كي لا نكون بعيدين عن رحمة الله
كي لا نكون بعيدين عن رحمة الله
لماذا عندما يخطئ الطفل نسارع إلى تأديبه بالضرب، بينما حين نخطئ نحن نتجاهل الخطأ وننسى أننا عرضة أيضاً للعقاب؟
الأطفال في البيوت، وفي المدارس، وفي دور الرعاية أو حتى في العمل إن كانوا برفقتنا هم بشر يمكن أن يخطئوا، جميعنا يعرف ذلك، ونعرف أيضاً أن الضرب قد يكون أسلوبا من أساليب التأديب المباح شرعاً، شرط أن لا يكون مؤذياً فيصل بالطفل إلى التشويه أو الإعاقة أو الموت لا قدّر الله، وهي حالات وقعت وتقع، نسمع عن بعضها في وسائل الإعلام، وتخفي الجدران الجزء الأكبر من تلك القصص المؤلمة.
لا الدين الإسلامي، ولا الأخلاق الكريمة تسمح لنا أن نصل بالأطفال إلى حد التشويه بسبب أخطائهم، فكم أخطأنا في صغرنا، وكم صبر علينا آباؤنا وأمهاتنا؛ لأنهم أرادوا أن نتعلم ونكبر وننجح في حياتنا.
الدين والشرع يسمح بالضرب في حدود التأديب المعقول، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة. يقول عليه الصلاة والسلام: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر» رواه أبو داود وصححه الألباني. وحدد ضرب الزوجة بأن تكون بالسواك أو بطرف الرداء فقط.
ومع ذلك فإنه صلى الله عليه وسلم لم يضرب يوماً طفلاً ولا زوجة ولا خادماً ولا أمة، ولم يرفع يده إلا في الحرب. ففي مسند أحمد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب خادماً له قط، ولا امرأة له قط، ولا ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن يكون لله عز وجل، فإن كان لله انتقم له» رواه مسلم في صحيحه.
على أننا يجب أن نسأل أنفسنا: إن أخطأنا نحن، فمن الذي يحق له أن ينزل بنا العقاب؟. إنه الله تبارك وتعالى، في يوم يقيم فيه موازين الحق والعدل. ويومها يعرض الله علينا ذنوبنا كلها، فنقر بها جميعها. فيعقابنا أو يغفر لنا، وهو القادر على كل شيء.
فمن أراد رحمة من الله يوم يأتي الحساب والعقاب على أخطائه، حري به أن يرحم ويتجاوز ويسامح حين يرى خطأً من ابن أو ابنة، أو زوجة أو أخ أو حتى عامل أو خادمة. ففي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يرحم الله من لا يرحم الناس».
مؤمنة عبد الرحمن