رد: معيار العمل بسد الذرائع
ضرورة التفريق بين مقام الإرشاد وبين مقام القضاء
في نصوص الشرع أدلة كثيرة تدل على التفريق بين مقام الإرشاد والفتوى وبين مقام الحكم والقضاء، من أبرزها: قصة ابن وليدة زمعة، حيث حكم النبي صلى الله عليه وسلم قضاءً بالبيِّنة الظاهرة، ولكن لما وُجِدَت أمارات على أن الحكم القضائي يخالف الواقع، أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى العمل بما يوافق ذلك الواقع. والقصة كالآتي: أخرج مالك في الموطأ عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي. فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ، قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ، وَقَالَ: ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي. وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. ابْنُ أَخِي. قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي. وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي. وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ"، ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: "احْتَجِبِي مِنْهُ"، لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَتْ: فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ."[49]
فالرسول صلى الله عليه وسلم حكم بالولد لمن وُلد على فراشه، لأن تلك بيِّنة ظاهرة على أن الولد له، ولكنه لما رأى أن الولد يُشبه المدعي، أرشد المرأة -التي هي تعتبر قضاء أختا لذلك الولد- بأن تعامله معاملة الأجنبي وتحتجب عنه. فالقضاء هنا كان بالظاهر، والفتوى والإرشاد كانتا بناء على ما بدا للنبي صلى الله عليه وسلم أنه حقيقة الأمر.
كما أن في قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ..." دليل صريح على التفريق بين مقام الحكم والقضاء وبين مقام الفتوى والإرشاد؛ فقد يحكم القضاء بحكم مخالف للواقع بناء على ما يُعْرَض عليه من البيِّنات والحجج، ولكن الفتوى تكون بوجوب عمل طرفي النزاع بما هو موافق لحقيقة الأمر، حتى لو كان ذلك مخالفا للحكم القضائي؛ لأن الحكم بالظاهر لا يُحِلُّ حراما ولا يُحَرِّمُ حلالا.
ثالثا: مقام السياسة الشرعية
المراد به أن تتخذ السلطة الحاكمة قرارا بمنع بعض التصرفات والمعاملات التي ظاهرها الجواز حفظا للمصالح الخاصة والعامة. ويكون ذلك عندما يظهر استعمال الناس تلك التصرفات والمعاملات للتوصل إلى فعل المحظور، أو يحصل بسبب فعلها ضرر بجماعة المسلمين أو بآحادهم.
وهذا التصرف من السلطة الحاكمة لا يدخل في باب التحريم، وإنما هو من باب حق السلطة الحاكمة في تقييد التصرف المباح، ومنع التعسف في استعمال الحق بقصد الإضرار بالغير، ومنع التحايل على الأحكام الشرعية.
ولتقييد المباح ومنع التعسُّف في استعمال الحق سوابق في فعل الخلفاء الراشدين. ومن ذلك ما فعله عمر بن الخطاب في الزواج من الكتابيات؛ فالقرآن أباح الزواج من محصنات أهل الكتاب، ولكن لما خشي عمر بن الخطاب من سوء استخدام ذلك المباح، وما ينتج عنه من تعنيسٍ وفتنةٍ للمؤمنات، وخطر على أسرار الدولة وخططها إذا تزوج القادة من الكتابيات، نهى عن ذلك الزواج دون تحريم له. ففي السنن الكبرى للبيهقي أنه لما تزوج حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يهودية، كتب إليه عمر أن يفارقها، فقال: إني أخشى أن تَدَعُوا المسلمات وتنكحوا المومسات. وفي رواية أخرى: أن حذيفة كتب إليه: أَحَرَامٌ هي؟ فقال عمر: لا، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن."[50]
فعمر بن الخطاب نهى عن الزواج بالكتابيات للأسباب التي ذكرها، ولكنه لم يدَّع أنه يُحرِّم ذلك الزواج، بل يبقى حكم الإباحة جاريا عند تحقُّق مناطه بوجود حاجة ملجئة، أو وجود مصلحة راجحة في ذلك الزواج.
