الإيمان والهجرة والجهاد من أسباب رحمة الله
الإيمان والهجرة والجهاد من أسباب رحمة الله
قال الله تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ{ سورة البقرة آية 218.
هذه الأعمال الثلاثة هي عنوان السعادة، وقطب رحى العبودية، وبها يعرف ما مع الإنسان من الربح والخسران، فأما الإيمان فلا تسأل عن فضله. وكيف يسأل عن شيء هو الفاصل بين أهل السعادة وأهل الشقاوة وأهل الجنة وأهل النار، وهو الذي إذا كان مع العبد قبلت أعمال الخير منه وإذا عدم منه لم يقبل منه صرف ولا عدل ولا فرض ولا نفل. وأما الهجرة فهي مفارقة المحبوب المألوف لرضا الله تعالى فيترك المهاجر وطنه وأمواله وأهله وخلانه تقربًا إلى الله تعالى ونصرة لدينه.
وأما الجهاد فهو بذل الجهد في مقاومة الأعداء والسعي التام في نصرة دين الله وإعلاء كلمته، وهو ذروة سنام الدين وجزاؤه أفضل الجزاء وهو السبب الأكبر لتوسيع دائرة الإسلام وخذلان عباد الأصنام وأمن المسلمين على أنفسهم وأموالهم وأولادهم فمن قام بهذه الأعمال الثلاثة على مشقتها كان لغيرها أشد قيامًا به وتكميلا، فحقيق بهؤلاء أن يكونوا هم الراجين رحمة لله لأنهم أتوا بالسبب الموجب للرحمة (والله غفور) لمن تاب إليه توبة نصوحًا (رحيم) وسعت رحمته كل شيء وعم جوده وإحسانه كل حي.
ما يستفاد من هذه الآية:
فضل الإيمان والهجرة والجهاد في سبيل الله.
أن الرجاء لا يكون إلا بعد القيام بأسباب السعادة. وأما الرجاء المقارن للكسل وعدم القيام بالأسباب فهذا عجز وتمني وغرور وهو دال على نقص همة صاحبه ونقص عقله بمنزلة من يرجو وجود الولد بلا نكاح وحصول الثمرة بلا بذر وسقي.
أن العبد ولو أتى من الأعمال بما أتى به لا ينبغي له أن يعتمد عليها، بل يرجو رحمة ربه وقبول أعماله ومغفرة ذنوبه وستر عيوبه.
أن من قام بهذه الأعمال المذكورة، وهي الإيمان والهجرة والجهاد حصلت له مغفرة الله لأن الحسنات يذهبن السيئات وحصلت له رحمة الله.
إثبات صفة المغفرة والرحمة لله التي من آثارها أن حصلت لأهل هذه الأعمال خيرات الدنيا والآخرة واندفعت عنهم عقوبات الدنيا والآخرة فمن رحمة الله بهم أن وفقهم لها وأقدرهم عليها وقبلها منهم.#
الكواكب النيرات لعبد الله جار الله