علم الإسناد ؛ تطبيقات عملية لتخريج الأحاديث النبوية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد؛
لا غرو أن طالب علم الحديث كما يحتاج لتعلم مصطلح الحديث، حتى يفهم اصطلاح أهل الحديث في بيان أنواع الحديث النبوي ، وما يتعلق به من علوم، وما يعتريه من دراسة أسانيده ومتونه، وما فيها من الوقوف على علله ، وصحته وضعفه ، كذلك هو في أمس الحاجة إلى خوض غمار التطبيق العملي لعلم تخريج السنة النبوية، بل أقول إن ما يستفيده طالب علم الحديث من التطبيقات العملية أضعاف ما يعلمه من العلوم النظرية، بل هو الغاية من تعلم مصطلح الحديث، ودراسة الرواة وما يتعلق بذلك من تصحيح وتضعيف.
ولذلك أحببت أن أشارك طلبة العلم دراستي لبعض الأحاديث النبوية ، بشكل عملي تطبيقي، كلما سنحت الفرصة لي بذلك، حتى تعم الفائدة، وتبقى صدقة جارية لي، ولكل من سلك هذا الطريق المبارك، فيتشرف بخدمة أنفاس رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنهجي في هذا الباب أكتب حديثا، وأدرسه في ورقة مستقلة.
ثم أشرح كيف وصلت للنتيجة بأبسط عبارة، وألطف إشارة،والله المستعان وعليه التكلان.
فمن أشكل عليه أمر فعليه بالسؤال وأجيبه بما فتح الله علي بقدر الطاقة والإمكان.
والحمد لله رب العالمين.
كتبه أخوكم أبو آدم عبد المنعم شيبة البيضاوي
يوم الجمعة 02 ربيع الثاني 1444 ه
المغرب.

للأسف تعذر علي تحميل الصورة من عنده حل فليتفضل به مشكورا

لابأس لعله خير، سوف أدونه بشكل خطي، فربما تكون الصورة غير واضحة للبعض، نظرا لكتابتها بخط اليد.
التطبيق الأول: حديث من " المصنف " لابن أبي شيبة تحت عنوان: في تخليل اللحية في الوضوء:
قال : " حدثنا ابن إدريس ، عن هشام، قال: " كان ابن سيرين ، يخللها " (1/ 20)
قلت: ( أبو آدم) نبحث عن ابن إدريس من هو ؛ نبحث فيمن قيل فيه " ابن إدريس " في " تقريب التهذيب " لابن حجر.
فنجد أنه راويين:
الأول: ابن إدريس الكوفي، عبد الله بن إدريس بن زيد الأودي، أبو محمد الكوفي : " قال ابن حجر عنه في " التقريب" (ص491): " ثقة فقيه عابد ".
الثاني : ابن إدريس الشافعي ، وهو محمد بن إدريس بن العباس ، الهاشمي، أبو عبد الله المكي، قال عنه ابن حجر في " التقريب " ( ص 823-824): " وهو المجدد [ أمر الدين ] على رأس المائتين "
فمن المقصود في السند ؟
فنرجع إلى ترجمتهما في " تهذيب الكمال " لنرى الشيوخ والتلاميذ فنجد الأول حدث عن هشام بن يوسف الصنعاني ولم يحدث عنه المصنف (ابن أبي شيبة)
والثاني حدث عن هشام بن عروة وعنه المصنف.
إذا المقصود بابن إدريس في السند هو عبد الله الكوفي .
والإسناد إلى الآن متصل بين المصنف وابن إدريس الكوفي وهشام بن عروة.
طيب بقي التأكد من عدالة هشام بن عروة ؛ قال عنه ابن حجر في " التقريب " ( 45) : " ثقة فقيه ربما دلس "
وللفائدة حينما تقرأ عن راوي عبارة : " ربما دلس " وهو ثقة فلا تلقي لها بالا، لآن تدليسه نادر ولا يضر.
فهو ممن يحتمل تدليسه.
طيب من ابن سيرين ؟ هو العالم الرباني محمد بن سيرين قال عنه ابن حجر في " التقريب " ( ص112) : " ثقة ثبت عابد كبير القدر ..."
جيد عدالته ثابتة فهل سنده متصل بهشام ، نرجع إلى ترجمتهما فلا نجد أحدهما ذكر في ترجمة الآخر ، فنرجع إلى تاريخ ولادتهما ووفاتهما فنجد هشام وفاته 145 وقيل 147
وعمره 87 وابن سيرين توفي 110 وعمره 77 إذا فقد عاصره فاحتمال لقائهما كبير فيتصل سنده به.
وخلاصة البحث: أن هذا الحديث سنده صحيح، رجاله عدول ثقات.

نبهني أخي الفاضل عبد الرحمن بيومي حفظه إلى تعيين هشام فإنه هشام بن حسان بدل هشام بن عروة، فجزاه الله خيرا.
وتنبهت إلى كون ابن إدريس هو عبد الله ابن إدريس بن يزيد الكوفي وهو ثقة فقيه عابد.
وعليه فالسند صحيح رجاله عدول ثقات.
وهذا سبق قلم مني، قد كتبته منذ سنين في عجلة فلم أتنبه إلا الآن فجزى الله أخانا عبد الرحمن البيومي ونفع به، وقد بينت ذلك بالتفصيل في رده فلتنظره هناك بارك الله فيك.

التطبيق الثاني : سند فيه علتين؛
حدثنا عبدة بن سليمان، عن الإفريقي، عن أبي غطيف، عن ابن عمر، يقول: " من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات "
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (16/1).
قلت: ( أبو آدم ) فأما عبدة بن سليمان الكلابي فقد قال عنه ابن حجر في " التقريب " (ص 635) : " ثقة ثبت ".
واتصل سنده بالمصنف وبالإفريقي.
وأما الإفريقي ؛ فهو عبد الرحمن بن زياد بن أنعم أبو خالد الإفريقي.
وهو ضعيف؛ قال ابن حجر : ( ص 578) : " ضعيف في حفظه وكان رجلا صالحا ".
وقد اتصل سنده بأبي غطيف.
وأبو غطيف وهو الهذلي، وقيل أبو غطيف، بالتصغير، : " قال ابن حجر : في " التقريب " ( ص 1189) :" مجهول ، من الثالثة، وقيل: هو غطيف أو غضيف، بالضاد المعجمة "
فهذا سند ضعيف فيه علتين؛ الأولى ضعف الإفريقي.
وانظر " تهذيب الكمال " (102/17).
والثانية: جهالة أبي غطيف.
وباقي رجاله ثقات.