-
تدبر سورة الأعراف
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/10/125.jpg
الآيات:1-34
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴿١٠﴾ الأعراف) نفس المؤمن قد تتطلع وتتشوف وتشتاق إلى منزلة مَن مكّنهم الله في الدنيا وانفتحت له معايش متنوعة.. ولكنها تنكسر ويزول عنها هذا إذا علمت أن هذا سبب لقلة شكر الله وأنه سيتحول إلى مصيبة كبرى إذا خفّت بسببه الموازين يوم القيامة.
(فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿٥﴾ الأعراف) اعتراف متأخر يصوره الله لنا ويقربه كأننا نسمعهم يؤكدونه فيشعرنا بنعمته العظيمة حيث اختارنا لطريق هدايته. فيزيدنا تمسكاً وثباتًا برغم تسلط الأعداء وظلمهم. ويزيدنا قوة في مدافعتهم. ويمنحنا وقاية من تصديق عدلهم المزيّف.
(فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ) [الأعراف: 22] يا لها من خطوات شيطانية خادعة للنفس البشرية تنوعت مكراً ومُلئت كيداً وغُلِّفت غروراً في وسائل تتجدد في كل عصر وتبقى علاقة المؤمن بربه سفينة النجاة يسأله -الثبات لقلبه – والتوبة بعد زلته – والبصيرة عند الفتن.
(لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا) [الأعراف: 26] أي نعيماً وزينة فوق ما يستر العورة (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) [الأعراف: 26] فالتقوى ملازمة للمؤمن يستر بها ذنوبه وتقصيره ويتزين بها عند الله وحصنه من مداخل الشيطان وتتنوع في حياته كما يتنوع اللباس .. فتزين بها واحرص على نقائها كما تحرص على جمال لباسك.
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ) [الأعراف: 32] -هناك مجال واسع للمؤمن فيما يختاره لنفسه من العزيمة فيزهد في الدنيا فيما لا ينفع في الآخرة أو يتورع عن ما يخاف ضرره في الآخرة. – التحريم والتحليل لا يرجع لعزيمة النفس وقوتها؛ ولا يخصع لهوى النفوس وشهواتها. – المؤمن أحق من غيره أن يتمتّع بكل مُباح.
(قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) [الأعراف: 12] الكِبر يغلّف الانحراف والعصيان بالقياس الفاسد ليبرر التمسك بالعصيان فيصد عن الحق ويسوغ الانحراف ويجعل النفس تتمرد وتصرّ على باطلها وكم صاحب هوى ضلّ وهو يظن قياسه عقلاً وقواعده منطقاً وانحرافه إبداعاً وتمرده فناً وسوءه أدباً وفساده تمدناً وضلاله تحضراً.
(كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿٢﴾ الأعراف) في وصف الإنزال تذكير بأنه منّة من الله العلي الكبير فلا يقع في نفسك شعور بالحرج أن تجهر به أو أن تعلن حقائقه وتنذر بها المخالفين . فكلما وقع في قلبك من هذا شيء فتذكر أن هذا أمر الله وفضلٌ مِنه ومنّة فأنذر وأنت فخور بهذه المهمة.
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/10/126.jpg
(ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من (الخاسرين)) الخسارة كل الخسارة حين تخرج من دائرة المغفرة والرحمة .
(قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) من علامة إخلاص العبد وتقواه مراقبته لله في السر والجهر ، و الخلوة والجلوة .
(قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ) عجبًا لابن آدم خُلق من الطين وإليه يعود ثمّ هو يمشي فوقه متكبّرًا متبخترًا فهلّا نظر لموضع قدمه ليتذكّر أصله! أو تفكّر في آثار عمله واستعد لما بعد موته!
( فلا يكن في صدرك حرج منه ) الأعراف 2 أيها المؤمن … المتمسك بكتاب ربه ، أنت على بصيرة ، فامض في تبليغ نور الله للعالمين ، واطرح جانباً وساوس الشيطان وحزبه .
(.. وما كنا غائبين ) الأعراف 7 فيها بشارة …. لأصحاب الخبيئات الصالحة . وفيها نذير …. لمن ( يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ ) الزخرف
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/10/127.jpg
(وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) إياك و الإقتراب مما نهاك الله عنه و إن لم تتبين لك الحكمة من النهي فبعدك عنه نجاة و إقترابك منه هلاك
(فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما) تذهب لذة المعصية وتبقى حسرة وندامة على صاحبها
قال ابليس متكبّرا :{ أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } فكان مصيره العذاب في النّار التي خلق منها !
﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ المفلحون ﴾ هنا النجاة والفوز والفلاح.. اللهمّ ثقّل موازيننا وبلّغنا جنّتك..
(قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) ابتعد عما
حرمه الله و إن فعله كل من حولك ، فالحرام حرام و إن فعله كل البشر و الحلال حلال و إن لم يفعله أحد
( وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ) إن حليت بالتقوى فأنت في أحلى كساء و إن حرمت منها فأنت العريان
(قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ
الصَّاغِرِينَ) احذ التكبر فإنه سبب لزوال النعم ، و جلب النقم
( .. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) الأعراف 23 لئن ضعفت نفسك وأوقعتك في المعصية ، جاهد ألا تنسيك أن لك رباً يغفر الذنوب . تذلل بين يديه ، اعترف بذنبك ، واطلب منه الرحمة والغفران .
( قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك ، قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) الأعراف 12 ( أنا خير منه ) ثلاث كلمات كانت كفيلة بأن يكون إبليس ومن تبعه في نهجه الباطل من الذين توعدهم الله بـ ( لأملأن جهنم منكم أجمعين ) 18
( قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك ، قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) الأعراف 12 ما زال منا – للأسف – من يتتلمذ على يدي إبليس : ينسى أو يتناسى ( أمرتك ) ، ويذهب إلى تفسيرات ، وقياسات باطلة لتبرير أفعاله .
( … اسجدوا لآدم (ف)سجدوا ..) الأعراف 11 المسارعة ….. حال المؤمن المنفذ ، بل والمتشوق لتنفيذ أمر الله .
( والوزن يومئذ الحق ) الأعراف 8 ميزان دقيق .. الحسنة الواحدة لها قيمتها ، والسيئة كذلك .
( فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين ) الأعراف 5 وماذا يفيد الاعتراف بالذنب والتضرع ، وقد نزل العذاب ؟؟ قد لا يفيدهم هم … لكن .. لنعتبر نحن …
{فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين} اعترافهم بالخطأ لكنه لا يدوم معهم فلا ينفعهم
{وفيها تموتون } عند هذه الآيه تتلاشى الأمنيان لتكون أمنية واحدة فقط !! وهي: { توفني مسلماً والحقني بالصالحين } اسأل الله لي ولكم حسن الختام
ليست مشكلة وقوعنا في الحرام أن دائرة الحلال ضاقت بنا. كانت الجنة بأسرها مباحة لآدم، لم يكن أمامه طعام محرم سوى طعام واحد .. وأكل منه!
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/10/128.jpg
الآيات 35-58
(يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٣٥﴾ الأعراف) من أعظم ركائز دعوة المرسلين؛ تلاوة الآيات والدعوة بالوحي. فما نصيب دعوتنا منها؟!
(وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿٥٠﴾ الأعراف) نسي لذائذ الدنيا ومتعها وتمنى شربة ماء!
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُ مْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ﴿٣٧﴾ الأعراف) يتعلق بمخلوق ضعيف لا يضر ولا ينفع؛ فيخذل ويغبن يوم القيامة.
﴿وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله﴾ طريق الهداية الذي تسلكه، وكل خير تعمله، وكل طاعة تألفها، كل ذاك توفيق من الله وحده، فاحمده واشكره، وانسب الفضل كله له.
{إن رحمت الله قريب من المحسنين} المحسنون في عبادتهم لربهم المحسنون بأموالهم وأخلاقهم هم الأقرب لرحمة الله بهم
﴿ونزعنا ما في صدورهم من غِلّ إخوانا﴾ القلوب الصافية يعيش اصحابها في نعيم من الجنة معجل فهنيئا لهم
يا لها من فرحة.. يا له من جذل.. حينما يهتف المؤمنون بمن كانوا يشككونهم في وعد الله.. ثم يقولون لهم بثقة: ﴿قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا﴾ !
{ونادى أصحاب الأعراف} عش وتخيل حالهم وهم يعانون الحسرة والامنية أنهم لو زادو حسنة بحيث لا تحدث لهم هذه الحيرة
ﻏُﻞ ﺑﻀﻢ ﺍﻟﻐﻴﻦ : ﻫﻮ ﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﻭﺍﻟﺴﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ( ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻨﺒﻲ ﺃﻥ ﻳﻐُﻞ ) ﻏِﻞ ﺑﻜﺴﺮ ﺍﻟﻐﻴﻦ : ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻘﺪ ﻭﺍﻟﻀﻐﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ( ﻭﻧﺰﻋﻨﺎ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺻﺪﻭﺭﻫﻢ ﻣﻦ ﻏِﻞ)
{ادخلوا الجنة لاخوف عليكم ولا أنتم تحزنون} أكثر المنغصات في الحياة: الحزن على الماضي والخوف من المستقبل وهما منفيان عن أهل الجنة
(وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ ) اعلم إنه كما إن التعاون على البر يزيد الألفة بين الأفراد ، فإن مساعدة الغير على الشر يزيد التشاحن
{ونودوا أن تلكم الجنة} ما أجمل هذا النداء وما أروع ما بعده ((الأمنيات أصبحت حقيقة)) بعد رحمة الله
{ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار} تخيل بعد المسافة بينهما ومع ذلك يسمعون لتعلم حقيقة أن مقياس الدنيا بالآخرة بعيد جدا
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/10/129.jpg
(وقالوا الحمدلله الذي هدانا لهذا وماكنا لنهتدي لولا ان هدانا الله) اذا وفقت وهديت فاعلم ان هذا من الله وحده فاحمده على ذلك
{قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها…} لايغرنكم تمالؤ الكفار مع بعضهم البعض ..وتكاتفهم في هذه الدنيا فهم في الآخره سيلعنون بعضهم بعضا ..ويندمون حيث لاينفع الندم
{ ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار..} قال ابن عطية: (هذا إخبار من الله عزَّ وجلَّ أنَّه ينقِّي قلوب ساكني الجنَّة من الغلِّ والحقد، وذلك أنَّ صاحب الغلِّ متعذِّب به، ولا عذاب في الجنَّة) .
{… فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون} إذا اتقيت الله وجعلت عملك خالصا لوجه الله فعسى أن تكون من أصحاب هذه الآيه
يتبع
-
رد: تدبر سورة الأعراف
الآيات 59 إلى 84
(قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿٦٠﴾ الأعراف) أكثر من يقاوم دعوة الرسل هم أصحاب المصالح الشخصية والمتعلقين بالدنيا وزينتها
(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٦٩﴾ الأعراف) تذكر نعم الله جلّ جلاله من أعظم أسباب الفلاح.
(قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آَمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴿٧٦﴾ الأعراف) أي استكبار هذا إنما كفروا ليس لقناعه بل لأجل مخالفة الضعفاء!
(فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴿٧٩﴾ الأعراف) يتكرر هذا في كل جيل، كلما نصح الناصحون؛ بغضهم المخالفون.
(وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴿٨٠﴾ الأعراف) لا تعرف هذه الفاحشة إلا في قوم لوط، ولا بعدهم حتى قالت العرب : لولا أن الله حدثنا عن قوم لوط ما توهمنا أن الرجل يأتي الرجل. فاعجب كيف رجع بعض القوم إلى حال هؤلاء الشذاذ في التاريخ.
(وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴿٨٢﴾ الأعراف) إذا كثر الفساد يصبح الطهر جريمة.
(فأنجيناه وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ﴿٨٣﴾ الأعراف) زوجة نبي وضلّت، قد تبتلى بقريب ولكنه بعيد عن الله عز وجلّ، فهذا عزاؤك، والهداية بيد الله جلّ جلاله وحده.
(وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) [الأعراف:85] كل فساد في الأرض فهو طارئ، وإنما هو من صنع البشر.
(وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴿٨٦﴾ الأعراف) ما أكثرهم في هذا الزمن، يترصدون للدعاة في كل طريق يتوعدونهم ويخوفونهم حتى تعوج السبيل.
قال قوم نوح له: ﴿إنا لنراك في ضلال مبين﴾، فرد عليهم: ﴿قال يا قوم ليس بي ضلالة﴾. وقال قوم هود له: ﴿إنا لنراك في سفاهة﴾، ورد عليهم: ﴿قال يا قوم ليس بي سفاهة﴾. ما أجمل ردود الأنبياء عليهم السلام، لا سب فيها ولا شتم، ولنا فيهم أسوة حسنة.
