-
قيدوا العلم بالكتاب
2026 - " قيدوا العلم بالكتاب " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 40 :
روي من حديث أنس بن مالك و عبد الله بن عمرو و عبد الله بن العباس .
1 - أما حديث أنس فله عنه : الأولى : عن ثمامة بن أنس عنه مرفوعا به . أخرجه
لوين في " أحاديثه " ( ق 24 / 2 ) : حدثنا عبد الحميد بن سليمان عن عبد الله بن
المثنى عن عمه ثمامة بن أنس . و من طريق لوين أخرجه ابن شاهين في " الناسخ و
المنسوخ " ( ق 65 / 2 ) ، و الخطيب في " التاريخ " ( 10 / 46 ) و في " تقييد
العلم " ( ص 69 - 70 ) و ابن عبد البر في " جامع العلم " ( 1 / 72 ) و يوسف بن
عبد الهادي في " هداية الإنسان " ( 31 / 2 ) ، كلهم عن لوين به ، و قال لوين :
" هذا لم يكن يرفعه أحد غير هذا الرجل " .
قلت : يعني عبد الحميد بن سليمان ، و هو ضعيف كما في " التقريب " . و من طريقه
أخرجه أيضا أبو الشيخ في " طبقات الأصبهانيين " ( ص 293 ) و أبو الحسن الحربي
في " الفوائد " ( ق 168 / 1 ) و أبو بكر الدقاق في " الثاني من حديثه " ( 43 /
2 ) ، و قال ابن عبد الهادي : " تفرد برفعه عبد الحميد بن سليمان أخو فليح و قد
ضعف ، و المحفوظ عن عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس من قوله " .
قلت : و الموقوف أخرجه الدارمي ( 1 / 126 - 127 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 7
/ 22 ) و أبو خيثمة في " العلم " ( رقم 120 - بتحقيقي ) و الطبراني في " الكبير
" ( 1 / 62 / 2 ) و الحاكم في " المستدرك " ( 1 / 106 ) و الخطيب في " التقييد
" ( ص 96 ، 97 ) و ابن عبد البر من طرق عن عبد الله بن المثنى الأنصاري به
موقوفا . و صححه الحاكم و الذهبي .
قلت : و فيه نظر لأن عبد الله هذا و إن كان من رجال البخاري فقد تكلم فيه جمع
كما بينه الذهبي نفسه في " الميزان " ، و الحافظ في " التهذيب " و لخص ذلك
بقوله في " التقريب " : " صدوق كثير الغلط " .
الطريق الأخرى : و قد وجدت له طريقا أخرى خيرا من هذه ، يرويه إسماعيل بن أبي
أويس عن إسماعيل بن إبراهيم ابن أخي موسى بن عقبة عن الزهري عن أنس مرفوعا به
. أخرجه أبو محمد المخلدي في " الفوائد " ( 245 / 2 ) و أبو نعيم في " أخبار
أصبهان " ( 2 / 228 ) و القضاعي في " مسند الشهاب " ( 53 / 2 ) من طرق عنه .
قلت : و هذا إسناد حسن ، و رجاله كلهم على شرط البخاري و لولا أن في ابن أبي
أويس كلاما في حفظه لصححته ، فقد قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق ، أخطأ في
أحاديث من حفظه " . و قال الذهبي في " الضعفاء " : " صدوق ، ضعفه النسائي " .
2 - و أما حديث ابن عمرو ، فهو شاهد له يرويه عبد الله بن المؤمل عن ابن جريج
عن عطاء عن عبد الله بن عمرو قال : " قلت : يا رسول الله ! أقيد العلم ؟ قال :
نعم . قلت : و ما تقييده ؟ قال : الكتاب " . أخرجه الحاكم و الخطيب في
" التقييد " ( ص 68 ) و ابن عبد البر و عبد الغني المقدسي في " العلم " ( ق 29
/ 1 ) و عفيف الدين في " فضل العلم " ( ق 125 / 2 ) ، و قال الحاكم : " عبد
الله بن المؤمل غير معتمد " . و قال الذهبي في " التلخيص " : " ضعيف " .
