الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السلف في جدال المبتدعة !
يقول الدارمي في الرد على الجهمية صـ23 :((وقد كان من مضى من السلف يكرهون الخوض في هذا وما أشبهه , وقد كانوا رُزقوا العافية منهم , وابتُلينا بهم عند دروس الإسلام وذهاب العلماء , فلم نجد بدا من أن نرد ما أتوا به من الباطل بالحق))
يعترف الدارمي أن ما خاض فيه في رده على الجهمية هو من نوع ما نهى عنه السلف , ونحن نعرف جميعا تشديد السلف من التابعين وأتباعهم في النهي عن جدال أهل الأهواء , والدارمي يعترف بذلك , لكنه يرى أن ظروف عصره أباحت له مخالفة ما نهى عنه السلف .
فهل لهذا الأمر نظائر أخرى ؟ مما نهى أو أمر به السلف , ولتغير الأحوال اختلف حكمه , وجازت مخالفة السلف فيه ؟
ولا شك أن هذا ليس مخالفة حقيقية للسلف , لكن قد يظنه البعض كذلك , لولا كلام الإمام الدارمي
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
هذا فهم غير صحيح!
وإنما هو يرى أن هذا حكم أملته الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها.
فهو يقول: إن السلف نهوا عن ارتكاب مثل هذا في السعة، إذا وجد الإنسان منه بدا، أما إذا لم يجد منه بدا، فليس بخطأ، بل هو واجب كما ذكر الدارمي نفسه.
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
وفقك الله وسدد خطاك
أنا كنت أعني عبارتك:
( يعترف الدارمي أن ما خاض فيه في رده على الجهمية هو من نوع ما نهى عنه السلف )
وأما ما سألت عنه، فجوابه يرجع إلى قاعدة المصالح والمفاسد، كما قال الإمام مسلم في مقدمة صحيحه:
( إذ الإعراض عن القول المطرح أحرى لإماتته وإخمال ذكر قائله وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيها للجهال عليه ).
فإذا كانت المصلحة في هذا الإعراض وأنه فعلا أحرى لإماتته وإخمال ذكر قائله، فالسكوت لازم.
وإذا كان القول لا يزداد بالسكوت إلا انتشارا، ولا بالإعراض إلا ذياعا، كان الكلام والرد هو الوجه.
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
ما أحسن الاتفاق وما أعظم أثره على الألفة , وفقك الله تعالى وإياي .
يبقى السؤال الحقيقي عما لو ادعى شخص أنه قد استجدّت أمور تستوجب مخالفة منهج مشهور عن السلف في معاملة أهل البدع , هل نخالفه من جهة أن هذا لا يمكن أصلا ؟ ولا ننظر في اختلاف الأحوال التي قد تقتضي ذلك ؟ أم نخالفه - إذا خالفناه- من جهة أن الأمور التي ذكرتها لا تستوجب خلاف منهج السلف ؟
ثم سؤال آخر فرعي : هل الجدل هو الأصل ؟ أم المنع منه هو الأصل ؟
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
المنع منه هو الأصل، ولا يلجأ إليه إلا إذا كانت مصلحته أرجح من مفسدته.
وأما قولك (إذا ادعى شخص .... ) إلخ، فهو راجع أيضا لما سبق ذكره من المصالح والمفاسد.
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
ما الدليل على أن الجدل الأصل فيه المنع ؟ مع أن هذا في ظاهره خلاف كلام الله تعالى ومنهج رسوله صلى الله عليه وسلم
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
بل هو يوافق كلام الله ورسوله تمام الموافقة.
والدليل قوله تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن}، وقوله تعالى: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا}، وقوله تعالى: {ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون}.
وقوله صلى الله عليه وسلم (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا).
والنصوص في هذا عن السلف والأئمة أكثر من أن تحصى.
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
أما قول الله عزوجل{ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن}، فهي تدل على عدم جواز الجدل الذي لا يكون بالتي هي أحسن , وليست في النهي عن الجدل بالتي هي أحسن . ونحن نقاشنا أصلا في الجدال بالتي هي أحسن هل الأصل فيه المنع أم عدم المنع . أما الجدال بالتي هي أسوأ فلا خلاف في أنه غير جائز , وليس هو الجدل المأمور به قي قوله تعالى ((وجادلهم بالتي هي أحسن)) , يقول ابن سعدي في تفسير الآية ((أي ليكن دعاؤك للخلق مسلمهم وكافرهم إلى سبيل ربك المستقيم المشتمل على العلم النافع والعمل الصالح بالحكمة أي كل أحد على حسب حاله وفهمه وقبوله وانقياده ومن الحكمة الدعوة بالعلم لا بالجهل والبدأة بالأهم فالأهم وبالأقرب إلى الأذهان والفهم وبما يكون قبوله أتم وبالرفق واللين فإن انقاد بالحكمة وإلا فينتقل معه إلى الدعوة بالموعظة الحسنة وهو الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب إما بما تشتمل عليه الأوامر من المصالح وتعدادها والنواهي من المضار وتعدادها وإما بذكر إكرام من قام بدين الله وإهانة من لم يقم به وإما بذكر ما أعد الله للطائعين من الثواب العاجل والآجل وما أعد للعاصين من العقاب العاجل والآجل فإن كان المدعو يرى أن ما هو عليه حق أو كان داعيه إلى الباطل فيجادل بالتي هي أحسن وهي الطرق التي تكون أدعى لاستجابته عقلا ونقلا من ذلك الاحتجاج عليه بالأدلة التي كان يعتقدها فإنه أقرب إلى حصول المقصود وأن لا تؤدي المجادلة إلى خصام أو مشاتمة تذهب بمقصودها ولا تحصل الفائدة منها بل يكون القصد منها هداية الخلق إلى الحق لا المغالبة ونحوها)) .
وقوله تعالى: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا}، لا يدل على تحريم الجدل مطلقا , لكنه يدل على صفة في الإنسان , منها المذموم ومنها الممدوح .
وقوله تعالى: {ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون}, هذا في جدال الكفار للمسلمين , لا في جدال أهل الحق لأهل الباطل .
وقوله صلى الله عليه وسلم (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا).فالمراء غير الجدال الذي أمر الله تعالى به , ولو كان هو لكان جدال الرسول(ص) للكفار مما يعارض ذلك , وجدال الصحابة للخوارج منه أيضا , فإن الرسول (ص) كان محقا في كل جدله , وابن عباس ررر كان محقا في جداله مع الخوارج , وما تركوا الجدال , لكنهم تركوا المراء .
وأما أقوال السلف فلا يمكن أن تخالف ذلك , ولا بد من الجمع بينها وبين النصوص الآمرة بالجدل والدعوة بالتي هي أحسن .
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
قال تعالى (وجادلهم بالتي هي أحسن) فهذا أمر بالجدال , فمن أين لك أن هذا الأمر ليس أصلا بل هو استثناء ...!!!!
وقال تعالى في قصة نوح (قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا) فتأمل عبارة : فأكثرت جدالنا , ثم عد إلى قول بعضهم "المنع منه هو الأصل،" . هذا لعمري من التقرير وفق المألوف , دون استحضار لعموم النصوص في الباب .
تحياتي .
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
لا خلاف بيننا فيما تقول، وأنا لم أقل إن الجدل بالتي هي أحسن محرم، فتأمل.
المقصود بهذه النصوص أن الأصل في الجدل هو المنع؛ لأن التقييد يفيد ذلك، فقوله تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} فيه نهي واستثناء، وهذا يدل على أن الجواز محصور في الاستثناء وأن الأصل هو المنع.
وباقي النصوص تفيد هذا المعنى أيضا، فتأمل.
فقوله تعالى: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} واضح أنه في سياق الذم، فلولا أن الأصل هو ذم الجدل لما صح المعنى.
وقوله تعالى: {ما ضربوه لك إلا جدلا} يفيد ذلك أيضا؛ إذ لو كان الأصل مدح الجدل لما ذمهم بذلك، ولقيد الكلام بأن يقول مثلا (ما ضربوه لك إلا جدلا مذموما)، كما قيده في الآية الأخرى {إلا بالتي هي أحسن}.
فالتقييد في موضع والإطلاق في موضع آخر يدل على أن الإطلاق هو الأصل، وهو سياق الذم.
ونصوص السلف واضحة لا تحتمل التأويل، وهي المرجع في فهم معاني النصوص.
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
رجعنا للاتفاق بحمد الله وهو أن الجدل بالتي هي أحسن الأصل فيه أنه مأمور به , إلا إذا اقتضت المصلحة تركه
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
هذا لم نتنازع فيه أصلا، لأن كلامي كان عن سؤالك هذا:
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محسن زاهد
ثم سؤال آخر فرعي : هل الجدل هو الأصل ؟ أم المنع منه هو الأصل ؟
فأنت سألت عن مطلق الجدل، ولم تسأل عن (الجدل بالتي هي أحسن).
وهذا كما نقول: الغيبة جائزة في الاستفتاء والجرح والتعديل ونحو ذلك.
وكذلك كما نقول: الكذب جائز في ثلاث.
وكما نقول: الحرير جائز فيما دون أربع أصابع.
فالأصل في مثل هذا كله المنع، ولا يصح أن يقال: (ما الأصل في الحرير دون أربع أصابع)؟
لأن هذا الموضع أصلا فرع لا أصل.
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
بل الأصل أني أسأل عن الجدل المباح وهو الجدل بالتي هي أحسن , كيف أسأل عن الجدل المحرم الذي بالتي هي أسوأ ؟
أرجع وأقول :رجعنا للاتفاق بحمد الله وهو أن الجدل بالتي هي أحسن الأصل فيه أنه مأمور به , إلا إذا اقتضت المصلحة تركه .
