فتح المجيب في التعقيب على رواة " التقريب"

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد ؛
فلما كان علم تخريج الأحاديث النبوية علما متناسقا مرتبطا بمعرفة أحوال رواة الحديث، وكان الحكم على الحديث متوقفا على الحكم على رواته؛ عدالة وضبطا واتصالا، كان من الأهمية بمكان تدقيق الحكم على رواة الحديث النبوي، وفق أقوال أهل الجرح والتعديل، مع الموازنة بينهم عند الاختلاف بقواعد أهل الحديث، التي استقر اصطلاح المحدثين عليها.
وحيث أن الراوي الواحد قد يروي مئات الأحاديث النبوية المتفرقة بين بطون كتب أهل السنة المعتبرة، كان من الضروري الحرص عليهم حرصا شديدا لأنهم نقلة أنفاس رسول الله عليه وسلم.
فلذلك حرصت على تدقيق الحكم على رواة " التقريب" لابن حجر، حتى يكون الحكم على السند حكما صحيحا مدققا، وقد رجعت إلى أقوال أهل الحديث في الكتب الآتية : " تهذيب الكمال " للحافظ المزي ، و " الإكمال " لمغلطاي ، و" الميزان " للذهبي " ، و" تهذيب التهذيب " لابن حجر ، و " الكاشف " للذهبي ، و " الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم " ، ومن تكلم فيه وهو موثق أو صالح الحديث " كلاهما للإمام الذهبي.
وما عدا هذه الكتب فقد تكفل من ذكرت كتبهم سالفا بنقل أقوالهم في كتبهم، والرجوع إلى كتب الرجال غير التي ذكرت لا شك أنه مفيد للتثبت والمقارنة، وإلا فإن التجربة أثبتت ، أن المعول عليه ما ذكرته آنفا من الكتب والله تعالى أعلم.
ومنهجي في هذا المشروع أن أكتفي بنقل كلام الذهبي في " الكاشف " وابن حجر في " التقريب " ، للاختصار واجتنابا للتطويل، وحفاظا على الوقت ، فمن أراد الجمع فدونه ما أشرت إليه من الكتب والله الموفق.
ثم أعقب على حكمهما بما فتح الله علي من النظر في كتب أهل الحديث بقواعدهم التي قرروها في كتبهم.
وأنقل إسم الراوي كاملا في الغالب ومختصرا عند طوله من كتاب " تهذيب الكمال " بترقيمه ، وأزيد الراوة الذين زادهم ابن حجر في " التقريب "، مع الإشارة إلى ذلك.
وأحرص على نقل الكلام مختصرا إلا إن رأيت في نقله كاملا فائدة أو أكثر، فلذلك أنقله كاملا مشيرا إليها أو مكتفيا بالتلميح إليها.
وما حرصي على هذا المشروع إلا لما وقفت عليه من الرواة الذين جانب ابن حجر الصواب في الحكم عليهم، أو ذهل عن الحق فيه، وهم قلة ولله الحمد .
والحق يقال أن أحكام ابن حجر دقيقة جدا ، مع ورع وخوف من الله تعالى ، وانصاف عزيز للراوة تتعجب منه غاية العجب، وهذا هو الغالب على أحكام كتابه الماتع.
والعلم رحم بين أهله.فيكمل بعضهم بعضا، والفضل كله لله عز وجل.
فجزاهم الله خيرا ، ورحمهم رحمة واسعة، ووفقنا الله وإياكم لاقتفاء آثارهم والسير على نهجهم وطريقتهم بوسطية واعتدال.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
كتبه أخوكم : أبو آدم عبد المنعم شيبة البيضاوي
بتاريخ : 29 ربيع الأول 1444 هجرية.
المملكة المغربية.

---

باب الألف
من اسمه أحمد
1- د فق أحمد بن إبراهيم بن خالد الموصلي ، أبو علي ، نزيل بغداد.
قال الذهبي في " الكاشف "(1/ 189) : وثق "
وقال ابن حجر في " التقريب " ( ص 85):" صدوق " .
قلت : ( أبو آدم ) وهو كما قالا؛ صدوق.

