أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
108 - " إن الله زادكم صلاة و هي الوتر ، فصلوها بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 171 :
رواه الإمام أحمد ( 6 / 7 ) و الطبراني في " المعجم الكبير ( 1 / 100 / 1 )
من طريقين عن ابن المبارك : أنبأنا سعيد بن يزيد حدثني ابن هبيرة عن أبي تميم
الجيشاني أن عمرو بن العاص خطب الناس يوم الجمعة ، فقال : إن أبا بصرة
حدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قال أبو تميم : فأخذ بيدي أبو ذر فسار في المسجد إلى أبي بصرة فقال له :
أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قال عمرو ؟ قال أبو بصرة :
أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم .
و سعيد بن يزيد هو أبو شجاع الإسكندراني .
و قد تابعه عبد الله بن لهيعة : أنبأنا عبد الله بن هبيرة به .
أخرجه أحمد ( 6 / 379 ) و الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 250 ) و الطبراني
في " الكبير " ( 1 / 104 / 2 ) و الدولابي في " الكنى " ( 1 / 13 ) من طرق ثلاث
عن ابن لهيعة به .
و إسناده عند الطحاوي صحيح كما بينته في " إرواء الغليل " رقم ( 416 ) .
و له طرق أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم خرجت بعضها هناك ، و هذه الطريق هي
العمدة و لذلك اقتصرت عليها هنا .
و ذكر الشيخ الكتاني و صاحبه الأستاذ الزحيلي في تخريج " تحفة الفقهاء "
( 1 / 1 / 355 ) جملة كبيرة منها عن عشرة من الصحابة منها طريق واحدة عن عمرو
ابن العاص ، و لكنها واهية ، و فاتهما هذه الطريق الصحيحة !
فقه الحديث
------------
يدل ظاهر الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم : " فصلوها " على وجوب صلاة الوتر ،
و بذلك قال الحنفية ، خلافا للجماهير ، و لولا أنه ثبت بالأدلة القاطعة حصر
الصلوات المفروضات في كل يوم و ليلة بخمس صلوات لكان قول الحنفية أقرب إلى
الصواب ، و لذلك فلابد من القول بأن الأمر هنا ليس للوجوب ، بل لتأكيد
الاستحباب .
و كم من أوامر كريمة صرفت من الوجوب بأدنى من تلك الأدلة القاطعة ، و قد انفك
الأحناف عنها بقولهم إنهم لا يقولون بأن الوتر واجب كوجوب الصلوات الخمس ، بل
هو واسطة بينها و بين السنن ، أضعف من هذه ثبوتا ، و أقوى من تلك تأكيدا !
فليعلم أن قول الحنفية هذا قائم على اصطلاح لهم خاص حادث ، لا تعرفه الصحابة
و لا السلف الصالح ، و هو تفريقهم بين الفرض و الواجب ثبوتا و جزاء كما هو مفصل
في كتبهم .
و إن قولهم بهذا معناه التسليم بأن تارك الوتر معذب يوم القيامة عذابا دون عذاب
تارك الفرض كما هو مذهبهم في اجتهادهم ، و حينئذ يقال لهم : و كيف يصح ذلك مع
قوله صلى الله عليه وسلم لمن عزم على أن لا يصلي غير الصلوات الخمس : " أفلح
الرجل " ؟ ! و كيف يلتقي الفلاح مع العذاب ؟ ! فلا شك أن قوله صلى الله عليه
وسلم هذا وحده كاف لبيان أن صلاة الوتر ليست بواجبة و لهذا اتفق جماهير العلماء
عى سنيته و عدم وجوبه ، و هو الحق ، نقول هذا مع التذكير و النصح بالاهتمام
بالوتر ، و عدم التهاون عنه لهذا الحديث و غيره . و الله أعلم .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
237 - " كان إذا صلى الفجر أمهل ، حتى إذا كانت الشمس من ههنا - يعني من قبل المشرق -
مقدارها من صلاة العصر من ههنا - من قبل المغرب - قام فصلى ركعتين ثم يمهل ،
حتى إذا كانت الشمس من ههنا يعني من قبل المشرق ، مقدارها من صلاة الظهر من
ههنا - يعني من قبل المغرب - قام فصلى أربعا ، و أربعا قبل الظهر إذا زالت
الشمس ، و ركعتين بعدها ، و أربعا قبل العصر ، يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على
الملائكة المقربين ، و النبيين ، و من تبعهم من المسلمين ، " يجعل التسليم في
آخره " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 421 :
أخرجه أحمد ( رقم 650 / 1375 ) و ابنه ( 1202 ) و الترمذي ( 2 / 294 ، 493 -
494 ) و النسائي ( 1 / 139 - 140 ) و ابن ماجه ( 1 / 354 ) و الطيالسي
( 1 / 113 - 114 ) و عنه البيهقي ( 2 / 273 ) و الترمذي أيضا في " الشمائل "
( 2 / 103 - 104 ) من طرق عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة قال :
" سألنا عليا عن تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار ، فقال : إنكم لا
تطيقونه ، قال : قلنا : أخبرنا به نأخذ منه ما أطقنا ، قال : " فذكره .
و قال الترمذي :
" حديث حسن ، و قال إسحاق بن إبراهيم : أحسن شيء روي في تطوع النبي صلى الله
عليه وسلم ، في النهار هذا . و روي عن عبد الله بن المبارك أنه كان يضعف هذا
الحديث .
و إنما ضعفه عندنا - و الله أعلم - لأنه لا يروى مثل هذا عن النبي صلى الله
عليه وسلم إلا من هذا الوجه عن عاصم بن ضمرة عن علي ، و هو ثقة عند بعض أهل
العلم " .
قلت : و هو صدوق كما قال الحافظ في " التقريب " . و قد وثقه ابن المديني و غيره
و قال النسائي : " ليس به بأس " ، فهو حسن الحديث .
و الزيادة التي في آخره للنسائي .
و روى منه أبو داود ( 1 / 200 ) و عنه الضياء في " المختارة " ( 1 / 187 ) من
طريق شعبة عن أبي إسحاق به الصلاة قبل العصر فقط لكنه قال : " ركعتين " و هو
بهذا اللفظ شاذ عندي لأنه في المسند و غيره من هذا الوجه باللفظ المتقدم
" أربعا " . و كذلك في الطرق الأخرى عن أبي إسحاق كما تقدم .
و مثل هذا في الشذوذ أن بعض الرواة عن أبي إسحاق قال : " قبل الجمعة " بدل
" قبل الظهر " كما أخرجه الخلعي في " فوائده " بإسناد جيد كما قال العراقي
و البوصيري في زوائده ( 72 / 1 ) ، و لم يتنبها لشذوذه ، كما نبهت عليه في
" سلسلة الأحاديث الضعيفة " . و الله أعلم .
فقه الحديث
-----------
دل قوله " يجعل التسليم في آخره " . على أن السنة في السنن الرباعية النهارية
أن تصلى بتسليمة واحدة ، و لا يسلم فيها بين الركعتين ، و قد فهم بعضهم من قوله
" يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين - و من تبعهم من المؤمنين
" أنه يعني تسليم التحلل من الصلاة . و رده الشيخ على القاري في " شرح الشمائل
" بقوله :
" و لا يخفى أن سلام التحليل إنما يكون مخصوصا بمن حضر المصلى من الملائكة
و المؤمنين . و لفظ الحديث أعم منه حيث ذكر الملائكة و المقربين و النبيين و من
تبعهم من المؤمنين و المسلمين إلى يوم الدين " .
و لهذا جزم المناوي في شرحه على " الشمائل " أن المراد به التشهد قال :
" لاشتماله على التسليم على الكل في قولنا : " السلام علينا و على عباد الله
الصالحين " .
قلت : و يؤيده حديث ابن مسعود المتفق عليه قال :
" كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم قلنا السلام على الله قبل عباده ،
السلام على جبريل ، السلام على ميكائيل ، السلام على فلان ، فلما انصرف النبي
صلى الله عليه وسلم أقبل علينا بوجهه فقال : إن الله هو السلام ، فإذا جلس
أحدكم في الصلاة فليقل : التحيات لله ... السلام علينا و على عباد الله
الصالحين ، فإنه إذا قال ذلك أصاب كل عبد صالح في السماء و الأرض .... "
قلت : و هذه الزيادة التي في آخر الحديث ، تقطع بذلك ، فلا مجال للاختلاف بعدها
فهي صريحة في الدلالة على ما ذكرنا من أن الرباعية النهارية من السنن لا يسلم
في التشهد الأول منها . و على هذا فالحديث مخالف لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم
:
" صلاة الليل و النهار مثنى مثنى " .
