- لماذا لا تردين على همساتي
كلما فتحت بريدي انهالت علي هذه التي يسمونها همسات .. اسمها يزعجني
يجعلني أقلل احترامي لذاتي ...ألا يملون ......هذا الأبله يكثر من بعث هذه الهمسات
كيف أوقف هذا السيل العارم .. لا زلت لست خبيرة
- لماذا لاتردين على همساتي
يكرر وبريدها يترهل ..
- لأني واضحة وأكره لغة الهمس يا ...
- أنتظر النقاط ولا يهمني حتى وإن كانت ....
- سبحان الله .. عما تبحثون في النت
- نبحث عن الصداقة عن تبادل خبرات الحياة عن التعاون الثقافي
- وهل تعتقد أن الصداقة ممكنة بين الجنسين؟؟ .. أليست ذرا للرماد على العيون وكذبة سخيفة بل هي عصرنة للذنوب والمعاصي
- كأني أتحدث إلى متشددة .. ماذا يمنع أن يتبادل الناس الأفكار وتتلاقح تجاربهم في ظل الإحترام والقيم ..
- .يا أخي تبادلها مع الذكور مثلك ضروري امرأة
- لكن قد نجد في النهر ما لا نجده في البحر
انقطع الإتصال وتفرست في فكرها ... هل أنا متشددة لماذا صديقاتي في العمل يقولون لي نفس العبارة ؟؟؟
لماذا أنا لا أعرف ماذا يحدث في الضفة الأخرى ؟؟ لماذا تأخرت عن القطار
؟؟ هل أنا مخطئة والكل في سبيل الرشاد ؟؟
لماذا أصد الطرف الآخر دوما .. لماذا أنا هكذا يحوم بي المعجبون وأصدهم ؟؟
ولكن .. ديننا أمرنا بالحشمة والحياء .. صديقاتي في العمل لا يبالين
هواتفهن ثرثارة .. ضحكاتهن متناثرة .. يجذفن في الضفة الأخرى تجاربهن كثيرة وسجلي وحده فارغ والراوي واقف على اعتاب بابي محبرته تلهث وصحيفتي بيضاء لم تسود ....
يقولون لها .. انت في مركز عال وفوبيا الرجال تلاحقك ..
حدثتها بالأمس زميلة .. قالت لها بحسرة : أنت جميلة ومثقفة أتعجب كيف ؟...
- كيف صرت عانسا ... الكلمة لا تزعجني لأنها جزء من قدري وانا لا اتبرم وأتشكى من أقداري ..
- عفوا .. انا واثقة أنك لم تتركي الفرصة للطرف الآخر ..
لم تجد في نفسها رغبة في مناقشتها.. لأنك حين تعطي كفيفا صورة جميلة وتقول تفرس فإنك تظلمه ...
كانت لها رغبة في النقاش ولكن مع من يحسن صنع الأفكار وصقلها ... تفتقر لصديقات عمرها في هذه الغربة المريرة ... فصارت تكتب الآن رسائلا إلى الله
تقول فيها ما لا يقال لبشر .او يروى لحجر ..
كانت لها رغبة في النقاش مع من يفهم معنى انزلاق الروح في متاهات الغربة والإغتراب ...ومعنى ان يتوقف الفكر لحظات ليتحقق من هويته
- حسنا .. إلى النت حيث لا أبصر لون النفاق و لا يزعجني ضحك الشمات ولا ولا ..
- مرحبا دكتورة ..
- لست كذلك ...لغتك توحي بتفوقك من أنت وماذا تعملين ؟؟
- إن كنت تريد محاورة فكري فلا يهمك من أكون
- الفصل بينك وبين فكرك ،، أمر غير معقول لتكوني تاء
- إذن مرحبا يا ذال
- مزحة لطيفة من المتشددة .. انا أستاذ جامعي وباحث متخصص في الدراسات التراثية ..
- لذلك أردت محادثي هل أبدو قطعة تراثية ؟؟
- بل أني احبذ الحديث إلى كل المثقفين .. وكونك قطعة تراثية أو سريالية هذا ما سنكتشفه من خلال حديثنا .. على كل يمكنك الإعتماد علي
- أعتمد عليك ؟؟؟؟
أقصد تعتمدين علي في الحوار والنقاش وتبادل الأفكار
كان الحوار .. مثقف ومثقفة جهازين تفصل بينهما مسافات غير معلومة
هو رجل .. وهي امراة .. متحدثة جيدة ثقافتها عالية صعب أن تخترق
وهو ذكي أدرك ان القطعة تراثية يمسح عنها الغبار وتلمع ثم ينظر في شأنها
استفاقت صباحا .. وصدى الحوار في أذنها .. لماذا لا تجد من صديقاتها هذا المستوى الراقي في الحوار ؟؟ لماذا فكرهن سطحي .. والحياة عندهن إما صورة كاريكاتورية أو مزحة أو تفاحة يلذ قضمها
كانت تود معاودة التحدث إليه لكن شيئا ما كان يمنعها .. كانت المحبرة على الباب تهتز والأوراق تتنسم عبير الحبر المرابط ...
- أيتها الفاضلة جامعتنا تحضر ملتقى دوليا حول .. و.. هاتفي هو .. حاولي الإتصال بي عل الملتقى ينفعك .. قلت لك يمكنك الإعتماد علي ..
- شكرا
- عذرا بعد ساعة عندي محاضرة .. انتظر اتصالك .. بفارغ الصبر
بفارغ الصبر .. بفارغ الصبر انزلقت هاتين اللفظتين من شرفة الفكر لتقعا رأسا في باحة الشعور .. فيهما شوق .. فضول .. وعوالم لا بد أن تكتشف ..وفاتح يلهث خلف قارة جديدة .. وفيهما ريح زفزف تود نفض الغبار عن القطعة
هي فضولية وعيبها الأكبر هذا .. قد تكثر تجاربنا فالفضول مادة اولية لحماقات شتى ....
-أتصل ثم ماذا ...
كان صوت إحدى زميلاتها يرن في داخلها وعبثا تحاول أسكاته كأنه تحالف مع الشيطان وصار الرنين رنينين ..اعطه فرصة .. اعطه فرصة ..
ورن الهاتف لتبدأ التجربة الأولى .....عفوا – حماقتها الأولى -
