فانطلقا إلى النار فجعل تميم يحوشهما بيده حتى دخلت الشعب

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا عفان ( ح )
وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان أنبأنا أبو سهل بن زياد حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي حدثنا عفان بن مسلم حدثنا حماد بن سلمة عن الجريري عن أبي العلاء عن معاوية بن حرمل قال قدمت المدينة فلبثت في المسجد ثلاثا لا أطعم قال فأتيت عمر فقلت يا أمير المؤمنين تائب من قبل أن يقدر عليه قال من أنت قلت أنا معاوية بن حرمل قال اذهب إلى خير المؤمنين فأنزل عليه قال وكان تميم الدارمي إذا صلى ضرب بيده عن يمينه وعن شماله فأخذ رجلين فذهب بهما فصليت إلى جنبه فضرب يده فأخذ بيدي فذهب بي فأتينا بطعام فأكلت أكلا شديدا وما شبعت من شدة الجوع قال فبينا نحن ذات يوم إذ خرجت نار بالحرة فجاء عمر إلى تميم فقال قم إلى هذه النار فقال يا أمير المؤمنين ومن أنا وما أنا قال فلم يزل به حتى قام معه قال وتبعتهما فانطلقا إلى النار فجعل تميم يحوشهما بيده حتى دخلت الشعب ودخل تميم خلفها قال فجعل عمر يقول ليس من رأى كمن لم ير قالها ثلاثا لفظ حديث الصغاني
ماصحة هذا الأثر؟

يروى هذا الأثر عن حماد بن سلمة من أربعة طرق، الأول: من طريق الحجاج بن المنهال، والثاني: طريق عفان بن مسلم، والثالث: طريق محمد بن عنبسة الخزاعي، والرابع: طريق بشر بن مبشر، جميعهم عن حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي العلاء ابن الشخير، عن معاوية بن حرمل.

طريق الحجاج بن المنهال:

أخرجه أبو داود في الزهد، ص 328 و 329، رقم 380، قال أبو داود: ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: نا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: نا حَمَّادٌ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، فِيمَا نَحْسِبُ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْمَلٍ، قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَبِثْتُ فِيهَا ثَلَاثًا لَا أَطْعَمُ شَيْئًا، فذكره.

طريق عفان بن مسلم:

يروى هذا الأثر عن عفان بن مسلم من ثلاثة طرقٍ، الأول: طريق جعفر الصائغ، والثاني: طريق محمد بن إسحاق الصاغاني، والثالث: طريق إسحاق بن الحسن الحربي، وأما طريق جعفر الصائغ، أخرجه أبو نعيم في الدلائل، ج 1، ص 583، رقم 534، قال أبو نعيم: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا جَعْفَرٌ الصَّائِغُ، ثنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَرْمَلٍ، به.
وأما طريق محمد بن إسحاق الصاغاني، فقد أخرجه البيهقي في الدلائل، ج 6، ص 80، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق، ج 11، ص 78، فقال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، فساقه، إلا أن ابن عساكر قد جاء في الطريق الذي رواه من جهة البيهقي فقال: عن محمد بن إسحاق الصاغاني، عن عثمان، عن عفان.

وأما طريق إسحاق بن الحسن الحربي، فقد أخرجه البيهقي في الدلائل، ج 6، ص 80، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه، ج 11، ص 78، فقال: وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ.

طريق محمد بن عنبسة الخزاعي:

أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، كرامات الأولياء، ج 9، ص 170 و 171، رقم 113، أخبرنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ثنا الْفَضْلُ بْنُ حُبَابٍ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَنْبَسَةَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْمَلٍ، خِتْنَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ قَالَ، فذكره.

طريق بشر بن مبشر:

يروى هذا الأثر عن بشر بن مبشر من طريقين، الأول: طريق عبد الرحيم بن سلام، والثاني: طريق أحمد بن إبراهيم العبدي.
وأما طريق عبد الرحيم، أخرجه بحشل في تاريخ واسط، ص 231 و 232، ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ مُبَشِّرٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الجريري، عَنْ أَبِي الْعَلاءِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَرْمَلٍ، وأما طريق أحمد بن إبراهيم العبدي، فقد أخرجه البغوي في معجم الصحابة، ج 1، ص 371، رقم 238، حدثنا أحمد بن إبراهيم العبدي، نا بشر بن مبشر، عن حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي العلاء، عن معاوية بن حرمل -ختن مسيلمة الكذاب- قال: قدمت على عمر، فذكره.

والحاصل أن مدار الأثر على حماد بن سلمة، وحماد قد اختلط بآخره، ولا يضره هذا، فلم يكن اختلاطه بالفاحش، وأصح الطرق عن حماد من بين هؤلاء كلهم هو طريق عفان، والجريري قد اختلط كذلك بسبب الطعن في السن، ولكن حماد قد سمع منه قبل اختلاطه، وأبو العلاء ابن الشخير من كبار التابعين الثقات، وأما معاوية بن حرمل فقد ذكر الذهبي أنه لا يعرف، وقد ذكره ابن حجر في الإصابة في القسم الثالث من كان في عهد النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم، ويمكنه أن يسمع منه، ولم ينقل أنه سمع منه سواء كان رجلا أو مراهقا أو مميزا، ج 6، ص 238، ترجمة 8455.

ولعل الراجح في حال معاوية بن حرمل هذا أنه مستور، وقد تقوى حاله برواية أبي العلاء عنه، فهو من كبار التابعين، قال الذهبي: وقولُهم: "مجهول"، لا يلزمُ منه جهالةُ عينِه. فإن جُهِلَ عينُه وحالُه، فأَولَى أن لا يَحتجُّوا به. وإن كان المنفردُ عنه مِن كبارِ الأثبات، فأقوى لحاله، ويَحتَجُّ بمثلِه جماعةٌ كالنَّسائيّ وابنِ حِباَّن، الموقظة، ص 79.

فلعل الأثر يمكن أن يقال فيه أنه ضعيف، وفي تصحيحه نظرٌ، لأجل انعدام المعرفة التامة بحال معاوية بن حرمل، وأمثل الطرق التي يروى بها هي طريق عفان عن حماد، والله أعلم، وهذه القصة تروى في مناقب تميم الداري –رضي الله عنه-، والحمد لله رب العالمين.

جزاكم الله خيراً.

وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم