التنبيه على وهمين في فتوى في الحصر بمنع الحاج لعدم التصريح.
بسم الله والحمد لله وبعد
فقد كنت أتصفح موقع الإسلام اليوم، فرأيت عنواناً في الصفحة الرئيسية للموقع (حج الفريضة بدون تصريح) فدخلت راغباً في الإفادة من الفتوى، فوقفت أثناء قراءتي لها على وهمين
فأحببت التنبيه عليهما نصحاً -نفع الله به- ولمن يقرأ فتواه من القراء، وليس لدي وسيلة للتواصل مع الشيخ
ولذا أتمنى ممن لديه رقم هاتف الشيخ أن يتفضل بإرساله على الخاص
أنا حاج لبَّيت بالحج والعمرة متمتعاً، ولكني مُنِعت من الدخول إلى الحرم، فماذا أفعل؟ علماً أنها حجة الفريضة. فهل أدخل بثيابي، أم ماذا أفعل
فأجاب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
من لبى بالحج أو بالعمرة أو بهما جميعاً، ولم يتمكن من أداء نسكه، فلا يخلو حاله من أحد أمرين:
الأول: أن يشترط عند إحرامه (إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني).
فإذا صدَّه صاد عن الحرم، عدوًّا كان أو مرضًا، أو فقد نفقته، أو أوراقه الثبوتية ونحو ذلك فإنه يتحلل من إحرامه، ويلبس ثيابه، ولا شيء عليه، ولا إثم ولا دم يذبحه. بدليل حديث ضباعة بنت الزبير المتفق عليه: (قالت يا رسول الله إني أريد الحج وأجدني وجعة. فقال: حجي واشتراطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني، فإن لك على ربك ما استثنيت) فاشتراط الحاج أو المعتمر عند إحرامه يفيد شيئين:
أ- إن عاقه أي عائق عن الوصول إلى الحرم فإنه يحل من إحرامه في الحال.
ب- ليس عليه إثم ولا دم يذبحه.
والاشتراط عند الإحرام مستحب، قال به عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وعمار بن ياسر، ومن التابعين علقمة بن الأسود وابن شريح وابن المسيب. وكره الاشتراط –إذا لم يكن الإنسان به وجع أو مرض- عبد الله بن عمر وطاووس بن كيسان وسعيد بن جبير. ومذهب مالك والجمهور مع القول بالاستحباب.
قال ابن قدامة في المغني: (وإن شرط في ابتداء إحرامه متى مرض أو ضاعت نفقته أو منع من الوصول إلى الحرم ونحو ذلك فله الحل متى وجد ذلك الشرط، ولا شيء عليه، ولا هدي ولا قضاء ولا غيره، فإن للشرط تأثيرًا في العبادات كلها).
الثاني: أن لا يشترط الحاج عند إحرامه، ولا يستطيع الوصول إلى البيت لأي مانع يمنعه. فإنه يعتبر (محصراً) والمحصر يتحلل من إحصاره بأمرين معا:
1- ذبح هدي الإحصار.
ب- حلق رأسه.
ولا يتحلل قبلهما لظاهر قوله تعالى: "ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله" وقوله: "فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي" أي إن أحصرتم دون تمام الحج والعمرة فحللتم فعليكم ما استيسر من الهدي، وهو شاة، لأنها أقرب إلى اليسر قاله ابن عباس، وهو مذهب الإمام أحمد والشافعي حيث قال: يجب على المحصر الهدي، ولا يتحلل إلا بنحره في محل ما حصر به، وأن يحلق رأسه. وقال أبو حنيفة: ينحر هدي الإحصار في الحرم. ولعل الصواب خلافه فإن الرسول وأصحابه يوم الحديبية ذبحوا هديهم في الحل (وهي الحديبية) لما منعهم المشركون من الوصول إلى الحرم.
وقال ابن القيم في زاد المعاد: (ليس على المحصر هدي ولا قضاء لنسكه الذي أحصر عنه لعدم أمر الشارع، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن الله لم يوجب على المحصر أن يبقى محرماً حولا بغير اختياره، بدليل تحلل النبي وأصحابه لما أحصروا عن أداء العمرة مع إمكان رجوعهم محرمين إلى العام القادم).
