عرض للطباعة
مما نعرفه عن الحكم على درجة الإسناد :
إذا كان جميع رواة الحديث ثقات فالإسناد صحيح .
وإذا كان في الإسناد مثلا ضعيف أو مجهول فالسند ضعيف
وإن كان فيه راو وصف بأنه صدوق فالسند حسن
استفساري هو كيف نحكم على سند الحديث لو كان فيه راويان ضعيفان أو راويان صدوقان ؟
أخي الحبيب، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولًا: لا يلزم من كون رجال الإسناد ثقات أن يكون الإسناد صحيحًا.
نعم، هذا هو الأصل في إطلاق هذه العبارة النقدية، ولكن قد يحصل فيها شيء من التوسع والتجوز، وذلك بأن يكون بعضهم موثقاً توثيقاً غير مقنع ، أو بعضهم يكون صدوقاً فقط.
قال المعلمي اليماني: "الوجه الثاني: أن قول المحدث «رواه جماعة ثقات حفاظ» ثم يعدهم لا يقتضي أن يكون كل من ذكره بحيث لو سئل عنه ذاك المحدث وحده لقال: «ثقة حافظ» هذا ابن حبان قصد أن يجمع الثقات في كتابه ثم قد يذكر فيهم من يلينه هو نفسه بالكتاب نفسه، وهذا الدارقطني نفسه ذكر في (السنن) ص35 حديثاً فيه مسح الرأس ثلاثاً وهو موافق لقول أصحابه الشافعية ثم قال: «خالفه جماعة من الحفاظ الثقات ... » فعدهم وذكر فيهم شريكا القاضي، وأبا الأشهب جعفر بن الحارث، والحجاج بن أرطأة، وجعفر الأحمر. مع أنه قال ص 132 «شريك ليس بالقوي فيما يتفرد به» وجعفر بن الحارث لم أر له كلاما فيه ولكن تكلم فيه غيره من الأئمة كابن معين والنسائي، وحجاج بن أرطأة. قال الدارقطني نفسه في مواضع من (السنن) : «لا يحتج به» وفي بعض المواضع «ضعيف» ، وجعفر الأحمر اختلفوا فيه. وقال الدارقطني كما في (التهذيب) : «يعتبر به» وهذا تليين كما لا يخفى.،،
ونحو هذا قول المصنف: «شيوخي كلهم ثقات» أو «شيوخ فلان كلهم ثقات» فلا يلزم من هذا أن كل واحد منهم بحيث يستحق أن يقال له بمفرده على الإطلاق «هو ثقة» وإنما إذا ذكروا الرجل في جملة من أطلقوا عليهم ثقات فاللازم أنه ثقة في الجملة أي له حظ من الثقة وقد تقدم في القواعد أنهم ربما يتجوزون في كلمة «ثقة» فيطلقونها على من هو صالح في دينه وإن كان ضعيف الحديث أو نحو ذلك. وهكذا قد يذكرون الرجل في الجملة من أطلقوا أنهم ضعفاء وإنما اللازم أن له خطأ ما من الضعف كما تجدهم يذكرون في كتب الضعفاء كثيرا من الثقات الذين تكلم فيهم أيسر كلام".،،
ثانيًا: لا يلزم أن يشتمل الإسناد على أكثر من ضعيف أن يكون الإسناد ضعيفًا على إطلاقه.
ونعم، هذا هو الأصل، ولكن قد يتنوع الضعف بين رواة الإسناد الواحد، فهذا مدلس، وهذا يخطئ، وهذا سيئ الحفظ، فيمكن لهذا الإسناد أن يتقوى بطرقٍ أخرى للحديث، أمَّا إذا كان في إسناده متروك أو كذاب أو متهم بالكذب، فهو من النوع الذي لا ينجبر.
ثالثًا: قد يشتمل الإسناد على راويين صدوقين أو أكثر، فلا ينبغي التعجل بالحكم عليه بالحُسْن، فقد يكون لهذان الراويان روايات ينفردان بها، مما أدى إلى عدم الاحتجاج بهذا الذي انفردا به، قال الشيخ شعيب الأرنأوط في تحقيقه لسنن أبي داود: "دعاء الاستفتاح منه صحيح لغيره، وهذا إسناد فيه مقال، جعفر - وهو ابن سليمان الضبعي- وعلي بن علي الرفاعي - وإن كانا صدوقين - فيهما كلام يحطهما عن مرتبة الاحتجاج بما انفردا به، وهذا منها".
رابعًا: إن الواجب على المحقق في الأسانيد أن يستوعب أقوال العلماء في جميع رواة الإسناد، -وذلك بحسب الطاقة- ثم يتتبع طرق الحديث، ثم يقارن بينها، ثم يتفقد ويستقرئ مرويات كل راو، وهذا الآخير عمل النقاد الكبار، كل ذلك يعطيه القدرة على بلوغ الحكم الأقرب إلى الصواب، والله تعالى أعلم.
انظر: لسان المحدثين لمحمد خلف سلامة، مادة: (رجال إسناده ثقات)، التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل، ج 2، ص 586 و 587، وانظر هذا الرابط المشاركة رقم 13 أو 14، https://www.ahlalhdeeth.com/vb/archi.../t-120344.html، سنن أبي داود بتحقيق شعيب الأرنأوط، ج 2، ص 82، رقم 775، الهامش رقم 2.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهجزاك الله خيرًا وبارك الله فيك أخي الحبيب.لدي تعقيب صغير في أن صواب هذه العبارة: "فقد يكون لهذين الراويين" جار ومجرور ثم بدل يتبع المتبوع في العلامة.اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن يوسف حسن
جزاك الله خيرا وزادك علما وفهما ونفع بعلمك
بارك الله في شيخنا عبد الرحمن، وعذرًا على الخطأ في الضبط، وهو سبق قلم، ونحن هنا لنتعلم من أمثالكم من الفضلاء والفهماء، وجزى الله صاحب الموضوع خير الجزاء.
وفي شيخنا حسن بارك الله ونفع به.اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن يوسف حسن