طرق حديث "تابعوا بين الحج والعمرة" ومافي معناها

بسم الله الرحمن الرحيم,
أرى من الأفضل البدء بمسند الإمام الحميدي للتفصيل الذي فيه. ولكن قبل ذلك لابد من التصدير بأصح حديث في هذا الباب من صحيح البخاري
-
صحيح البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن سمي ، مولى أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. (صحيح البخاري - 1693)

سنن الحميدي: حدثنا الحميدي ، ثنا سفيان ، ثنا عاصم بن عبيد الله العمري ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابع ما بين الحج والعمرة فإن متابعة بينهما يزيدان في الأجل، وينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير الخبث. (مسند الحميدي - - 19)
-
قال سفيان : هذا الحديث حدثناه عبد الكريم الجزري ، عن عبدة ، عن عاصم فلما قدم عبدة أتيناه لنسأله عنه فقال : إنما حدثنيه عاصم وهذا عاصم حاضر فذهبنا إلى عاصم فسألناه فحدثنا به هكذا، ثم سمعته منه بعد ذلك فمرة يقفه على عمر ولا يذكر فيه عن أبيه وأكثر ذلك كان يحدثه عن عبد الله بن عامر عن أبيه ، عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سفيان وربما سكتنا عن هذه الكلمة يزيدان في الأجل فلا نحدث بها مخافة أن يحتج بها هؤلاء - يعني القدرية - وليس لهم فيها حجة. (مسند الحميدي - - 19)

وقد روى الحميدي ايضا عن سفيان حديث سمي عن ابي صالح.

ولأننا بدأنا بأهل مكة, "الحميدي عن سفيان" لابد أن نعرج على حديث غريب يروى عن عمرو بن دينار المكي عن ابن عباس.
ووجه الغرابة أن سفيان بن عيينة لايعرفه عن عمرو بن دينار, وهو من أخص الناس به, وعزرة بن ثابت ثقة ومن ابناء الأنصار, والحديث يحتاج المزيد من التقصي للرواة تحت عزرة.
-
النسائي: أخبرنا أبو داود ، قال : حدثنا أبو عتاب ، قال : حدثنا عزرة بن ثابت ، عن عمرو بن دينار ، قال : قال ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما : ينفيان الفقر ، والذنوب ، كما ينفي الكير خبث الحديد. (السنن الصغرى للنسائي - - 2615)
-
أبو داود شيخ النسائي هو الحراني كما رود عند الطبراني(من أبرز تلاميذ النسائي)
-
الطبراني: حدثنا أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي ، ثنا سليمان بن سيف أبو داود الحراني ، ثنا سهل بن حماد أبو عتاب الدلال ، ثنا عزرة بن ثابت ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد. (المعجم الكبير للطبراني - - 11035)
-
وأحاديث أبي عتاب فيها شيء, ولايوجد هذا الحديث في مسند أحمد.

ولأن رواية أبي عتاب سهل بن حماد نقلتنا الى عبد الله ابن عباس وإلى عمرو بن دينار, سنذكر ماورد ايضا عنهما بطرق أخرى:
-
الطبراني: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ، ثنا يحيى بن بكير ، ثنا يحيى بن صالح الأيلي ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر ، والخطايا كما ينفي الكير خبث الحديد. ( المعجم الكبير للطبراني - - 11267 )

الطبراني: حدثنا عبدان بن أحمد ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل ، ثنا حجاج بن نصير ، ثنا ورقاء ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عمر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما يمحوان الخطايا كما ينفي الكير خبث الحديد. ( المعجم الكبير للطبراني - - 13479 )
-
حجاج ابن نصير أحرقوه بالتلقين, ويحيى بن صالح الأيلي ضعفوه أقرب للجهالة عند المتقدمين.
فحتى الآن الحديث مروي عن 4 صحابة:
1) ابو هريرة: صحيح
2) عمر بن الخطاب: فيه عاصم بن عبيد الله
3) ابن عباس, ولا تثبت وفيها غرابة.
4) ابن عمر: وفيه حجاج بن نصير
ومتون الثلاثة الأخيرة متقاربة, وكأنهم يسرقونها من بعضهم.

وأخيرا ما يروى عن ابن مسعود, ونبأ بمسند البزار لأنه ذكر أنه لايروى الا من طريق ابو خالد الاحمر سليمان ين حيان عن عمرو بن قيس الملائي عن عاصم بن ابي النجود عن شقيق عن عبد الله بن مسعود.
-
البزار: وحدثنا عبد الله بن سعيد الكندي ، قال : نا أبو خالد يعني سليمان بن حيان ، قال : نا عمرو بن قيس ، عن عاصم ، عن شقيق بن سلمة ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس له ثواب دون الجنة ، وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه . (مسند البزار - 1530)

أحمد: حدثنا أبو خالد الأحمر ، قال : سمعت عمرو بن قيس ، عن عاصم ، عن شقيق ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب ، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ، وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة . (مسند أحمد ابن حنبل - 3573)


الترمذي: حدثنا قتيبة ، وأبو سعيد الأشج قالا : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن عمرو بن قيس ، عن عاصم ، عن شقيق ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد ، والذهب ، والفضة ، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة وفي الباب عن عمر ، وعامر بن ربيعة ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن حبشي ، وأم سلمة ، وجابر . : حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن مسعود. (جامع الترمذي - 795)

النسائي: أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب ، قال : حدثنا سليمان بن حيان أبو خالد ، عن عمرو بن قيس ، عن عاصم ، عن شقيق ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تابعوا بين الحج والعمرة ، فإنهما : ينفيان الفقر والذنوب ، كما ينفي الكير : خبث الحديد والذهب والفضة ، وليس للحج المبرور ثواب دون الجنة . (السنن الصغرى للنسائي - 2616)

والحديث يروى عن اثنين من "العواصم" , عاصم بن عبيد الله وعاصم بن بهدلة, ولعل كلمة يحيى القطان خطرت له عند التطرق لحديث مشترك المتن روياه كهذا الحديث والله اعلم.

فقد نقلوا عن الإمام يحيى بن سعيد القطان: ما وجدت رجلا اسمه عاصم إلا ووجدته رديء الحفظ.
ونقلوا عن شعبة: حدثنا عاصم بن أبي النجود، وفي النفس ما فيهاونقلوا عن ابن علية: كان سيء الحفظ، وكأن كل من كان اسمه عاصم سيء الحفظ

انتهى النقل,