واتفق المحققون من أهل العلم على أن من فاته الحج لا يبقى محرماً إلى العام القادم. واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن الحائض كمن أحصره عدو عن الوصول إلى الحرم إذا لم تشترط عند إحرامها. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.
التعقيب:
1/ نقل الشيخ عن الإمام ابن القيم قوله: (ليس على المحصر هدي...) فذكرُ الهدي غلط، فابن القيم يوجب الهدي كما صرح بذلك في مواضع من الزاد.
ولعل هذه اللفظة وقعت في كلام الشيخ خطأ، وإنما مراد الشيخ نفي وجوب القضاء.
2/ نقل الشيخ عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يختار في الحائض أن حكمَها حكمُ المحصر، وليس الأمر كذلك، فرأي شيخ الإسلام ابن تيمية معروفٌ في هذه المسألة، وإنما دخل اللبس على الشيخ وفقه الله لكون شيخ الإسلام أطال بحث هذه المسألة، وذكر أن الحائض التي ليس معها رفقة تصبر معها= لا تخلو من خمسة أحوال:
فذكر الحال الثالثة وهي (أن تُعطَى حكم المحصر) ثم ذكر أنَّ إعطاءها حكمَ المحصر أقوى من الصورتين قبله، وهذا تفضيلٌ نسبي من شيخ الإسلام، وليس تفضيلاً مطلقاً.
ولذا عقَّبَ -بعدُ- ببيان فساد الأوجه الأربعة ومنها (إعطاؤها حكم المحصر) وخلص إلى ترجيح القول بجواز الطواف لها، وأنها في حكم المصلي يعجز عن القيام أو غيره من واجبات الصلاة.
مع أنه أشار قبل البدء في عرض الصور الخمس إلى ترجيح هذا الصورة.
فطول البحث في هذه المسألة وتشعُّبه؛ مع تقوية شيخ الإسلام لإعطاء الحائض حكم المحصر= أوقعَ الشيخ الفنسيان في الوهم، ولم يتنبه لباقي كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
وليس غرضي تتبع ما وهم فيه الشيخ أو غيره، فلم أقرأ فتواه إلا بقصد الإفادة منها، وقرأت هذين الوهمين في آخر الفتوى فرأيت التنبيه عليهما لازماً.
رد: التنبيه على وهمين في فتوى
اخي الحمادي الرد على اي عالم وبكل ادب واحترام ليس عيب بشرط ان يكون لدى من يرد العلم الكافي والحجه ونحن في هذه البلاد تعلمنا ان نقول سمعنا واطعنا ولو كان العالم على خطأ لم يناقش ابدا فسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله لا يمكن احد من الرد عليه اذا خالف الجمهور بينما الشيخ الالباني انظر من رد عليه من العلماء وطلبة العلم السبب الخوف ان نرد على عالم اخطأ من بلادنا وهذه لا زالت في نفوسنا معشعشه والله المستعااااان
رد: التنبيه على وهمين في فتوى
/// بارك الله فيكم يا أبا محمد.
/// بالنِّسبة لتحرير قول الشيخ ابن تيمية في المسألة فلعلَّ أخذ بقول المرداوي في إنصافه (9/326): ((ومن أُحصرَ بمرضٍ أو ذهاب نفقةٍ لم يكن له التحلُّل؛ حتى يقدر على إتيان البيت؛ فإن فاته الحجُّ تحلَّل بعمرة؛ وهذا المذهب، نقله الجماعة، وعليه الأصحاب.
ويحتمل أن يجوز له التحلُّل؛ كمن حصره العدو؛ وهو روايةٌ عن أحمد؛ قال الزركشي: ولعلَّها أظهر. انتهى، واختارها الشيخ تقي الدين، وقال: مثله حائض، تعذَّر مقامها وحرم طوافها، أو رجعت ولم تطف لجهلها بوجوب طواف الزيارة، أو لعجزها عنه، ولو لذهاب الرفقة...)).
رد: التنبيه على وهمين في فتوى ا
شكر الله للشيخ الحمادي.. ولعل أصل الفتوى كذلك يحتاج إلى بحث فإنه شأن عمت به البلوى اليوم.. واعتبار الذي ليس معه تصريح محصرا محل نظر.
وأخيراً كأن ما نقله المرداوي ليس نصاً في اختيار شيخ الإسلام ونص شيخ الإسلام موجود في الفتاوى وقد نقله غير واحد منهم ابن القيم في الإعلام وقد أشار الشيخ الحمادي له.
رد: التنبيه على وهمين في فتوى للشيخ سعود الفنيسان
ثم وقفت على كلام للإمام ابن مفلح يقول فيه:
(وذكر بعضُ أصحابنا في كتابه "الهدي": لا يلزمُ المحصرَ هديٌ ولا قضاء، لعدم أمر الشارع بهما، كذا قال).
والظاهر أنه يريد الإمام ابنَ القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد، ونحو هذا النقل في الإنصاف للمرداوي والمبدع للبرهان ابن مفلح.
وقد أعدت البحث في الزاد عن هذا الاختيار لابن القيم فلم أجده، إنما ذكره قولاً لبعض الفقهاء عند ذكره الخلاف في هذه المسألة.
فمن ظفر بشيء من ذلك فليفد به مشكوراً مأجوراً.
رد: التنبيه على وهمين في فتوى للشيخ سعود الفنيسان
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المخضرمون
أحسن الله إليكم .
وإليكم أحسن الله
رد: التنبيه على وهمين في فتوى للشيخ سعود الفنيسان
شكر الله لكم..
وكما تفضلتم النظر عندي في عد من منع بسبب التصريح محصراً مطلقاً بغير تفصيل.
وذلك لأن الذي يمنع من دخول مكة له أحوال:
- فقد يحبس.
- وقد يسفر إن كان أجنبياً.
- وقد يؤخذ عليه تعهد بألا يعود.
- وقد يترك ويحال بينه وبين الدخول ويقال له ارجع كحال كثير من الناس.
- وقد ينزل من السيارة ولا يسأله سائل إن تجاوز نقطة التفتيش برجليه كما حصل ويحصل مع فئام وهم بلباس إحرامهم.
- وقد يسعه أن يحتال بطريق أو أخرى على الدخول.
واعتبار من كان داخلاً في الصور الثلاث الأخيرة في حكم المحصر مشكل جداً ومحل نظر ظاهر.
فإن من حيل بينه وبين الدخول وسبيله مخلى فقد يتوجه في حقه التحلل بعمرة فحكمه حكم من فاته الحج لا حكم من أحصر، إذ من المعلوم أنه لا يمُنع أحد من دخول مكة بعد العاشر ولو فرض أن المنع حتى الرابع عشر لما زال الإشكال، فكثير من الناس يطيقون البقاء حتى ذلك الحين.
أقول ويتأكد هذا مع ما ورد بل ثبت من فتاوى بعض فقهاء الصحابة كابن عباس وابن عمر، بل فتوى ابن عمر رضي الله تعالى عنه كأنها نص في المسألة وقد روى عنه مالك بإسناد كالشمس أنه قال: "المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة فإذا اضطر إلى لبس شيء من الثياب التي لا بد له منها أو الدواء صنع ذلك وافتدى"، بل قد يقال هذا ما دلت عليه السنة المرفوعة فقد رواه البخاري وفيه: كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: أليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل من كل شيء حتى يحج عاما قابلا فيهدي أو يصوم إن لم يجد هديا.
وهذا كله مع مراعاة القول الراحج -في ظني- في المسألة وهو أن الإحصار يكون بغير العدو، وينبغي أن يقيد بأن يقال إن كان شأنه شأنه فمرض لا يدوم سوى أيام أو لا يمتنع معه أداء المناسك لا ينبغي أن يقال إنه مُحْصِر، وكثير من مشايخنا يطلق، وإطلاقهم لابد أن يقيد بهذا.
