رد: حكم فوائد ودائع البنوك
أقوال العلماء:
سوف نذكر أقوال العلماء في تحريم استبدال حُلي الذهب أو الفضة بحُلي مثله جديد، مع إعطاء الصائغ فرق الصنعة.
(1) قال الإمامُ النووي ( رحمه الله) قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَبِيعُوا الذَّهَب بِالذَّهَبِ وَلَا الْوَرِق بِالْوَرِقِ إِلَّا سَوَاء بِسَوَاءٍ)؛ قَالَ الْعُلَمَاء: هَذَا يَتَنَاوَل جَمِيع أَنْوَاع الذَّهَب وَالْوَرِق مِنْ جَيِّد وَرَدِيء، وَصَحِيح وَمَكْسُور، وَحُلِي وَتِبْر، وَغَيْر ذَلِكَ، وَسَوَاء الْخَالِص وَالْمَخْلُوط بِغَيْرِهِ، وَهَذَا كُلُّه مُجْمَعٌ عَلَيْهِ؛ (صحيح مسلم بشرح النووي جـ6 صـ14).
(2) قال الإمامُ البغوي ( رحمه الله) بعد أن ذكر هذا الحديث: لَا تَبِيعُوا الذَّهَب بِالذَّهَبِ): فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ حُلِيًّا مِنْ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ لَا يَجُوزُ إِلا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْوَزْنِ، وَلا يَجُوزُ طَلَبُ الْفَضْلِ لِلصَّنْعَةِ؛ لأَنَّهُ يَكُونُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ مَعَ الْفَضْلِ؛ (شرح السنة للبغوي جـ8 صـ65).
(3) قال الإمامُ ابن حجر العسقلاني ( رحمه الله): قوله صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَب بِالذَّهَبِ)، يَدْخُلُ فِي الذَّهَبِ جَمِيع أَصْنَافِهِ مِنْ مَضْرُوبٍ وَمَنْقُوشٍ وَجَيِّدٍ وَرَدِيءٍ وَصَحِيحٍ وَمُكَسَّرٍ وَحُلِيٍّ وَتِبْر وَخَالِص وَمَغْشُوش؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ4 صـ445).
(4) قال الإمامُ القرطبي ( رحمه الله): الْفِضَّةُ الْبَيْضَاءُ وَالسَّوْدَاءُ وَالذَّهَبُ الْأَحْمَرُ وَالْأَصْفَرُ، كُلُّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ3 صـ351).
(5) قال الإمامُ ابن قدامة (رحمه الله): وَالْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ، وَالتِّبْرُ وَالْمَضْرُوبُ، وَالصَّحِيحُ وَالْمَكْسُورُ، سَوَاءٌ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ مَعَ التَّمَاثُلِ، وَتَحْرِيمِهِ مَعَ التَّفَاضُلِ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ ؛ (المغني لابن قدامة جـ6 صـ60).
روى أبو داودَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ مُدْيٌ بِمُدْيٍ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مُدْيٌ بِمُدْيٍ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مُدْيٌ بِمُدْيٍ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مُدْيٌ بِمُدْيٍ، فَمَنْ زَادَ أَوْ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى؛ ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 2864 ).
فائدة مهمة:
قَالَ الإمامُ الْخَطَّابِيُّ (رحمه الله): التِّبْرُ: قِطَعُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَبْلَ أَنْ تُضْرَبَ وَتُطْبَعَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، وَاحِدَتُهَا تِبْرَةٌ، وَالْعَيْنُ: الْمَضْرُوبُ مِنَ الدَّرَاهِمِ أَوِ الدَّنَانِيرِ؛ ( معالم السنن للخطابي جـ3 صـ59 ).
(6) قال الإمامُ أبو عمر بن عبدالبر ( رحمه الله): أجمع العلماء على أن الذهب وعينه سواء، لا يجوز التفاضل في شيء منه، وكذلك الفضة، تبرها وعينها ومصنوع ذلك كله ومضروبه، لا يحل التفاضل في شيء منه؛ (الاستذكار لابن عبدالبر جـ19 صـ192 رقم 28702 / 28703).
روى مالكُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَجَاءَهُ صَائِغٌ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِالرَّحْمَ نِ، إِنِّي أَصُوغُ الذَّهَبَ ثُمَّ أَبِيعُ الشَّيْءَ مِنْ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ، فَأَسْتَفْضِلُ أي: أخذ زيادة - مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ عَمَلِ يَدِي، فَنَهَاهُ عَبْدُاللَّهِ عَنْ ذَلِكَ، فَجَعَلَ الصَّائِغُ يُرَدِّدُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ، وَعَبْدُاللَّهِ يَنْهَاهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ إِلَى دَابَّةٍ، يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَهَا ثُمَّ قَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا هَذَا عَهْدُ نَبِيِّنَا إِلَيْنَا، وَعَهْدُنَا إِلَيْكُمْ؛ (إسناده صحيح)، (موطأ مالك – كتاب البيوع حديث 31).
(7) قال الشنقيطي ( رحمه الله): لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَصُوغِ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ بِجِنْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ, وذكر الأدلة على ذلك القول، ثم قال بعد ذلك: وَهَذِهِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصِّنَاعَةَ الْوَاقِعَةَ فِي الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ لَا أَثَرَ لَهَا، وَلَا تُبِيحُ الْمُفَاضَلَةَ بِقَدْرِ قِيمَةِ الصِّنَاعَةِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَقِّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ؛ (أضواء البيان للشنقيطي جـ1 صـ223: صـ224).
الطريقة الشرعية لبيع الحلي القديم وشراء الجديد:
إذا أراد المسلمُ أن يبيع حُليًّا قديمًا ويشتري بدلًا منه حُليًّا جديدًا، يجب عليه أولًا أن يبيع الحُلي القديم ويقبض ثمنه، ثم يشتري ما يريد من الذهب الجديد، سواء من هذا الصائغ الذي باع إليه أو من غيره، ولا يجوز أن يكون بين البائع والمشتري مشارطة، بمعنى أنه يحرُم على الصائغ أن يشترط شراء الذهب القديم على أن يشتري منه البائع ذهبًا جديدًا؛ لأن ذلك في حُكم البيعتين في بيعة وهذا النوع نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
تنبيهات مهمة:
(1) بيع الذهب أو الفضة بالأجل محرم بإجماع علماء المسلمين لأنه ربا نسيئة.
(2) لا يجوز للصائغ الاشتراط على من يبيع له الذهب المستعمل أن يشتري منه ذهبًا جديدًا؛ لأن ذلك حيلة على بيع الذهب مع الزيادة، وهذا ربا محرم؛ (بيع وشراء الذهب لابن عثيمين صـ10: صـ11).
(3) كل قرض نقدي جَرَّ نفعًا مشروطًا، فهو ربا محرم؛ ( السنن الكبرى للبيهقي جـ5 صـ350).
(4) يجوز استبدال عُمْلة نقدية بعُملْة أخرى بدون اشتراط التساوي في الكمية، ولكن يُشترط أن يتم التقابض في نفس المجلس قبل الافتراق.
(5) يجب تطبيق كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية بيع الذهب والفضة وغيرهما تعبدًا لله تعالى.
ربا الجاهلية وربا البنوك:
سوف أتناول الحديث بإيجاز عن كل من ربا الجاهلية وربا البنوك:
أولًا: ربا الجاهلية:
قال ابن كثير (رحمه الله): كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ - إذَا حَلَّ أَجَلُ الدَّيْن ِ-: إِمَّا أَنْ يَقْضِي وَإِمَّا أَنْ يُرْبِي، فَإِنْ قَضَاهُ وَإِلَّا زَادَهُ فِي الْمُدَّةِ، وَزَادَهُ الآخَر فِي القَدْر، وَهَكَذَا كُلُّ عَامٍ، فَرُبَّمَا تَضَاعَفَ الْقَلِيلُ حَتَّى يَصِيرَ كَثِيرًا مُضَاعَفًا؛ (تفسير ابن كثير جـ3 صـ183).
ثانيًا: ربا البنوك:
يجب أن يعلم كل مسلم أن ربا البنوك الموجود الآن هو ربا الجاهلية، ربا النسيئة الذي حرمه الله تعالى في كتابه العزيز؛ حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 130].
إن معظم البنوك تأخذ من المقترض فائدة ( ربا ) بنسبة مئوية محددة مقابل تأخير المال المقترض، وتزداد هذه النسبة كلما تأخَّر الشخص المقترض في رد المال حتى تصبح الزيادة أضعافًا كثيرة، وقد تكون أكثر من رأس المال الذي تَم اقتراضه، وتقوم هذه البنوك أيضًا بدفع فائدة ( ربا ) بنسبة مئوية محددة ومسبقة كل عام للذين يضعون أموالهم في هذه البنوك؛ (الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي جـ4 صـ682).
وقفه مهمة للتأمل:
أخي المسلم الكريم، إذا لم تكن فوائد البنوك هي الربا الذي حَرَّمَهُ الله تعالى في كتابه العزيز، وحَرَّمَهُ رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته المباركة، وأجمع على تحريمه علماء المسلمين, قديمًا وحديثًا، فأين هو الربا الحرام؟!
المضاربة في الشريعة الإسلامية:
تعريف المضاربة:
هي شركة بين صاحب رأس المال وعامل المضاربة، فصاحب رأس المال يشترك بماله، وعامل المضاربة يشترك بعمله، والربح يُقسم بين الاثنين بالنسبة المتفق عليها، والعامل يتصرف في المال باعتباره وكيلًا أمينًا، وليس مالكًا كالمقترض، وفي حال الخسارة، يخسر كل منهما جنس كما اشترك به، فصاحب المال يخسر مالًا، والعامل لا يأخذ شيئًا مقابل عمله، فهو يخسر العمل؛
( موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة للدكتور علي السالوس صـ962 ).
من هذا التعريف السابق للمضاربة، نرى أن إطلاق لفظ المضارب على البنوك التي تأخذ أموال المودعين وتعطيهم على ذلك فائدة محددة مسبقًا، لا يجوز؛ وذلك لأن البنك يعتبر ضامنًا لأموال المودعين، ومن المعلوم أن المضارب ليس بضامن للمال إلا إذا ثبت إهماله أو خالف شروط العقد.
قال الإمامُ ابن قدامة (رحمه الله): مَتَى شَرَطَ صاحبُ المال عَلَى الْمُضَارِبِ (الشخص الذي يستثمر المال) ضَمَانَ الْمَالِ، أَوْ سَهْمًا مِنْ الْوَضِيعَةِ، فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ المغني لابن قدامة جـ7 صـ176).
هل يجوز تحديد مقدار معين من الربح مُسبقًا لصاحب المال أو المضارب؟
يجب أن يكون من المعلوم أنه لا يجوز تحديد مقدار معين من الربح مسبقًا لصاحب المال أو المضارب (العامل الذي يشارك بجهده وعمله فقط في المضاربة).
روى الشيخانِ عَنْ رَافِعٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَقْلًا، وَكَانَ أَحَدُنَا يُكْرِي (يؤجر) أَرْضَهُ، فَيَقُولُ: هَذِهِ الْقِطْعَةُ لِي، وَهَذِهِ لَكَ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ ذِهِ (هذه)، وَلَمْ تُخْرِجْ ذِهِ (هذه)، فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؛ (البخاري حديث 2332، ومسلم، كتاب البيوع حديث 117).
روى الشيخانِ عن رَافِعِ بْنِ خَدِيجِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ ظُهَيْرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرٍ كَانَ بِنَا رَافِقًا، قُلْتُ: مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَهُوَ حَقٌّ، قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ ؟ قُلْتُ: نُؤَاجِرُهَا عَلَى الرُّبُعِ وَعَلَى الْأَوْسُقِ مِنْ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، قَالَ: لَا تَفْعَلُوا ازْرَعُوهَا أَوْ أَزْرِعُوهَا أَوْ أَمْسِكُوهَا، قَالَ رَافِعٌ: قُلْتُ سَمْعًا وَطَاعَةً؛ (البخاري حديث 2339 / مسلم حديث 114).
استدلالًا بهذين الحديثين، ذهب أهل العلم إلى عدم جواز تحديد قطعة من الأرض يأخذ صاحب الأرض ريعها، وكذلك عدم تحديد مقدار معين من الزرع يأخذه صاحب الأرض، بل يأخذ نسبة معينة من عموم ما تخرجه الأرض، وإذا كان هذا الكلام شرط لصحة المزارعة، فهو شرط أيضًا لصحة المضاربة وسائر أنواع الشركات.
أقوال أهل العلم:
(1) يقول الإمام ابن القيم (رحمه الله): الْمُزَارَعَةُ مِنْ جِنْس الشَّرِكَة يَسْتَوِيَانِ فِي الْغُنْم وَالْغُرْم، فَهِيَ كَالْمُضَارَبَة ِ؛ ( عون المعبود شرح سنن أبي داود جـ9 صـ2002 ).
(2) قَالَ الإمامُ أحمد ابن تيمية (رحمه الله) (وهو يتحدث عن المضاربة الشرعية): وَمَا قَسَّمَ اللَّهُ مِنْ الرِّبْحِ كَانَ بَيْنَهُمَا؛ (أي بين صاحب المال والمضارب الذي يستثمر المال) عَلَى الْإِشَاعَةِ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَخُصَّ أَحَدَهُمَا بِرِبْحِ مُقَدَّرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ الْعَدْلِ الْوَاجِبِ فِي الشَّرِكَةِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمُزَارَعَةِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَشْرُطُونَ لِرَبِّ الْمَالِ زَرْعَ بُقْعَةٍ بِعَيْنِهَا وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَى الماذيانات (جوانب الأنهار)، وَإِقْبَالِ الْجَدَاوِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ: إنَّ الَّذِي نَهَى عَنْهُ صلى الله عليه وسلم هُوَ أَمْرٌ إذَا نَظَرَ فِيهِ ذُو الْبَصَرِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، أَوْ كَانَ قَالَ، فَبَيَّنَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ مُوجِبُ الْقِيَاسِ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا لَوْ شُرِطَ فِي الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَجُزْ؛ لَأَنَّ مَبْنَى الْمُشَارَكَاتِ عَلَى الْعَدْلِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ، فَإِذَا خُصَّ أَحَدُهُمَا بِرِبْحِ دُونَ الْآخَرِ، لَمْ يَكُنْ هَذَا عَدْلًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِكُلِّ مِنْهُمَا جُزْءٌ شَائِعٌ، فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْمَغْنَمِ وَفِي الْمَغْرَمِ، فَإِنْ حَصَلَ رِبْحٌ اشْتَرَكَا فِي الْمَغْنَمِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ، اشْتَرَكَا فِي الْحِرْمَانِ، وَذَهَبَ نَفْعُ بَدَنِ هَذَا كَمَا ذَهَبَ نَفْعُ مَالِ هَذَا، وَلِهَذَا كَانَتْ الْوَضِيعَةُ عَلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ ذَهَابِ نَفْعِ الْعَامِلِ؛ ( مجموع فتاوى ابن تيمية جـ20 صـ508).
البنوك الإسلامية ومجالاتها الاستثمارية:
إن البديل عن البنوك الربوية هو إنشاء الكثير من البنوك الإسلامية التي يمكن أن تستثمر أموال المسلمين بالطرق الشرعية التي أباحها الله تعالى وأباحها لنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهنا يأتي سؤال مهم: كيف تستطيع هذه البنوك الإسلامية أن تستثمر الأموال بالطرق الشرعية؟
فنقول وبالله تعالى التوفيق: يجب أولًا أن يكون لكل بنك لجنة من علماء الشريعة المتخصصين، يقومون بالإشراف على مشروعات البنك، ويراقبون تصرفاته ويوضحون كل ما هو حلال وحرام من المعاملات، وبالنسبة لكيفية استثمار الأموال، فهناك مجالات استثمارية كثيرة، تستطيع البنوك الإسلامية أن تستثمر فيها هذه الأموال، ومن هذه المجالات على سبيل المثال ما يلي:
شركة المضاربة الإسلامية:
وذلك بأن يأخذ البنك الإسلامي الأموال كمضارب (أي: عامل)، ثم يتاجر أو يصنع أو يزرع، أو يعمل أي عمل، يُقره الإسلام، وناتج الربح يُقسم بين البنك وبين أصحاب الأموال بنِسَبٍ متفق عليها، أما الخسارة فيتحمَّلها أصحاب المال وحدهم، ما لم يتبيَّن أن الإهمال كان من جانب البنك، ويخسر البنك عمله ومجهوده، ويمكن أن يدخل البنك في شركة المضاربة كصاحب رأس المال والعميل كمضارب، ويقسم الربح بينهما حسب الاتفاق، والخسارة يتحملها البنك وحده، ما لم يثبت إهمال المضارب، وأما المضارب نفسه فيخسر عمله ومجهوده؛ (موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة للسالوس صـ531: صـ543 ).
فتاوى خاصة بفوائد البنوك:
(1) سُئل فضيلة مفتي مصر الشيخ: بكري الصدفي ( رحمه الله) في 27 من المحرم عام 1325 هجرية السؤال التالي:
من السلطان محمد عماد الدين: في دراهم البنك: هل هي حرام أم لا؟ وفيما يؤخذ منها على سبيل التجارة هل يُعد ربًا أم لا؟
فأجاب فضيلة المفتي (رحمه الله ) بما يلي:
الأخذ من دراهم البنك على سبيل التجارة بالفائض كما هو، معتاد الآن، لا شك أنه مِن باب الربا المحَرَّم إجماعًا؛ ( فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ3 رقم 413 صـ825: صـ826 ).
(2) سُئل مفتي مصر فضيلة الشيخ: عبدالمجيد سليم ( رحمه الله ) ـ في 16 جمادي الأولى عام 1362 هجرية 20 مايو عام 1943 ميلادية - السؤال التالي:
لي مبلغ من النقود أودعته في بنك بدون فائدة؛ لأني أعتقد أن الفائدة حرام مهما كانت قليلة، وأعلم أن الله تعالى يمحق الربا، وقد مَنَّ الله عليَّ بحب التصدق على الفقراء والمساكين، وقد أشار عليَّ بعض الناس بأن آخذ الفائدة من البنك وأتصدق بها كلها على الفقراء، ولا حرمة في ذلك، فأرجو التكرم بإفتائي عما إذا كان أخذ الفائدة من البنك لمحض التصدق بها فيه إثم وحرمة أم لا؟
فأجاب فضيلة المفتي (رحمه الله ) بما يلي: اطلعنا على هذا السؤال، ونفيد أن أخذ فوائد على الأموال المودَعة بالبنوك من قبيل أخذ الربا المحرم شرعًا، ولا يبيح أخذه، قصد التصدق به لإطلاق الآيات والأحاديث الدالة على تحريم الربا، ولا نعلم خلافًا بين علماء المسلمين في أن الربا محرم شرعًا على أي وجه كان، هذا ولا يقبل الله تعالى هذه الصدقة، بل يأثم صاحبها، ثم ذكر فضيلته الأدلة على هذه الفتوى؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ4 رقم 618 صـ1289: صـ1290).
(3) سُئل فضيلة مفتي مصر الشيخ: عبدالمجيد سليم (رحمه الله ) في 28 رمضان عام 1363 هجرية 16 سبتمبر عام 1944 ميلادية – السؤال التالي:
شخصٌ يعمل كاتبًا ببنك التسليف الزراعي، فهل عليه حرمة في هذا العمل، علمًا أنه محتاج إليه في معيشته، وأن جميع أعمال البنك تقوم على الفوائد والربا، وذلك مما حرَّمه الشرع؟
فأجاب فضيلة المفتي (رحمه الله )بما يلي: اطلعنا على هذا السؤال، ونفيد أن الربا محرمٌ شَرعًا بنص الكتاب والسُّنَّة وبإجماع المسلمين، ومباشرة الأعمال التي تتعلق بالربا مِن كتابة وغيرها إعانة على ارتكاب المحرم، فكل ما كان كذلك، فهو محرم شرعًا، وروى مسلم عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ.
واللعن دليل على إثم من ذُكر في الحديث الشريف، وبهذا عُلم الجواب عن السؤال، والله تعالى أعلم؛ ( فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ4 رقم 620 صـ1293: صـ1294 ).
(4) سُئِلَ شيخ الأزهر الأسبق فضيلة الشيخ عبدالحليم محمود (رحمه اللهُ) عن فوائد البنوك؟
فأجاب (رحمه الله): الفوائد على السلف والقرض ربا، سواء كانت هذه الفوائد يأخذها البنكُ مِن العملاء على السلف، أو يأخذها العملاءُ على أموالهم المودعة في البنوك؛ (فتاوى الإمام عبدالحليم محمود ـ جـ1 ـ صـ380).