و هو حديث صحيح كما بينته في " الحوض المورود في زوائد منتقى ابن الجارود " رقم
( 123 ) يسر الله لنا إتمامه ، و لعل التوفيق بينهما بأن يحمل حديث الباب على
الجواز . و حديث ابن عمر على الأفضلية كما هو الشأن في الرباعية الليلية أيضا .
و الله أعلم .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
332 - " لقد رأيتنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر في مروطنا ،
و ننصرف و ما يعرف بعضنا وجوه بعض " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 586 :
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 214 / 1 ) : حدثنا إبراهيم حدثنا حماد عن عبيد
الله بن عمر عن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية أن عائشة قالت : فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير إبراهيم هذا و هو ابن
الحجاج ، ثم هما اثنان : إبراهيم بن الحجاج بن زيد السامي أبو إسحاق البصري
و إبراهيم بن الحجاج النيلي أبو إسحاق البصري أيضا ، و كلاهما يروي عنه
أبو يعلى ، و الأول ، يروي عن حماد بن سلمة ، و الآخر عن حماد بن زيد ، و كل من
الحمادين يروي عن عبيد الله بن عمر ، و لذلك لم يتعين عندي أيهما المراد هنا ،
و لا ضير في ذلك ، فإنهما ثقتان ، غير أن الأول احتج به مسلم ، و الآخر احتج به
الشيخان .
و الحديث في " الصحيحين " دون ذكر الوجه ، و لذلك أوردته ، و هي زيادة مفسرة ،
لا تعارض رواية الصحيحين ، فهي مقبولة .
و هو دليل ظاهر على أن وجه المرأة ليس بعورة . و الأدلة على ذلك متكاثرة .
و معنى كونه ليس بعورة ، أنه يجوز كشفه ، و إلا فالأفضل ، و الأورع ستره ،
لاسيما إذا كان جميلا . و أما إذا كان مزينا . فيجب ستره قولا واحدا ، و من شاء
تفصيل هذا الإجمال ، فعليه بكتابنا " حجاب المرأة المسلمة " فإنه جمع فأوعى .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
646 - " نعمت السورتان يقرأ بهما في ركعتين قبل الفجر *( قل هو الله أحد )* و *( قل
يا أيها الكافرون )* " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 249 :
أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 121 / 2 ) : حدثنا بندار ، أنبأنا إسحاق بن
يوسف الأزرق ، حدثنا الجريري ، عن عبد الله بن شفيق عن عائشة قالت :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربعا قبل الظهر ، و ركعتين قبل العصر
لا يدعهما ، قالت : و كان يقول .... " . فذكره . و أخرجه ابن حبان ( 610 ) من
طريق يزيد بن هارون عن سعيد الجريري به ، دون قوله في أوله : " كان .... " .
قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال مسلم ، غير أن الجريري كان اختلط قليلا
قبل موته بثلاث سنوات .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
693 - " الفجر فجران فجر يحرم فيه الطعام و تحل فيه الصلاة و فجر تحرم فيه الصلاة
و يحل فيه الطعام " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 314 :
أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 52 / 2 ) و عنه الحاكم ( 1 / 425 ) من طريق
أبي أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال ابن خزيمة : " ( لم ) يرفعه في
الدنيا غير أبي أحمد الزبيري " . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه
الذهبي .
من فقه الحديث :
قال ابن خزيمة : " في هذا الخبر دلالة على أن صلاة الفرض لا يجوز أداؤها قبل
دخول وقتها " . و قال : " ( فجر يحرم فيه الطعام ) يريد على الصائم . ( و يحل
فيه الصلاة ) يريد صلاة الصبح . ( و فجر يحرم فيه الصلاة ) يريد صلاة الصبح ،
إذا طلع الفجر الأول لم يحل أن يصلي في ذلك الوقت صلاة الصبح ، لأن الفجر الأول
يكون بالليل ، و لم يرد أنه لا يجوز أن يتطوع بالصلاة بعد الفجر الأول . و قوله
( و يحل فيه الطعام ) يريد لمن يريد الصيام " .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
1115 - " ما بين هذين وقت " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 3 / 109 :
أخرجه البزار ( 43 ) : حدثنا محمد بن المثنى حدثنا خالد بن الحارث عن حميد عن
أنس قال : " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن وقت صلاة الغداة ؟ فصلى حين
طلع الفجر ، ثم أسفر بعد ، ثم قال : أين السائل عن وقت صلاة الغداة ؟ ما بين
... " .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين و هو من أدلة القائلين بأن الوقت
الأفضل لصلاة الفجر إنما هو الغلس و عليه جرى الرسول صلى الله عليه وسلم طيلة
حياته كما ثبت في الأحاديث الصحيحة و إنما يستحب الخروج منها في الإسفار و هو
المراد بقوله صلى الله عليه وسلم : " أسفروا بالفجر ، فإنه أعظم للأجر " . و هو
حديث صحيح أخرجه البزار و غيره عن أنس ، و عاصم بن عمر بن قتادة عن جده و هو في
" السنن " و غيرها من حديث رافع بن خديج ، و هو مخرج في " المشكاة " ( 614 )
و في " الإرواء " ( 258 ) ، و هو تحت الطبع .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
1141 - " إن الله عز وجل زادكم صلاة إلى صلاتكم هي خير لكم من حمر النعم ألا و هي
الركعتان قبل صلاة الفجر " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 3 / 132 :
أخرجه البيهقي ( 2 / 469 ) من طريق عمر بن محمد بن بجير حدثنا العباس بن الوليد
الخلال بدمشق حدثنا مروان بن محمد الدمشقي حدثنا معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي
كثير عن أبي نضرة العبدي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : فذكره . قال العباس بن الوليد : قال لي يحيى بن معين : هذا حديث
غريب من حديث معاوية بن سلام ، و معاوية بن سلام محدث أهل الشام و هو صدوق
الحديث و من لم يكتب حديثه مسنده و منقطعه فليس بصاحب حديث ، و بلغني عن محمد
ابن إسحاق بن خزيمة أنه قال : لو أمكنني أن أرحل إلى ابن بجير لرحلت إليه في
هذا الحديث . ثم ساق البيهقي إسناده إلى ابن خزيمة بهذه الحكاية .
قلت : و ابن بجير حافظ كبير صدوق و من فوقه ثقات من رجال مسلم غير العباس بن
الوليد الخلال و هو صدوق أيضا ، فالإسناد جيد . و هو كما قال البيهقي أصح من
إسناد حديث خارجة في الوتر أنها خير من حمر النعم ، و قد بينت علته في " ضعيف
السنن " ( 255 ) . و مضى له شاهد مختصر ( رقم 108 ) .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
1696 - " إن للصلاة أولا و آخرا ، و إن أول وقت صلاة الظهر حين تزول الشمس و آخر وقتها
حين يدخل وقت العصر ، و إن أول وقت صلاة العصر حين يدخل وقتها و إن آخر وقتها
حين تصفر الشمس ، و إن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس و إن آخر وقتها حين يغيب
الأفق ، و إن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق و إن آخر وقتها حين ينتصف
الليل ، و إن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر و إن آخر وقتها حين تطلع الشمس " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 272 :
أخرجه الترمذي ( 1 / 284 - شاكر ) و الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 89 )
و الدارقطني في " السنن " ( ص 97 ) و البيهقي ( 1 / 375 - 376 ) و أحمد ( 2 /
232 ) من طريق محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ، و قد أعلوه بأن غير ابن فضيل من
الثقات قد رووه عن الأعمش عن مجاهد مرسلا . و هذه ليست علة قادحة لاحتمال أن
يكون للأعمش فيه إسنادان : أحدهما عن أبي صالح عن أبي هريرة . و الآخر عنه عن
مجاهد مرسلا . و مثل هذا كثير في أحاديث الثقات ، فمثله لا يرد به الحديث ،
لاسيما و كل ما فيه قد جاء في الأحاديث الصحيحة ، فليس فيه ما يستنكر . و الله
أعلم . و قد بسط القول في رد هذه العلة المحقق العلامة أحمد شاكر في تعليقه على
الترمذي ( 1 / 284 - 285 ) فأجاد . فمن شاء البسط فليراجع إليه .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
2002 - " الفجر فجران ، فجر يقال له : ذنب السرحان ، و هو الكاذب يذهب طولا و لا يذهب
عرضا ، و الفجر الآخر يذهب عرضا و لا يذهب طولا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 8 :
أخرجه الحاكم ( 1 / 191 ) و عنه البيهقي ( 1 / 377 ) و الديلمي ( 2 / 344 ) عن
عبد الله بن روح المدائني حدثنا يزيد بن هارون حدثنا ابن أبي ذئب عن الحارث بن
عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الحاكم : " إسناده صحيح " ،
و وافقه الذهبي . ذكره شاهدا لحديث ابن عباس المتقدم برقم ( 693 ) .