أما على مذهب من يقول: لا حصر إلاّ بعدو وهم جم غفير -وقولهم قوي له اعتبار تؤيده فتاوى جماعة من فقهاء الصحابة- فيزداد الإشكال.
رد: التنبيه على وهمين في فتوى للشيخ سعود الفنيسان
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حارث الهمام
........
- وقد يترك ويحال بينه وبين الدخول ويقال له ارجع كحال كثير من الناس.
- وقد ينزل من السيارة ولا يسأله سائل إن تجاوز نقطة التفتيش برجليه كما حصل ويحصل مع فئام وهم بلباس إحرامهم.
- وقد يسعه أن يحتال بطريق أو أخرى على الدخول.
واعتبار من كان داخلاً في الصور الثلاث الأخيرة في حكم المحصر مشكل جداً ومحل نظر ظاهر.
فإن من حيل بينه وبين الدخول وسبيله مخلى فقد يتوجه في حقه التحلل بعمرة فحكمه حكم من فاته الحج لا حكم من أحصر، إذ من المعلوم أنه لا يمُنع أحد من دخول مكة بعد العاشر ولو فرض أن المنع حتى الرابع عشر لما زال الإشكال، فكثير من الناس يطيقون البقاء حتى ذلك الحين.
أقول ويتأكد هذا مع ما ورد بل ثبت من فتاوى بعض فقهاء الصحابة كابن عباس وابن عمر، بل فتوى ابن عمر رضي الله تعالى عنه كأنها نص في المسألة وقد روى عنه مالك بإسناد كالشمس أنه قال: "المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة فإذا اضطر إلى لبس شيء من الثياب التي لا بد له منها أو الدواء صنع ذلك وافتدى"، بل قد يقال هذا ما دلت عليه السنة المرفوعة فقد رواه البخاري وفيه: كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: أليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل من كل شيء حتى يحج عاما قابلا فيهدي أو يصوم إن لم يجد هديا.
وهذا كله مع مراعاة القول الراحج -في ظني- في المسألة وهو أن الإحصار يكون بغير العدو، وينبغي أن يقيد بأن يقال إن كان شأنه شأنه فمرض لا يدوم سوى أيام أو لا يمتنع معه أداء المناسك لا ينبغي أن يقال إنه مُحْصِر، وكثير من مشايخنا يطلق، وإطلاقهم لابد أن يقيد بهذا.
أما على مذهب من يقول: لا حصر إلاّ بعدو وهم جم غفير -وقولهم قوي له اعتبار تؤيده فتاوى جماعة من فقهاء الصحابة- فيزداد الإشكال.
/// بارك الله فيك.. جوابكم التفصيلي ههنا -خاصَّة الوجوه الثلاث الأخيرة- لا يتوجَّه على من أفتى بالممنوعين عن الحجِّ بأنه محصرٌ!؛ لأنَّ المعلوم من السِّياق في الفتاوى المعلومة السابق ذكرها أنَّ المسؤول عنه هو المحصر ولم يقدر على الدخول، ولهذا إنَّما يُقال عنه "محصر" إذا مُنِع من الدخول؛ لا أنَّه مكث ثمَّ دخل؛ إذ من هذا حاله لن يتكلَّف السؤال عنه أصلًا، وهو في حكم الفوات لا الإحصار وهذا لا يحتاج الكلام عليه ههنا.
/// وتعقبي على كلامكم كان على هذا القدر. حسب.
/// أمَّا باقي كلامك -سدَّدك الله- فهو استطراد، قد لا نختلف في بعض أطرافه، وهي قضايا خلافية منذ القدم، ولكل طائفة من القائلين بالحصر بغير العدو وعدمه حجج وكلام. وليس ذا محلُّ بحثها، ومع ذلك فسأعقِّب بذكر أقوال أهل العلم في هذا الخلاف وذكر القائلين بالتفصيل من كلا الطرفين في تعقيب تال إن شاء الله .
/// ولم يتبيَّن لي العلاقة بين الإيجاب على من حصر بمرضٍ أن يتحلل بالبيت =وبين من منع من الدخول لكن سبيله مخلَّى، فالأول قد يجب عليه البقاء والتروِّي حتى يبرأ أويفوته الحج فيتحلل بالطواف، والثاني لا يجب عليه ذلك.
/// ونعود لمسألتنا فمن مُنِع وصُدَّ عن البيت من الكافر أوالمسلم فهو المحصر، الذي جاء النصُّ بحكمه في كتاب الله، وليس في حكم المحصر.
/// وقال الشافعي رحمه الله: (( إن قال قائل: فكيف زعمت أن الإحصار بالمسلمين إحصار يحل به المحرم إذا كان رسول الله (ص) إنما أحصر بمشركين ؟
قيل له - إن شاء الله تعالى -: ذكر الله الإحصار بالعدو مطلقاً، لم يخصص فيه إحصاراً بكافر دون مسلم، وكان المعنى الذي في الشرك الحاصر الذي أحلَّ به المحصر الخروج من الإحرام: خوفاً أن ينال العدو من المحرم ما ينال عدوه؛ فكان معقولاً في نصِّ السنة أن من كان بهذه الحال كان للمحرم عذرٌ بأن يخرج من إحرامه به.
أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه خرج إلى مكة في الفتنة معتمراً؛ فقال: ( إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله (ص) ).
قال الشافعي: يعنى أحللنا كما أحللنا مع رسول الله (ص) عام الحديبية، وقول ابن عمر هذا في مثل المعنى الذي وصفت؛ لأنه إنما كان بمكة ابن الزبير وأهل الشام، فرأى أنهم إن منعوه - أو خافهم إن لم يمنعوه - أن ينال في غمار الناس، فهو في حال من أحصر فكان له أن يحل )). انتهى.
/// قلتُ: وكان المانع من ابن عمر والبيت جند الحجاج وقت حصاره لابن الزبير.
/// ثمَّ لم يتبيَّن لي العلاقة بين من منعه الجند من الدخول فحُصِر بمسألة المرض! أو لم يتَّضح لي مرادك من ذكر الخلاف فيه؟ إلأا إن كان مقصودك منه إيجاب المكث عليه حتى يتحلل بالبيت وسيأتي الكلام عن هذا في التالي!
/// وهو: أنَّ توجيه المستفتي بالبقاء مع تيقُّنه من فوات الحج -بعد مضي التاسع- ثم يؤمر بالتحلَّل بالبيت فلا أعرفه واجبًا -أو على الأقل راجحًا- من كلام أهل العلم، بل المعروف أنَّه لا يجب عليه المكث لأجل إتيان البيت مع تيقُّنه من فوات الحجِّ عنه؛ لأنَّ الحج فائتٌ في كلا الحالتين، فإن تحلَّل فتلك سُنَّة رسول الله (ص).
/// ولا يُقال له: إصبر وابق حتى ينجلي الأمر، ومن كان مثل هذا السَّائل أممٌ لا يحصون فيُقال لهم: جميعًا اصبروا حتى يتاح لكم المضي للبيت بعد التاسع من ذي الحِجَّة!
/// ولا يعكِّر على هذا صبر النَّبي (ص) وأصحابه وانتظارهم ومفاوضتهم للمشركين حينًا في تخليتهم للعمرة؛ إذ القياس ههنا بيِّن المفارقة؛ فالعمرة لا تفوت، بخلاف الحجِّ.
/// وههنا استطراد: وهو أنَّ مثل هذا يظهر جليًّا أكثر في العمرة ما لو حُصِر المرء عنها، كمن قدم بالطائرة من بلدٍ لم يأخذ فيزة العمرة منها، فلا يُقال له: اصبر حتى ينجلي الأمر أويخلَّى بينك وبين البيت، إذ من المعلوم أنَّ العمرة لا تفوت؛ إذ ليست موقَّتة بوقتٍ ما ، فلا يُقال لمن منع عنها: اصبر حتى ينجلي الأمر!