إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون
الشيخ محمد بن صالح العثيمين / صحيح البخاري
شرح كتاب الفتن والأحكام-03b
حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شعبة عن واصل الأحدب عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان قال إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون حفظ
القارئ : قال البخاري رحمه الله تعالى :
حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شعبة عن واصل الأحدب عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان أنه قال : ( إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون ).
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الحديث قد يشكل ظاهره فإن المنافقين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسرون يسرون أي شيء؟ يسرون الكفر ويعلنون الإيمان أما الآن فيقول : " إنهم اليوم يجهرون " ومعروف أن المنافق يخفي لا يجهر فإذا كانوا يجهرون فأين النفاق ؟ فيحمل كلامه رضي الله عنه على أنهم يجهرون عند قوم ويسرون عند آخرين أو يجهرون ببعض الأشياء المنكرة دون الأشياء الأخرى ويجب أن يحمل كلامه على ذلك لأن من يجهر ليس بمنافق.
رد: إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون
شرح حديث عن حذيفة بن اليمان قال إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد
النِّفاقُ هو إظهارُ المرءِ خِلافَ ما يُبطِنُه، وهو مِعْولُ الهَدمِ الأَخطرِ عَبْرَ تاريخِ المُسلِمينَ، وضَررُ المنافِقين على الإسْلامِ أقْوى تَأثيرًا مِن مَكائدِ الكافِرينَ المُجاهِرينَ بِكُفرِهمْ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ حُذَيفةُ بنُ اليَمانِ رضِيَ اللهُ عنهُما أنَّ المُنافِقينَ الذين كانوا بعد عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أشَدُّ شَرًّا من المنافِقينَ الذين كانوا على عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويُعلِّلُ ذلِكَ بأنَّهُمْ كانُوا يُسِّرونَ نفاقَهم ويُخفونَه، فلا يتعدَّى شَرُّهم إلى غيرِهم، وأمَّا بعد النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإنهم يَجْهَرونَ به؛ فهُمْ أعلنوا بالشَّرِّ أكثرَ وأظْهَرَ مِن سابِقيهِمْ مِنَ المنافِقينَ، غيْرَ أنَّهمْ لم يُعلِنوا الكُفرَ صَريحًا؛ ليُظَنَّ أنَّهم مُسلِمونَ.
ومن صُوَرِ إظهارِهم لنفاقِهم: أنهم يَجهَرون بالنِّفاقِ ويُعلِنونَه بالخُروجِ على الجَماعةِ ويُحَزِّبونَهم أحزابًا، ويُوقِعون الشَّرَّ بين الفِرَقِ، فيتعدَّى شَرُّهم لغَيرِهم.
وهذا إشارةٌ منه رَضِيَ اللهُ عنه إلى ضَعفِ الحَقِّ وظُهورِ الباطِلِ واستقوائِه؛ فالمنافِقون يَخْشَون من سَطوةِ الحَقِّ، فيُسِرُّون، لكن إذا ضَعُف الحَقُّ بَرَزوا.
وفي الحَديثِ: التَّحذيرُ مِن النَّفاقِ والمنافِقينَ.
وفيه: عَدمُ مُتابَعةِ مَن يَظهَرُ عليهِ النِّفاقُ في أفْعالِهِ الباطِلةِ التي يَفعَلُها ضِدَّ المسلِمينَ وشَريعتِهمْ.
الدرر السنية