قلت : و إسناد جيد ، رجاله ثقات مترجمون في " التهذيب " غير عبد الله بن روح
المدائني ترجمه الخطيب في " تاريخه " ( 9 / 454 ) و قال عن الدارقطني : " ليس
به بأس " . و قال الحافظ في " اللسان " : " من شيوخ أبي بكر ( الشافعي ) الثقات
" . قلت : لكن أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ( ج 3 رقم 2995 ) و الدارقطني ( ص
231 ) و البيهقي ( 1 / 377 و 4 / 215 ) من طرق عن ابن أبي ذئب به مرسلا لم يذكر
فيه جابرا . و قال الدارقطني : " و هذا مرسل " . و قال البيهقي : " و هو أصح "
. قلت : لكن الحديث صحيح لشاهده المشار إليه آنفا . و له شاهد آخر أخرجه
الدارقطني عن الوليد بن مسلم عن الوليد بن سليمان قال : سمعت ربيعة بن يزيد قال
: سمعت عبد الرحمن بن عائش صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره
نحوه ، و قال : " إسناد صحيح " .
و أقول : ابن عائش هذا ، قال في " التقريب " : " يقال : له صحبة ، و قال أبو
حاتم : من قال في روايته : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخطأ " .
و الوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية . و له شواهد أخرى بعضها في " صحيح مسلم "
و هي مخرجة في " صحيح أبي داود " برقم ( 2031 - 2033 ) ، و سيأتي أحدهما برقم (
2031 ) .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
2361 - " من لم يصل ركعتي الفجر ، فليصلهما بعدما تطلع الشمس " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 478 :
أخرجه الترمذي ( 423 ) و ابن خزيمة ( 1117 ) و ابن حبان ( 613 ) و الحاكم ( 1 /
274 و 307 ) و البيهقي ( 2 / 484 ) عن عمرو بن عاصم حدثنا همام عن قتادة عن
النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة مرفوعا . و قال الحاكم : " صحيح
على شرط الشيخين " ، و وافقه الذهبي ، و هو كما قالا ، و أشار الترمذي إلى
إعلاله بتفرد عمرو بن عاصم فقال : " هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، و لا
نعلم أحدا روى هذا الحديث عن همام بهذا الإسناد نحو هذا إلا عمرو بن عاصم
الكلابي " . و أشار البيهقي إلى رد مثل هذا الإعلال بقوله عقب الحديث : " تفرد
به عمرو بن عاصم ، و الله تعالى أعلم ، و عمرو بن عاصم ثقة " . قلت : و احتج به
الشيخان ، فلا يرد حديثه بمجرد التفرد .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
2705 - " كان يصلي قبل الظهر أربعا يطيل فيهن القيام و يحسن فيهن الركوع و السجود ،
فأما ما لم يكن يدع صحيحا و لا مريضا و لا غائبا و لا شاهدا ، فركعتين قبل
الفجر " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 458 :
أخرجه أحمد ( 6 / 43 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 7610 ) و الخطيب في "
التاريخ " ( 6 / 284 - 285 ) مختصرا من طريق قابوس عن أبيه قال : أرسل أبي
امرأة إلى عائشة يسألها : أي الصلاة كانت أحب إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن يواظب عليها ؟ قالت : فذكره . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير قابوس
- و هو ابن أبي ظبيان - و فيه لين كما في " التقريب " . لكنه قد توبع ، فقال
الطيالسي في " مسنده " ( رقم - 524 - ترتيبه ) : حدثنا قيس بن الربيع عن أبي
ظبيان عن أم جعفر قالت : سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقالت : فذكره . قلت : و قيس هذا لين مثل قابوس ، فأحدهما يقوي الآخر . و أم
جعفر هذه ، الظاهر أنها المرأة المذكورة في الرواية الأولى و لم أعرفها ، و قد
جاء في كنى النساء من " التهذيب " ( أم جعفر ) ، ثم أحال إلى ترجمة أم عون . و
قال هناك : " أم عون بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب الهاشمية ، و يقال : أم جعفر
زوجة محمد ابن الحنفية ، و أم ابنه عون . روت عن جدتها أسماء بنت عميس ، و عنها
ابنها عون ، و أم عيسى الجزار ، و يقال الخزاعية " . و الحديث عندي صحيح ، فإنه
ثابت مفرقا من طرق عن عائشة ، فصلاة الأربع في " صحيح مسلم " عنها ، و قد خرجته
في التعليق على " مختصر الشمائل " ( رقم - 280 ) و أما ركعتا الفجر ، فقد صح
عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يدعهما ، عند البخاري و غيره ، و هو مخرج
في " صحيح أبي داود " ( 1179 ) . و زاد البخاري في رواية : " أبدا " . و أما
إطالة القيام في الأربع ، فقد وجدت له شاهدا من حديث علي بلفظ : " كان يصلي قبل
الظهر أربعا ، يصليها عند الزوال ، و يمد فيها " . أخرجه الترمذي في " الشمائل
" ( 289 ) عن مسعر بن كدام عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عنه . و هذا إسناد حسن
إن كان مسعر سمعه من أبي إسحاق - و هو السبيعي - فإنه كان اختلط . و قد أخرجه
الترمذي و غيره من طريق شعبة و غيره عن أبي إسحاق به ، دون قوله : " و يمد فيها
" . انظر " الشمائل " ( رقم - 281 و 289 ) .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
2920 - " كان لا يدع ركعتين قبل الفجر ، و ركعتين بعد العصر " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1010 :
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2 / 352 ) : حدثنا عفان قال : أخبرنا أبو
عوانة قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه : أنه كان يصلي بعد
العصر ركعتين ، فقيل له ؟ فقال : لو لم أصلهما إلا أني رأيت مسروقا يصليهما
لكان ثقة ، و لكني سألت عائشة ؟ فقالت : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح
غاية على شرط الشيخين ، و أبو عوانة اسمه الوضاح اليشكري ، و هو ثقة ثبت كما
قال الحافظ في " التقريب " . و قد خالفه شعبة في متنه فرواه عن إبراهيم به ،
إلا أنه قال : " .. أربعا قبل الظهر " ، مكان الركعتين بعد العصر . أخرجه
البخاري و غيره ، و هو مخرج في " صحيح أبي داود " رقم ( 1139 ) . و يظهر لي - و
الله أعلم - أن كلا من الروايتين محفوظ لثقة رواتهما و حفظهما ، و لأن للركعتين
طرقا كثيرة عن عائشة يأتي ذكر بعضها بإذن الله تعالى . و قد أخرجه الطحاوي في "
شرح المعاني " ( 1 / 177 ) من طريق هلال بن يحيى قال : حدثنا أبو عوانة به ،
إلا أنه أدخل بين محمد بن المنتشر و عائشة - مسروقا . و هلال هذا ضعيف . قال
ابن حبان في " الضعفاء " ( 3 / 88 ) : " كان يخطىء كثيرا على قلة روايته " .
