رد: ضابط الاستغاثة الشركية
الاستغاثة أخص أنواع الدعاء؛ لأنها لا تكون إلا عند وقوع الشدةوالمكروب،
أما الدعاء فيكون من المكروب وغيره، ولذا فإن دعاء المكروب يقال له: استغاثة .
والاستغاثة كالاستعاذة تتضمن كمال الافتقار إلى الله واعتقاد كفايته، والفرق بينهما أن الاستعاذة طلب دفع الشر قبل وقوعه، والاستغاثة طلب رفعه بعد نزوله.
والاستغاثة الشركية، هي:
الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ كغفران الذنوب، والهداية، وإنزال المطر، أو الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه المستغاث به؛ كالاستغاثة بالغائب أو الميت أو الحي الحاضر الذي لا يقدر على الإغاثة؛ لأنه لا يفعله إلا من يعتقد أن لهؤلاء تصرفًا خفيًّا في الكون، فيجعل لهم حظًّا من الربوبية
وضابط ذلك أن يستغيث بغير الله فيما لا يقدر عليه المستغاث به،
أي: يستغيثُ بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله؛
فالاستغاثة بغير الله تكون شركًا إذا كان قد استغاث بما لا يقدر عليه المستغاث به حال الاستغاثة، لكونه ميتًا أو غائبًا، أو أن يكون الشيء مما لا يقدر على إزالته إلا الله جل وعلا، كما لو استغاث بحي حاضر لينزل المطر،
وإن استغاث بالمخلوق فيما يقدر عليه غير الله من المخلوقين،
لكن هذا المخلوق المعين لم يقدر على هذا الشيء المعين، فإنه لا يكون شركًا؛ لأنه لم يعتقد في المخلوق شيئًا لا يصلح إلا لله جل وعلا، كمن وقع في غرق واستغاث برجل لا يُحسن السباحة،
فهذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه، ولكن لا تعتبر استغاثته به شركًا؛
لأن الإغاثة من الغرق ونحوه، يصلح في الغالب أن يكون المخلوق قادرًا عليها،
فالاستغاثة عمل ظاهر وليست عملًا قلبيًّا كالاستعاذة،
ولذا تجوز بالمخلوق بشرطين:
الأول: أن يكون المستغاث به حيًّا وحاضرًا،
فإذا كان المستغاث به ميتًا أو غائبًا، فالاستغاثة به شرك؛ لأن الأموات جميعًا والغائبين لا يقدرون على الإغاثة؛
فالاستغاثة بهم فيها تعلق قلب المستغيث بأنهم يستطيعون ويقدرون أن يغيثوه، واعتقاده فيهم ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه؛ والاستغاثة عبادة، ولا مُغيث على الإطلاق إلا الله جل جلاله.
الثاني: أن يكون المستغاث به الحي الحاضر قادرًا على ما طُلب منه، فإذا لم يكن قادرًا فالاستغاثة به شرك
فالمقصود:
أنه لا تجوز الاستغاثة بميت، أو بحي غائب، أو بحي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله جل جلاله