وقد رأيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حضرها، فاشتريتُ بها بَزًّا
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا مَعْمَر بن راشد عن الزُّهْرِيّ عن عُروة قال: كان حَكِيم بن حِزَام رجلًا تاجرًا لا يَدَع سوقًا بمكة ولا تِهَامَةَ إلا حضرها، وكان يقول كان بتهامة أسواق، أعظمها سوق حُبَاشَة، وهي على ثماني مراحل من مكة طريق الجَنَد فكنتُ أحضرها، وقد رأيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حضرها، فاشتريتُ بها بَزًّا فقدِمت به مكةَ فذاك حين أرسلت خديجة إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، تدعوه إلى أن يخرج لها إلى سوق حُباشة، وبعثت معه غلامها مَيْسَرة، فخرجا فابتاعا بَزًّا من بَزّ الجَنَد وغيره، ومما فيها من التجارة، فرجعا به إلى مكة فربحا فيها ربحًا حسنًا، وكانت سوق تقوم كل سنة في رجب ثمانية أيام.
ماصحة هذا الخبر؟
رد: وقد رأيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حضرها، فاشتريتُ بها بَزًّا
رد: وقد رأيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حضرها، فاشتريتُ بها بَزًّا
هذا إسناد منكر؛ إنما خرجه الزبير بن بكار في الجمهرة (367)، فقال:
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَهْلِهِ، قَالُوا: قَالَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ:
كُنْتُ أُعَالِجُ الْبَزَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَكُنْتُ رَجُلا تَاجِرًا أَخْرُجُ إِلَى الْيَمَنِ، وَإِلَى الشَّامِ فِي الرِّحْلَتَيْنِ ،
فَكُنْتُ أَرْبَحُ أَرْبَاحًا كَثِيرًا، وَأَعُودُ عَلَى فُقُرَاءِ قَوْمِي، وَنَحْنُ لا نُعِدُّ شَيْئًا نُرِيدُ بِذَلِكَ ثَرَاءَ الأَمْوَالِ، وَالْمَحَبَّةَ فِي الْعَشِيرَةِ.وَكُنْتُ أَحْضُرُ الأَسْوَاقَ، وَكَانَتْ لَنَا ثَلاثَةُ أَسْوَاقٍ: سُوقٌ بِعُكَاظَ يَقُومُ صُبْحَ هِلالِ ذِي الْقِعْدَةِ، فَيَقُومُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَيَحْضُرُهُ الْعَرَبُ.
وَابْتَعْتُ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ لِعَمَّتِي خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، فَأَخَذْتُهُ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ.
فَلَمَّا تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهَا زَيْدًا، فَوَهَبَتْهُ لَهُ، فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَابْتَعْتُ حُلَّةَ ذِي يَزَنَ.
فَكَسَوْتُهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَجْمَلَ وَلا أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تِلْكَ الْحُلَّةِ". اهـ.
وَيُقَالُ: إِنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَدِمَ بِالْحُلَّةِ فِي هُدْنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَهُوَ يُرِيدُ الشَّامَ فِي عِيرٍ،
فَأَرْسَلَ بِحُلَّةٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْبَلَهَا، وَقَالَ: " إِنِّي لا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ ". اهـ.
وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (6/53)، فقال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا الضحاك بن عثمان عن أهله قالوا: فذكره.
قلتُ: والجزء الأخير خرجه أحمد في مسنده [14899]، فقال:
حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مُبَارَكٍ، أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ، قَالَ:
كَانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم أَحَبَّ رَجُلٍ فِي النَّاسِ إِلَيَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا تَنَبَّأَ وَخَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ، شَهِدَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ الْمَوْسِمَ وَهُوَ كَافِرٌ،
فَوَجَدَ حُلَّةً لِذِي يَزَنَ تُبَاعُ، فَاشْتَرَاهَا بِخَمْسِينَ دِينَارًا لِيُهْدِيَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عيه وسلم فَقَدِمَ بِهَا عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ، فَأَرَادَهُ عَلَى قَبْضِهَا هَدِيَّةً، فَأَبَى،
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّا لَا نَقْبَلُ شَيْئًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ أَخَذْنَاهَا بِالثَّمَنِ "، فَأَعْطَيْتُهُ حِينَ أَبَى عَلَيَّ الْهَدِيَّةَ". اهـ.
زاد فيما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [3125]، فقال: حَدَّثَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، بهذا الإسناد، قال:
فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا حِينَ أَبَى عَلَيَّ الْهَدِيَّةَ فَلَبِسَهَا، فَرَأَيْتُهَا عَلَيْهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ أَعْطَاهَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ،
فَرَآهَا حَكِيمٌ عَلَى أُسَامَةَ، فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ، أَنْتَ تَلْبَسُ حُلَّةَ ذِي يَزَنَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَاللَّهِ لأَنَا خَيْرٌ مِنْ ذِي يَزَنَ، وَلأَبِي خَيْرٌ مِنْ أَبِيهِ،
قَالَ حَكِيمٌ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ أُعَجِّبُهُمْ بِقَوْلِ أُسَامَةَ". اهـ.
وهذا مرسل صورته؛ وقد أرسل عراك عن عائشة بواسطة عروة وغيره.
ولعله تلقاه من عروة عن عراك، ففيما خرجه الطبراني في المعجم الكبير [3094]، فقال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ الأَصْبَهَانِيّ ُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ الْوَاسِطِيُّ:
ثنا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ:
خَرَجْتُ إِلَى الْيَمَنِ، فَابْتَعْتُ حُلَّةَ ذِي يَزَنَ، فَأَهْدَيْتُهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: " لا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ "، فَرَدَّهَا،
فَبِعْتُها فَاشْتَرَاهَا فَلَبِسَهَا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَهِيَ عَلَيْهِ، فَمَا رَأَيْتُ شَيْئًا فِي شَيْءٍ أَحْسَنَ مِنْهُ فِيهَا صلى الله عليه وسلم فَمَا مَلَكْتُ أَنْ قُلْتُ:
مَا يَنْظُرُ الْحُكَّامُ بِالْفَضْلِ بَعْدَمَا بَدَا وَاضِحٌ ذُو غُرَّةٍ وَحُجُولِ
إِذَا قَايَسُوهُ الْمَجْدَ أرْبَا عَلَيْهِمُ بِمُسْتَفْرَغٍ مَاءِ الذِّنَابِ سَجِيلِ
فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَالْتَفَتَ إِلَيَّ يَبْتَسِمُ، ثُمَّ دَخَلَ وَكَسَاهَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ". اهـ.
وخولف فيما خرجه الطبري في تهذيب الآثار [987]، فقال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمِصْرِيُّ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ، خَرَّ إِلَى الْيَمَنِ، إلخ، فذكره مرسلا.
وعبد الملك بن مسلمة ذكره ابن حبان في الثقات بروايته عن المصريين وذكره في المجروحين بروايته عن المدنيين وروايته هنا عن ابن لهيعة المصري.
والله أعلم.
رد: وقد رأيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حضرها، فاشتريتُ بها بَزًّا