نعم لحديث مسروق أصل صحيح برواية أخرى ، فكأنها اختلطت عليه بهذه ، فقال الإمام
أحمد ( 6 / 241 ) : حدثنا إسحاق بن يوسف قال : حدثنا مسعر عن عمرو بن مرة عن
أبي الضحى عن مسروق قال : حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد العصر . و هذا إسناد صحيح
أيضا على شرط الشيخين ، و قد أخرجاه من طريق أخرى عن مسروق مقرونا مع الأسود
بلفظ : " ما من يوم يأتي علي النبي صلى الله عليه وسلم إلا صلى بعد العصر
ركعتين " . و في رواية بلفظ : " ركعتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم
يدعهما سرا و لا علانية : ركعتان قبل صلاة الصبح ، و ركعتان بعد العصر " . و هو
مخرج في " الإرواء " ( 2 / 188 - 189 ) و الذي قبله في " صحيح أبي داود " (
1160 ) و قد تابع إسحاق بن يوسف - و هو الأزرق - جعفر بن عون ، إلا أنه خالفه
في إسناده فقال : عن مسعر عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الضحى به . أخرجه ابن أبي
شيبة ( 2 / 353 ) و أبو العباس السراج في " مسنده " ( ق 132 / 1 ) و جعفر بن
عون صدوق من رجال الشيخين ، فإن كان حفظه فيكون لمسعر فيه شيخان ، و إلا فرواية
الأزرق أصح . هذا و قد روى ابن أبي شيبة عن جماعة من السلف أنهم كانوا يصلون
هاتين الركعتين بعد العصر ، منهم أبو بردة بن أبي موسى و أبو الشعثاء و عمرو بن
ميمون و الأسود ابن يزيد و أبو وائل ، رواه بالسند الصحيح عنهم ، و منهم محمد
بن المنتشر و مسروق كما تقدم آنفا . و أما ضرب عمر من يصليهما ، فهو من
اجتهاداته القائمة على باب سد الذريعة ، كما يشعر بذلك روايتان ذكرهما الحافظ
في " الفتح " ( 2 / 65 ) : إحداهما في " مصنف عبد الرزاق " ( 2 / 431 - 432 ) و
" مسند أحمد " ( 4 / 155 ) و الطبراني ( 5 / 260 ) و حسنه الهيثمي ( 2 / 223 )
. و الأخرى عند أحمد ( 4 / 102 ) أيضا ، و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2 /
58 - 59 ) ، و " الأوسط " ( 8848 - بترقيمي ) . و قد وقفت على رواية ثالثة تشد
من عضدهما ، و هي من رواية إسرائيل عن المقدام ابن شريح عن أبيه قال : سألت
عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان يصلي ؟ [ قالت : ] " كان
يصلي الهجير ثم يصلي بعدها ركعتين ، ثم يصلي العصر ثم يصلي بعدها ركعتين . فقلت
: فقد كان [ عمر ] يضرب عليهما و ينهى عنهما ؟ فقالت : قد كان عمر يصليهما ، و
قد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ كان ] يصليهما ، و لكن قومك أهل
الدين قوم طغام ، يصلون الظهر ، ثم يصلون ما بين الظهر و العصر ، و يصلون العصر
ثم يصلون ما بين العصر و المغرب ، فضربهم عمر ، و قد أحسن " . أخرجه أبو العباس
السراج في " مسنده " ( ق 132 / 1 ) . قلت : و إسناده صحيح ، و هو شاهد قوي
للأثرين المشار إليهما آنفا ، و هو نص صريح أن نهي عمر رضي الله عنه عن
الركعتين ليس لذاتهما كما يتوهم الكثيرون ، و إنما هو خشية الاستمرار في الصلاة
بعدهما ، أو تأخيرهما إلى وقت الكراهة و هو اصفرار الشمس ، و هذا الوقت هو
المراد بالنهي عن الصلاة بعد العصر الذي صح في أحاديث كما سبق بيانه تحت
الحديثين المتقدمين برقم ( 200 و 314 ) . و يتلخص مما سبق أن الركعتين بعد
العصر سنة إذا صليت العصر معها قبل اصفرار الشمس ، و أن ضرب عمر عليها إنما هو
اجتهاد منه وافقه عليه بعض الصحابة ، و خالفه آخرون ، و على رأسهم أم المؤمنين
رضي الله عنها ، و لكل من الفريقين موافقون ، فوجب الرجوع إلى السنة ، و هي
ثابتة صحيحة برواية أم المؤمنين ، دون دليل يعارضه إلا العموم المخصص بحديث علي
و أنس المشار إلى أرقامهما آنفا . و يبدو أن هذا هو مذهب ابن عمر أيضا ، فقد
روى البخاري ( 589 ) عنه قال : " أصلي كما رأيت أصحابي يصلون ، لا أنهى أحدا
يصلي بليل و لا نهار ما شاء ، غير أن لا تحروا طلوع الشمس و لا غروبها " . و
هذا مذهب أبي أيوب الأنصاري أيضا ، فقد روى عبد الرزاق عنه ( 2 / 433 ) بسند
صحيح عن ابن طاووس عن أبيه : أن أبا أيوب الأنصاري كان يصلي قبل خلافة عمر
ركعتين بعد العصر ، فلما استخلف عمر تركهما ، فلما توفي ركعهما ، فقيل له : ما
هذا ؟ فقال : إن عمر كان يضرب الناس عليهما . قال ابن طاووس : و كان أبي لا
يدعهما . و هنا ينبغي أن نذكر أهل السنة الحريصين على إحياء السنن و إماتة
البدع أن يصلوا هاتين الركعتين كلما صلوا العصر في وقتها المشروع ، لقوله صلى
الله عليه وسلم : " من سن في الإسلام سنة حسنة .. " . و بالله التوفيق .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
2954 - " كان إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1104 :
أخرجه أبو داود ( 4850 ) من طريق أبي داود الحضري : حدثنا سفيان الثوري عن سماك
بن حرب عن جابر بن سمرة قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم
، و أبو داود الحضري اسمه عمر بن سعد . و قد تابعه أبو نعيم عن سفيان به ، إلا
أنه لم يذكر التربع . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2 / 249 / 1885 )
. و أخرجه مسلم و غيره من طرق أخرى عن سماك بألفاظ و زيادات متعددة دون التربع
، و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1171 ) ، و هذه " السلسلة " ( 434 ) . و
للتربع شاهد من حديث حنظلة بن حذيم قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ،
فرأيته جالسا متربعا . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1179 ) و من طريقه
المزي في " التهذيب " ( 7 / 435 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 4 / 15 /
3498 ) من طريق محمد بن أبي بكر قال : حدثنا محمد بن عثمان القرشي قال : حدثنا
ذيال بن عبيد بن حنظلة : حدثني جدي حنظلة بن حذيم . قلت : و هذا إسناد حسن
لذاته على الأقل لما عرفت في الحديث الذي قبله من حال محمد بن عثمان هذا ، و
بقية رجاله ثقات .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
3412- (لا صلاةَ بعدَ العصر حتّى تغربَ الشمسُ، ولا بعْدَ الفجْرِ حتّى تطلعَ الشمسُ إلا بمكةَ، إلا بمكةَ، [إلا بمكةَ]).
أخرجه أحمد (5/165): ثنا يزيد، والدارقطني في "سننه " (1/424/6)، والبيهقي (2/461) من طريق محمد بن إدريس الشافعي، والبيهقي أيضاً
والطبراني في "المعجم الأوسط " (1/468/851) عن سنيد بن سليمان؛ ثلاثتهم عن عبدالله بن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد عن أبي ذر:
أنه أخذ بحلقة باب الكعبة، فقال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول:... فذكره. وقال الطبراني:
"لم يروه عن قيس بن سعد إلا حميد بن قيس الأعرج، تفرد به عبدالله بن المؤمل المخزومي "!
كذا قال! وقد توبع كما يأتي؛ فانتظر.
وخالف هؤلاء الثلاثة سعيد بن سالم القدََّاح، فقال: عن عبدالله بن مؤمل عن حميد مولى عفراء عن مجاهد به؛ لم يذكر: قيس بن سعد.
أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (4/226/2748)، وابن عدي في "الكامل " (4/137). وقال ابن خزيمة:
"أنا أشك في سماع مجاهد من أبي ذر".
قلت: لعل مستند هذا الشك ما أخرجه ابن عدي (7/289)، ومن طريقه البيهقي قال: حدثنا محمد بن يونس العُصفُرِي: حدثنا محمد بن موسى الحَرَشِيُّ: حدثني اليَسَعُ بن طلحة القرشي- من أهل مكة-: سمعت مجاهداً يقول: بلغنا أن أبا ذر قال... فذكر الحديث مختصراً جداً بلفظ:
"لا صلاة بعد العصر إلا بمكة ".
لكن اليسع بن طلحة هذا ضعيف جداً، قال البخاري وأبو زرعة:
"منكر الحديث ".
