دلالة العام عند بعض الفقهاء
معلوم عند الأصوليين أن دلالة العام كلية وليست كلا مجموعا ولا دلالة عددية أي أن الحكم في العام متعلق بكل فرد فرد على حدة وليس متعلق بالمجموع ولا بعدد معين
واستدلوا على ذلك أن الله حرم قتل الأولاد " ولا تقتلوا أولادكم " والمراد النهي عن قتل أي ولد كان لا يقال النهي عن قتل جميع الأولاد ولا النهي عن قتل ثلاثة من الأولاد لأن أولادكم جمع بل لا يجوز قتل ولا واحد ولا ولدان ولا ثلاثة ... وهكذا فدخول الألف واللام على الجمع تسلبه معنى الجمعيه ويصير دلالته كلية على كل فرد فرد
أيضا هناك أنواع من أسماء الأجناس :
1- اسم جنس أحادي مثل الفرس والحمار والعبد أي يصح وصفه بالوحدة ويفرق بين مذكره ومؤنثه بالتاء المربوطة
2- اسم جنس جمعي مثل البقر والنخل والتمر ويفرق بين مفرده وجمعه بالتاء المربوطة فيقال البقرة للواحد سواء كان مذكرا أو مؤنثا ويقال البقر للجمع
3- اسم جنس إفرادي وهو ما يستوي فيه القليل والكثير مثل الماؤ والتراب والذهب
وهذا كله مقدمة للموضوع وتوطئة للأسئلة المراد الإجابة عنها
أولا :بعض أهل العلم جعل اسم الجنس الجمعي دلالته دلالة عدد كما في مسئلة النخل التي أبرت والاشتراط فيها إذ جعل الحكم متعلقفقط بثلاث نخلات فصاعدا لكن نخلا جمع نكرة في سياق الشرط دلالته دلالة كلية فيستوى الحكم بين النخلة الواحدة والنخلتان والثلاثة
وهل يصح بيع تمرة بتمرة متفاضلا أو تمرتين بتمرتين متفاضلا وبزيادة لأن النص جاء في التمر وهو لا يقع على أقل من ثلاثة ؟؟
2- بعض أهل العلم أيضا حينما تكلم على مصارف الزكاة اشترط أن لا بد أن يعطي ثلاثة أنفس فصاعدا لأن الفقراء والمساكين جمع كما في المحلى 6/144 وإن كان ابن حزم قال واسم الجمع لا يقع إلا على ثلاثة فصاعدا .. " فالاعتراض هنا أن الفقراء جمع وليس اسم جمع كما أن اشتراط عدد الثلاثة هذا في حالة مجيء فقراء أو مساكين منكرة في سياق اللإثبات مثل أعطوا فقراء أما أن تأتي معرفة فلا يقال هنا بالعدد بل دلالته كلية وهل لو أمر الله بقتل المشركين هل لا بد لكي يحدث الامتثال للأمر أن يقتل ثلاثة مشركين أم كل ما وجد مشرك ولو واحد وجب قتله
على أن ابن حزم في المحلى 4 / 24 4/ 26 كان يذهب إلى أن المنهي عنه موضع بروك ثلاثة من البعير فصاعدا ثم رجع عن ذلك وقال بل لو برك بعير واحد وكان معدا لبروكه في ذلك المكان لا يجوز الصلاة فيه مع أن الإبل اسم جمع وليس جمعا لأنه لا واحد له من لفظة فلماذ فرق ابن حزم بين الإبل والمساكين !!
فنرجو توضيح المذهب الراجح في دلالة العام في اسم الجنس الجمعي هل هي كلية كباقي مسائل العام أم عددية أقله ثلاثة ؟
وهل الجمع المعرف بالألف واللام هل دلالته كلية أم مرتبطة بعدد ما أقله ثلاثة ؟
وبيان سبب هذه التفريقات وبيان الصواب منها
وجزاكم الله خيرا
رد: دلالة العام عند بعض الفقهاء
قد يستفاد في هذا الباب مما يذكره علماء المعاني والبيان من دلالة قرائن الحال والمقال على المراد
قال ابن الوزير في <ترجيح أساليب القرآن >:
(( ..... ويوضح ما ذكرت أنك إذا قلت في النفي: ما جاء رجل أفاد العموم، فإذا جعلت الرجال موضع رجل تغير المعنى، فيتغير العموم، وقد ذكره مختار في المجتبى وقال: هو مثل ما جاء عشرة رجال لا يفيد مجيء التسعة فما دونها وأجاب عن قوله {لا تدركه الأبصار} بأن العموم مستفاد من معنى المدح كقولنا: فلان لا يفعل القبائح فإنه يعلم من معنى المدح أنه لا يراد أن يفعل بعضها )).
قلت: ومن ذلك أيضا قوله تعالى: { ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث }، فإنه لا يقول عاقل: إن الطيبات لا تحل إلا إن كانت ثلاثا فأكثر، وأن الخبائث لا تحرم إلا إن كانت ثلاثا فأكثر.
رد: دلالة العام عند بعض الفقهاء
أخي الفاضل :
المستقر عندي بل وهو موجود في كتب الأصول أن دلالة العام كلية أن متعلقة بكل فرد فرد على حدة ولا ارتباط بين فرد وآخر فمثلا حينما يأمر الله بقتل المشركين فكل مشرك الأمر متوجه بقتله ولا يقال أنا قتلت مشركا واحدا فيكفي وعلى هذا فلو لم يجد في العالم إلا مشرك واحد فقتله يكون امتثل للأمر لأنه كما قلنا دلالة العام كليه متعلقة بكل فرد فرد فلا يقال هو لم يمتثل لأنه لم بقتل ثلاثة من المشركين لأنه لم يجد إلا واحدا أما لو وجد ثلاثة وقتل واحدا فقط يكون هنا ليس ممتثلا
وعلى هذا فالطيبات كل ما هو طيب واحد أو أو ثلاثة أو أربع وهكذا فكل ما وجد طيب كان حلالا ولا يقال هو ليس حلالا إلا أن يكون ثلاثا فصاعدا
أما بالنسبة لمصاريف الزكاة فالله عز وجل أمر بإعطاء الزكاة للفقراء والمساكين ولنطبق ما قلناه فنقول هذا الحكم متعلق بكل مسكين مسكين لا ارتباط بين واحد وآخر فكلما وجد مسكين تعين إعطاءه من الزكاة لكن لو فرض إنسان أعطى كل زكاته لمسكين واحد فجاءه مسكين آخر هنا لا يمكن أن يعطى من الزكاة لأن الزكاة نفذت بخلاف القتل فالقتل لأنه عمل لا ينفذ أما المال والزكاة تنفذ بإخراجها لذا لو أعطى مسكين واحد كل زكاته فلا حرج ولو أعطى نصفها لمسكسن ونصفها الآخر لمسكين آخر فلا حرج لأنه ممتثل فلا يشترط ثلاثة فصاعدا كما قال ابن حزم وأظنه مذهب الشافعي
لكن بقي محل الإشكال هل اسم الجنس الجمعي واسم الجمع دلالته كليه مثل الجمع أم لا ولماذا ؟؟
وهل حديث : من باع نخلا .. " نخلا اسم جنس جمعي متعلق بثلاث نخلات فصاعدا أم لا ؟؟
وهل يجوز بيع التمرة بالتمرتين متفاضلا لأن التمر اسم جنس جمعي أم لا ؟؟
وهل الإبل وهي اسم جمع دلالته كليه أم مرتبطة بعدد ما فصاعدا
وجزاكم الله خيرا