ومنها امتناع عمر بن الخطاب عن تقسيم الأراضي المفتوحة في العراق والشام على المجاهدين، على اعتبار أنه كان يرى أن تقسيم الأرض بين الفاتحين من باب المباح لا من باب الواجب، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك أحيانا كما هو في خيبر، وامتنع عن ذلك أحيانا أخرى كما في فتح مكة.[51]
ومن ذلك فسخ النكاح الذي يتم في العدة ومنعهما من الزواج أبدا إذا كان قد دخل بها، زجرا عن انتهاك حرمات الله تعالى. ففي موطأ مالك "أَنَّ طُلَيْحَةَ الْأَسَدِيَّةَ كَانَتْ تَحْتَ رُشَيْدٍ الثَّقَفِيِّ، فَطَلَّقَهَا، فَنَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا؛ فَضَرَبَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَضَرَبَ زَوْجَهَا بِالْمِخْفَقَةِ ضَرَبَاتٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا. فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ. ثُمَّ كَانَ الْآخَرُ خَاطِباً مِنَ الْخُطَّابِ. وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اعْتَدَتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنَ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنَ الْآخَرِ، ثُمَّ لاَ يَجْتَمِعَانِ أَبَداً."[52]
ومن ذلك حكم عثمان بن عفان رضي الله عنه بتوريث المطلقة ثلاثا في مرض الموت. ففي موطأ مالك "أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ بن عَفَّانَ مِنْهُ، بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا."[53] فالطلاق مباح للزوج في كل وقت، ومنه وقت المرض، ولكن عثمان قيَّد آثار الطلاق الواقع في مرض الموت، ولم يرتب عليه المنع من الميراث؛ لأن الطلاق في هذا الوقت مظنة التعسُّف لمنع الزوجة من حقها في الميراث.
وحق السلطة الحاكمة في تقييد المباح وتنظيم الأمور بما يدفع الضرر عن الأفراد والجماعات أصبح من المسلَّمات في الدولة المعاصرة، وهو من وظائفها الأساسية.
المطلب الرابع: مناقشة أصحاب المذاهب في سدّ الذرائع
بعد عرض الأقوال المختلفة في قاعدة سد الذرائع، وبيان المعيار الضابط الذي ينبغي اعتماده في العمل بهذه القاعدة، نعود إلى مناقشة تلك الأقوال وما استدل به أصحابها لتوجيهه في ضوء المعيار الضابط الذي ذكرناه.
أولا: مناقشة رأي الشافعي
الواقع أن ما ذكره الإمام الشافعي من الأدلة لا يرتبط بمقامي الإرشاد والسياسة الشرعية، بل يرتبط كله بمقام الحكم والقضاء، وينبغي حمله على ذلك.
ففي مثال المنافقين، نجد القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم يحذران باستمرار من النفاق، ويقرعان أصحابه، ويتوعدانهم بأشد العذاب، ولكن الحكم عليهم في الدنيا يجري على ما يظهرونه، لا على ما يبطنونه. وهكذا العالم، يجب أن يحذر الناس من التذرع بما ظاهره الإباحة لارتكاب المحرمات، ويرشدهم إلى تجنُّب الاحتيال على الأحكام الشرعية وهدم مقاصدها، فإذا جاء مقام الحكم والقضاء، حكم على الناس بما هو ظاهر، وأوكل الحكم على الباطن إلى الله تعالى.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ. وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ. فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ، فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئاً، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ" الأمر في غاية الوضوح بأن الالتزام بالظاهر من الحجج والشواهد إنما هو في جانب الحكم القضائي، ولكن هذا الحكم القضائي لا يُحِلُّ حراما. وقد قال الشافعي نفسه في التعليق على هذا الحديث: "فأخبرهم أنه يقضي بالظاهر، وأن الحلال والحرام عند الله على الباطن، وأن قضاءَهُ لا يُحِلُّ للمقضيّ له ما حرَّم اللهُ تعالى عليه إذا عَلِمَهُ حراما." فالمكلَّف يجب عليه أن يتبع حقائق الأمور وينظر إلى قصده وما في نفسه، وليحذر من الوقوع في الحرام الذي يقوده إلى عذاب النار، ولا يَغُرُّه جهل الناس بحقيقة فعله وسوء قصده، فحتى لو بَرَّأَهُ الناس وحكموا له بالاستحقاق والصحة، فإن ذلك لا ينفعه ولا يحل له الحرام. وهكذا العالم، يجب أن يدعو الناس إلى حسن القصد وعدم الاعتداء على حقوق الآخرين، ولا يقول لهم إن أفعالكم صحيحة مادام الظاهر الذي تبدونه مستوفيا للشروط. فإذا جاء الأمر إلى الحكم والقضاء قضى بينهم بالظاهر من الحجج والبراهين.