عمليات التجميل.. منظور آخر

عمليات التجميل.. منظور آخر


ياسر حمودة أبو الريش


سمعنا عن عمليات التجميل التي تجرى للوجه، ولكن عمليات التجميل التي نحن بصددها هنا هي عمليات تجميل من نوع آخر، نوع لا يحتاج إلى (بنج) أو مشارط ولا قطن ولا شاش.


هي عمليات تحتاج فقط إلى نفوس تريد أن تقوم بها.

هي عمليات تجميل الروح، فهل سمع أحد عنها؟ دعونا نتكلم عنها.

هي عمليات تنقية للروح والنفس من الحقد والحسد والغل والضغائن والرذائل وكل الصفات المنبوذة وغير المستحبة، هي عملية غسيل للروح من الدرن الذي علق بها، فأنت تغسل وجهك مرات عدة في اليوم، ولكن هل فكرت أن تغسل روحك مرة واحدة كل شهر على الأقل؟

وهنا يظهر سؤال، كيف تعرف أنك تحتاج لإجراء هذه العملية؟ يكفيك أن تنظر في مرآة نفسك وتسترجع شريط أعمالك وتتمعن فيه، وستعرف إن كنت تحتاج لعملية تجميل أو لا، أو أن تذهب لصديقك المخلص ذي الدين الذي يصدقك القول والنصيحة وتقول له: أخبرني ماذا تراني؟ هل أنا مقصر أم أسير على الطريق الصحيح؟

إنها عملية ليست لها أي آثار جانبية، ولكنها كلها آثار إيجابية؛ فهي تجعل وجهك يضيء ويتلألأ، وقلبك يمتلئ سعادة وراحة، وروحك استقرارا واطمئنانا.

وإذا ملأ الإيمان صدرك فسترى نفسك أحسن وأجمل وأقوى من كل الناس؛ لأنك أخذت لقاحا ضد الشياطين «من الإنس والجن» ومصلا واقيا من الهم والغم الذي يأتي عن طريق الذنوب والمعاصي، ولكن تذكر أنه عليك اتباع الآتي بعد إجراء العملية:

1 - الابتعاد عن كل رذيلة والتمسك بكل فضيلة.

2 - يجب أن يكون لك خطوات تقوم بها بنفسك كل فترة لتحاسبها وتعرف مواطن الخلل وتعالجها أو القوة فتشجعها.

3 - ذكر الله؛ لأنه كما يقول ابن تيمية: ذكر الله للقلب مثل الماء للسمك.

4 - إياك ورفاق السوء، إنهم مثل المرض الفتاك.

ولا تقل: إن الطبع يغلب التطبع وإني لا أستطيع أن أتطبع على هذا، ويكفيك أن تتذكر أن ممن أجرى العملية الفضيل بن العياض، فقد كان قاطع طريق، وفي مرة وهو يتسلق السور سمع صوتا، وكان هذا الصوت صوت رجل يتلو القرآن، وسمع آية: {ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق} فقال الفضيل: آن يا رب آن يا رب، ونزل من على السور ودموعه تسقط من عينيه، وعلى الفور أجرى عملية التجميل، وأصبح الفضيل بن عياض العالم الفقيه الذي لا يخلو كتاب من كلمة له.


وإلى الشباب:

تذكروا كلمة أبي الحسن الندوي: قلب بلا إيمان ككتلة لحم ميتة ولكنها ترمى في القمامة، وعين بلا إيمان مقلة عمياء، ويد بلا إيمان خاطئة آثمة، وجيل بلا إيمان قطيع من الغنم، وقصيدة بلا إيمان كلام ملفق، وكتاب بلا إيمان كلام مصفف؛ فجمّل روحك بالإيمان واملأ قلبك بالقرآن وحرّك لسانك بذكر الرحمن و{ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء}.