(5) سُئل مفتي مصر فضيلة الشيخ: جاد الحق علي جاد الحق (رحمه الله) في 30 ربيع الأول عام 1400 هجرية / 17 مارس عام 1980 ميلادية – السؤال التالي: ما حُكم اشتراط هيئة الأوقاف المصرية في عقد التمليك وملحقاته أن يدفع المشتري للوحدة السكنية نسبة 5 % من جملة الثمن المؤجل كربح نظير باقي الوحدة التي لم يُدفع ثمنها؟
فأجاب فضيلة المفتي ( رحمه الله ) بما يلي: إن أخذ نسبة 5 % على المؤجل من الثمن نظير التأجيل هو ربا النسيئة الذي حرَّمه الله تعالى في القرآن الكريم، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن هذا قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، ثم استفاض فضيلته في ذكر أدلة هذه الفتوى؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ9 رقم 1249 صـ3314: صـ3318 ).
(6) سُئل فضيلة مفتي مصر الشيخ: جاد الحق علي جاد الحق ( رحمه الله) في 10 صفر عام 1400 هجرية 9 ديسمبر عام 1979 ميلادية، بالطلب المقيد برقم 199 سنة 1979، المطلوب به الإفادة عما إذا كان عائد شهادات الاستثمار حلالًا أو حرامًا؟ وهل يعتبر هذا العائد من قبيل الربا المحرم، أو هو مكافأة من ولي الأمر في مقابل تقديم الأموال للدولة لاستغلالها في إقامة المشروعات التي تعود على الأمة بالنفع؟
فأجاب فضيلة المفتي (رحمه الله) بما يلي: إن الإسلام حَرَّم الربا بنوعيه - ربا الزيادة وربا النسيئة، وهذا التحريم ثابت قطعًا بنص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وبإجماع المسلمين منذ صدر الإسلام حتى الآن، ولما كان الوصف القانوني الصحيح لشهادات الاستثمار أنها قرض بفائدة، وكانت نصوص الشريعة في القرآن والسنة تقضي بأن الشهادات وكذلك فوائد التوفير أو الإيداع بفائدة تدخل في نطاق ربا الزيادة، لا يحل لمسلم الانتفاع به، وأما القول بأن هذه الفائدة تعتبر مكافأة من ولي الأمر، فإن هذا النظر غير وارد بالنسبة للشهادات ذات العائد المحدد مقدمًا، لا سيما وقد وصف بأنه فائدة بواقع كذا في المائة؛ ( فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ9 رقم 1252 صـ3335: صـ3336 ).
(7) سُئِلَ فضيلة الشيخ: عطية صقر (رحمه الله) (رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ):
ما هو الحكْم الشرعي في شهادات الاستثمار ذات العائد المحدد، وهل يصدق عليها أنها وديعة أو من باب المضاربة كما يقول بعض الناس؟
فَقَالَ الشيخ (رحمه الله): لقد وُجِّهَ مثل هذا السؤال إلى الأزهر ونُشرت الإجابة في مجلة منبر الإسلام، عَدَد رمضان 1392 (أكتوبر 1972 م )، وعلى الرغم مِن أن حُكْمها قد سبق نشره فإن في إعادة نشره تأكيدًا له، وإبطالًا لدعاوى من يروجون لحِلِّ هذه المعاملة، وهذا نص الإجابة:
لقد صدرت الفتوى مِن الأزهر عقب ظهور هذا النوع من المعاملة، وجاء فيها أن ذلك من باب القرض الذي جر نفعًا، فهو بالتالي ربا؛ لأن عمليات البنوك في هذه الشهادات هي جمع الأموال وإعطاؤها للمؤسسات والهيئات وجهات الاستثمار الأخرى بفائدة كبيرة، وإعطاء أصحاب الشهادات فوائد أقل مما تحصل عليه من هذه الجهات، والفرق ربح لها، ولا صلة لها بجهات الاستثمار، فلها ربح محدَّد منها على المال الذي أخذته، فالأمر لا يعدو أن يكون قروضًا جاءت بفائدة.