فهل على هذا كان السلف ؟؟
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
وفقك الله وسدد خطاك
لا يصح السؤال عن الأصل في (الجدل المباح)؛ لأنه مقيد في السؤال بأنه مباح، فكيف يسأل عنه؟
وكذلك لا يصح السؤال عن الأصل في (الجدل المحرم)؛ لنفس العلة.
المقصود بقولنا (الأصل) أنه هو المرجوع إليه عند الاختلاف، فمثلا إذا وجد موطن معين من الجدال واختلفنا أنا وأنت في كونه مشروعا أو ممنوعا، فحينئذ يحق لواحد منا أن يستدل بأن الأصل في الجدال هو المنع.
فهذا هو المراد، بارك الله فيك.
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
خرجنا أخيرا بأن الجدل بالتي هي أحسن في أقل أحواله أنه مباح , إلا إذا أفضى إلى مفاسد أعظم من مصالحه .
وسؤالي كان منطلقا من جدال أهل العلم كالدارمي , والذي الأصل فيه أنه من المباح . فكنتم أجببتم بأن الأصل فيه المنع . هذا سبب الإشكال عندي .
ولنترك هذا جانبا , فقد وصلنا إلى الاتفاق بأن الجدل بالتي هي أحسن ليس الأصل فيه أنه مباح , بل إنه مأمور به (مستحب أو واجب).
فإذا أردنا أن نقرر مذهب السلف ينبغي أن نقول : إنهم نهوا عن الجدل بالتي هي أسوأ , وأما الجدل بالتي هي أحسن فلم ينهوا عنه , إلا إذا أفضى إلى مفاسد أعظم من مصالحه . ولا يصح إطلاق القول بنهيهم عن جدال أهل الضلال ؟؟
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
(الجدل بالتي هي أحسن) ما المقصود به؟
إما أن يقصد (التي هي أحسن مطلقا)، وإما أن يقصد (التي هي أحسن في الأسلوب).
فإن كان المقصود (التي هي أحسن في الأسلوب) فحينئذ يرد التقسيم الذي تفضلت بذكره.
وأما إن كان المقصود (التي هي أحسن في كل شيء) فحينئذ لا يرد هذا التقسيم؛ لأن (الجدل بالتي هي أحسن مطلقا) لا يمكن أن يؤدي إلى مفسدة أعظم من المصلحة، وإلا صار (بالتي هي أسوأ)!
وليس المراد بقولنا (الأصل) إطلاق القول بالنهي عن الجدال، وإنم المراد ما سبق ذكره في المشاركة 15.
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
ما زلنا نتفق , ليت كل حواراتنا هكذا
فالجدال بالتي هي أحسن إما أن نقول إن الأصل فيه أنه مأمور به , وهو إن كان المراد بالتي هي أحسن الأسلوب .
وإما أن نقول هو مأمور به مطلقا , ولا أصل ولا استثناء فيه , وذلك إن كان المراد بالتي هي أحسن الإحسان في كل شيء , حتى في غلبة مصالحه على مفاسده .
وهذا أقوى لتقريري السابق , الذي أتثبت من صحته , وهو قولي :فإذا أردنا أن نقرر مذهب السلف ينبغي أن نقول : إنهم نهوا عن الجدل بالتي هي أسوأ , وأما الجدل بالتي هي أحسن فلم ينهوا عنه , إلا إذا أفضى إلى مفاسد أعظم من مصالحه . ولا يصح إطلاق القول بنهيهم عن جدال أهل الضلال ؟؟
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك العوضي
المنع منه هو الأصل.
قارن بين هذا وبين قوله تعالى (وجادلهم بالتي هي أحسن) فهذا أمر بالجدال , فمن أين لك أن هذا الأمر ليس أصلا بل هو استثناء ...!!!!
وقال تعالى في قصة نوح (قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا) فتأمل عبارة : فأكثرت جدالنا , ثم عد إلى قول القائل "المنع منه هو الأصل،" . هذا لعمري من التقرير وفق المألوف , دون استحضار لعموم النصوص في الباب .
تحياتي .
رد: الإمام الدارمي يرى جواز مخالفة السف في جدال المبتدعة !
/// بارك الله فيكم،، في نظري -ما دام الأمر للجدل الممدوح والمذاكرة- أنَّ ما نقله الدَّارمي عن السَّلف أيضًا في نهيهم عن الجدل يحتاج إلى تحرير معناه وصورته.
/// والذي يظهر أنَّ السَّلف إنَّما تركوا الجدل والمناظرة مع أهل البدع والباطل، وغلَّبُوا الهجر والمتاركة لنفعه دواءً، ولظهور الحقِّ وخفاء الباطل إلَّا قليلًا، وفي موضوعي عن الهجر على هذا الرابط من كلام ابن تيمية وما نقله عن الإمام أحمد دلائل على شيءٍ من هذا، ههنا: