من أجل وجود أسرة سعيدة

من أجل وجود أسرة سعيدة

أيها الزوج الكريم:

من أجل بناء بيت تملؤه السعادة ومن أجل تكوين أسرة مسلمة متماسكة وتربية أبناء بررة صالحين ومن أجل معالجة مشكلات الحياة برؤية وإنصاف، هذه باقة عطرة من التوجيهات والنصائح في مجال الزواج والأسرة والتي قامت إدارة الإفتاء في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بجمعها من واقع الحياة وأصول الدين وهي تتوجه بها إليك فانتبه!
1 ـ كن رؤوفاً رحيماً بزوجك، حفيظاً عليها، ولا تظهر معايبها لغيرك، واجعل فضل قوتك لجبر ضعفها لا لقهرها، واذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: >خيركم خيركم لأهله (أي زوجته) وأنا خيركم لأهلي< رواه الترمذي والطبراني وابن ماجة، وعلِّمها أمور دينها، ومُرها بتقوى الله وبالصلاة والصيام والأخلاق الحسنة وسائر الواجبات فإنك مسؤول عن ذلك أمام الله، قال الله سبحانه: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى) طه:132·
2 ـ لا تكلف زوجك أمراً أو عملاً يتنافى وأحكام الدين، وإن أنت كلفتها وأبت هي فلا تغضب، وليكن إباؤها موضعَ تقديرك· قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: >لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق< رواه أحمد والحاكم·
3 ـ وسِّعْ في النفقة عليها ما استطعت، وأجبها إلى كل طلب مشروع، وإن لم تستطع ذلك لمانعٍ شرعي أو مادي فتلطف في الاعتذار· قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: >دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك··· أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك< رواه مسلم·
4 ـ لا تتدخل فيما هو من اختصاص المرأة في أمر البيت، ولا تطلب من زوجك عملاً لم تهيئ لها أسبابه، وإن دعتك إلى مساعدتها فلا تتردد ولا تتوانَ، ولك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة· سئلت عائشة رضي الله عنها: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ فقالت: >كان يكون في مِهنة أهله· تعني خدمة أهله· فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة< رواه البخاري·
5 ـ إذا رأيتَ في زوجك إعوجاجاً فقومه بالحكمة والموعظة الحسنة، واجتنب معها السباب والشتائم حتى ولو أخطأت في ألفاظها معك، وإذا استحقت التأديب فلا تتجاوز حدود الشريعة السمحة واذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته تركته وفيه عوج، فاستوصوا بالنساء خيراً< رواه البخاري ومسلم·
6 ـ احذر الغضب والتعصب لغير الحق في أثناء التفاهم مع زوجك، وإياك أن تعمد إلى طردها من بيتك أو تتهددها به، فإنه يفسد عيشكما ويصدع قلبيكما، وقد أقر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصواب امرأة أمام حشد كبير فقال: أصابت امرأة وأخطأ رجل< رواه ابن عبدالبر في العلم·
7 ـ لا تستسغ من زوجك لذة يكون فيها أذى لها أو ضرر· وحافظ على عفافك، ولا تمدن عينيك إلى غير زوجتك مما حرم الله عليك وجنبها مواطن الريبة وكلّ ما يُهوِّن عليها أسباب الفسوق، ولا تفاضل بينها وبين النساء اللواتي همّهن إثارة الرجال وتحريك شهواتهم، فزوجك لا يقتصر دورها على ذلك فقط، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: >ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه< رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: >إن الله يغار··· وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه< متفق عليه·
8 ـ لا تقطع بعد زواجك البر عن والديك وأقاربك، واحفظ التوازن بين حقوقهم وحقوق زوجك عليك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: >من أحب أن يمد الله في عمره ويزيد في رزقه، فليَبرَّ والديه وليصلْ رحمه< أخرجه البيهقي·
9 ـ أكثر الناس في هذا الزمان يقتصر على زوجة واحدة، فإذا تزوجت أكثر من واحدة فعليك بالعدل بين زوجاتك في النفقة والمبيت ورعاية الأبناء، فالمسؤولية بعد التعدد أكبر منها قبله، والميل إلى إحدى الزوجات وإهمال غيرها يغضب الله ويولِّد المشكلات، واذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: >إذا كانت عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط< رواه الترمذي والحاكم·
01 ـ إياك والطلاق، فإنه أبغض الحلال إلى الله، ولا تتعود الحلف به، ولا سيما في الغضب، فإنه يعقبك ندامة ويشتت شمل أولادك فإذا اضطررت إليه فأوقعه وزوجك حامل أو في طهر لم تعاشرها فيه، بعد روية ومشاورة وبذل كل الجهد في الإصلاح، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: >تزوجوا ولا تطلقوا، فإن الطلاق يهتز له عرش الرحمن< رواه الديلمي وابن عدي، وليكن الطلاق إن وقع ـ لا سمح الله ـ فراقاً جميلاً، ولا تحبس عن مطلقتك شيئاً من حقوقها، ولا تلجئها إلى التنازل عنه، أو شكايتك للقضاء من أجلها، قال تعالى: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) البقرة:229·
11 ـ إن غيابك الطويل عن البيت ـ سواء للعمل أو لغيره ـ يولِّد في نفس زوجك وحشة وفراغاً، ويفتح أمام الشيطان وأهل السوء فرصاً لإفساد جو الأسرة، فقلل من ذلك ما استطعت، وعوِّضها في ساعات حضورك في البيت بالمزيد من الرحمة والحنان واللطف، واذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: >إن لأهلك عليك حقاً< رواه البخاري·
12 ـ شجع زوجتك على التعلم والقراءة وحضور الصلوات والدروس في المساجد، أو الالتحاق بمراكز تحفيظ القرآن الكريم، أو الارتباط بجلسات العلم والذكر مع مثيلاتها من المسلمات المتنورات، وكن لها عوناً على طاعة الله ومرضاته تكن أكثر إخلاصاً لك وطاعة ومودة، وتذكر قول الله سبحانه وتعالى: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) الزخرف:76·
13 ـ لا تجعل أكبر همك مع زوجك بناء الحياة الدنيا وسعادتها ولهوها فقط، وليكن لك معها هدف أسمى في تحقيق رضوان الله وطاعته، والنظر إلى حياتكما الأخروية معاً في الجنة، وأشركها في ذلك تتحقق لك ولها ولأسرتكما السعادة الدنيوية والأخروية، وتذوقا معاً طعماً للحياة مليئة بالطمأنينة والرضا والسكينة· قال تعالى: (جنَّات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب· سلام عليكم بما صبرتم فنعم عُقبى الدار) الرعد: 23 ـ 24·
14 ـ كن قدوة صالحة لزوجك وأولادك في دينك وأخلاقك واستقامتك وتعفف عن مواطن الحرام والشبهات ينعكس ذلك بعمق على حال زوجك وأولادك، فهم رعيتك التي تنظر إليك وتقتدي بك· قال تعالى: (يأيها الذين آمنوا قُوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) التحريم:6، ولما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: كيف نقي أهلنا ناراً؟ >قال: تأمرونهم بما يحبه الله، وتنهونهم عما يكره) رواه ابن مردويه·
15 ـ راقب بنيك في سلوكهم وأخلاقهم ودينهم وقرنائهم، واحرص على أولادك وبناتك أكثر من حرصك على مالك وثروتك، فهم فلذات كبدك، وهم ثروتك الحقيقية، وإذا خسرتهم فلن تعوضك أموال الدنيا، وإذا ربحتهم فلن يضيرك فوات كثير من منافع الدنيا··· قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: >أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب آل بيته، وقراة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله< رواه الديلمي في المسند وابن النجار·
16 ـ لاتقطع صلة زوجك بأهلها في زيارتهم أو مشاورتهم أو الاستعانة بهم، بل حَضُّك لها على برهم يعينك على الفوز بثقتهم، ويكونون عوناً لك في الملمات·

منقول