{ليس بي ضلالة} {ليس بي سفاهة} أصحاب الهمم العالية لا يلتفتون للعبارات السفلية
﴿فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين﴾ هذه امرأة نوح لم ينفعها أنها زوجة نبي!. فكل العلاقات ستضمحل، ما لم يصحبها الإيمان بالله.
﴿وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون﴾ من سمات أهل الباطل أنهم يلجؤون إلى العنف، عندما تحاصرهم البراهين الصحيحة.
﴿وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون﴾ ذنبهم أنهم أناس يتطهرون !.. أخرجوهم من قريتكم : موقف قديم متجدّد ممّن يعانون من كراهة الصلاح والعفة وفسادِ الفطرة..
( قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون ) قد تُهمل فكرة وتحارب لمجرد أن من طرحها ليس من علية القوم …ليس هذا فقط في العقيدة ، بل في أمور حياتنا العادية .
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/10/126.jpg
(أتجادلوننِى فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ) كل تشريع لم يأتِ به الدين وليس له دليل فهو باطل ..
(وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ) لا تنكر نعم الله عليك فتكن سبب هلاكك
قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ۖ _70_ كيف نخالف ماكان عليه آباؤنا؟ هو ديدن المعاندين في كل زمان
الفساد عند أهل الحق .. فــســـاد والطهر عند أهل الزيغ .. فــســاد ﴿ أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون﴾
( وأمطرنا عليهم مطراً فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ) قيلت في قوم لوط عليه السلام . أما يخشى من يقومون على إشاعة الفاحشة عبر القنوات الهابطة أن يصيبهم ما أصاب قوم لوط ؟
(ليس بي ضلالة ولكني رسول رب العالمين) (ليس بي سفاهة ولكني رسول رب العالمين) من فقه الأولويات في الدعوة، الدفاع عن الدعوة مقدم على الدفاع عن الداعية
(ليس بي ضلالة ولكني رسول رب العالمين) (ليس بي سفاهة ولكني رسول رب العالمين) عندما يكون الهدف واضحًا في قلب الداعية إلى الله لن تثنيه اتهامات المدعويين الشخصية فالرسالة أعظم من الثأر للنفس!
أسباب إهلاك الأمم من خلال قصص سورة الاعراف رفض دعوة الأنبياء والكفر بها الانحراف عن سنن الفطرة والشذوذ في العلاقات الجنسية الاغتراربالقوة الاستكبارعن قبول الحق الطغيان جحود نعم الله الترف الإفسادفي الأرض التطفيف في الكيل والميزان الصد عن سبيل الله عدم الاتعاظ بمصير الأمم السابقة
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/10/126.jpg
(وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضرّاء لعلهم يضّرّعون) العلة في الابتلاء: لعلهم يضّرّعون (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا) استدراج بالنعَم فإذا لم يتعظوا بالابتلاء ولا بالنعم استحقوا الإهلاك (فأخذناهم بغتة)
(ولا تعثوا في الأرض مفسدين) (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) (كيف كان عاقبة المفسدين) الإفساد عاقبته وخيمة في كل زمان ومكان لأنه اعتداء على ما خلقه الله عزوجل صالحًا سواء كان أرضا أو نباتًا أو كوكبًا أو بشرا أو مالًا أو ثروات طبيعية!
(ولتتقوا ولعلكم تُرحمون) على قدر تقواك تُرحم، الأمر متوقف عليك!
{لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم} {قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين} ٥٩- ٦٠ هذا الحوار بين نوح عليه السلام وقومه هو شأن الأنبياء ومن بعدهم من الدعاة والمصلحين في كل زمان هو مشفق وهم معاندون
( قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون ) قالها الضعفاء المؤمنون . كما قالها من بعدهم صديق الأمة رضي الله عنه : إن كان قال فقد صدق . تسليم مطلق للحق
{قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} أما السفاهةُ التي رَمَيْتُمُونِي بها فليست بي ولم يقل لهم: «بل أنتم السفهاء» لكرامةِ رَدِّ الرسلِ، ومعاملتِهم بالتي هي أحسنُ.
(قال ياقومي ليس بي ضلالة) (قال ياقومي ليس بي سفاهة) الرسالة لايختارلها الا أهل الحصافة برجحان العقل وسعة الحلم
أصل دعوة الرسل عليهم السلام واحدة:التوحيد ( يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) قابلها أقوامهم بالرفض
وكان من أهم أسبابه:
1. الاعتداد بـ ” دين ” الآباء والأجداد ( ونذر ما كان يعبد آباؤنا)
2. الكبر: ( قال الملأ الذين استكبروا) (و عتوا)
{والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا} ٥٨ القلوب الطيبة حين يجيئها الوحي،تقبله وتنبت بحسب طيب أصلها،وأما القلوب الخبيثة،فإذا جاءها الوحي لم يجد محلا قابلا،بل يجدها غافلة معرضة،فيكون كالمطر الذي يمر على السباخ والرمال والصخور،فلا يؤثر فيها شيئا
(فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون) ذكر نعم الله وشكره سبحانه عليها من اسباب السعادة و الفلاح
(وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ ) لا تغتر بما عندك فقد يسلب منك و يكن لغيرك
(قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أهل الباطل أهل جدال ليس غرضهم الوصول للحق بل لمحاولة جعل باطلهم حق و لكن هيهات
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/10/126.jpg
(قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) في طريق دعوتك سيتهمك أعداء الدين بالنقائص فلا تلفت إليهم و امض في طريقك
وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ۚ.. (58) انثر بذور دعوتك ولا تنتظرها، فإن كانت الأرض طيبة أنتجت أحسن الثمر وإن خبُثت فما عليك إلا البلاغ..
(فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون) ( فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين) ذكر نعم الله تعالى سبب للفلاح ،ونجاة من الفساد ؛حيث أن ذكرها يؤدي إلى شكر المنعم، ونفي الكبر ،و تذكير للعبد بحاجته الدائمة إلى ربه،ولذا استخدمها الرسل عليهم السلام في التبليغ.
{فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين} ٦٤ لترى الحق لاتحتاج لنظر حاد بل لقلب حي واع (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )
ولقد أرسلنا: المرسِل الله عزوجل نوحا: المرسَل إلى قومه: المرسَل إليهم يا قوم: تحبب للمرسلين اعبدوا الله: فحوى الرسالة ما لكم من إله غيره: توحيد إني أخاف عليكم: تلطف بالمدعوين عذاب يوم عظيم: تخويف بالآخرة والحساب وعظم العذاب ما أبلغ لغة القرآن!
(يا قوم اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) هذا هو المعيار الذي يحدد مصير الأمم ارتفاعا أو سقوطا في ميزان الله عزوجل
تحدثت سورة الاعراف عن أمم وحضارات لها وزنها في التاريخ من حيث التحضر والعمران ولكنها في ميزان الله الحق لا تساوي جناح بعوضة لذا لا يؤبَه لهم بأيّ وادٍ هلكوا!!
(أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون) الابتلاء بالسراء والضراء سنة إلهية هدفها إيقاظ الغافلين فالدنيا دار ابتلاء وتمحيص للعباد ومحروم مغبون من لم يجعل الابتلاء وسيلة له للنجاة يوم القيامة.
(فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين) لا يُفسِد في الأرض إلا كل جاحدٍ لنعم الله عزوجل، ومن تذكّر النعم وشَكَرَها لا يكون إلا مصلحا. اللهم اجعلنا من الصالحين المصلحين وجنبنا الإفساد والمفسدين.
(وأنصح لكم) (وأنا لكم ناصح أمين) (ونصحت لكم) النصح زاد الداعية لكن المستكبرين لا يحبون الناصحين!
بين (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله… أبلغكم رسالات ربي) و (فكذبوه) (فأنجيناه والذين معه) ألف سنة إلا خمسين عاما طواها القرآن لنا في بضع آيات، فيا لروعة البلاغة القرآنية!
يتبع
-
رد: تدبر سورة الأعراف
الآيات 85 إلى 102
{فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين} جزاء وفاقا.. فكما أرجفوا شعيباً وأصحابه وتوعدوهم بالجلاء، عاقبهم الله بالرجفة.
{وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء} هذه لغة من يكفر النعمة، وينسى الفضل، بخلاف حال المؤمنين الذين يشكرون الله على السراء، ويصبرون على الضراء.
{فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون} ما أمن مكر الله إلا خاسر، وما خافه إلا مؤمن، ومن الخسران المبين أن تبارزه بالمعصية، وتأمن عذابه!.
.تأمل في قصة شعيب -عليه الصلاة السلام- تجد أن حاصل ما أمر به قومه -بعد الأمر بالتوحيد- ينحصر في ثلاثة أصول: •هي حفظ حقوق المعاملة المالية. •وحفظ نظام الأمة ومصالحها. •وحفظ حقوق حرية الاستهداء. [ابن عاشور].
{وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين} من لم ينظر نظر بصيرة في حال المفسدين السابقين واللاحقين، وكيف حلّت بهم العقوبات، فما عرف قيمة النقل الذي ذكره الله، ولا استعمل العقل الذي وهبه الله.
{وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء…} تخصيص القرى بإرسال الرسل دون البوادي ينبئ أن مراد الله هو: بث الصلاح لأصحاب الحضارة التي يتطرق إليها الخلل، بسبب اجتماع الأصناف المختلفة. [ابن عاشور]
.يسلّي الله نبيه كثيرا بذكر أخبار السابقين: {ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات…} إلخ، والرسالة تقول: لستَ وحدك! وهكذا هي ذات الرسالة تقال لكل من سلك طريق الدعوة: لستَ وحدك! ولا تحسبن الله يخفى عليه حال المكذبين والمعرضين.
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/10/126.jpg
.في تنبيه شعيب على خطورة التطفيف في الموازين، دليل على شمول أحكام الشرائع لأحوال الدنيا والآخرة، وليس كما يقول العلمانيون الذين يُقْصون حكم الشرع في الاقتصاد والسياسة، وغيرها من شؤون الناس الدنيوية.
.إذا عجز المُبطْلُ عن مقارعة بالحجة، هدد باستعمال القوة مع خصمة، وتلك حيلة العاجز! قالها فرعون لموسى، وقالها قوم شعيب لنبيهم: {لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا} .
{أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم..} من هدايات الآية: *أن الأيام دول، فلا يغتر إنسان بموقع أو منصب. *أثر الذنوب في العقوبات الإلهية، ومن شؤمها أنها تطبع على القلب بحيث لا يشعر بأثر الذنوب، ولا يبالي بذلك!.
{ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا} ويدخل في هذا: إلقاء الشبه المشككة أو المشوِّهة للدين على عقول الناس والعوام من خلال الإعلام وغيره. [رشيد رضا]
{ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} الأرض صالحة، فأفسدها الناس بالمعاصي! فاحذر أن تكون ممن يفسد الأرض بمعصيتك.
{تلك القرى نقص عليك من أنبائها…} ما قصّ الله علينا خبر من قبلنا إلا لنعتبر، ونحذر، ولكي تنشط نفوس المؤمنين حينما يقرؤون الأخبار الصادقة بنصر الله تعالى لأوليائه على أعدائه.
{وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} نقض العهود مع الله، واستمراء المعاصي، وعدم التوبة منها فِسْقٌ يوجب العقوبات المتنوعة، فهل من مدّكر؟
هذه أساليب من لا يقدرون على رد الحجة بالحجة : { لنخرجنك يا شعيب } { لتعودن في ملتنا } { لئن اتبعتم شعبيا إنكم إذا لخاسرون } ضحالة فكر وتهديد بالنفي وبؤس في الخطاب
﴿كأن لم يغنوا فيها﴾ ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره*.
{واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم} تذكير نعم الله على الآخرين خصوصا عند نصيحتهم معين لتقبلهم
إذا أمن المجتمع مكر الله فقد تهيأ للخسران واقترب منه، ﴿ أَفَأَمِنُوا۟ مَكْرَ ٱللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْقَوْمُ ٱلْخَٰسِرُونَ ﴾
(الا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون) يبتلينا الرحيم بالشدة وأنواع البلايا لاليعذبنا حاشاه ولكن لنرجع اليه وندعوه بتضرع وانكسار
﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض﴾ التقوى والإيمان سبب للفتح والتوفيق والبركات. ومن أصدق من الله قيلا.
