ما صحة زيادة (إلا كتب الله له كل حسنة زلفها) في حديث أبي سعيد الخدري ؟
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أسلم العبد فحسن إسلامه كتب الله له كل حسنة كان أزلفها ومحيت عنه كل سيئة كان أزلفها ثم كان بعد ذلك القصاص الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عز وجل عنها ) .
هل الزيادة صحيحة ؟
لم يذكرها البخاري في روايته المعلقة .
رد: ما صحة زيادة (إلا كتب الله له كل حسنة زلفها) في حديث أبي سعيد الخدري ؟
247 - " إذا أسلم العبد ، فحسن إسلامه ، كتب الله له كل حسنة كان أزلفها ، و محيت عنه
كل سيئة كان أزلفها ، ثم كان بعد ذلك القصاص ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع
مائة ضعف ، و السيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عز وجل عنها " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 437 :
أخرجه النسائي ( 2 / 267 - 268 ) من طريق صفوان بن صالح قال : حدثنا الوليد قال
: حدثنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا سند صحيح ، و قد علقه البخاري في " صحيحه " فقال : قال مالك :
أخبرني زيد بن أسلم به دون كتب الحسنات . و قد وصله الحسن بن سفيان و البزار
و الإسماعيلي و الدارقطني في " غرائب مالك " و البيهقي في " الشعب " من طرق
أخرى عن مالك به .
قال حافظ في " الفتح " ( 1 / 82 ) :
" و قد ثبت في جميع الروايات ما سقط من رواية البخاري و هو كتابة الحسنات
المتقدمة قبل الإسلام . و قوله " كتب الله " أي أمر أن يكتب ، و للدارقطني من
طريق زيد بن شعيب عن مالك بلفظ " يقول الله لملائكته اكتبوا " ، فقيل : إن
المصنف أسقط ما رواه غيره عمدا ، لأنه مشكل على القواعد .
و قال المازري :
الكافر ليس كذلك ، فلا يثاب على العمل الصالح الصادر منه في شركه ، لأن من شرط
المتقرب أن يكون عارفا لمن يتقرب إليه ، و الكافر ليس كذلك .
و تابعه القاضي عياض على تقرير هذا الإشكال . و استضعف ذلك النووي فقال :
" و الصواب الذي عليه المحققون ، بل نقل بعضهم فيه الإجماع أن الكافر إذا فعل
أفعالا جميلة كالصدقة وصلة الرحم ، ثم أسلم ، ثم مات على الإسلام أن ثواب ذلك
يكتب له . و أما دعوى أنه مخالف للقواعد ، فغير مسلم ، لأنه قد يعتد ببعض أفعال
الكفار في الدنيا ككفارة الظهار ، فإنه لا يلزمه إعادتها إذا أسلم و تجزئه "
انتهى .
ثم قال الحافظ :
و الحق أنه لا يلزم من كتابة الثواب للمسلم في حال إسلامه تفضلا من الله
و إحسانا أن يكون ذلك لكون عمله الصادر منه في الكفر مقبولا . و الحديث إنما
تضمن كتابة الثواب ، و لم يتعرض للقبول . و يحتمل أن يكون القبول يصير معلقا
على إسلامه ، فيقبل و يثاب إن أسلم ، و إلا فلا . و هذا قوي . و قد جزم بما
جزم به النووي : إبراهيم الحربي و ابن بطال و غيرهما من القدماء ، و القرطبي
و ابن المنير من المتأخرين .
قال ابن المنير :
المخالف للقواعد ، دعوى أن يكتب له ذلك في حال كفره ، و أما أن الله يضيف إلى
حسناته في الإسلام ثواب ما كان صدر منه مما كان يظنه خيرا ، فلا مانع منه كما
لو تفضل عليه ابتداء من غير عمل ، و كما تفضل على العاجز بثواب ما كان يعمل
و هو قادر ، فإذا جاز أن يكتب له ثواب ما لم يعمل البتة جاز أن يكتب ثواب ما
عمله غير موفى الشروط . و استدل غيره بأن من آمن من أهل الكتاب يؤتى أجره مرتين
كما دل عليه القرآن و الحديث الصحيح ، و هو لو مات على إيمانه الأول لم ينفعه
شيء من عمله الصالح ، بل يكون هباء منثورا ، فدل على أن ثواب عمله الأول يكتب
له مضافا إلى عمله الثاني ، و بقوله صلى الله عليه وسلم لما سألته عائشة عن
ابن جدعان و ما كان يصنعه من الخير :
هل ينفعه ؟ فقال : إنه لم يقل يوما ، رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ، فدل على
أنه لو قالها بعد أن أسلم نفعه ما عمله في الكفر " .
قلت : و هذا هو الصواب الذي لا يجوز القول بخلافه لتضافر الأحاديث على ذلك ،
و لهذا قال السندي في حاشيته على النسائي :
" و هذا الحديث يدل على أن حسنات الكافر موقوفة ، إن أسلم تقبل ، و إلا ترد .
و على هذا فنحو قوله تعالى : ( و الذين كفروا أعمالهم كسراب ) محمول على من مات
على الكفر ، و الظاهر أنه لا دليل على خلافه ، و فضل الله أوسع من هذا و أكثر
فلا استبعاد فيه ، و حديث " الإيمان يجب ما قبله " من الخطايا في السيئات لا في
الحسنات " .
قلت : و مثل الآية التي ذكرها السندي رحمه الله سائر الآيات الواردة في إحباط
العمل بالشرك كقوله تعالى : ( و لقد أوحي إليك و إلى الذين من قبلك لئن أشركت
ليحبطن عملك ، و لتكونن من الخاسرين ) ، فإنها كلها محمولة على من مات مشركا ،
و من الدليل على ذلك قوله عز و جل : ( و من يرتدد منكم عن دينه فيمت و هو كافر
فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا و الآخرة و أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )
و يترتب على ذلك مسألة فقهية و هي أن المسلم إذا حج ، ثم ارتد ، ثم عاد إلى
الإسلام ، لم يحبط ، حجه و لم يجب عليه إعادته ، و هو مذهب الإمام الشافعي
و أحد قولي الليث بن سعد ، و اختاره ابن حزم و انتصر له بكلام جيد متين ، أرى
أنه لابد من ذكره ، قال رحمه الله تعالى ( 7 / 277 ) :
" مسألة - من حج و اعتمر ، ثم ارتد ، ثم هداه الله تعالى و استنقذه من النار
فأسلم فليس عليه أن يعيد الحج و لا العمرة ، و هو قول الشافعي و أحد قولي الليث
و قال أبو حنيفة و مالك و أبو سليمان : يعيد الحج و العمرة ، و احتجوا بقول
الله تعالى : ( لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين ) ، ما نعلم لهم
حجة غيرها ، و لا حجة لهم فيها ، لأن الله تعالى لم يقل فيها : لئن أشركت
ليحبطن عملك الذي عملت قبل أن تشرك ، و هذه زيادة على الله لا تجوز ، و إنما
أخبر تعالى أنه يحبط عمله بعد الشرك إذا مات أيضا على شركه ، لا إذا أسلم ،
و هذا حق بلا شك . و لو حج مشرك أو اعتمر أو صلى أو صام أو زكى لم يجزه شيء من
ذلك عن الواجب ، و أيضا فإن قوله تعالى فيها : ( و لتكونن من الخاسرين ) بيان
أن المرتد إذا رجع إلى الإسلام لم يحبط ما عمل قبل إسلامه أصلا بل هو مكتوب له
و مجازى عليه بالجنة ، لأنه لا خلاف بين أحد من الأمة في أن المرتد إذا رجع إلى
الإسلام ليس من الخاسرين بل من المربحين المفلحين الفائزين ، فصح أن الذي يحبط
عمله هو الميت على كفره ، مرتدا أو غير مرتد ، و هذا هو من الخاسرين بلا شك ،
لا من أسلم بعد كفره أو راجع الإسلام بعد ردته ، و قال تعالى : ( و من يرتدد
منكم عن دينه فيمت و هو كافر فأولئك حبطت أعمالهم ) فصح نص قولنا : من أنه لا
يحبط عمله إن ارتد إلا بأن يموت و هو كافر ، و وجدنا الله تعالى يقول : ( إني
لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى ) ، و قال تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة
خيرا يره ) ، و هذا عموم لا يجوز تخصيصه ، فصح أن حجه و عمرته إذا راجع الإسلام
سيراهما ، و لا يضيعان له .
و روينا من طرق كالشمس عن الزهري و عن هشام بن عروة المعنى كلاهما عن عروة
بن الزبير أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال لرسول الله عليه السلام : أي رسول
الله أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة أو صلة رحم ،
أفيها أجر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أسلمت على ما أسلفت من خير " .
رد: ما صحة زيادة (إلا كتب الله له كل حسنة زلفها) في حديث أبي سعيد الخدري ؟