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "أيُّهَا النَّاسُ قد آن لكم أن تَنْتَهُوا عن مَحَارِمِ الله تعالى. مَنْ أصَابَ مِنْكُم مِنْ هذه القاذورات شيئا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ الله، فإنَّه من يُبْدِ لنا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عليه كتاب الله"، بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم أن إقامة العقوبات الحدية على مرتكبي الجرائم المتعلقة بحقوق الله تعالى إنما تكون على من جاهر بذلك، أما من أخفى ذلك ولم يجاهر به فالأصل فيه الحفاظ على الستر، وترك أمره إلى الله تعالى، لعله يتوب فيتوب الله عليه. ولكن النبي صلى الله بدأ أولا بتحذير الناس من المحرمات وأمرهم باجتنابها، قبل أن يبيَّن مبدأ الستر والحكم بالظاهر. وهكذا العالم، ينبغي أن يرشد الناس إلى تجنب مخالفة الأحكام الشرعية في السِّرِّ والعلن، فإذا جاء الأمر إلى الحكم والقضاء، قضى بالظاهر. ولا يمكن لأحد أن يكتفي بالقول: لا يهمّ قصدُكم ولا ما تُسِرُّون من السُّوء والاحتيال على الأحكام الشرعية، ولكن المهم أن ظواهر تصرفاتكم لا تكون مخالفة للشروط الشرعية.
وفي قصة الملاعنة، نجد النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بوعظ الزوجين ودعوتها إلى الحق، فقال: "إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ". وتم إيقاف الزوجة بعد الرابعة وتحذيرها من أن الخامسة ملزمة (فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا، وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ)، أي موجبة لما وصف الله تعالى من الغضب. ولكن بعد استكمال إجراءات الملاعنة سقطت العقوبة عن الطرفين. وعلى الرغم من ظهور قرينة تدل على كذب المرأة، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجعل تلك القرينة موجبة للعقوبة؛ لأن القرآن نص على أن استكمال إجراءت الملاعنة يدفع عن أطرافها العقوبة الدنيوية.
وهكذا العالم، يقول إن عدم توفُّر شروط إقامة العقوبة يُسقطها، وأن الحدود تُدْرَأُ بالشبهات، ولكنه لا يقول للناس لا يهم أن ترتكبوا المحرمات، وإنما المهم أن تخفوها، وتَحُفُّوها بالشبهات، وتطمسوا الدلائل عليها! ولكن يفتيهم بوجوب ترك المحرمات ويرشدهم إلى السلوك الحسن، فإن وقع اتهام شخص بجريمة، فإنه لا يُقضَى عليه بالعقوبة إلا إذا وُجِدت الدلائل الظاهرة على ذلك.
الخلاصة أنه مع مراعاة القضاء بالظواهر، وإهمال الأمور الباطنة التي لا تدل عليها قرائن ظاهرة، إلا أنه ينبغي أن يُبيَّن للناس أن حكم القضاء بالظاهر لا يعني إعفائهم من المسؤولية الدينية والخلقية عن قصودهم السيئة واحتيالهم على الوقوع في المحظورات. فإذا طلق رجل زوجته بلفظ كناية وقصد الطلاق، صارت زوجته طالقا. فإذا زعم عند القاضي أنه لم يقصد الطلاق، وحَكَم القاضي بعدم وقوع الطلاق، فإن حُكم القاضي لا يلغي آثار الطلاق ولا يُحلّ له الحرام. وإذا وقع الاتفاق على نكاح التحليل سِرًّا دون التصريح بذلك في صيغة العقد، وحكم القاضي بصحة النكاح، فإن ذلك لا يُعفي الطرفين من الدخول في ما روي عن علي أنه قال: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ."[54]
ثانيا: مناقشة رأي المالكية
ما ذهب إليه المالكية في سدّ الذرائع ينبغي أن يُحمل على مقام الإرشاد ومقام السياسة الشرعية، وليس على مقام الحكم والقضاء.