كان من دعاء شعيب: ﴿ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين﴾، وقال نوح: ﴿فافتح بيني وبينهم فتحا﴾ ألح على الله بالدعاء بالفتح حين يكون بينك وبين أحد بعض الاختلاف في المنهج. اللهم افتح لنا فتحا مبينا من عندك في جميع أمورنا.
النظر في عواقب الأمم السالفة يورث الإعتبار .. { وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين }
﴿وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون﴾ لم يكتفوا بضلالهم في أنفسهم، بل عملوا على إضلال غيرهم و تنفير الناس من دعوة شعيب، وتثبيطهم عن الإيمان به، وإغرائهم بالبقاء على عقائدهم الباطلة وهكذا هم الكفار في كل زمان.
https://majles.alukah.net/imgcache/2025/10/126.jpg
(ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوايكسبون) ارتكاب الذنوب والمعاصي سبب لنزول العقوبة
مقطعنا لهذا اليوم آياته عظيمة -وكل القرآن عظيم- فكل آية منه فيها من التحذير والوعيد والترهيب من آثار الذنوب والاستكبار والتكذيب والأمن من مكر الله تصريحًا أو إشارة. دعوة لمراجعة النفس والتوبة، وتذكر شؤم المعصية وعقوبتها وعاقبتها.
إذا رأيت نفسك لا تتأثر بالمواعظ .. فراجع قلبك : { ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون}
{إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها} ذاقوا السعادة ووجدت قلوبهم الراحة فكيف نطالب بالعودة إلى الظلام
(ونطبع على قلوبهم فهم لايسمعون) اذا ختم الله على القلب فان صاحبه لاينتفع بمايسمع من الهدى والخير
إلى من يتقلب في النعم وهو يعصي الله ألا تخشى {فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون}
(أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون) لاتغتر بحلم الله عليك وستره ولا تأمن مكره وعقوبته وانت مقيم على المعاصي والذنوب
سورة الأعراف من أحب السور إلی قلبي ،و کل القرآن حبيب..لکن هذه السورة قريبة جدا إليّ ،حفظتها سمعا و الحمد لله ،و أرددها داٸما ،و أتخيل قصصها و کأني أراه أمام عينيّ..حقا من أروع القَصص القرآني ..
﴿فتولى عنهم﴾ [الأعراف: ٩٣] همسة في أذن كل داعية ومحتسب، أدِّ واجب البلاغ، وانصح برفق كما أمرك الله وأعرض عن الجاهلين.
﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ﴾، (هذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمنًا على ما معه مِن الإيمان، بل لا يزال خائفًا وَجلًا أنْ يُبتلى ببليَّة تسلب ما معه من الإيمان، وأن لا يزال داعيًا بقوله: يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك، وأن يعمل ويسعى في كل سبب يخلِّصه من الشرِّ عند وقوع الفتن، فإن العبد ولو بلغَت به الحال ما بلغَت فليس على يقين مِن السلامة) تفسير السعدي رحمه الله
أسلوب المتكبرين واحد؛ وهو: الجدال بالباطل، فإن عجزوا لجئوا إلى التهديد، ﴿قَالَ ٱلْمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوا۟ مِن قَوْمِهِۦ لَنُخْرِجَنَّكَ يَٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا﴾
{ومايكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا} تأمل أدب الأنبياء مع ربهم في تزكية النفس حتى في مقام إثبات الحق والجدل! عليهم صلوات الله وسلامه
﴿ثُمَّ بَدَّلۡنَا مَكَانَ ٱلسَّیِّئَةِ ٱلۡحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوا۟ وَّقَالُوا۟ قَدۡ مَسَّ ءَابَاۤءَنَا ٱلضَّرَّاۤءُ وَٱلسَّرَّاۤءُ فَأَخَذۡنَـٰهُم بَغۡتَةࣰ وَهُمۡ لَا یَشۡعُرُونَ﴾ من سُنَّة الله في عباده الإمهال، لكي يتعظوا بالأحداث، ويُقْلِعوا عما هم عليه من معاص وموبقات.
﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْقَوْمُ ٱلْخَٰسِرُونَ﴾ قال الحسن البصري -رحمه الله-: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مُشْفِقٌ، وَجِل، خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن. [ابن كثير:٢/٢٢٤]
يتبع