لا تزالُ يدُ اللهِ على هذه الأُمةِ وفي كنَفِه ما لم يرفُقْ خيارُهم أَشرارَهم

عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّه قالَ: «لا تزالُ يدُ اللهِ على هذه الأُمةِ وفي كنَفِه ما لم يرفُقْ خيارُهم أَشرارَهم، وما لم يُعظمْ أَبرارَهم فُجارَهم، وما لم يَمِلْ قُراؤُهم إلى أُمرائِهم، فإذا فَعلوا ذلكَ رفعَها عَنهم، وسلَّط عليهم جَبابرَهم فسامُوهم سوءَ العذابِ، وألزمَهم الفاقةَ، وقذفَ في قلوبِهم الرعبَ».

ماصحة هذا الحديث؟

روى من مرسل الحسن البصري ، ومن قول معاذ بن جبل ، وفي رسالة الثوري إلى عباد بن عباد.

مرسل الحسن البصري
أخرج ابن المبارك في "الزهد" (821) ، ومن طريقه الداني في "الفتن" (331) ، وأخرج ابن أبي الدنيا في "العقوبات" (4) ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن بسام ، كلاهما (عبد الله بن المبارك ، واسماعيل) ، عن صالح المُري ، عن خُلَيْدُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ تَحْتَ يَدِ اللَّهِ، وَفِي كَنَفِهِ، مَا لَمْ تُمَالِ قُرَّاؤُهَا أُمَرَاءَهَا، وَمَا لَمْ يُزَكِّ صَالْحُوهَا فُجَّارَهَا، وَمَا لَمْ يُمَنِّ خِيَارُهَا شِرَارَهَا، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَدَهُ، ثُمَّ سَلَّطَ عَلَيْهِمْ جَبَابِرَتَهُمْ ، فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ، وَضَرَبَهُمْ بِالْفَاقَةِ وَالْفَقْرِ، وَمَلَأَ قُلُوبَهُمْ رُعْبًا»

وصالح بن بشير المُري ، قال ابن المديني ، وابن معين - في رواية -: ((ليس بشئ)) ، وقال عمرو بن علي الفلاس: (( ضعيف الحديث ، يحدث بأحاديث مناكير عن قوم ثقات)) ، وقال البخاري: ((منكر الحديث)) ، وقال أبو داود: ((لا يُكتب حديثه)) ، وقال الدارقطني ، والنسائي - في رواية-: ((ضعيف الحديث)) ، وقال النسائي - في رواية أخرى -: ((متروك الحديث)) ، وقال ابن عدي: ((عامة أحاديثه التي ذكرت والتي لم أذكر منكرات ينكرها الأئمة عليه وليس هو بصاحب حديث وإنما أتي من قلة معرفته بالأسانيد والمتون وعندي مع هذا لا يتعمد الكذب بل يغلط بينا)).

وخليد بن حسان ، قال السليماني: ((فيه نظر)) ، وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات وقال: ((يخطىء ويهم)) ، وقال الخليلي: ((لا يُتفق عليه وإنما يكتب حديثه للاعتبار)).

قول معاذ بن جبل
أخرج أبو داود في "الزهد" (185) من طريق محَمَّدٍ بْنَ الْمُهَاجِرِ[الشامي]، عَنْ بِسْطَامٍ بْنَ جَمِيلٍ يَذْكُرُهُ عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: لَا تَزَالُ يَدُ اللَّهِ مَبْسُوطَةً عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُمْ فِي كَنَفِهِ وَجَنَاحِهِ مَا لَمْ. . خِيَارُهُمْ شَرَارَهُمْ، وَيُعَظِّمُ بَرُّهُمْ فَاجِرَهُمْ،. . قُرَّائُهُمْ مَعَ أُمَرَائِهِمْ عَلَى مَعْصِيَةِ رَبِّهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَمْسَكَ اللَّهُ يَدَهُ عَنْهُمْ، وَأَمْسَكَ الْقَطْرَ عَنْهُمْ، وَأَظْهَرَ الْفَاقَةَ فِيهِمْ، وَجَعَلَ الرُّعْبَ مَعَهُمْ.
وبسطام ، قال الأزدي: ((ليس حديثه بشئ)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" ، وقال الذهبي: (( ضعيف)).
ومكحول لم يسمع من معاذ ، فهو منقطع.

رسالة الثوري إلى عباد بن عباد
وهذه الرسالة صحيحة أخرجها ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (86/1) ، وأبو بكر المروزي في "أخبار الشيوخ" (337) ، وأبو نعيم في "الحلية" (376/6) ، وجاء فيها: ((وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لا تَزَالُ يَدُ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ وَفِي كَنَفِهِ مَا لَمْ يَرْفُقْ خِيَارُهُمْ أَشْرَارَهُمْ، وَمَا لَمْ يُعَظِّمْ أَبْرَارُهُمْ فُجَّارَهُمْ، وَمَا لَمْ يَمِلْ قُرَّاؤُهُمْ إِلَى أُمَرَائِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ رَفَعَهَا عَنْهُمْ، وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ جَبَابِرَهُمْ فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ، وَأَلْزَمَهُمُ الْفَاقَةَ، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ» )).
هكذا ذكره بلا إسناد ، فلا يُحتج به.

والله أعلم.

جزاكم الله خيرا.