في مقام الفتوى والإرشاد، يُقال للناس: إن التذرُّع بأمر ظاهره الإباحة للوصول إلى ما هو محظور شرعا تصرُّفٌ باطل، والتذرُّع ببيوع الآجال للتوصل إلى الربا محرَّم وباطل. والبطلان هنا بمعناه الشرعي لا القضائي، أي بمعنى أن الفعل منهيٌّ عنه شرعا ويأثم صاحبه، أما البطلان بمعناه القضائي بأن يُحكم بفسخ العقد وعدم ترتب آثاره عليه فهذا شيء آخر، يُنْظَر فيه إلى شكليات العقد وحيثياته.
والتفريق بين الصحة والبطلان قضاءً وبين الصحة والبطلان شرعا ثابت في الشرع، ففي آيات اللعان -مثلا- نجد هذا التفريق ظاهرا، حيث نص القرآن الكريم على أن دعوى الزوج الذي يقذف زوجته بالزنا صحيحة قضاءً إذا شهد خمس شهادات بالله إنه لمن الصادقين، ولكنه إن كان في حقيقة الأمر كاذبا فدعواه باطلة وهو من الملعونين، وفي اللعن غاية الدلالة على البطلان شرعا وترتُّب العقوبة الشرعية، وإن كانت العقوبة القضائية قد سقطت. وكذلك الزوجة، إنكارها صحيح قضاءً إذا شهدت خمس شهادات بالله أن زوجها كاذب، ولكنها إن كانت كاذبة في حقيقة الأمر فإنكارها باطل شرعا، وعليها غضب الله تعالى، وبذلك تستحق العقوبة الشرعية، وإن كانت العقوبة القضائية قد سقطت عنها.
كما أن من المبادئ الثابتة شرعا أن كلَّ شخص يُعامَلُ بقصده، ولا يؤثِّرُ القصدُ السيِّءُ لبعض الناس -مهما كثُرَ عددهم- في تصرُّف من كان قصدُه حسنا إذا أتى بالتصرُّف على الوجه المقبول شرعا.
وفي مقام السياسة الشرعية يكون المعيار الذي ذكره المالكية -من كَثْرَة القصد إلى المحظور وندرته- مناسبا لصدور قرار (قانون) من السلطة الحاكمة بمنع التصرفات التي ينتشر بين الناس التحيُّل بها على المحرمات، وإن كانت تلك التصرفات في أصلها مباحة. ويكون المنع منها بناء على ما تفضي إليه من مفاسد شرعية وانتهاك لحقوق الناس. والمنع هنا لا يعني بالضرورة التحريم الشرعي؛ لأن التحريم من حقّ الشارع الحكيم، ولكن يكون من باب تقييد المباح الذي يُستعمل للتوصل إلى المفاسد، أو من باب منع التعسف في استعمال الحق للإضرار بالآخرين، أو من باب المنع من الشبهات التي تؤدي إلى إفساد أخلاق الناس والتجرؤ على حدود الله تعالى.
أما في مقام الحكم والقضاء، فإن الحكم يكون على أساس الحُجَجِ والبيِّنات الظاهرة، وليس على أساس الظنّ والتُّهمة والاحتياط. فإذا صدر قرار من السلطة الحاكمة (قانون) بمنع بعض التصرفات لما تؤول إليه من فساد في المجتمع، جاز صدور الحكم القضائي بإبطالها لمخالفتها القانون المعمول به، بناء على ما سبق ذكره من حقّ السلطة الحاكمة في تقييد المباح، ومنع التعسُّف في استعمال الحق، وتدبير شؤون الجماعة المسلمة بما يدفع عنها الفساد في أمور الدين والدنيا.
ثالثا: مناقشة رأي ابن حزم
قول ابن حزم: "فنحن نحضُّ الناس على الورع كما حضَّهم النبي صلى الله عليه وسلم ونَدَبَهُم إليه، ونشير عليهم باجتناب ما حاك عليهم في النفس، ولا نقضي بذلك على أحد ولا نفتيه به فتيا إلزام، كما لم يقض بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحد."[55] كلام سليم، وهو يوافق ما ذكرنا من أن مقام التوجيه والإرشاد يقتضي إرشاد الناس إلى اجتناب ذرائع الفساد ومواطن الشبهات، وحتى إذا صدرت من شخص فتوى فيما يتعلق بسدّ الذرائع فالأصل فيها الإرشاد لا الإلزام. كما أن القضاء يكون بالحجج والبيّنات الظاهرة، ولا يكون بالتهمة والشكّ والاحتياط.
قول ابن حزم: "ولا يحل لأحد أن يحتاط في الدين فيُحَرِّم ما لم يُحرِّم الله تعالى، لأنه يكون حينئذ مفتريا في الدين، والله تعالى أحوط علينا من بعضنا على بعض. فالفرض علينا ألا نحرم إلا ما حرم الله تعالى، ونص على اسمه وصفته بتحريمه. وفَرْضٌ علينا أن نبيح ما وراء ذلك بنصه تعالى على إباحة ما في الأرض لنا، إلا ما نص على تحريمه."[56]
هذا الكلام -من حيث المبدأ- محلُّ اتفاق؛ لأن التحليل والتحريم من حق الشارع الحكيم وحده. ولكن قد يقع الاختلاف في التطبيق؛ ففي قوله: "ونص على اسمه وصفته بتحريمه" نجد أن ما نص الشاع على تحريمه بـ"اسمه" يكون محلَّ اتفاق، أما ما نص الشارع على تحريمه بـ"صفته"، فإن تحقيق تلك الصفة في الواقع قد يكون محلّ اختلاف بين العلماء، وهنا يدخل مجال دلالة الألفاظ وفيها كثير من الخلاف، كما يدخل القياس وهو محلّ اختلاف بين الظاهرية والجمهور. ومما لا شكّ فيه أنه يجب الاحتياط في إطلاق التحريم على ما لم يرد في الشرع دليل ظاهر على تحريمه، وهو منهج علماء السلف، كما أشار إليه ابن وهب في قوله: "سمعت مالك بن أنس يقول: أدركت علماءنا يقول أحدهم إذا سئل: أكره هذا ولا أحبُّه، ولا يقول حلال وحرام."[57] ولكن لا ينبغي المجازفة بالمسارعة إلى اتهام من يُحرِّم شيئا بناء على القياس وما يعتقد أن الشارع حرمه بوصفه بأنه يحكم بالكذب والباطل ويفتري على الله تعالى، فهذه مجازفة خطيرة لا تصدر عن الراسخين في العلم.
قول ابن حزم: "... وأن تلك المشتبهات ليست بيقين من الحرام، وإذا لم تكن مما فُصِّل من الحرام، فهي على حكم الحلال."[58] هذه الدعوى قد تُقلب عليه بالقول: "المشبهات ليست بيقين من الحلال، وإذا لم تكن من الحلال بيقين، فهي على حكم الحرام". ولا شك دعوى ابن حزم والدعوى المضادة كلاهما غير دقيق.
صحيح أن المشبَّهات ليست من الحرام البيِّن، ولكنها أيضا ليست من الحلال البيِّن، وقد جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم بين مرتبتي الحلال البيِّن والحرام البيِّن، بمعنى أنها يُحتمل أن تكون من الحلال، ويُحتمل أن تكون من الحرام. وليس الكلام هنا عمَّن استبان له الأمر بكونها حلالا أو حراما، فهذا لا كلام عليه؛ لأنه يتبع ما استبان له، ولا يبقى في دائرة المتشابهات. إنما الكلام عمّن اشتبهت عليه، ولم يَدْرِ أحلال هي أم حرام؟ فما حكمه؟
ظاهر الحديث أن من اشتبهت عليه لا يمكنه الجزم بتحريمها، كما لا يمكنه الجزم بتحليلها، ولذلك أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بترجيح تركها على إتيانها، وهو دليل على خطأ قول ابن حزم: "إنها على حكم الحلال"؛ لأن القول بكونها من الحلال يعني الجزم بجواز فعلها، وهو خلاف ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم. وادعاء ابن حزم أن المشبَّهات باقية على الإباحة ترجيح من غير مرجِّح؛ لأن الحديث جعلها بين المرتبتين، وهذا يعني أنها يُحتمل أن تكون من الحرام، ويُحتمل أن تكون من المباح، ولا معنى لكونها متشابهة إلا هذا الاحتمال. ومن استبان له حكمُها اتبع ما تبيَّن له، ومن اشتبه عليه حكمُها أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم باجتنابها؛ لأنه إن فعلها وكانت في حقيقتها من الحرام، كان مواقعا للحرام، أما إذا تركها: فإن كانت من الحرام فقد فاز باجتناب الحرام، وإن كانت من المباح فلم يخسر شيئا سوى فوات متاع من متاع الدنيا يمكن تعويضه فيما بعد.
