كيف نبدع؟
د. سعيد النجمي
أولا: مفهوم الإبداع
من الجميل والممتع، أن نعرف كيف نبدع، نبهر ونقنع، نمتع ونستمتع، نحطم السكون والجمود، نطلق فكرنا بلا حدود، نكسر السلاسل، الحواجز، والقيود. طالما استوقفني هذا السؤال –كيف نبدع؟- في فراغي وأوقات عملي، في نشاطي وفي كسلي، في حيويتي وفي مللي، قررت أن أجيب عن هذا السؤال، السهل والصعب، البسيط والمعقد، الواضح كل الوضوح والغامض كل الغموض، لا أجازف إن قلت أن الإجابة على السؤال يشبه الغوص في أعماق المحيط للبحث عن ما يخفي من أسرار نظرا لما يحوي هذا السؤال من معاني ودلالات عميقة.
لكي تكون الإجابة مقنعة وشافية، منطقية وكافية، يجب أن نعطي تعريفا عن مفهوم الإبداع. في الحقيقة ليس من السهل تعريف هذا المفهوم لكونه عملية غاية في التعقيد، ولا غرو أن نجد تباينا واضحا بين العلماء والمفكرين باختلاف ثقافاتهم ومشاربهم وعدم اتفاقهم على تعريف واضح ومحدد.
لذا حاولت أن أركز على تعريف مفهوم الإبداع، في اللغة وفي الاصطلاح، مع إعطاء بعض التعريفات المتداولة.
1. الإبداع في اللغة
أبدع، يبدع، إبداعا، مبدعا، أبدع الشيء: اخترعه، وابتكره على غير مثال سابق، وأبدع فلان أي أنتج شيء جديد لم يكن موجودا، والمبدع هو المنشئ والمحدث الذي لم يسبقه أحد؛
2. الإبداع في الاصطلاح
إخراج الشيء من العدم إلى الوجود بغير مادة، ويعني كذلك إيجاد الشيء من لا شيء، وهو تأسيس الشيء عن الشيء، ويمكن القول: أن الإبداع اصطلاحا رؤية ما لا يراه الآخرون، وحل المشكلات بطريقة مميزة؛
3. بعض التعريفات المتداولة
مزيج من القدرات والاستعدادات والخصائص الشخصية التي إذا وجدت بيئة مناسبة يمكن أن ترقى بالعمليات العقلية لتؤذي إلى نتائج أصلية ومفيدة للفرد أو الشركة أو المجتمع أو العامل. [جوان كريستيان دوبلر]
مزيج من الخيال العلمي المرن، لتطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة، مهما كانت الفكرة صغيرة، ينتج عنها إنتاج متميز غير مألوف، يمكن تطبيقه واستعماله. [الدكتور علي حمادي].
عملية وعي بمواطن الضعف وعدم الانسجام والنقص بالمعلومات والتنبؤ بالمشكلات والبحث عن حلول، وإضافة فرضيات واختبارها، وصياغتها وتعديلها باستخدام المعطيات الجديدة للوصول إلى نتائج جيدة لتقدم للآخرين. [بول تورانس].
هناك تعريفات كثيرة جدا لم أستطع إدراجها ويمكن البحت عنها في كتب خاصة بالإبداع، ومواقع إلكترونية، حاولت أن أجد تعريفا خاصا بي معتمدا على ما قرأته عن الإبداع لعل وعسى أن أقترب من هذا المفهوم فكان ما يلي:
هو إنتاج شيء غير موجود، يبهر كل مَنْ في الوجود، زمانه ومكانه غير محدود، إشعاعه يفوق كل الحدود، وخروجٌ عن المألوف مع وضع النقط على الحروف، وهو كذلك عملية فكرية إنسانية بالتحديد، تعتمد على أفكار جديدة قابلة للتنفيذ.
إن الإبداع عملية معقدة ولا تخص مجالا محددا، فهناك الإبداع الفني، الإبداع الكيفي، الإبداع الإعلامي، والإبداع العلمي..
