وَالأَمَانَةُ خَيْرٌ مِنَ الْخَاتَمِ ، وَالْخَاتَمُ خَيْرٌ مِنْ ظَنِّ السَّوْءِ

35828- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي الْمُحَجِّلِ ، عَنِ ابْنِ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ أَبُو ذَرٍّ : الصَّاحِبُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ ، وَالْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ صَاحِبِ السُّوءِ ، وَمُمْلِي الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنَ السَّاكِتِ ، وَالسَّاكِتُ خَيْرٌ مِنْ مُمْلِي الشَّرِ ، وَالأَمَانَةُ خَيْرٌ مِنَ الْخَاتَمِ ، وَالْخَاتَمُ خَيْرٌ مِنْ ظَنِّ السَّوْءِ..

ماصحة هذا الأثر؟

خرجه ابن أبي شيبة في مصنفه وعنه ابن أبي عاصم في الزهد بعضه متفرقا [39]، [65]،
وابن أبي الدنيا في العزلة والانفراد [163]، من طريق: أبي أُسَامَةَ، قال: أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الْمُحَجَّلِ، عَنِ ابْنِ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فذكره.
وخولف أبو أسامة فيما خرجه الخطابي في العزلة [1 : 56]، فقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْتِبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُكْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ [أبي] الرَّبِيعِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الْمُحَجَّلُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: فذكره.
قلتُ: قوله: "أبو سليمان"، تحريف؛ إنما هو سفيان الثوري كذا قرأه بعض المحققين، وأن المتن متن الثوري، وأن عبد الرزاق لم يكنِّ شيخا له بأبي سليمان فيما أعلم.
وهذا من الاضطراب على أبي المحجل، فخرج الدولابي في الكنى والأسماء [1734]، فقال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي الْمُحَجَّلِ، عَنْ مَعْفَسِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِي السَّنِيَّةِ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ مُحْتَبِيًا بِكِسَاءٍ مِنْ صُوفٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: فذكره.
قلتُ:والصواب ابن الشنية كما خرج الخرائطي في مكارم الأخلاق [753]، فقال:
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سَعْدَانُ بْنُ يَزِيدَ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي الْمُحَجَّلِ، عَنْ مَعْفَسِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ، عَنِ ابْنِ الشَّنِّيَّةِ، قَالَ: فذكره.
وتوبع فيما خرجه الشهاب في مسنده، فقال: وَأَنَاهُ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ الأَذَنِيُّ، نا أَبُو عَرُوبَةَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، نا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. اهـ.
وابن الشنية ذكره ابن ماكولا في الإكمال، وقال: "روى عن أبي ذر الغفاري، وحدث عنه معفس بن عمران بن حطان". اهـ.
وخولف في رفعه فيما خرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق: محمد بن سعيد وهو الأصفهاني، قال:
عن شريك، عن أبي المحجل، عن معفس بن عمران بن حطان، عن عبد الله، سمع أبا ذر، يقول: "الجليس الصالح خير من الوحدة والوحدة خير من الجليس السوء". اهـ.
وتوبع فيما خرجه إسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب [1737] من طريق: عون بن سلام، قال:
ثنا شريك، عن أبي المحجل، عن معفس، عن ابن شيبة، عن أبي ذر –رضي الله عنه- قال:((إملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشر، والجليس الصالح خير من الوحدة، والوحدة خير من جليس السوء)) . اهـ.
قلتُ: عبد الله بن شيبة ذكره ابن أبي حاتم في شيوخ معفس فهو مجهول.
وخرج ابن أبي الدنيا وغيره في العزلة والانفراد [126]، فقال: ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ:
جَلَسْتُ إِلَى أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ يُسَبِّحُ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: أَمْلِ الْخَيْرَ تُمْلأْ خَيْرًا، أَلَيْسَ خَيْرًا؟ قُلْتُ: بَلَى وَاللَّهِ، أَصْلَحَكَ اللَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى التَّسْبِيحِ،
قَالَ: وَالسُّكُوتُ خَيْرٌ مِنْ إِمْلاءِ الشَّرِّ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ قُلْتُ: بَلَى، ثُمَّ قَالَ: وَالْجَلِيسُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: وَالْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ قُلْتُ: بَلَى ". اهـ.
قلتُ: إسناد حسن، صالح بن رستم "صدوق كثير الخطأ"، كذا قال الحافظ ابن حجر، وباقي الرواة ثقات، ويتقوى بالرواية السابقة.
وخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (66/215)، من طريق الخرائطي، قال: نا الحسن بن عرفة، نا عباد بن عباد المهلبي، نا يونس بن عبيد، به منقطعا.
وخرجه ابن وهب في الجامع [342] له، فقَالَ:
وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: "الْقَوْلُ بِالْحَقِّ خَيْرٌ مِنَ الصَّمْتِ، وَالصَّمْتُ خَيْرٌ مِنَ الْقَوْلِ بِالْبَاطِلِ، وَالْجَلِيسُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ، وَالْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ". اهـ.
وروي نحوه عن أبي موسى الأشعري وصح أنه كان من نقش خاتم شريح القاضي وروي من قوله فيما خرجه الشجري في أماليه الخميسية (2/275)، من طريق ابْنِ أَبِي السَّرِيِّ الْبَكَّائِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَنْبَسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْبَجَلِيِّ , مَوْلَى أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ شُرَيْحًا يَقُولُ:
"الْأَمَانَةُ خَيْرٌ مِنَ الْخَاتمِ، وَالْخَاتمُ خَيْرٌ مِنْ ظَنِّ السُّوءِ، وَالْجَلِيسُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوِحْدَةِ، وَالْوِحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ". اهـ.
وخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى [6 : 433]، فقال:
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، قَالَ: " كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ شُرَيْحٍ: الْخَاتَمُ خَيْرٌ مِنَ الظَّنِّ ". اهـ.
وخرج هناد في الزهد [1237]، فقال: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ كَبْشَةَ السَّدُوسِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا أَبُو مُوسَى، فَقَالَ:
" إِنَّ الْجَلِيسَ الصَّالِحَ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ، وَالْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ، مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْعِطْرِ إِنْ لا يَجِدَكَ يَعْبَقُ بِكَ مِنْ رِيحِهِ،
وَإِنَّ مَثَلَ جَلِيسِ السُّوءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْكِيرِ إِنْ لا يُحْرِقَ يَعْبَقُ بِكَ مِنْ رِيحِهِ، أَلا وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ مِنْ تَقَلُّبِهِ،
وَإِنَّ مَثَلَ الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ بِأَرْضٍ فَضَاءٍ تَطِيرُ بِهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ أَلا وَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا،
وَالْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ الرَّاكِبِ، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: كُونُوا أَجْلاسَ الْبُيُوتِ ". اهـ.
وخرجه ابن المبارك في الزهد [358]، فقال: أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَدُوسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: فذكر نحوه.
وخرج العسكري في الأوائل (ص:103)، فقال: أخبرنا أبو أحمد، عن الجلودى،
عن زياد بن الخليل، عن يزيد بن خالد، عن مروان بن عمر العمرى، عن محمد ابن كعب، أنه قال: "الأمانة خير من الخاتم والخاتم خير من ظن السوء". اهـ.
والله أعلم.

جزاكم الله خيراً.

وجزاك الله خيراً