التوكل على الله والصبر
عبد الفتاح آدم المقدشي
بسم الله
اعلم - رحمني الله وإياك - أن التوكل على الله وحده والصبر هما من أظهر المعارج للعروج إلى مقامات الإيمان والتوحيد.
أما التوكل على الله مثلا فيحعلك تستسلم لله وحده مفوضا أمورك إليه ملجئا ظهرك إليه في الرغبة والرهبة فيرزقك سبحانه في رغبتك ما كنت تتمتاه سواء كان ذلك صحة أو رخاءا أو غيره كما يقيك في رهبتك مما كتت تتخوف منه .
وقى قصة مؤمن آل فرعون عبرة ودروس للدعاة في حالة غربة الدين وتضييقه حيث وقى الله هذ المؤمن الصادق في توكله وصبره من شر وكيد فرعون وأتباعه بعدما نصحهم بنصيحة بليغة حكيمة مؤثرة.
فبالتوكل على الله ينتظم توحيدك وإيمانك وتحقق به عيادتك كما يحبه الله ويرضاه ولذلك قرن الله بين التوكل على الله والعبادة فقال تعالى ( {فاعبده وتوكبل عليه } ) هود كما قرن سبحانه بين الاستعانة والعبادة في سورة الفاتحة
فمن لا استعانة له بربه وحده ولا توكل لا يمكن أن يكون له توحيد. وإيمان صحيح أبدا.
لذلك كثيرا ما يقرن بين هاتين الآيتين شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في بعض كتبه لما يعلم ضرورتهما لتحقيق العبادات والتوحيد.
أما الصبر فسيجعلك الله بسببه تثبت أقدامك عند ملاقاة الأعداء كما تثبت على الصراط المستقيم سواء كان ذلك في العقيدة أو العبادات أو السلوكيات.
ثم بقي أن نعرف أنهما متلازمان فصبر بلا توكل على الله وحده لا يستمر أبدا بل ينقطع وكذلك توكل بلا صبر لا يستمر بل سيفشل صاحبه وسينقطع في الطريق.
مثال: رجل أراد أن يتصدق فغلب على نفسه وشيطانه فصبر لله لكنه خاف من المستقبل أنه سيفتقر إذا لابد أنه لا يمكن أن يمضي في طريقه لينفع المسلمين بل سيصرعه الشيطان في وسط الطريق لا محالة لغقده التوكل على الله وحده ووعدم تيقنه لوعده الحق أنه سيخلفه سبحانه بفضله عوضا مما أنفقه.
مثال آخر: رجل أراد أن يهاجر في سبيل الله وأحب أن ينصر المسلمين وعزم على ذلك بأن يفارق أهله وعياله ودياره وتجارته فصبر فطوعت له نفسه ذلك فصبر لله وحده ولكنه خاف من المستقبل وطبعا المستقبل بيد الله وحده بل وعد الله للمهاجر مغانم كثيرة وخيرات جسيمة ولكنه أطاع وسوسة الشيطان فصرعه وذلك لفقد توكله على ربه ف وثقته به واعتماده عليه فانقطع من المضي في طريقه لينفع المسلمين ولينصر دين الحق ففي مثل ذلك فقس والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الفقير إلى رحمة ربه وعفوه