وقال البيهقي عقبه:
"اليسع بن طلحة ضعفوه، والحديث منقطع؛ مجاهد لم يدرك أبا ذر، والله أعلم".
قلت: نفيه الإدراك قد سبق إليه من غير ما واحد من الحفاظ. وقد جاء في "نصب الراية" للزيلعي (1/254) عقب النفي المذكور:
"قال الشيخ (يعني: ابن دقيق العيد) في "الإمام ": وحديث أبي ذر هذا معلول بأربعة أشياء:
أحدها: انقطاع ما بين مجاهد وأبي ذر.. (ثم ذكر كلام البيهقي).
والثاني: اختلاف في إسناده ؛ فرواه سعيد بن سالم عن ابن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن مجاهد عن أبي ذر، لم يذكر فيه قيس بن سعد. أخرجه كذلك ابن عدي في "الكامل ". قال البيهقي:
"وكذلك رواه عبدالله بن محمد الشامي عن ابن المؤمل عن حميد الأعرج عن مجاهد".
والثالث: ضعف ابن المؤمل، قال النسائي وابن معين: "ضعيف ". وقال أحمد: "أحاديثه مناكير". وقال ابن عدي: "عامة حديثه الضعف عليه بيِّن ".
الرابع: ضعف حميد مولى عفراء، قال البيهقي: "ليس بالقوي ". وقال أبو عمر بن عبدالبر: "هو ضعيف ". انتهى"!
قلت: هذه العلل عندي واهية جداً؛ باستثناء الأولى والثالثة ففيهما نظر يأتي بيانه، وأوهاها رابعها ؛ فإن حميداً هذا- وهو ابن قيس الأعرج المكي القاري-
قد وثقه جمهور الأئمة المتقدمين، ومنهم البخاري، ولم يضعفه أحد منهم إلا أحمد في رواية؛ فإنه قال ما قاله البيهقي، وهذا وإن كان لا يعني أنه "ضعيف " كما أطلق ابن عبدالبر، لما هو معلوم من الفرق بين هذا وبين ما لو قال: "ليس بقوي"، ولا سيما وقد قال أحمد في رواية أخرى عنه:
"ثقة". وقال ابن معين فيه:
ولذلك أخرج له الشيخان في "الصحيحين "؛ فقد جاوز القنطرة يقيناً.
ونحوه في الضعف الوجه الثاني؛ لأن مثل هذا الاختلاف لا قيمة له؛ بل لا ينبغي أن يذكر؛ لأن سعيد بن سالم- لو كان ثقة- فلا ينبغي أن يلتفت إلى مخالفته للثلاثة الثقات الذين تقدم ذكرهم، وبخاصة منهم الإمام الشافعي، فكيف وهو مضعف من قبل حفظه؟!
ومثله يقال- ومن باب أولى- في متابعة (عبدالله بن محمد الشامي)- وفي "سنن البيهقي ": (الشافعي)-؛ فإنه غير معروف في كتب الرجال، مع احتمال أن يكون الذي في "الميزان ":
"عبدالله بن محمد بن حجر الشامي، نزيل رأس العين، ضعفه الأزدي ".
وزاد عليه الحافظ وفي "اللسان" أنه ذكره ابن حبان في "الثقات"، وأنه قال:
"يغرب وينفرد".
وقد ذكره في الطبقة الرابعة منه (8/349).
ثم إنه لو سلمنا جدلاً أن لمثل هذه المخالفة قيمة تذكر؛ فيمكن الترجيح من
جهة أخرى- غير الأكثر والأوثق- بأن يقال: إن هؤلاء معهم زيادة، وزيادة الثقة مقبولة. وفي الجواب التالي ما يؤكد ذلك.
وأما الجواب عن الوجه الثالث؛ فهو عند البيهقي نفسه؛ فإنه بعد أن ساق رواية عبدالله بن المؤمل وضعفه؛ قال معقباً عليه:
"إلا أن إبراهيم بن طهمان قد تابعه في ذلك عن حميد، وأقام إسناده ".
ثم ساقه عنه: ثنا حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد قال:
جاءنا أبو ذر، فأخذ بحلقة الباب، ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -بأذني هاتين... فذكر حديث الترجمة بالزيادة.
ثم أعله بضعف (حميد)- وسبق الجواب عنه-، وبالانقطاع، وبقوله:
"ومجاهد لا يثبت له سماع من أبي ذر، وقوله: "جاءنا" يعني: جاء بلدنا. والله أعلم"!
لقد صرح مجاهد بقوله: "جاءنا أبو ذر"؛ فهذا تصريح منه بلقياه إياه وسماعه منه في مكة، ومجاهد مكي كما هو معروف، والسند إليه بذلك صحيح، والتأويل الذي ذكره البيهقي؛ إنما يصح المصير إليه؛ إذا ثبت بإسناد صحيح أيضاً ولا يقبل التأويل، كما لو ثبت أنه ولد بعد وفاة أبي ذر، أو كان صغيراً، أو نحو ذلك من الأمور التي يصلح الاعتماد عليها بعد ثبوتها؛ ففي هذه الحالة يمكن القول بالتأويل المذكور. والله أعلم.
ومع ذلك ؛ فمن المسلَّم عند العلماء أن مراسيل مجاهد خير من مراسيل غيره من التابعين كعطاء وغيره، فإن لم يثبت سماعه للحديث من أبي ذر؛ فهو مرسل صحيح، يمكن تقويته ببعض الشواهد:
فمنها: ما رواه عبدالله بن باباه عن أبي الدرداء:
أنه طاف بعد العصر عند مغارب الشمس، فصلى ركعتين قبل غروب الشمس، فقيل له: يا أبا الدرداء! أنتم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقولون: لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس؟! فقال:
إن هذه البلدة بلدة ليست كغيرها.
أخرجه الطحاوي في "شرح المعاني " (1/396)، والبيهقي أيضاً (2/463)، وإسناده صحيح، ولذلك لم يسعه إلا أن يقول بصحة الاستثناء المذكور في حديث الترجمة، فقال:
"وهذا القول من أبي الدرداء يوجب تخصيص المكان بذلك. والله أعلم ".
وهناك آثار أخرى تشهد لصحة الاستثناء، ولذلك رأيت الحافظ ابن عبد البر - مع تضعيفه لسند الحديث وإعلاله إياه بما تقدم- مع الرد عليه-؛ قال في "التمهيد" (13/45) :
"وهذا حديث وإن لم يكن بالقوي- لضعف حميد مولى عفراء، ولأن مجاهداً لم يسمع من أبي ذر-؛ ففي حديث جبير بن مطعم ما يقويه، مع قول جمهور علماء المسلمين به، وذلك أن ابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، والحسن، والحسين، وعطاء، وطاوس، ومجاهداً، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير " كانوا يطوفون بعد العصر، وبعضهم بعد الصبح أيضاً، ويصلون بإثر فراغهم من طوافهم ركعتين في ذلك الوقت، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وداود بن علي... ".
ثم ذكر من خالفهم، فمن شاء رجع إليه فإن فيما ذكر من الحجة ما يغني عن حكاية أقوال المخالفين، ولا سيما وقد قال في بعضها :
"وهذا لا وجه له في النظر؛ لأن الفرق بين ذلك لا دليل عليه من خبر ثابت، ولا قياس صحيح. والله أعلم ".
وحديث جبير بن مطعم الذي أشار إليه كاف في إقامة الحجة على المخالفين إذا وقفوا عليه، وأنصفوا ولم يقلدوا، ونصه:
"يا بني عبد مناف! لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى؛ أية ساعة شاء؛ من ليل أو نهار".
وقد صححه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والذهبي، وهو مخرج في " ا لإرواء " (2/238- 239).
واعلم أن الباعث على تخريج حديث الترجمة في هذه السلسلة: أنني كنت علقت عليه في "المشكاة" (1/331) من رواية أحمد بأن: "إسناده ضعيف، لكن يشهد له الحديث المتقدم (1041)"؛ وفاتني أن أعطف على هذا الرقم رقماً آخر وهو (1045)، فرد علي بعض المعاصرين بأدب ولطف في رسالة له أسماها: "الإعلام في إيضاح ما خفي على الإمام "! بأن الحديث المشار إليه (1041) ليس فيه ما يشهد للاستثناء: "إلا بمكة"، ولقد صدق، وقالت (ص30):
"وهو استثناء ضعيف سنداً ومتناً، والصحيح القول بالعموم، والله أعلم. وانظر"نصب الراية " (1/254)، و"البيهقي " (2/461) "!
فعجبت من غضه نظره عن حديث جبير بن مطعم المؤيد للاستثناء الذي عليه جمهور العلماء كما تقدم، ومن أمره بالنظر في المصدرين المذكورين، وفيهما حديث جبير وغيره من الطرق والشواهد.
(تنبيه): ليس في إسناد حديث الترجمة في "مسند أحمد" ذكر لـ (حميد
مولى غفرة)، فظننت أنه سقط من الطابع، فرجعت للتأكد إلى "جامع المسانيد" لابن كثير؛ في ترجمة (مجاهد عن أبي ذر) (13/768)؛ فلم أجده فيه، فكأنه سقط عنه، ثم رجعت إلى "أطراف المسند" لابن حجر العسقلاني (6/185/8071)، فوجدته كما هو في "المسند"، فترجح عندي أنه سقط قديم ، فيمكن أن يكون من بعض النساخ، أو من عبدالله بن المؤمل نفسه، أثبته تارة، وأسقطه تارة، وذلك مما يؤكد ضعفه. والله أعلم.
لكني رأيت الهيثمي قال في "المجمع " (2/228):
"رواه أحمد، والطبراني في "الأوسط "، وفيه عبدالله بن المؤمل المخزومي؛ ضعفه أحمد وغيره، ووثقه ابن معين في رواية وابن حبان، وقال: "يخطئ"، وبقية رجال أحمد رجال (الصحيح) "!
قلت: فلم يفرق الهيثمي بين رواية أحمد والطبراني، فإما أن تكون روايتهما واحدة، في الأولى ما في الأخرى من ثبوت ذكر (حميد) في الإسناد، فتكون نسخة الهيثمي من "المسند" على خلاف نسخة الحافظ في "الأطراف"، أو يكون حمل رواية "المسند" على رواية الطبراني، مع ما فيها من السقط، فعل ذلك تسامحاً أو سهواً! وهذا هو الأقرب. والله أعلم.*
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
3618- (تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين جزءاً، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر) .
جاء من حديث أبي هريرة ، ورواه عنه جماعة:
1- 2- سعيد بن المسيب وأبو سلمة:
رواه البخاريّ (648 و 4717)- عنهما -، ومسلم (2/122)، والنسائي (1/241)، وأحمد (2/233)- ثلاثتهم- عن سعيد بن المسيب- وحده- بتمامه .
و رواه أحمد (2/266) عن أبي سلمة- وحده- بتمامه.
و روى القطعة الأولى منه عن سعيد عنه:
مسلم (2/122)، والترمذي (216) ، مالك (1/150)، وابن ماجه (787)، و ابن خزيمة في "صحيحه " (1472)، وابن حبان (2053)، وابن شيبة (2/ 480) ، والدارمي (1/ 292) ، وأ بو عوانة (2/ 2)، وأحمد (2/ 264 و 396 و 473)، والبيهقي (2/302)، والبغوي (786)، والطبراني في " المعجم الصغير" (1099- " الروض النضير").
وروى القطعة الأولى- أيضاً- عن أبي سلمة عنه:
ابن حبان (2051)، وعبدالرزاق (2001)، وأحمد (2/501)، وابن أبي شيبة (2/480).
3- أبو صالح:
رواه البخاري (477 و 647 و2119)، ومسلم (2/128)، وأبو داود (559) ، والترمذي (603)، وابن ماجه (786)، وابن خزيمة (1490)، وابن حبان (2043) ، وأبوعوا نة (1/388 و 2/ 4)، وأحمد (2/252 و520)، والطيالسي (2412 و2414) بالقطعة الأولى منه.
و روى ابن خزيمة (322)، وابن حبان (2061)، وأحمد (2/396) من طريق أبي صالح عنه القطعة الثانية منه بأطول منه.
4- سليمان الأغر:
رواه مسلم (2/122)، وأحمد (2/475 و485)، وأبو عوا نة (2/2)، والبيهقي (3/ 61) بالقطعة الأولى أيضاً .
5- أبو الأ حوص:
رواه أحمد (2/328)- بلفظ: "سبعاً وعشرين درجة " -، و (2/ 454)- بلفظ : "سبعاً وعشرين درجة ، أو خمساً وعشرين درجة "- بالقطعة الأولى أيضاً.
وقد أشرت في "الروض النضير" (2/469)- قديماً- إلى اضطراب أبي الأحوص في روايته، مبيناً وجه الصواب في ذلك.
6- الأعرج:
رواه الشافعي في "الأم " (1/137)، ومن طريقه: البيهقي في "السنن " (3/ 51) بالقطعة الأولى أيضاً.
7- أبوجعفر:
رواه ابن أبي شيبة (2/480) عن خلف بن خليفة عن أبي مالك الأشجعي عن أبي جعفر، عن أبي هريرة موقوفاً بالقطعة الأولى أيضاً.
وأبو جعفر: هو المدني ؛ ثقة.
ولكن خلف بن خليفة صدوق اختلط في الآخر، كما قال الحافظ في "التقريب " ؛ فلعل روايته الحديث موقوفاً- دون جماعة الثقات- من تخاليطه !
وفي الباب- في فضل صلاة الجماعة- عن أبي سعيد الخدري ؛ وقد تقدم تخريجه في هذه "السلسلة" (3475).
وفي اجتماع الملائكة عن أبي هريرة رواية أخرى ، وهي مخرجة في "ظلال الجنة" (491). *
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
574- حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ.
متفق عليه من رواية أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه، أخرجه: البخاري في الصحيح 2/ 52، كتاب مواقيت الصلاة (9)، باب فضل صلاة الفجر (26)، الحديث (574). ومسلم في الصحيح 1/ 440، كتاب المساجد (5)، باب فضل صلاتي الصبح والعصر (37)، الحديث (215/ 635). و (البردَيْن): الفجر والعصر.
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
66 - " إذا أدرك أحدكم ( أول ) سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته
و إذا أدرك ( أول ) سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 97 :
أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 1 / 148 ) : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا شيبان
عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا به ، دون الزيادتين ، و هما عند
النسائي و البيهقي و غيرهما ، فقال النسائي ( 1 / 90 ) : أخبرنا عمرو بن منصور
قال حدثنا الفضل بن دكين به .
و هذا سند صحيح ، فإن عمرا هذا ثقة ثبت كما في " التقريب " و باقي الرجال
معروفون ، و الفضل بن دكين هو أبو نعيم شيخ البخاري فيه و قد توبع هو و الراوي
عنه على الزيادتين .
أما عمرو فتابعه محمد بن الحسين بن أبي الحنين عند البيهقي ( 1 / 368 ) و قال :
" رواه البخاري في " الصحيح " عن أبي نعيم الفضل بن دكين " .
و يعني أصل الحديث كما هي عادته ، و إلا فالزيادتان ليستا عند البخاري كما عرفت
و أما أبو نعيم فتابعه حسين بن محمد أبو أحمد المروذي : حدثنا شيبان به .
أخرجه السراج في " مسنده " ( ق 95 / 1 ) . و حسين هذا هو ابن بهرام التميمي ،
و هو ثقة محتج به في " الصحيحين " .
و للحديث عن أبي هريرة ستة طرق و قد خرجتها في كتابي : " إرواء الغليل في تخريج
أحاديث منار السبيل " الذي أنا في صدد تأليفه ، يسر الله إتمامه ثم طبعه .
انظر ( رقم 250 منه ) .
و إنما آثرت الكلام على هذه الطريق لورود الزيادتين المذكورتين فيها ، فإنهما
تحددان بدقة المعنى المراد من لفظ " الركعة " الوارد في طرق الحديث و هو إدراك
الركوع و السجدة الأولى معا ، فمن لم يدرك السجدة لم يدرك الركعة ، و من لم
يدرك الركعة لم يدرك الصلاة .
من فوائد الحديث :
------------------
و من ذلك يتبين أن الحديث يعطينا فوائد هامة :
الأولى : إبطال قول بعض المذاهب أن من طلعت عليه الشمس و هو في الركعة الثانية
من صلاة الفجر بطلت صلاته ! و كذلك قالوا فيمن غربت عليه الشمس و هو في آخر
ركعة من صلاة العصر ! و هذا مذهب ظاهر البطلان لمعارضته لنص الحديث كما صرح
بذلك الإمام النووي و غيره . و لا يجوز معارضة الحديث بأحاديث النهي عن الصلاة
في وقت الشروق و الغروب لأنها عامة و هذا خاص ، و الخاص يقضي على العام كما هو
مقرر في علم الأصول .
