رد: هل الحج موروث وثنيّ؟!
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس
هل الحج موروث وثنيّ؟!
هذه جملة من الاجوبة القيمة المفيدة أنقلها تِباعا
" الوثنية " دين أرضي ينتسب إلى الأوثان ، وهي الأصنام والأنصاب والصور ، وأخص أوصاف هذه النسبة هو التعلق بالأوثان بالخوف والرجاء والتذلل والعبادة ، مع قدر من المحبة والتعظيم ، وقد يصاحب ذلك نسبة القوة الذاتية إليها باعتقاد النفع والضر فيها ، وقد لا يكون ذلك إلا عن اعتقادها وسائط إلى القوة الإلهية المطلقة .
أما المسلم الموحِّد فهو الذي لا يتوجه بمعاني العبودية القلبية أو العملية إلا لله تعالى ، ولا يعتبر المكان والزمان إلا ظروفا للقيام بمظاهر العبودية ، فلا ينالها شيء من المعاني التي تقوم في قلبه تعبدا وتذللا لله عز وجل .
ومن لم يفرق بين هذين المفهومين : " التوحيد " ، و " الوثنية " لم يفهم شيئا من تاريخ الأديان وفواصل العقائد التي افترق عليها الناس ، ولم يوثق بشيء من فكره ، ونادى على نفسه بقلة الفهم والاطلاع .
يقول الشيخ محمد رشيد رضا في "مجلة المنار" (16/675) ، جوابا على سؤال طويل يستشكل ما ذكره السائل عن بعضهم : أنَّ شعائر الحج من مظاهر الوثنية ، فقال :
" ما ذكره السائل في تقبيل الحجر الأسود قد سرى إليه من شبهات النصارى والملاحدة ، الذين يشككون المسلمين في دينهم بأمثال هذا الكلام المبني على جهل قائليه من جهة ، وسوء نيتهم في الغالب من جهة أخرى .
ومن عرف معنى العبادة يقطع بأن المسلمين لا يعبدون الحجر الأسود ، ولا الكعبة ، ولكن يعبدون الله تعالى وحده باتباع ما شرعه فيهما ، بل كان من تكريم الله تعالى لبيته أن صرف مشركي العرب وغيرهم من الوثنيين والكتابيين الذين كانوا يعظمونه قبل الإسلام عن عبادته ،
وقد وضعوا فيه الأصنام وعبدوها فيه ، ولم يعبدوه .
ذلك أن عبادة الشيء عبارة عن اعتقاد أن له سلطة غيبية يترتب عليها الرجاء بنفعه لمن يعبده ، أو دفع الضرر عنه ، والخوف من ضره لمن لا يعبده أو لمن يقصر في تعظيمه ، سواء كانت هذه السلطة ذاتية لذلك الشيء المعبود ، فيستقل بالنفع والضرر ، أو كانت غير ذاتية له بأن يُعْتَقَد أنه واسطة بين من لجأ إليه وبين المعبود الذي له السلطة الذاتية .
ولا يوجد أحد من المسلمين يعتقد أن الحجر الأسود ينفع أو يضر بسلطة ذاتية له ، ولا أن سلطته تقريب من يعبد ويلجأ إليه إلى الله تعالى ، ولا كانت العرب في الجاهلية تعتقد ذلك وتقوله في الحجر كما تقول في أصنامها : ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) الزمر/3 ، ( هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ) يونس/18
وإنما عقيدة المسلمين في الحجر هي ما صرَّح به عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند تقبيله ، قال : ( إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) . رواه الجماعة كلهم أحمد والشيخان وأصحاب السنن .
وقد بيَّنَّا في المنار من قبل أن هذا القول روي أيضا عن أبي بكر رضي الله عنه ، وروي مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن أثر عمر كان العمدة في هذا الباب للاتفاق على صحة سنده .
قال الطبري : إنما قال عمر ذلك ... لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام ، فخشي أن يظن الجهال أن استلام الحجر الأسود من باب تعظيم الأحجار ، كما كانت العرب تفعل في الجاهلية ، فأراد أن يعلم الناس أن استلامه اتباع لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا لأن الحجر يضر وينفع بذاته . اهـ .
