حكم المسح على العمامة في الوضوء
السؤال
في موضوع المسح على العمامة، هناك رأي للجمهور على أنه لا يجوز الاقتصار على مسح العمامة وبه قال الحنفية والمالكية والشافعية، وحجتهم: (لأن المسح على الخف ثبت رخصة لدفع الحرج، ولا حرج في نزع العمامة، ولا تلحق المشقة في إيصال الماء غالبا)، ما المقصود من العبارة التي بين القوسين؟ أرجو الإجابة بأسرع وقت ممكن، وأتمنى أن تصلني الإجابة غداً، مع جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فالمقصود من العبارة التي ذكرها السائل أن المسح على الخف أذن به الشرع لرفع المشقة عن المتوضىء، لأنه إذا نزع خفيه كلما أراد أن يتوضأ لحقته المشقة، وأما نزع العمامة فليس فيه مشقة فلهذا لا يشرع المسح عليها. وهذا التعليل هو من أدلة من ذهب من إلى عدم جواز المسح على العمامة، ومن المعلوم أن العلماء اختلفوا في جواز المسح على العمامة، فمنهم من قال بعدم الجواز، وبه قال عروة والنخعي والقاسم ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، ومنهم من قال بالجواز وبه قال عمر وأنس وأبو أمامة، وروي عن سعد بن مالك وأبي الدرداء رضي الله عنهم، وبه قال عمر بن عبد العزيز والحسن وقتادة ومكحول والأوزاعي وأبو ثور وابن المنذر. وهذا القول هو الذي تدل عليه الأدلة، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على العمامة وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه مسح على العمامة والناصية، والكل صحيح ثابت، روى البخاري في صحيحه وأحمد وابن ماجه عن عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه. وروى أحمد وأبو داود عن ثوبان قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد، فلما قدموا عليه شكوا ما أصابهم، فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين. ، والعصائب هي: العمائم. فهذان الحديثان يدلان على جواز الاقتصار على مسح العمامة، حيث لم يرد أنه مسح على ناصيته. وأما مسح العمامة والناصية فقد رواه مسلم في صحيحه من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفين. وأما مسح الرأس بدون العمامة فهو الأصل لقول الله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ [المائدة:6]، وأحاديثه مشهورة معلومة. وبهذا يتبين أن السنة جاءت بالمسح على العمامة وحدها، وجاءت أيضاً بالمسح على العمامة والناصية. والله أعلم.
منقول من الشبكة الإسلامية للفتاوى
رد: حكم المسح على العمامة في الوضوء
حكم المسح على القبعة أو الكوفية في الوضوء
السؤال: 139719
هل يمكن المسح بماء الوضوء علي ما ألبسه فوق رأسي؟ مثل القبعة أو الكوفية؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاُ :
جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم بجواز المسح على العمامة في الوضوء، وهذه الأحاديث جاءت على وجهين :
الأول :
المسح على الناصية [مقدم الرأس] والعمامة ، فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ، فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ ، وَعَلَى الْعِمَامَةِ ، وَعَلَى الْخُفَّيْنِ) . رواه البخاري (182) ومسلم (274) واللفظ له .
الثاني :
الاقتصار على مسح العمامة وحدها ، فعن عمرو بن أمية رضي الله عنه قال : (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ) رواه البخاري (205) .
وقد عمل بهذه الأحاديث الإمام أحمد رحمه الله . وانظر : "كشاف القناع" (1/120) .
وذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجزئ الاقتصار على مسح العمامة في الوضوء ، وأن من فعل ذلك لم يصح وضوؤه ، وقد سبق بيان هذا ، وترجيح مذهب الإمام أحمد في جواب السؤال رقم : (129557) .
ثانياً :
أما مذاهب الأئمة في المسح على العمامة والطاقية ونحو ذلك :
فعند الشافعية : يجب مسح بعض الرأس ، ثم يستحب أن يكمل على العمامة .
قال النووي في "المجموع" (1/440) :
"قال أصحابنا : إذا كان عليه عمامة ولم يُرِدْ نزعها لعذر ولغير عذر مسح الناصية كلها , ويستحب أن يتم المسح على العمامة ، سواء لبسها على طهارة أو حدث , ولو كان على رأسه قلنسوة ولم يرد نزعها فهي كالعمامة فيمسح بناصيته , ويستحب أن يتم المسح عليها .
وهكذا حكم ما على رأس المرأة , وأما إذا اقتصر على مسح العمامة ولم يمسح شيئا من رأسه فلا يجزيه بلا خلاف عندنا" انتهى .