و إن من عجائب التعصب للمذهب ضد الحديث أن يستدل البعض به لمذهبه في مسألة ،
و يخالفه في هذه المسألة التي نتكلم فيها ! و أن يستشكله آخر من أجلها !
فإلى الله المشتكى مما جره التعصب على أهله من المخالفات للسنة الصحيحة !
قال الزيلعي في " نصب الراية " ( 1 / 229 ) بعد أن ساق حديث أبي هريرة هذا و
غيره مما في معناه :
" و هذه الأحاديث أيضا مشكلة عند مذهبنا في القول ببطلان صلاة الصبح إذا طلعت
عليها الشمس ، و المصنف استدل به على أن آخر وقت العصر ما لم تغرب الشمس " . !
فيا أيها المتعصبون ! هل المشكلة مخالفة الحديث الصحيح لمذهبكم ، أم العكس هو
الصواب ! .
الفائدة الثانية : الرد على من يقول : إن الإدراك يحصل بمجرد إدراك أي جزء من
أجزاء الصلاة و لو بتكبيرة الإحرام و هذا خلاف ظاهر للحديث ، و قد حكاه في
" منار السبيل " قولا للشافعي ، و إنما هو وجه في مذهبه كما في " المجموع "
للنووي ( 3 / 63 ) و هو مذهب الحنابلة مع أنهم نقلوا عن الإمام أحمد أنه قال :
لا تدرك الصلاة إلا بركعة . فهو أسعد الناس بالحديث . و الله أعلم .
قال عبد الله بن أحمد في مسائله ( ص 46 ) :
" سألت أبي عن رجل يصلي الغداة ، فلما صلى ركعة قام في الثانية طلعت الشمس
قال : يتم الصلاة ، هي جائزة . قلت لأبي : فمن زعم أن ذلك لا يجزئه ؟ فقال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : من أدرك من صلاة الغداة ركعة قبل أن تطلع الشمس
فقد أدرك " .
ثم رأيت ابن نجيح البزاز روى في " حديثه " ( ق 111 / 1 ) بسند صحيح عن سعيد
ابن المسيب أنه قال : " إذا رفع رأسه من آخر سجدة فقد تمت صلاته " .
و لعله يعني آخر سجدة من الركعة الأولى ، فيكون قولا آخر في المسألة .
و الله أعلم .
الفائدة الثالثة : و اعلم أن الحديث إنما هو في المتعمد تأخير الصلاة إلى هذا
الوقت الضيق ، فهو على هذا آثم بالتأخير ، و إن أدرك الصلاة ، لقوله صلى الله
عليه وسلم " تلك صلاة المنافق ، يجلس يرقب الشمس ، حتى إذا كانت بين قرني
الشيطان ، قام فنقرها أربعا ، لا يذكر الله فيها إلا قليلا " . رواه مسلم
( 2 / 110 ) و غيره من حديث أنس رضي الله عنه . و أما غير المتعمد ، و ليس هو
إلا النائم و الساهي ، فله حكم آخر ، و هو أنه يصليها متى تذكرها و لو عند طلوع
الشمس و غروبها ، لقوله صلى الله عليه وسلم " من نسي صلاة ( أو نام عنها )
فليصلها إذا ذكرها ، لا كفارة لها إلا ذلك ، فإن الله تعالى يقول : ( أقم
الصلاة لذكري ) " .
أخرجه مسلم أيضا ( 2 / 142 ) عنه ، و كذا البخاري .
فإذن هنا أمران : الادراك و الإثم :
و الأول : هو الذي سيق الحديث لبيانه ، فلا يتوهمن أحد من سكوته عن الأمر الآخر
أنه لا إثم عليه بالتأخير كلا ، بل هو آثم على كل حال ، أدرك الصلاة ، أو لم
يدرك ، غاية ما فيه أنه اعتبره مدركا للصلاة بإدراك الركعة ، و غير مدرك لها
إذا لم يدركها ، ففي الصورة الأولى صلاته صحيحة مع الإثم ، و في الصورة الأخرى
صلاته غير صحيحة مع الإثم أيضا ، بل هو به أولى و أحرى ، كما لا يخفى على أولي
النهى .
الفائدة الرابعة : و معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " فليتم صلاته " ، أي لأنه
أدركها في وقتها ، و صلاها صحيحة ، و بذلك برئت ذمته . و أنه إذا لم يدرك
الركعة فلا يتمها . لأنها ليست صحيحة ، بسبب خروج وقتها ، فليست مبرئة للذمة .
و لا يخفى أن مثله و أولى منه من لم يدرك من صلاته شيئا قبل خروج الوقت ، أنه
لا صلاة له ، و لا هي مبرئة لذمته . أي أنه إذا كان الذي لم يدرك الركعة لا
يؤمر بإتمام الصلاة ، فالذي لم يدركها إطلاقا أولى أن لا يؤمر بها ، و ليس ذلك
إلا من باب الزجر و الردع له عن إضاعة الصلاة ، فلم يجعل الشارع الحكيم لمثله
كفارة كي لا يعود إلى إضاعتها مرة أخرى ، متعللا بأنه يمكنه أن يقضيها بعد
وقتها ، كلا ، فلا قضاء للمتعمد كما أفاده هذا الحديث الشريف و حديث أنس
السابق : " لا كفارة لها إلا ذلك " .
و من ذلك يتبين لكل من أوتي شيئا من العلم و الفقه في الدين أن قول بعض
المتأخرين " و إذا كان النائم و الناسى للصلاة - و هما معذوران - يقضيانها بعد
خروج وقتها ، كان المتعمد لتركها أولى " ، أنه قياس خاطئ بل لعله من أفسد قياس
على وجه الأرض ، لأنه من باب قياس النقيض على نقيضه ، و هو فاسد بداهة ، إذ كيف
يصح قياس غير المعذور على المعذور و المتعمد على الساهي .
و من لم يجعل الله له كفارة ، على من جعل الله له كفارة ! ! و ما سبب ذلك إلا
من الغفلة عن المعنى المراد من هذا الحديث الشريف ، و قد وفقنا الله تعالى
لبيانه ، و الحمد لله تعالى على توفيقه .
و للعلامة ابن القيم رحمه الله تعالى بحث هام مفصل في هذه المسألة ، أظن أنه لم
يسبق إلى مثله في الإفادة و التحقيق ، و أرى من تمام هذا البحث أن أنقل منه
فصلين أحدهما في إبطال هذا القياس . و الآخر في الرد على من استدل بهذا الحديث
على نقيض ما بينا .
قال رحمه الله تعالى بعد أن ذكر القول المتقدم :
" فجوابه من وجوه : أحدها المعارضة بما هو أصح منه أو مثله ، و هو أن يقال :
لا يلزم من صحة القضاء بعد الوقت من المعذور - المطيع لله و رسوله الذي لم يكن
منه تفريط في فعل ما أمر به و قبوله منه - صحته و قبوله من متعد لحدود الله ،
مضيع لأمره ، تارك لحقه عمدا و عدوانا . فقياس هذا على هذا في صحة العبادة ،
و قبولها منه ، و براءة الذمة بها من أفسد القياس " .
الوجه الثاني : أن المعذور بنوم أو نسيان لم يصل الصلاة في غير وقتها ، بل في
نفس وقتها الذي وقته الله له ، فإن الوقت في حق هذا حين يستيقظ و يذكر ، كما
قال صلى الله عليه وسلم : " من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها " رواه البيهقي
و الدارقطني .
فالوقت وقتان : وقت اختيار ، و وقت عذر ، فوقت المعذور بنوم أو سهو ، هو وقت
ذكره و استيقاظه ، فهذا لم يصل الصلاة إلا في وقتها ، فكيف يقاس عليه من صلاها
في غير وقتها عمدا و عدوانا ؟ !
الثالث : أن الشريعة قد فرقت في مواردها و مصادرها بين العامد و الناسي ، و بين
المعذور و غيره ، و هذا مما لا خفاء به . فإلحاق أحد النوعين بالآخر غير جائز .
الرابع : أنا لم نسقطها عن العامد المفرط و نأمر بها المعذور ، حتى يكون ما
ذكرتم حجة علينا ، بل ألزمنا بها المفرط المتعدي على وجه لا سبيل له إلى
استدراكها تغليظا عليه ، و جوزنا للمعذور غير المفرط .