و قال الحافظ : " ضعيف الحديث " .
و أقول : وثقه غير واحد ، و يبدو أن تضعيف من ضعفه إنما هو من قبل حفظه ، لا
تهمة له في نفسه ، و قد ختم الحافظ ترجمته بقوله : " و قال أبو عبد الله ( أظنه
يعني الذهبي ) : هو سيء الحفظ ، ما علمنا له جرحة تسقط عدالته " .
قلت : فإذا عرفت ذلك ، فمثله يستشهد به و يرتقي الحديث إلى مرتبة الصحيح لغيره
، و لاسيما و الإذن بالكتابة ثابت في غير ما حديث واحد ، و لعلي أذكر بعضها
قريبا إن شاء الله تعالى . و له طريق أخرى عن ابن عمرو ، رواه زيد بن يحيى
الدمشقي أخبرنا عمران بن موسى عن مكحول عنه مرفوعا . رواه ابن عساكر في " تاريخ
دمشق " ( 12 / 343 / 2 ) في ترجمة عمران هذا ، و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا
و يبدو لي أنه أخو أيوب بن موسى ، سمع سعيدا المقبري و عمر بن عبد العزيز . روى
عنه ابن جريج أيضا كما في " الجرح " ( 3 / 1 / 305 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا
تعديلا . و مكحول لم يسمع من عبد الله بن عمرو . و قد روي من طريق ثالثة عنه ،
رواه عبد الله بن المؤمل عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا به .
أخرجه الخطيب في " التقييد " ( ص 69 ) . و عبد الله ضعيف كما سبق . و رواه
إسماعيل بن يحيى عن ابن أبي ذئب عن عمرو بن شعيب به . أخرجه الرامهرمزي في
" المحدث الفاصل " ( ق 93 / 1 ) و الخطيب ، و قال : " قال علي بن عمر ( يعني
الإمام الدارقطني ) : تفرد به إسماعيل بن يحيى عن ابن أبي ذئب " .
قلت : و ابن أبي ذئب ثقة ، فهي متابعة قوية ، إلا أن إسماعيل بن يحيى - و هو
أبو يحيى التيمي - كذاب وضاع ، فلا يفرح بها .
3 - و أما حديث ابن عباس فيرويه حفص بن عمر بن أبي العطاف عن أبي الزناد عن
الأعرج عنه مرفوعا . أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( ق 101 / 1 ) ، و قال :
" و حفص بن عمر حديثه منكر " . و قال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف " .
و جملة القول أن جميع هذه الطرق معلولة ، مرفوعها و موقوفها و خيرها الطريق
الثانية التي يرويها ابن أبي أويس ... عن أنس و الشاهد الذي يرويه عبد الله بن
المؤمل تارة عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عمرو و تارة عن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده ابن عمرو . و لا شك عندي أن الحديث صحيح بمجموع هذه الطرق ، على ما سبق
بيانه ، و إعلاله بالوقف من بعض الوجوه في الطريق الأولى عن أنس كما جروا عليه
، ليس كما ينبغي لما عرفت من ضعفه موقوفا و مرفوعا ، فلا يجوز المعارضة به
للصحة الثابتة بمجموع الطريقين كما هو ظاهر ، و لاسيما و هناك الشواهد التي
سبقت الإشارة إليها التي منها قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو
نفسه : " اكتب ، فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق " . و قد مضى تخريجه برقم
( 1532 ) من طرق عنه ، فراجعه . هذا ما يسر الله لي من التحقيق و التصحيح لهذا
الحديث ، فإن وفقت للصواب في ذلك فالحمد و المنة و الفضل له ، و إلا فإني
أستغفر الله و أتوب إليه من كل ما لا يرضيه ، إنه هو ذو الفضل العظيم ، التواب
الرحيم .
( تنبيه ) : وقع في " مسند الشهاب " : " ... إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، يعني
عن عمه موسى بن عقبة " ، و فيما تقدم : " إسماعيل بن إبراهيم ابن أخي موسى بن
عقبة " ، و هو الثابت في المصدرين اللذين قبله . و الله أعلم .