بقي أن يقال : فما هي حكمة جعل ما ذكر من العبادة ؟
وهل يصح ما قيل من أن النبي صلى الله عليه وسلم تركه في الكعبة مع أنه من آثار الشرك تأليفًا للمشركين ، واستمالة لهم إلى
التوحيد ؟
والجواب : أن الحجر ليس من آثار الشرك ، ولا من وضع المشركين ، وإنما هو من وضع إمام الموحدين إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم ، جعله في بيت الله ليكون مبدأ للطواف بالكعبة يعرف بمجرد النظر إليها ، فيكون الطواف بنظام لا يضطرب فيه الطائفون ، وبهذا صار من شعائر الله ، يكرم ويقبل ويحترم لذلك كما تحترم الكعبة لجعلها بيتًا لله تعالى ، وإن كانت مبنية بالحجارة ، فالعبرة بروح العبادة : النية والقصد ، وبصورتها الامتثال لأمر الشارع ، واتباع ما ورد بلا زيادة ولا نقصان ، ولهذا لا تُقَبَّلُ جميع أركان الكعبة عند جمهور السلف ، وإن قال به وبتقبيل المصحف وغيره من الشعائر الشريفة بعض من يرى القياس في الأمور التعبدية .
وتعظيم الشعائر والآثار الدينية والدنيوية ، بغير قصد العبادة معروف في جميع الأمم ، لا يستنكره الموحدون ولا المشركون ولا المعطلون ، .......[؟]
وجملة القول : أن مناسك الحج من شريعة إبراهيم ، وقد أبطل الإسلام كل ما ابتدعته الجاهلية فيها من وثنيتها وقبيح عملها ، كطوافهم بالبيت عراة ، وإن الكعبة من بناء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام كما هو ثابت عند العرب بالإجماع المتواتر بينهم ، وكانوا يعظمونها هم والأمم المجاورة لهم ، بل والبعيدة عنهم كالهنود ، ولما كانت الكعبة قد جدد بناؤها قبل الإسلام وبعده لم يبق فيها حجر يعلم باليقين أنه من وضع إبراهيم إلا الحجر الأسود ؛ لامتيازه بلونه وبكونه مبدأ المطاف ، كان هو الأثر الخاص المذكر بنشأة الإسلام الأولى في ضمن الكعبة المذكرة بذلك بوضعها وموضعها وسائر خصائصها ، زادها الله حفظًا وشرفًا .
وقد علم بهذا أن الحجر له مزية تاريخية دينية ، ولنا مع علمنا بهذا أن نقول :
إن لله تعالى أن يخصص ما شاء من الأجسام والأمكنة والأزمنة لروابط العبادة والشعائر ، فلا فرق بين تخصيص الحجر الأسود بما خصصه وبين تخصيص البيت الحرام والمشعر الحرام وشهر رمضان والأشهر الحرم ، ومبنى العبادات على الاتباع لا على الرأي .
إذا وعيت ما تقدم كان نورًا بين يديك تبصر به حكم سائر مناسك الحج : أعني بها مما تَعَبَّدَنا الله تعالى بها ، لتغذية إيماننا بالطاعة والامتثال ، سواء عرفنا سبب كل عمل منها وحكمته ، أم لا ، وأنها إحياء لدين إبراهيم أبي الأنبياء وإمام الموحدين المخلصين ، وتذكير بنشأة الإسلام ومعاهده الأولى ، وإن لاستحضار ذلك لتأثيرا عظيما في تغذية الإيمان وتقوية الشعور به ، والثقة بأنه دين الله الخالص الذي لا يقبل غيره .
فإن جهلنا سبب شرع بعض تلك الأعمال أو حكمتها لا يضرنا ذلك ، ولا يثنينا عن إقامتها كما إذا ثبت لنا نفع دواء من الأدوية مركب من عدة أجزاء ، وجهلنا سبب كون بعضها أكثر من بعض ، فإن ذلك لا يثنينا عن استعمال ذلك الدواء والانتفاع به ، ولا يدعونا إلى التوقف وترك استعماله إلى أن نتعلم الطب ونعرف حكمة أوزان تلك الأجزاء ومقاديرها .
أبسط ما يتبادر إلى الذهن من منشإ هذه العبادة – رمي الجمار - أن هذه المواضع التي تسمى الجمرات كانت من معاهد إبراهيم وإسماعيل عليهم السلام ، فشرع لنا أن نقف عند كل واحدة منها ، نكبر الله سبع تكبيرات ، ترمى عند كل تكبيرة حصاة صغيرة بين أصابعنا نعد بها التكبير ،
روى الطبراني والحاكم والبيهقي عن ابن عباس : ( لما أتى خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة ، فرماه بسبعة حصيات حتى ساخ في الأرض ، ثم عرض له عند الجمرة الثانية ، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ) ثم ذكر الجمرة الثالثة كذلك . – [ ورواه ابن خزيمة في صحيحه (2/100) وصححه الحاكم في "المستدرك" ، والألباني في "صحيح الترغيب" (1156) وقد روي مرفوعا وموقوفا ]
فإذا صح أن إبليس عرض لإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في أثناء أداء مناسكه بظهور ذاته أو مثاله ، أو بمجرد التصدي للوسوسة والشغل عن ذكر الله تعالى ، فلا غرابة في قذفه ورجمه كما يطرد الكلب ، فمن المعروف في الأخلاق والطباع أن يأتي الإنسان بعمل عضوي يظهر به كراهته لما يعرض له ، حتى من الخواطر القبيحة ، ودفعه عنه وبراءته منه ، فأخذ الحصيات ورميها مع تكبير الله تعالى من هذا القبيل ، وإن حركة اليد المشيرة إلى البعد لتفيد في دفع الخواطر الشاغلة للقلب ..
والرجم بالحجارة بقصد الدلالة على السخط والتبري أو الإهانة معهود من الناس ، وله شواهد عند الأمم ، كرجم بني إسرائيل مع يشوع ( النبي يوشع عليه السلام ) لمجان بن زراح وأهله وماله من ناطق وصامت ( كما في7 : 24 و25 ) من سفر يشوع ، وكرجم النصارى لشجرة التين التي لعنها المسيح ، ورجم العرب في الجاهلية لقبر أبي رغال في المغمس بين مكة والطائف ؛ لأنه كان يقود جيش أبرهة الحبشي إلى مكة لأجل هدم الكعبة حرسها الله تعالى .
والعمدة في رمي الجمار ما تقدم من قصد التعبد لله تعالى وحده ، بما لا حظ للنفس فيه ، اتباعًا لإبراهيم أقدم رسل الله الذين بقيت آثارهم في الأرض ، ومحمد خاتم رسل الله ومكمل دينه ومتممه الذي حفظ دينه كله في الأرض ، صلى الله عليهم أجمعين .
قال أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في بيان أسرار الحج من "الإحياء" :
وأما رمي الجمار فليقصد به الانقياد للأمر إظهارًا للرق والعبودية ، وانتهاضًا لمجرد الامتثال ، من غير حظ للعقل والنفس في ذلك ؛ ثم ليقصد به التشبه بإبراهيم عليه السلام حيث عرض له إبليس لعنه الله تعالى في ذلك الموضع ليدخل على حجه شبهة ، أو يفتنه بمعصية ، فأمره الله عز وجل أن يرميه بالحجارة طردًا له وقطعًا لأمله .
فإن خطر لك أن الشيطان عرض له وشاهده فلذلك رماه ، وأما أنا فليس يعرض لي الشيطان ، فاعلم أن هذا الخاطر من الشيطان ، وأنه الذي ألقاه في قلبك ليفتر عزمك في الرمي ، ويخيل إليك أنه فعل لا فائدة فيه ، وأنه يضاهي اللعب فلم تشتغل به ؟ فاطرده عن نفسك بالجد والتشمير في الرمي ، فبذلك ترغم أنف الشيطان . واعلم أنك في الظاهر ترمي الحصى إلى العقبة ، وفي الحقيقة ترمي به وجه الشيطان وتقصم به ظهره ، إذا لا يحصل إرغام أنفه إلا بامتثالك أمر الله سبحانه وتعالى تعظيمًا له بمجرد الأمر ، من غير حظ للنفس والعقل فيه. اهـ " انتهى النقل من " مجلة المنار "
وانظر في "أضواء البيان" للأمين الشنقيطي (سورة الحج/27) مبحثين في حكمة الرمي والرمل في الحج.
المصدر الاسلام سؤال وجواب بتصرف
رد: هل الحج موروث وثنيّ؟!
كيف نرد على من يقول إن الطواف عبادة تشبه عبادة الأوثان؟
الجواب
لا بد أن نحدِّد أولا ما هو الجوهر الذي جاءت الشريعة الإسلامية تدعو الناس إليه ، وبه افترقت عن الوثنية الجاهلية ، ثم سندرك بعد ذلك إن كان الطواف بالكعبة من مظاهر الوثنية أو من مظاهر التوحيد والإسلام .
وإذا رجعنا إلى كتاب الله تعالى وجدنا أن جوهر دين الإسلام هو الانقيادُ والاستسلام لأوامر الله ، واتخاذُهُ سبحانه ربا ومعبودا فرداً صمداً ، والكفرُ بما دونه من المعبودات الباطلة .
يقول الله سبحانه وتعالى : ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ) النساء/65 .
وقال تعالى : ( وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) لقمان/22 .
وقال عز وجل : ( وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ) الزمر/54 .
وأما الوثنية الجاهلية فهي تعني الاستسلام لغير الله ، والإقبالَ على أي شيء دون الله من حجر أو وثن أو ولي ، إقبال العابد الراغب الراهب الضعيف الذليل ، وهذه الأمور – في الإسلام - لا تنبغي إلا لله سبحانه وتعالى .
يقول عز وجل : ( اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة/31 .
وقال تعالى : ( ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ) غافر/12 .
ويقول سبحانه : ( مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ) الكهف/26 .
فإذا تقرر هذا استطعنا أن نفرِّق بين حال المسلم الموحِّد ، وبين حال المشرك الوثني في المسائل التي تتشابه في ظاهرها ، فمثلا :
المسلم الموحِّدُ يحبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويعظمه ويبجله ويفديه بروحه ونفسه وماله ويطيع أوامره ، كل ذلك امتثالا لأمر الله تعالى في قوله : ( فالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الأعراف/157 .
أما المشرك الوثني فتراه يُقبل على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، يسأله قضاء حوائجه ، ويستغيث به لتفريج همومه ، ويدعوه دعاء المذلة والعبودية ، فيقيمه مقام الألوهية ، وقد يعتقد أن بيده خزائن السماوات والأرض ، وأن اللوح المحفوظ من علمه ، إلى غير ذلك قاله أو اعتقده بعض الجهلة ، والمشرك في ذلك لم يمتثل أمر الله ، ولا أسلم وجهه له سبحانه ، بل أسلم نفسه لغير الله ، وأطاع الشيطان في ذلك .
ومثال آخر :
المسلم الموحِّد يطيع أوامر الله منقاداً فيها لعظمته سبحانه وتعالى ، فإذا أمره بالسجود لبشر ، أو بتعظيم بشر ، أو حجر : فإنه يمتثل ذلك عبادة لله تعالى ، واستسلاماً لأمره وحكمه ، كما فعلت الملائكة حين أمرهم الله بالسجود لآدم عليه السلام فسجدوا .
أما المشرك الوثني فهو يسجد للبشر أو للحجر تعظيماً لذات البشر والحجر ، وانقياداً لما يتوهمه فيهم من نفع أو ضر ، وإقبالا عليهم بالرغبة والرهبة والخشوع والتذلل ، وهو في ذلك لم يراع أمراً لله تعالى ، ولم يستجب لحكمه سبحانه ، إنما توجه لمخلوق دون الله بالانقياد والعبادة بمحض هواه وإرادته .
ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"أما الخضوع والقنوت بالقلوب والاعتراف بالربوبية والعبودية : فهذا لا يكون على الإطلاق إلا لله سبحانه وتعالى وحده ، وهو لغيره ممتنع باطل ، وأما السجود فشريعة من الشرائع إذ أمرنا الله تعالى أن نسجد له ، ولو أمرنا أن نسجد لأحدٍ من خلقه غيره : لسجدنا لذلك الغير ؛ طاعة لله عز وجل إذ أحب أن نعظِّم من سجدنا له ، ولو لم يفرض علينا السجود : لم يجب البتة فعله ، فسجود الملائكة لآدم عبادة لله وطاعة له وقربة يتقربون بها إليه ، وهو لآدم تشريف وتكريم وتعظيم ، وسجود إخوة يوسف له تحية وسلام" انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 4 / 360 ، 361 ) .
وبذلك نفرق بين أحوال كثيرة قد يتشابه فيها الفعلان في الظاهر ، إلا أن حقيقة أحدهما أنه من الإسلام والتوحيد والإيمان ، والثاني إنما هو شرك وكفر ووثنية .
ومن ذلك الطواف بالكعبة :
فالمسلم الموحد يمتثل أمر الله تعالى له في كل صغير وكبير ، وهو حين يسمع قوله تعالى : ( وَلْيَطَّوَّفُو ا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) الحج/29 : لا يملك إلا أن يمتثل ذلك ، فيطوف بالكعبة المشرفة حبّاً لله ، وطاعة له ، ورغبة إليه سبحانه ، يرجو رحمة من الله ، ويخشى من عذابه ، ولا يتعدى ما أُمر به من الطواف ، فلا يتمسح بأحجار هذا البيت ، ولا يعتقد فيها النفع أو الضر .
أما المشرك الوثني : فهو الذي يطوف بالأحجار أو القباب أو المقامات تعظيماً لها لذاتها ، يرجو منها تفريج الكربات ، وإجابة الدعوات ، يبكي خوفاً منها ، ويتضرع رغبة في عطائها ، ويتقرب إليها بأنواع العبادات من السجود أو الذبح أو الطواف أو الدعاء ، وهو في ذلك لا يمتثل أمراً لله ، ولا شريعة لنبيه صلى الله عليه وسلم ، بل يستجيب للهوى والشيطان .
إذن فالفرق كبير وظاهر بين أعمال أهل التوحيد والإسلام ، وبين مظاهر الوثنية والشرك ، ومن لم يتنبه لهذا الفرق اختلطت عليه الأمور ، وما عاد يفرق بين الكفر والإيمان .
ونرجو أن يكون الفرق بين الحالين قد اتضح-.......المصدر الاسلام سؤال وجواب
رد: هل الحج موروث وثنيّ؟!
دلت الأحاديث الصحيحة على أن من السنة استلام الحجر الأسود والركن اليماني، أما الحجر الأسود فالسنة فيه الاستلام والتقبيل، فإن شق ذك استلمه بيده وقبلها، فإن شق اللمس أشار إليه. روى البخاري ومسلم عن عمر رضي الله عنه قال: (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك). وروى مسلم عن نافع قال: (رأيت ابن عمر استلم الحجر بيده ثم قبل يده، وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله). وروى البخاري عن ابن عباس قال: (طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر). وأما الركن اليماني فالسنة فيه الاستلام فقط، دون تقبيل أو إشارة أو تكبير. وروى الإمام أحمد بمسند صحيح عن ابن عمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا). ومن السنة كذلك الدعاء والوقوف عند الملتزم فقد روى أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن صفوان قال: (فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة هو وأصحابه وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم، وقد صفوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم). والحطيم هو ما بين الركن (الحجر الأسود) والباب وقيل: هو الحجر الأسود وفي هذا دليل على استحباب وضع الخدود على البيت وهو ما بين الركن والباب ويسمى: الملتزم كما روى الطبراني عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال: الملتزم ما بين الركن والباب. قال ابن القيم: وروى البيهقي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزق وجهه وصدره بالملتزم. قال ابن القيم والصحيح أن الحطيم هو الحجر نفسه وهو الذي ذكره البخاري في صحيحه واحتج عليه بحديث الإسراء قال بينما أنا نائم في الحطيم وربما قال: في الحجر. ومما يدل على هذه السنة أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه استلم الحجر وأقام بين الركن والباب فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطا ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله. رواه أبو داود. وأما مقام إبراهيم فإن الله تعالى قال فيه: "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى".[البقرة:125] قال سعيد بن جير: الحجر مقام إبراهيم نبي الله قد جعله الله رحمة، فكان يقوم عليه ويناوله إسماعيل الحجارة. وذكر الإمام ابن كثير في تفسيره الأحاديث والآثار في شأن المقام ثم قال: (فهذا كله يدل على أن المراد بالمقام إنما هو الحَجَر الذي كان إبراهيم عليه السلام يقوم عليه لبناء الكعبة، لما ارتفع الجدار أتاه إسماعيل عليه السلام به ليقوم فوقه ويناوله الحجارة فيضعها بيده لرفع الجدار، وكلما كمل ناحية انتقل إلى الناحية الأخرى يطوف حول الكعبة، وهو واقف عليه كلما فرغ من جدار نقله إلى الناحية التي يليها وهكذا حتى تم بناء جدران الكعبة وكانت آثار قدميه ظاهرة فيه، ولم يزل هذا معروفا تعرفه العرب في جاهليتها، ولهذا قال أبو طالب في قصيدته المعروفة اللامية: وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة على قدميه حافياً غير ناعل وقد أدرك المسلمون ذلك فيه أيضا. انتهى محل الغرض من كلام ابن ابن كثير. والسنة أن يصلي الطائف خلفه ركعتين إذا فرغ من طوافه، وليس من السنة التمسح ولا الطواف به. قال قتادة: إنما أمروا أن يصلوا عنده ولم يؤمروا بمسحه، وما يظنه بعض العامة من كونه قبراً لإبراهيم عليه السلام باطل لا أساس له من الصحة
رد: هل الحج موروث وثنيّ؟!
معنى الوثنية وتبرئة الإسلام منها:
(قال ابن منظور في اللسان: ".. وقد تكرر في الحديث ذكر الصنم والأصنام وهو ما اتخذ إلها من دون الله، وقيل هو ما كان له جسم أو صورة فإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن، ... قال ابن عرفة: ماتخذوه من آلهة فكان غير صورة فهو وثن فإذا كان له صورة فهو صنم خشب أو حجر أو فضة ينحت ويعبد والصنم الصورة بلا جثة ومن العرب من جعل الوثن المنصوب صنما..".
وأما من الناحية الشرعية فلا فرق بينهما فكل ما عبد من دون الله تعالى فهو صنم ووثن).
فكل ما يُعبَد من دون الله هو وثن أو صنم سواءً كان تمثالاً منحوتاً أم صورةً، شجراً أم كوكباً .. إلخ.
ومن ذلك أتت كلمة "الوثنية" وهي أن يتخذ الإنسان وثناً يعبده من دون الله.
وبالتالي كي نقول عن شعيرة معينة أنها "وثنية"، يجب أن تحوي هذه الشعيرة تعبداً لغير الله وتقرباً إليه، وهذا ما لا نجده في الحج والعمرة.
توضيح الفرق بين شعائر الإسلام وممارسات مشركي قريش الوثنية:
1. كل شعائر الحج أوالعمرة من طواف، سعي، رمي جمرات، استلام الركن اليماني، تقبيل الحجر الأسود ..
، كل هذه الشعائر لا يقصد المسلم بأدائها صرف العبادة لغير الله فهو لا يعبد الكعبة ولا الحجر الأسود .. ،
ولا يتخذهما آلهة من دون الله، بعكس مشركي قريش فهم اعتقدوا أن الأصنام آلهة يتقربون إليها ويسألونها ويطلبون منها النفع، وكانوا يقولون كما في الآية:
(وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ)
[سورة الصافات 36]
وكذلك كان حال قوم نبي الله إبراهيم عليه السلام مثلا عندما حطم إبراهيم أصنامهم فقالوا كما ورد في الآية:
(قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ)
[سورة اﻷنبياء 59].
2. المسلم لا يؤمن أن الكعبة أو الحجر الأسود أو الأماكن المقدسة وسيط بينه وبين الله أبداً،
فهو لا يتقرب إلى الكعبة مثلاً ولا يطلب منها أن تشفع له عند الله، المسلم لا يطلب إلا من الله وحده مباشرةً دون وسيط، بعكس مشركي قريش الذين اتخذوا الأصنام وسيطاً يسألونها الشفاعة ويذبحون لها ويقولون كما ورد في الآية:
(مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ)
[سورة الزمر 3]
3. يؤمن المسلم أن الله شرع لنا أقوالاً وأفعالاً مخصوصة (شعائر وعبادات) ومنها الحج والصلاة والزكاة ..
، أمرنا بأدائها تعبداً له وتقرباً إليه وحده، والمسلم ينفذ ذلك ببساطة كما أمره الله تقرباً لله وحده.
