فائدةٌ نفيسة لشيخ الإسلام، تتعلق بعدم إظهار النعمة لكل أحد
ذكر شيخ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله- عند كلامه على قوله تعالى: (ادعوا ربَّكم تضرُّعاً وخُفيةً إنه لايحبُّ المعتدين...) عشرةً من فوائد إخفاء الدعاء، ومن ضمن تلك الفوائد قوله:
تاسعها/ أنَّ أعظمَ النعمة الإقبالُ والتعبُّد، ولكلِّ نعمة حاسدٌ على قَدْرها؛ دَقَّت أو جَـلَّت، ولا نعمةَ أعظم من هذه النعمة، فإنَّ أنفسَ الحاسدين متعلقةٌ بها، وليس للمحسود أسلم من إخفاء نعمته عن الحاسد، وقد قال يعقوب ليوسف عليهما السلام: (لاتقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً) الآية.
وكم من صاحب قلبٍ وجَمعيَّة وحال مع الله تعالى قد تحدَّث بها وأخبر بها فسلبَه إياها الأَغيار، ولهذا يوصي العارفون والشيوخ بحفظِ السر مع الله تعالى، ولا يطلع عليه أحد، والقومُ أعظم شيئاً كتماناً لأحوالهم مع الله عز وجل، وما وهب الله من محبته والأُنس به وجَمعيَّة القلب، ولا سيَّما فِعلُه للمهتدي السالك، فإذا تمكَّن أحدُهم وقَوِىَ وثبتَ أصول تلك الشجرة الطيبة التى أصلُها ثابتٌ وفرعها فى السماء فى قلبه بحيث لايخشى عليه من العواصف فإنه إذا أَبدى حالَه مع الله تعالى ليُقتدى به ويُؤتمَّ به لم يُبال.
وهذا بابٌ عظيمُ النفع، إنما يعرفه أهله، وإذا كان الدعاء المأمور بإخفائه يتضمَّن دعاءَ الطلب والثناء والمحبة والإقبال على الله تعالى فهو من عظيم الكنوز التى هى أحقُّ بالإخفاء عن أعين الحاسدين.
وهذه فائدة شريفة نافعة.
مجموع الفتاوى (15/18، 19).
فائدة نفيسة لشيخ الإسلام تتعلق بعدم إظهار النعمة لكل أحد
الشيخ الفاضل :
جزاك الله خيرا على هذا البيان وإن سمحت لي أن أضيف هنا حديثا فيه دلالة واضحة لما ذهب
إلبه شيخ الإسلام رحمه الله في أن الخير هو في عدم إظهار النعمة لكل أحد وهو قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث :(الرؤيا الحسنة من الله ، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدّث به إلا من يحب ........) _ أخرجه البخاري في الصحيح ، باب: إذا رأى ما يكره فلا يخبر بها ولا يذكرها ، من كتاب التعبير رقم7044_ ولا شك أن الرؤية التي يراها المؤمن من نعم الله العظيمة للحديث :(رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة) _أخرجه البخاري في الصحيح ، باب :الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ،كتاب التعبير_ وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام المؤمن أن يحدّث بالرؤيا الصالحة إلا من يحب وقد ذكر ابن حجر في الفتح _12/450_ الحكمة من النهي فقال :الحكمة فيه أنه إذا حدّث بالرؤيا الحسنة من لا يحب قد يفسرها له بما لا يحب إما بغضا وإما حسدا فقد تقع عن تلك الصفة ، أو يتعجل لنفسه من ذلك حزنا ونكدا ، فأمر بترك تحديث من لا يحب .انتهى كلامه .
دمت بخير وننتظر المزيد من بيانكم لمثل هذه المسائل التي نحتاج إليها
شكر الله لكم فوائدكم وكثرها..
فائدة:
كما ذكرتم حفظكم الله النعمة ههنا عامة فالمفرد المضاف يعم عند جمهور الأصوليين.
بيد أن هذه مسألة ومسألة التحديث فيما يظهر مسألة أخرى.
فكل نعمة يشرع أن تحدث بها ولكن متعلق التحديث فيما يظهر مطلق فلا يلزم منه أن يكون لكل أحد.
وبهذا يظهر وجه كلام شيخ الإسلام ودقته المعهودة فرحمه الله ومن ترحم عليه.