فأجاز الشافعية المسح على العمامة والقلنسوة [تشبه الطاقية] ، بشرط أن يمسح جزءاً من الرأس ، وهذا مبني على أن الواجب عندهم في الوضوء هو مسح بعض الرأس ، ولا يجب مسح الرأس كله ، ولهذا ذكروا أن إكمال المسح على العمامة والقلنسوة مستحب ، فلو لم يمسح عليهما صح وضوؤه .
وقد سبق في جواب السؤال رقم (70530) أن الراجح هو وجوب مسح الرأس كله في الوضوء ، وهو مذهب الإمامين مالك وأحمد رحمهما الله .
وعند المالكية : لا يجوز المسح على العمامة إلا للضرورة ، وذلك إذا خاف بنزعها ضرراً .
وإذا كان بعض رأسه مكشوفاً وجب عليه مسحه ، ثم يكمل على العمامة وجوباً ، كما في "حاشية العدوي" (1/195) .
وجاء في " الشرح الكبير " (1/163) من كتب المالكية :
"ولو أمكنه مسح بعض الرأس أتى به وكمَّل على العمامة وجوبا على المعتمد" انتهى .
أما الأحناف فقد منعوا المسح على العمامة مع ورود الأحاديث بها .
انظر : "حاشية ابن عابدين" (1/181) .
أما الحنابلة الذين أجازوا المسح على العمامة فقد علَّلوا جواز المسح عليها بمشقة نزعها ، وبَنَوْا على هذا أن المسح على القلنسوة والطاقية لا يجوز ، لأنه لا مشقة في نزعها .
قال البهوتي الحنبلي رحمه الله :
"لا يجوز المسح على الوقاية [وهي الطرحة تجعلها المرأة فوق خمارها] ; لأنه لا يشق نزعها فهي كطاقية الرجل ، ولا على القلانس جمع قلنسوة أو قلنسية ، ووجه عدم المسح عليها : أنه لا يشق نزعها فلم يجز المسح عليها" انتهى .
"كشاف القناع" (1/113) .
وقال ابن قدامة في "المغني" (1/384) :
"ولا يجوز المسح على القلنسوة ، الطاقية ، نص عليه الإمام أحمد" انتهى .
فتبين بهذا أن المسح على الطاقية ومثلها : القبعة : لا يصح ، وكذلك لا يصح المسح على "الشماغ" و "الغترة" و "الكوفية" وهي بمعنى واحد ، إلا على مذهب الإمام الشافعي ، إذا مسح معها بعض الرأس ، وهذا مبني ـ كما سبق ـ على أن استيعاب الرأس كله بالمسح ليس واجباً عنده ، وإنما الواجب مسح بعضه .
وقد أفتى علماؤنا المعاصرون بعدم جواز المسح على الطاقية والقبعة والشماغ ونحوها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"يجوز المسح على عِمَامة الرَّجل ، والعِمامةُ : ما يُعمَّمُ به الرَّأس ، ويكوَّرُ عليه ، وهي معروفةٌ .
والدَّليل على جواز المسح عليها حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم : (مسح بناصيته ، وعلى العِمامة ، وعلى خُفّيه) ، وقد يُعبَّر عنها بالخِمَار كما في صحيح مسلم : (مسح على الخُفَّين والخِمَار قال : يعني العِمَامة) . ففسَّر الخِمَار بالعِمَامة ، ولولا هذا التفسير لقلنا بجواز المسح على " الغُترة " إِذا كانت مخمِّرة للرَّأس ، كما يجوز في خُمُر النِّساء" انتهى .
"الشرح الممتع" (1/236) .
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
"الطاقية هي القلنسوة ، تلبس فوق الرأس للوقاية من الشمس والحر ، وهي مفصلة بقدر أعلى الرأس ، ولا تستر الأذنين غالبا ، فلا تقاس بالعمامة في المسح عليها لعدم مشقة رفعها" انتهى من كتاب "فتاوى في المسح" سؤال (54).
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
"الطاقية ليست كالعمامة ، الطاقية والقلنسوة والقبعة : كل أغطية الرأس لا تأخذ حكم العمامة ، العمامة خاصة ، هي التي وردت السنة بالمسح عليها ، فيقتصر عليها ، أما أغطية الرأس الأخرى؛ كالطاقية ، والقلنسوة ، والقبعة ، والطربوش ، وما يلبس على الرأس : هذه كلها لا يمسح عليها" انتهى .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب