الامر يستلزم المحبة ( يا أبت افعل ما تؤمر ) . كيف نوفق بين ذلك ؟
.............................. ..............
يقول ابن القيم رحمه الله في ( شفاء العليل )
الأمر يستلزم الإرادة الدينية ولا يستلزم الإرادة الكونية فإنه لا يأمر إلا بما يريده شرعا ودينا وقد يأمر بما لا يريده كونا وقدرا كإيمان من أمره ولم يوفقه للإيمان مراد له دينا لا كونا وكذلك أمر خليله بذبح ابنه ولم يرده كونا وقدرا وأمر رسوله بخمسين صلاة ولم يرد ذلك كونا وقدرا وبين هذين الأمرين وأمر من لم يؤمن بالإيمان فرق .
فإنه سبحانه لم يحب من إبراهيم ذبح ولده وإنما أحب منه عزمه على الامتثال وأن يوطن نفسه عليه وكذلك أمره محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء بخمسين صلاة وأما أمر من علم أنه لا يؤمن بالإيمان فإنه سبحانه يحب من عباده أن يؤمنوا به وبرسله ولكن اقتضت حكمته أن أعان بعضهم على فعل ما أمره ووفقه له وخذل بعضهم فلم يعنه ولم يوفقه فلم تحصل مصلحة الأمر منهم وحصلت من الأمر بالذبح . انتهى
بارك الله فيكم
قد تقرر عند اهل السنة التفريق بين الامر الكوني و الشرعي . و الشرعي يستلزم المحبة . يعني كل ما امر به الله عز وجل شرعا فهو محبوب له عز وجل .
فكيف نحمل امره عز وجل ابراهيم عليه السلام بذبح ولده . وهو لا يحب ذلك ؟
تفسير المنار
الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ لِمَا فِي نَفْسِ ذَلِكَ الشَّيْءِ مِنَ الْحُسْنِ وَالْمَنْفَعَةِ ، وَقَدْ يَكُونُ ابْتِلَاءً لِلْعَبْدِ لِأَجْلِ الْقِيَامِ بِهِ لِمَحْضِ الِامْتِثَالِ وَالطَّاعَةِ وَهَذِهِ مَصْلَحَةٌ وَمَنْفَعَةٌ حَسَنَةٌ، لَكِنَّ حُسْنَهَا لَيْسَ فِي ذَاتِهَا بَلْ فِي شَيْءِ خَارِجٍ عَنْهَا، وَمِنْهُ أَمْرُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِذَبْحِ وَلَدِهِ. انتهى
فهل يمكن في هذا الموطن ان نقول ان الذبح ليس محبوب لذاته بل لشيء خارج عنه ؟
لكن ومع هذا فيبقى الاشكال قائم في الامر الشرعي انه يستلزم المحبة للمامور به دائما .
اللهم الا ان نقول ان المحبة في بعض الاوامر لا ترجع لنفس المامور به . بل ترجع لامر يترتب عليه فتكون لامر خارج عنه فلا ترجع المحبة لنفس المامور ؟
رد: الامر يستلزم المحبة ( يا أبت افعل ما تؤمر ) . كيف نوفق بين ذلك ؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني
اللهم الا ان نقول ان المحبة في بعض الاوامر لا ترجع لنفس المامور به . بل ترجع لامر يترتب عليه فتكون لامر خارج عنه فلا ترجع المحبة لنفس المامور به ؟
نعم بارك الله فيك وهو واضح فى كلام الامام ابن القيم-فإنه سبحانه لم يحب من إبراهيم ذبح ولده وإنما أحب منه عزمه على الامتثال
اقتباس:
وَقَدْ يَكُونُ ابْتِلَاءً لِلْعَبْدِ
سنة الله تعالى أن يبتلي عباده؛ ليميز الخبيث من الطيب، ويرفع من شاء من أنبيائه وأوليائه ما شاء، وليمحص الذين آمنوا ويمحق الكافرين، وممن تابع الله تعالى عليهم الابتلاء خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فكان مثال الكمال في الوفاء في جميع ما ابتلاه ربه به، قال الله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124] وأثنى عليه تعالى بقوله: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}فأمر الله لابراهيم بذبحه؛ ابتلاءً وامتحانًا له في إخلاصه العبودية والمحبة لربه، وليرفعه عنده تعالى درجات إذا وفى
ومنها ايضا تحقيق العبوديّة لله -تعالى- في قلب إبراهيم -عليه السلام-؛ فالله -تعالى- قد اتّخذ إبراهيم خليلاً، ولا يكون الخليل في قلبه أيُّ نظرٍ إلى غير محبوبه، - وليخلص قلبه لمحبته سبحانه دون محبة غيره جل وعلا- ولذلك أراد الله -تعالى- اختبار قلب خليله إبراهيم -عليه السلام- وإلى ما سيميل قلبه عندما يأمره بذبح ابنه البكر وأوّل من رأى من الذرّية بعد سنين طوالٍ من انتظار الولد؛ فكان ذلك اختبارٌ لقلب إبراهيم -عليه السلام-، وحقيقة عبوديّته لله -تعالى-.
إبراهيم عليه السلام، حين أمره الله أن يذبح ابنه إسماعيل فامتثل أمر الله -وإبليس حين امر بالسجود ( استكبر ) ولم يمتثل أمرالله تحقيق العبوديّة لله -تعالى- في قلب إبراهيم -عليه السلام-؛ فالله -تعالى- قد اتّخذ إبراهيم خليلاً، ولا يكون الخليل في قلبه أيُّ نظرٍ إلى غير محبوبه، ولذلك أراد الله -تعالى- اختبار قلب خليله إبراهيم -عليه السلام- وإلى ما سيميل قلبه عندما يأمره بذبح ابنه البكر وأوّل من رأى من الذرّية بعد سنين طوالٍ من انتظار الولد؛ فكان ذلك اختبارٌ لقلب إبراهيم -عليه السلام-، وحقيقة عبوديّته لله -تعالى-.