2- كن أحمد بن إبراهيم بن فيل الأسدي، أبو الحسن البالسي، نزيل أنطاكية ، والد أبي الطاهر الحسن بن أحمد.
لم يترجم له الذهبي في " الكاشف"
وقال ابن حجر في " التقريب " ( ص 85): " صدوق " .
قلت : ( أبو آدم ) وهو كما قال.

3- م د ت ق أحمد بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح بن منصور بن مزاحم العبدي مولى عبد القيس ، أبو عبد الله البغدادي النكري، المعروف بالدورقي.
قال الذهبي في "الكاشف "(1/ 189): " أحمد بن إبراهيم البغدادي الدورقي، الحافظ ، عن هشيم ، ويزيد بن زريع، والناس، وعنه مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وحاجب بن أركين، وخلق، وله تصانيف ، توفي 246 م د ت ق " .
وقال ابن حجر في" التقريب "( ص 85) : " ثقة حافظ "
قلت : ( أبو آدم ) وهو كما قال.

4- س أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن بكار بن عبد الملك بن أرطأة، ويقال : ابن أبي أرطأة ، القرشي العامري.
أبو عبد الله الملك البسري الدمشقي.
قال الذهبي في : الكاشف : ( 1 / 189): " صدوق "
وقال ابن حجر في " التقريب " ( ص 75): " صدوق "
قلت : ( أبو آدم ) الأغلب على كونه صدوقا، حيث قال النسائي : " لا بأس به.
وقال مسلمة : دمشقي صالح.
وتفرد بثوتيقه ابن عساكر برتبة أعلى من صدوق فقال عنه : " ثقة "
والراجح أنه صدوق ؛ حسن الحديث.
وتنظر ترجمته في " تاريخ الإسلام " ( 21/ 49) للذهبي ، و " " تهذيب لتهذيب " ( 1/ 11) لابن حجر.

5- بخ م ع أحمد بن إبراهيم التيمي
من الأوهام
قال المزي " وهو وهم قبيح وتخليط فاحش ، إنما هو إبراهيم ابن محمد التيمي .."
لم يترجم له الذهبي بهذا الإسم الواهم.
وقال ابن حجر في " التقريب " ( ص 85) : " صوابه إبراهيم بن محمد [ 136، يأتي فيمن اسمه إبراهيم ].
قلت : (أبو آدم ) ينظر في موضعه هناك.

6- س ق أحمد بن الأزهر بن منيع بن سليط بن إبراهيم العبدي ، مولاهم ، أبو الأزهر النيسابوري.
قال الذهبي في " الكاشف " (1/ 190) : " صدوق قاله أبو حاتم وجزرة ".
وقال ابن حجر في " التقريب " ( ص 85): " صدوق ، كان يحفظ ثم كبر فصار كتابه أثبت من حفظه".
قلت : ( أبو آدم ): أغلب أهل الجرح والتعديل على أنه صدوق حسن الحديث، وقلة جعلوه ثقة، لأنه كبر فتغير حفظه ، وكان يعتمد على كتابه، وما نقموا عليه إلا حديث فضل علي رضي الله عنه، وهو بريء من عهدته.
فهو صدوق ثقة ما لم يخالف.
وللإشارة إذا وصفت راوي بوصفين متتابعين مثل صدوق ثقة فهو بينهما وللأول أميل وأظهر.

7- خ أحمد بن إسحاق بن الحصين بن جابر بن جندل السلمي المطوعي، أبو إسحاق البخاري السرماري.
قال عنه الذهبي في " الكاشف " (190/1) : "من يضرب بشجاعته المثل قتل ألفا من الترك ".
وقال عنه ابن حجر في " التقريب " ( ص 85) " صدوق ".
قلت ( أبو آدم ) : وهو كما قال ؛ لأن البخاري لم يجعله في أصل كتابه إلا في باب واحد ، وما عداه في المتابعات والشواهد.

8- م د ت س أحمد بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، أبو إسحاق البصري.
قال عنه الذهبي في " الكاشف" ( 190/1) : " ثقة".
وقال ابن حجر في " التقريب " ( ص ) : " ثقة، كان يحفظ "
قلت: ( أبو آدم ) وهو ثقة حافظ لحديثه، وقد أخرج له مسلم في " الصحيح " .