وبالتالي شعائر الحج والعمرة ليست وثنية لأنها لا تتضمن أي عبادة أو تقرب لغير الله، وحركات الطواف والسعي ورمي الجمرات وتقبيل الحجر الأسود .، وكل أقوال وأفعال الحج والعمرة هي مجرد تنفيذ لأمر الله مثل حركات الصلاة وأقوالها، نفعلها تقرباً لله وحده لأنه أمرنا بذلك.
ثانياً: تعليل وجود شيء من التشابه بين بعض شعائر الحج وممارسات مشركي قريش قبل الإسلام:
صحيح أن مشركي قريش كانوا يطوفون حول الكعبة قبل الإسلام، لكن هذه الممارسات هي بقايا الشعائر التي كان يفعلها نبي الله إبراهيم عليه السلام الذي دعا إلى توحيد الله سبحانه وتعالى، وليست قريش من بنت الكعبة واختارت الطواف حولها، قال تعالى:
(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
[سورة البقرة 127]
ويقول موقع "إسلام ويب": "فالراجح عند المسلمين أن أول من بنى الكعبة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقيل إن أول من بناها آدم عليه السلام، وقيل الملائكة".
فالطواف على سبيل المثال لا الحصر لم يكن ممارسة وثنية انتقلت للإسلام،
بل هو شعيرة فعلها نبي الله إبراهيم وغيره من الأنبياء عليهم السلام قبل قريش بسنين طويلة،
ومارستها قريش مع انحرافات وضلالات ونصب للأصنام حول الكعبة،
ثم أتى الإسلام فأزال الأصنام وقضى على مظاهر الشرك، وأبقى على بعض شعائر إبراهيم الخليل عليه السلام والله أعلم بها.
*****
أما لممارسات الخاطئة التى لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كالتمسح بجدران الكعبة ونحوه.
ورد في موقع "الإسلام سؤال وجواب":
"لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح سوى الركن اليماني والحجر الأسود.
وعليه فإذا مسح الإنسان أي ركن من أركان الكعبة أو جهة من جهاتها، غير الركن اليماني والحجر الأسود، فإنه يعتبر مبتدعا".
فخلاصة الجواب:
1. الوثنية هي اتخاذ وثن، والوثن هو كل ما يعبد من دون الله، فالوثنية مرتبطة بعبادة غير الله.
2. المسلم لا يعبد الكعبة ولا الحجر الأسود .. ولا يتخذهما آلهة من دون الله، لا يطلب منهما شيئا ولا يتقرب لهما، بعكس الوثني الذي يعتقد أن وثنه (سواء صنم، شجر أو أياً كان) هو إله يعبده ويطلب منه حاجاته كما كان مشركوا قريش.
3. المسلم لا يجعل الكعبة مثلا وسيطا بينه وبين الله فهو لا يطلب إلا من الله وحده مباشرة دون وسيط، بعكس مشركي قريش الذي اتخذوا الأصنام وسيطا فعبدوها لتقربهم إلى الله حسب اعتقادهم.
4. بعض شعائر الحج كالطواف مثلا مارستها قريش قبل الإسلام، لكنها ليست طقوسا وثنية انتقلت للإسلام، بل هي بقايا شعائر نبي الله إبراهيم عليه السلام، مارستها قريش وانحرفت عن الصواب بنصب الأصنام حول الكعبة ثم جاء الإسلام فقضى على الشرك ودعا للتوحيد[منقول]
رد: هل الحج موروث وثنيّ؟!
وقد بينا ولله الحمد التوحيد فى التلبية التي هي شعار الحج وأنها تضمنت إعلان التوحيد وإفراد الله وحده بالعبادة والتوجه والقصد ،
على خلاف ما كان يفعله أهل الجاهلية حين كانوا يعلنون الشرك ويجاهرون به في تلبيتهم ،
فيقولون : ( لبيك لا شريك لك ، إلا شريكًا هو لك ، تملكه وما ملك )
فَأَهَلَّ النبى صلى الله عليه وسلم بِالتَّوْحِيدِ
وقال : " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ ، لاَ شَرِيكَ لَكَ "
فالتوحيد هو أهم مقاصد الحجّ العِظام،
قال جابر رضي الله تعالى عنه “فأهل بالتوحيد”.لتضمن التلبية معاني التوحيد وأنواعه
https://majles.alukah.net/t197158/
رد: هل الحج موروث وثنيّ؟!
نفع الله بكم وزادكم من فضله وإحسانه.