( فصل ) :
-------
و أما استدلالكم بقوله صلى الله عليه وسلم : " من أدرك ركعة من العصر قبل أن
تغرب الشمس فقد أدرك " فما أصحه من حديث . و ما أراه على مقتضى قولكم ! فإنكم
تقولون : هو مدرك للعصر ، و لو لم يدرك من وقتها شيئا البتة .
بمعنى أنه مدرك لفعلها صحيحة منه ، مبرئة لذمته ، فلو كانت تصح بعد خروج وقتها
و تقبل منه ، لم يتعلق إدراكها بركعة ، و معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم
يرد أن من أدرك ركعة من العصر صحت صلاته بلا إثم بل هو آثم بتعمد ذلك اتفاقا .
فإنه أمر أن يوقع جميعها في وقتها ، فعلم أن هذا الادراك لا يرفع الإثم ، بل هو
مدرك آثم ، فلو كانت تصح بعد الغروب ، لم يكن فرق بين أن يدرك ركعة من الوقت ،
أو لا يدرك منها شيئا .
فإن قلتم : إذا أخرها إلى بعد الغروب كان أعظم إثما .
قيل لكم : النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين إدراك الركعة و عدمها في كثرة
الإثم و خفته ، و إنما فرق بينهما في الإدراك و عدمه . و لا ريب أن المفوت
لمجموعها في الوقت أعظم من المفوت لأكثرها ، و المفوت لأكثرها فيه ، أعظم من
المفوت لركعة منها .
فنحن نسألكم و نقول : ما هذا الإدراك الحاصل بركعة ؟ أهذا إدراك يرفع الإثم ؟
فهذا لا يقوله أحد ! أو إدراك يقتضي الصحة ، فلا فرق فيه بين أن يفوتها بالكلية
أو يفوتها إلا ركعة منها " .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
693 - " الفجر فجران فجر يحرم فيه الطعام و تحل فيه الصلاة و فجر تحرم فيه الصلاة
و يحل فيه الطعام " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 314 :
أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 52 / 2 ) و عنه الحاكم ( 1 / 425 ) من طريق
أبي أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال ابن خزيمة : " ( لم ) يرفعه في
الدنيا غير أبي أحمد الزبيري " . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه
الذهبي .
من فقه الحديث :
قال ابن خزيمة : " في هذا الخبر دلالة على أن صلاة الفرض لا يجوز أداؤها قبل
دخول وقتها " . و قال : " ( فجر يحرم فيه الطعام ) يريد على الصائم . ( و يحل
فيه الصلاة ) يريد صلاة الصبح . ( و فجر يحرم فيه الصلاة ) يريد صلاة الصبح ،
إذا طلع الفجر الأول لم يحل أن يصلي في ذلك الوقت صلاة الصبح ، لأن الفجر الأول
يكون بالليل ، و لم يرد أنه لا يجوز أن يتطوع بالصلاة بعد الفجر الأول . و قوله
( و يحل فيه الطعام ) يريد لمن يريد الصيام " .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
1371 - " إذا صليت الصبح فأمسك عن الصلاة حتى تطلع الشمس ( فإنها تطلع بقرني شيطان ) ،
فإذا طلعت فصل ، فإن الصلاة محضورة و متقبلة ، حتى تعتدل على رأسك مثل الرمح ،
فإذا اعتدلت على رأسك ، فإن تلك الساعة تسجر فيها جهنم ، و تفتح فيها أبوابها
حتى تزول عن حاجبك الأيمن ، فإذا زالت عن حاجبك الأيمن فصل ، فإن الصلاة محضورة
متقبلة حتى تصلي العصر ، ( ثم دع الصلاة حتى تغيب الشمس ) " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 3 / 358 :
أخرجه أحمد ( 5 / 312 ) و الحاكم ( 3 / 518 ) من طريق حميد بن الأسود : حدثنا
الضحاك بن عثمان عن سعيد المقبري عن صفوان بن المعطل السلمي أنه سأل النبي صلى
الله عليه وسلم فقال : " يا نبي الله إني أسألك عما أنت به عالم ، و أنا به
جاهل ، من الليل و النهار ساعة تكره فيها الصلاة ؟ فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ..... " فذكره . و قال الحاكم - و الزيادتان له - : " صحيح الإسناد "
. و وافقه الذهبي .
قلت : و هو كما قالا لولا أن حميد بن الأسود قد قال فيه الحافظ : " يهم قليلا "
. و قد خولف في إسناده ، رواه ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن المقبري عن
أبي هريرة قال : " سأل صفوان بن المعطل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
..... " الحديث ، فجعله من مسند أبي هريرة ، لا من مسند صفوان .
أخرجه ابن ماجة ( 1252 ) و ابن حبان ( 619 ) . و يرجح هذه الرواية أن ابن حبان
أخرجه ( 618 ) من طريق ابن وهب عن عياض بن عبد الله القرشي عن سعيد بن أبي سعيد
عن أبي هريرة به نحوه . و هذا إسناد على شرط مسلم لكن عياضا هذا فيه لين كما
قال الحافظ ، فهو في المتابعات لا بأس به ، و الحديث بمجموع الطريقين صحيح ،
و قد حسن البوصيري في " الزوائد " ( ق 98 / 1 مصورة المكتب ) طريق ابن أبي فديك
، و عزاه لابن خزيمة في " صحيحه " من طريق ابن وهب . و اعلم أن قوله " ثم دع
الصلاة حتى تغيب الشمس " هو كقوله صلى الله عليه وسلم : " لا صلاة بعد العصر
حتى تغرب الشمس " . و كلاهما من العام المخصوص لحديث أنس و علي الصريحين في ذلك
، فراجعهما برقم ( 200 و 314 ) .
رد: أحاديث صحيحة في صلاة الفجر
1474 - " اعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، و اعدد نفسك في الموتى
و إياك و دعوة المظلوم فإنها تستجاب ، و من استطاع أن يشهد الصلاتين العشاء
و الصبح و لو حبوا فليفعل " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 3 / 461 :
رواه الطبراني في " الكبير " و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 19 / 153 / 2 )
عن رجل من النخع قال : سمعت أبا الدرداء حين حضرته الوفاة قال : أحدثكم
حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : فذكره . هكذا بهذا السياق و اللفظ أورده المنذري في " الترغيب "
( 1 / 154 و 4 و 133 ) و الهيثمي في " المجمع " ( 2 / 40 ) و أورده السيوطي في
" الجامع الصغير " فزاد و نقص عازيا للطبراني أيضا في " الكبير " و رمز لحسنه ،
و قال ابن المنذري : " رواه الطبراني في " الكبير " و سمى الرجل المبهم جابرا
و لا يحضرني حاله " و قال الهيثمي : " رواه الطبراني في الكبير ، و الرجل الذي
من النخع لم أجد ذكره و سماه جابرا " و كأنه يشير إلى رد كلام المنذري المذكور
. و الله أعلم . لكن الحديث له شاهد يقويه و إلى درجة الحسن يرقيه و هو بلفظ :
" اعبد الله كأنك تراه فإنك إن لم تكن تراه فإنه يراك ، و احسب نفسك مع الموتى
، و اتق دعوة المظلوم فإنها مستجابة " . أخرجه أبو نعيم ( 8 / 202 / 203 ) من
طريق عن عبد العزيز بن أبي رداد عن أبي سعيد عن زيد بن أرقم به مرفوعا . و أبو
سعيد هذا لم أعرفه و قد قال أبو نعيم عقب الحديث : " تفرد به أبو إسماعيل
الأيلي " كذا و ليس في الإسناد راو بهذه الكنية و النسبة و إنما فيه أبو سعيد
كما ترى فلعل إحدى الكنيتين من تحريف بعض النساخ فإن في النسخة شيئا كثيرا من
تحريفاتهم و على كل حال سواء كان أو أبا سعيد و أبا إسماعيل فإني لم أجد من
ذكره . و أما السيوطي فقد رمز له بالحسن و لعله لشواهده التي منها ما تقدم و
منها : " اعبد الله كأنك تراه و اعدد نفسك في الموتى و اذكر الله عند كل حجر و
عند كل شجر و إذا عملت سيئة بجنبها حسنة السر بالسر و العلانية بالعلانية " .