9- د أحمد بن إسحاق بن عيسى الأهوازي، أبو إسحاق البزاز صاحب السلعة.
قال عنه الذهبي في " الكاشف" ( 190/1) : " صدوق ".
وقال ابن حجر في " التقريب "ّ ( ص 86) : " صدوق "
قلت : ( أبو آدم) وهو كما قالا.

10- ق أحمد بن إسماعيل بن محمد بن نبيه القرشي السهمي، أبو حذافة المدني ، نزيل بغداد.
قال عنه الذهبي في " الكاشف " ( 190/1) : " ضعف ".
وقال ابن حجر في " التقريب " ( ص 86) : " سماعه للموطأ صحيح ، وخلط في غيره ".
قلت : ( أبو آدم ) يستفاد من أقوال أهل الجرح والتعديل النقاط الآتية:
أولا: أن أبا حذافة ضعيف الحديث إلا في سماعه للموطأ فهو صحيح ولا أدري لما لم يصرح بذلك ابن حجر في " التقريب" .
ثانيا: سبب ضعفه تحديثه بالبواطيل عن مالك وغيره، وفيه غفلة وسهو حيث أدخلت عليه أحاديث في غير " الموطأ " فقبلها.
ثالثا: ضعفه يسير من قبل حفظه وغفلته ، يكتب حديثه ويستشهد به في لمتابعات والشواهد.
رابعا: ليس يتعمد الكذب على الصحيح من أقوال أهل العلم.
خامسا: يخالف الثقات في روايته.

11- خ أحمد بن إشكاب الحضرمي، أبو عبد الله الصفار، نزيل مصر
قال الذهبي في " الكاشف " (1/ 190) : " وكان حجة مكثرا "
ولهذا قال ابن حجر في " التقريب " ( ص 86) : " ثقة حافظ "
قلت : ( أبو آدم ) وهو كما قالا ثقة حافظ حجة ، وقد تفرد به ابخاري دون مسلم .

12 - بخ أحمد بن أيوب بن راشد الضبي الشعيري البصري، أبو الحسن.
قال ابن حبان في " الثقات " ( 8 / 19) : " يروي عن ابن أبي عدي وكان روايا لمسلمة بن علقمة حدثنا عنه أبو يعلى الموصلي ربما أغرب " .

وقال الذهبي في " التاريخ " ( 17/ 33) : " وكان ثقة ".

قلت: ( أبو آدم ) لم يوثقه بشكل صريح إلا ابن حبان ؛ حينما أودعه كتابه " الثقات " ومعروف حال ابن حبان في توثيق المجاهيل وقد وصفه بكونه " ربما أغرب " : أي أتى بما يخالف الثقات.
بينما وثقه الذهبي بعد ذلك.

وقال ابن حجر في " التقريب " ( ص 86): " مقبول ".
وهي من أدنى مراتب التعديل المعلق على وجود المتابعة للراوي وإلا فلين الحديث.

والذي أراه أن رواية هؤلاء الأفاضل عنه وهم : البخاري في " الأدب " له، وأبو زرعة ، وأبو يعلى، لا يفهم منه سوى توثيقهم له، ولكن لم ينقل عنهم هذا صريحا، ففهم من ذلك الذهبي رحمه الله أنهم وثقوه، وتوقف ابن حجر فيه لما سبق ولقول ابن حبان " ربما أغرب " وهذا من ورعه وعمق فهمه لحاله بحسب ما وصل إليه علمه.

والذي أراه احتياطا للدين أنه باق على الاحتمال؛ حيث لم ينقل توثيقه عن أحد من الأئمة سوى ابن حبان في " الثقات " وقد أشار شيخنا الألباني رحمه الله، أنه ليس كل من تفرد بوثيقه ابن حبان في " الثقات " مجهول بل إذا روى عنه جمع من الثقات، ولم يأتي بما ينكر عليه ووثقه الذهبي وابن حجر بعبارتي " صدوق " أو " محله الصدق " فهذا يدل على توثيقه وأنه صدوق حسن الحديث.
وهذا ما أدين الله تعالى به في هذا الراوي وأمثاله.
وانظر غير مأمور " تمام المنة " ( ص 25- 26 ) للشيخ الألباني رحمه الله.