وما يُقالُ مِن أن الأموالَ ودائع عند البنك وليست قروضًا، يُرَدُّ عليه بأن الوديعة إذا رُدَّت لصاحبها تُرَدُّ كما هي دون زيادة أو نَقص، بل قال العلماء: إنه لا يجوز التصرف في الوديعة خصوصًا بما يعرضها للتلف، فمن أين يستحل صاحب الوديعة هذه الأرباح؟ على أنها لا تأخذ شكل الوديعة؛ لأن الوديعة مطلوب حفظها لردها حين طلبها، وهذه موجهة أصلًا للاستثمار لا للحفظ، فهي سلْفَة جاءت مِن الناس إلى البنك، وهو بدوره يقرضها لجهات الاستثمار؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية ـ جـ9 ـ صـ 393)، (فتاوى عطية صقر ـ جـ2 ـ صـ67 ـ رقم:464).
وقال فضيلة الشيخ عطية صقر (رحمه الله):
القرض مِن البنك بفائدة حَرامٌ، بناءً على القول المأثور الذي تدعمه النصوص الصحيحة (كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًَا فَهُوَ رِبًا)؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية ـ جـ 9 ـ صـ402).
(8) قال فضيلةُ الشيخُ محمد متولي الشعراوي (رحمه الله):
قد يقولُ قَائِلٌ: أنا مُضطر أن أتعامل مع البنك بالربا؛ لأني أريد أن أتاجر في مائة ألف جنيه وليس معي إلا ألف جنيه، وهذا ما هو حادث في كل الناس، هنا أقول: لا، عليك بالتجارة في الألف التي تملِكها، ولا تقُل: أنا مضطر للتعامل في الربا، فالمضطر هو الذي يعيش في مجاعة وإن لم يفعل ذلك يموت أو يموت من يعول، وقد رخَّص الشرع للإنسان الذي لا يملِك مالًا أن يقترض من المرابي إن لم يجد من يقرضه ليشتري دواءً أو طعامًا أو شيئًا يُضطرُّ إليه لنفسه أو لمن يعول، والإثم هنا يكون على المرابي، لا على المقترض لأنه مُضطر؛ (تفسير الشعراوي ـ جـ5 ـ صـ2926).
(9) فتوى مجمع الفقه بمنظمة المؤتمر الإسلامي، المنعقد بجدة بالمملكة العربية السعودية في الفترة من 10: 16 ربيع الثاني عام 1406 هجرية الموافق 22: 28 ديسمبر عام 1958 ميلادية بشأن حُكم التعامل المصرفي بالفوائد.
كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حَلَّ أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله، وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بدء العقد: هاتان الصورتان ربا محرم شرعًا؛( موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة للسالوس صـ220: صـ221 ).
(10) فتوى مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الرابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة يوم السبت 20شعبان عام 1415 هـ الموافق 21 يناير عام 1995 بشأن الموضوع التالي: هل يجوز تحديد ربح رب المال في شركة المضاربة بمقدار معين من المال؟
لا يجوز في المضاربة أن يحدد المضارب لرب المال مقدارًا معينًا من المال؛ لأن هذا يتنافى مع حقيقة المضاربة، ويجعلها قرضًا بفائدة، ولأن قد لا يزيد على ما جُعل لرب المال فيستأثر به كله، وقد تخسر المضاربة، أو يكون الربح أقل مما جُعل لرب المال، فيغرم المضارب، وقد أجمع الأئمة الأعلام على أن من شروط صحة المضاربة أن يكون الربح مشاعًا بين رب المال والمضارب دون تحديد مقدار معين لأحد منهما؛ ( موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة للدكتور السالوس صـ815 ).
التخلص من فوائد البنوك الربوية:
التخلص من فوائد البنوك الربوية يكون عن طريق إعطائها للفقراء والمساكين، أو إنفاقها في المنافع العامة التي تخدم المسلمين؛ كإنشاء الطرق وبناء المدارس والمستشفيات، وما أشبه ذلك، ولا يجوز إنفاق فوائد البنوك الربوية على إنشاء المساجد أو أي شيء يتعلق بالمساجد، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ 10 رقم 1303 صـ 3566:3565)، ( فتاوى اللجنة الدائمة جـ13 رقم 16576، صـ354 ).
ختامًا:
أسألُ اللهَ تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يجعل هذا العمل خالصًاَ لوجهه الكريم، وأن يجعله ذُخْرًا لي عنده يوم القيامة، يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، كما أسأله سُبحانه أن ينفعَ به طلابَ العِلْم، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.