أما مسألة الظن التي يكثر ابن حزم الحديث عنها،[59] فهي لا تخلو من التحكم والمغالطة، فهو من جهة، يصف رأيه واجتهاده -دوما- بأنه اليقين والحق الذي لا يجوز غيره، ويتهم الآراء المخالفة له بالفساد والظن المذموم. انظر مثلا إلى قوله: "ومن حَرَّم المشتبه، وأفتى بذلك، وحكم به على الناس فقد زاد في الدين ما لم يأذن به الله تعالى."[60] انظر كيف يجزم أن من حرَّم شيئا بناء على سدِّ الذرائع قد زاد في الدين، مع أن المسألة ظنية وقابلة للاجتهاد والاختلاف!
وانظر إلى قوله: "ومن العجيب أن خوف الحرام أن يقع فيه غيرهم -ولعله لا يقع فيه- قد أوقعهم يقينا في مواقعتهم يقين الحرام، لأنهم حرموا ما لم يحرمه الله تعالى، ومُحرِّمُ الحلال كمُحَلِّل الحرام ولا فرق."[61] انظر كيف يصف رأيه باليقين، وكيف يدعي أن القائلين بسد الذرائع -دون تحفظ أو استثناء- قد وقعوا في عين الحرام يقينا بتحريم ما أحلّ الله تعالى، مع أن المسألة ظنية وأن أدلة القائلين بسد الدرائع في بعض المسائل في غاية القوة!
ومن جهة أخرى، يقتطع الآيات التي تذُمُّ الظنّ وأهلَه عن سياقها، ويُحمِّلها التهمة التي يريدها لمخالفيه. ومن البديهي أن الظن أنواع ومراتب: منه ما هو مذموم باتفاق، ومنه ما لا مندوحة من قبوله لعدم إمكان تحقيق اليقين في موضعه، وبينهما مراتب وأنواع قد تكون محلّ اتفاق وقد تكون اختلاف حسب قربها أو بعدها من أحد الطرفين. ولا خلاف بين المسلمين في مشروعية الاجتهاد، وهو في مُجمله قائم على الظن، وإذا ادعى أحدٌ أن اجتهاداته كلها قطعيَّة فهو لا يعدو أن يكون مُكابرا لا يستحق الحديث معه في هذا الموضوع. ومشروعية الاجتهاد -المتَّفَق عليها بين المسلمين- أقوى دليل على مشروعية العمل بالظن الراجح الذي يستند إلى أدلة وأمارات مقبولة.
وإذا نظرنا في السياق الكامل لآيات الظن التي يوردها ابن حزم لاتهام المخالفين له في القياس وغيره من المسائل الخلافية، نرى أنها في وصف الكفار الذين يتبعون الظن الفاسد الذي هو خلاف الواقع وخلاف الأدلة الظاهرة. وفيما يأتي النص الكامل للآيات ليتضح نوع الظن المراد فيها، وينقطع التشغيب بها:
- (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُون َ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا) (الحج: 12).
- (وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِي نَ) (الجاثية: 32).
- (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (*) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (النجم: 27- 28).
- (أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (يونس: 66).
ختاما نقول: صحيح أنه لا يحق للفقيه أن يحكم على الناس بالظن، وليس له سلطة إبطال تصرفاتهم بالظنون، ولكن السؤال: هل يجوز للإنسان أن يقصد إلى التذرُّع بما ظاهره الإباحة لارتكاب المحظورات الشرعية؟ وهل يجوز له أن يحتال على إسقاط الواجبات وارتكاب المحرَّمات بتصرفات شكلية غير مقصودة لذاتها؟ وإذا فعل ذلك هل تكون أفعاله تلك صحيحة شرعا أم باطلة؟ ولا شكَّ أن الشخص الذي يفعل هذه الأشياء يعلم يقينا ما في نفسه، وإذا حكم على تصرفات نفسه، فهو لا يبني حكمه على الظنون والتوهمات والاحتياط، بل يبنيها على اليقين.
وبناء على ذلك نقول: لا يمكن للفقيه أن يُطلق القول بحرمة أو بطلان التصرُّف لمجرد ظنّ أن بعض الناس (سواء كثُرَ ذلك البعض أم قلَّ) يتخذه ذريعة للمحظور، ولكن يمكنه أن يقول: إن الشخص الذي يقصد -وهو أدرى بما في نفسه- إلى التذرُّع بشيء ظاهرُه الإباحة إلى محظور، دون أن يكون لذلك مبرِّرٌ شرعي، ففعله باطل شرعا، بمعنى أنه أتى شيئا لا يجوز له فعله؛ لأن نتيجة فعله هي ارتكاب المحظور دون عذر شرعي.
أما صدور قرار من السلطة الحاكمة (قانون) بمنع ما يتعسف الناس في استعماله للإضرار بغيرهم، أو ما يتذرعون به لإسقاط الواجبات وارتكاب المحرمات، أو ما يؤدي إلى إفساد أخلاق الناس وإحداث الفوضى في المجتمع، فهذا من السياسة الشرعية التي فعلها الخلفاء الراشدون، وعلى رأسهم عمر بن الخطاب. ولا شك أن الخلفاء الراشدين أفْقَهُ من ابن حزم وأدرى منه بما يوافق أحكام الشرع.
خاتمة
خلاصة هذا البحث أن الشارع قد راعى سدّ الذرائع في تقرير تشريعاته، وأن ما شرعه الشارع طبقا لقاعدة سدّ الذرائع مُتفَّق على العمل به بين جميع المسلمين، ولكن وقع الخلاف في مشروعية العمل بمبدأ سدّ الذرائع في ما هو من باب الاجتهاد. وعند التدقيق في المسألة نجد أنه ينبغي العمل بسدّ الذرائع في مقام الإرشاد والفتوى؛ بمعنى توجيه الناس إلى تجنُّب التذرُّع بما هو مباح في أصله إلى ارتكاب المحظورات الشرعية وإسقاط الحقوق. كما أنه يجوز للسلطة الحاكمة أن تُصدر من الأوامر والقوانين ما يمنع الناس من التعسُّف في استعمال الحق بقصد الإضرار بالآخرين أو التذرُّع بالمباحات للتوصُّل إلى المحرمات، وذلك بقصد المحافظة على صلاح المجتمع. وإذا صدرت مثل هذه الأوامر والقوانين، فإنه يحق للقضاء الحكم ببطلان تلك التصرفات التي يتعسَّف الناس في استعمالها أو يتذرعون بها إلى المحظورات بغض النظر عن قصد أصحابها أو وقوع التذرع بها؛ ولا يُعدُّ ذلك الإبطال تحريما شرعيا، ولكن يُعدُّ من باب حق السلطة الحاكمة في تقييد المباح بقصد المحافظة على صلاح المجتمع. أما في مجال القضاء، فإنه لا يُعمل بمبدأ سدّ الذرائع؛ لأن القضاء يكون بالأدلة الظاهرة، لا بالأمور الباطنة أو الظنون والاحتمالات، ولا تزر وازرة وزر أخرى، ولا يُبْطَلُ تصرُّفُ شخص بسبب القصد السيء لأشخاص آخرين مهما كثروا.
[1]ابن منظور، لسان العرب (بيروت: دار صادر، ط1، 1410هـ/ 1990) ص1498.
[2]محمد الطاهر ابن عاشور، مقاصد الشريعة الإسلامية، تحقيق ودراسة محمد الطاهر الميساوي (ماليزيا: دار الفجر، عمان: دار النفائس، ط1، 1420هـ/ 1999م) ص268.
[3]ابن عاشور، مقاصد الشريعة، ص268.
[4]شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي، الفروق، تحقيق عمر حسن القيام (بيروت: مؤسسة الرسالة ناشرون، 1424هـ/ 2003م) ج3، ص405.
[5]حسن بن محمد بن محمود العطار الشافعي، حاشية العطار على شرح المحلي لجمع الجوامع (بيروت: دار الكتب العلمية، د.ت) ج2، ص399.
[6]صحيح البخاري، كتاب: الأدب، باب: لا يسب الرجل والديه.
[7]أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي، إحكام الفصول في أحكام الأصول، تحقيق عبد المجيد تركي (بيروت: دار الغرب الإسلامي، ط2، 1415هـ/ 1995م) ج2، ص696.
[8]الباجي، إحكام الفصول في أحكام الأصول، ج2، ص696-697.
[9]صحيح البخاري، كتاب:أحاديث الأنبياء، باب: ما ذكر من بني إسرائيل.
[10]الباجي، إحكام الفصول في أحكام الأصول، ج2، ص697.
[11]سنن الترمذي، أبواب صفة القيامة والرقاق والورع.
[12]الباجي، إحكام الفصول في أحكام الأصول، ج2، ص697.
[13]صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب: فضل من استبرأ لدينه.
[14]الباجي، إحكام الفصول في أحكام الأصول، ج2، ص698.
[15]الباجي، إحكام الفصول في أحكام الأصول، ج2، ص698.
[16]القرافي، الفروق، ج3، ص411.
[17]ابن عاشور، مقاصد الشريعة، ص270.
[18]علي بن أحمد ىن سعيد بن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ضبطه وتعليق محمود حامد عثمان (القاهرة: دار الحديث، 1426هـ/ 2005م) ص792-793.
[19]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص795.
[20]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص794.
[21]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص795.
[22]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص794.
[23]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص786.
[24]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص786.
[25]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص790.
[26]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص792.
[27]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص787.
[28]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص790.
[29]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص790-791.
[30]الشافعي، الأم، تحقيق رفعت فوزي عبد المطلب (المنصورة: دار الوفاء للطباعة والنشر والوزيع، 1422هـ/ 2001م) ج5، ص245.
[31]الشافعي، الأم، ج5، ص245.
[32]موطأ مالك، كتاب: الأقضية، باب: الترغيب في القضاء بالحق.
[33]الشافعي، الأم، ج5، ص246.
[34]موطأ مالك، كتاب: الحدود، باب: ما جاء في من اعترف على نفسه بالزنا.
[35]الشافعي، الأم، ج5، ص246-247.
[36]تمام القصة أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "البَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ"، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ؟ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "البَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ". فَقَالَ هِلاَلٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) (النور: 6) فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: (إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (النور: 9). فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَجَاءَ هِلاَلٌ فَشَهِدَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟" ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا، وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ، ثُمَّ قَالَتْ: لاَ أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ اليَوْمِ، فَمَضَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ العَيْنَيْنِ، سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ"، فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلاَ مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ." (صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب: ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات...).
[37]الشافعي، الأم، ج5، ص247.
[38]الشافعي، الأم، كتاب إبطال الاستحسان، ج9، ص66.
[39]مسند الشافعي (بيروت: دار الكتب العلمية، 1400ه) ج1، ص268.
[40]الشافعي، الأم، كتاب إبطال الاستحسان، ج9، ص64-65.
[41]الشافعي، الأم، كتاب إبطال الاستحسان، ج9، ص66.
[42]الشافعي، الأم، ج5، ص247.
[43]الشافعي، الأم، كتاب إبطال الاستحسان، ج9، ص66-67.
[44]صحيح مسلم، كتاب: البر والصلة والأدب، باب: تفسير البر والإثم.
[45]صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب: فضل من استبرأ لدينه.
[46]صحيح مسلم، كتاب: الأقضية، باب: الحكم بالظاهر واللحن بالحجة.
[47]صحيح مسلم، كتابك: الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم.
[48]صحيح البخاري، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: ما يكره من التعمق والتنازع في العلم.بين
[49]موطأ مالك، كتاب: الأقضة، باب: القضاء بإلحاق الولد بأبيه.
[50]أبو بكر البيهقي، السنن الكبرى، تحقيق محمد عبد القادر عطا (بيروت: دار الكتب العلمية، ط3، 1424 هـ - 2003 م) ج7، ص280.
[51]أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، مجموع الفتاوى، جمع عبد الرحمن القاسم (الرياض: وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، 1386هـ) ج20، ص312.
[52]موطأ مالك، كتاب: النكاح، باب: جامع ما لا يجوز من النكاح.
[53]موطأ مالك، كتاب: الطلاق، باب: طلاق المريض.
[54]سنن ابن ماجة، كتاب: النكاح، باب: المحلِّل والمحلَّل له.
[55]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص790.
[56]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص792-793.
[57] ابن رجب، جامع العلوم والحكم، تحقيق محمد الأحمدي أبو النور (القاهرة: دار السلام للطباعة والنشر، ط2، 1424هـ) ص822-823.
[58]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص786.
[59]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص795.
[60]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص790.
[61]ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص792.