ما رأيت رجلاً أوليته معروفاً إلا أضاء مابيني وبينه.

قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه : ما رأيت رجلاً أوليته معروفاً إلا أضاء مابيني وبينه،ولا رأيت رجلاً فرط إليه مني شيء إلا أظلم ما بيني وبينه.
ماصحة هذا الأثر؟

ورد هذا في المجالس لابن عبد البر (ص:64) والمخلاة (ص:78) للعاملي، وقفت على نحوه مسندًا في الأنساب للبلاذري (4/51) فقال:
حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَوْلَيْتُهُ مَعْرُوفًا إِلا أَضَاءَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَلا رَأَيْتُ رَجُلا فَرَطَ مِنِّي إِلَيْهِ سوء الا اظلم ما بيني وبينه ". اهـ.
وورد في عيون الأخبار لابن قتيبة (1/ 64)، وهذا إسناد فيه هشام بن محمد الكلبي وأبوه محمد بن السائب الكلبي متهمان بالكذب وعباس بن هشام لم يرَ بجرح ولا تعديل.
ويشهد له ما رواه الطبري في تفسيره (10/644) فقال: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ:" {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف: 199] أَيْ: بِالْمَعْرُوفِ ".
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ بِالْعُرْفِ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، مَصْدَرٌ فِي مَعْنَى الْمَعْرُوفِ، يُقَالُ أَوْلَيْتُهُ عُرْفًا وَعَارِفًا وَعَارِفَةً كُلُّ ذَلِكَ بِمَعْنَى الْمَعْرُوفِ ". اهـ.
ويشهد له ما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [211] وغيره عن طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أولى معروفًا فلم يجد إلا الثَّناءَ فأثني به فقد شَكَرَهُ ومن كتمَهُ فقد كفرَهُ ". اهـ.
وحسنه الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في الفتوحات الربانية (5/248) وحسنه لغيره الألباني في صحيح الترغيب [974].
وله متابعة لكنها تنص على أنه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أخرجها البيهقي في شعب الإيمان (13/325) - واللفظ له - وابن عساكر في تاريخ دمشق (26/375) وعزاه إليه المتقي الهندي في كنز الأعمال، فقال:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْفِهْرِيُّ الْمِصْرِيُّ بِمَكَّةَ، أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْمُطَّلِبِ كَثِيرًا مَا يَقُولُ: " مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْسَنْتُ إِلَيْهِ إِلَّا أَضَاءَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا سَأَلْتُ إِلَيْهِ إِلَّا أَظْلَمَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَعَلَيْكَ بِالْإِحْسَانِ، وَاصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ ". اهـ.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدًّا، فيه الهيثم بن عدي كذبه أبو داود والعجلي وابن معين، وقال أبو حاتم: "متروك الحديث"، وكذا قال النسائي، وقال أبو زرعة: "ليس بشيء" كذا قال ابن معين، وقال الذهبي: "تركوه" وابنه محمد مجهول ليس له ذكر في كتب الترجمة.
ويشهد للشطر الأخير من الحديث ما رواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج (6) عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم باصطناعِ المعروفِ، فإنه يمنَعُ مصارعَ السُّوءِ، وعليكم بصدقةِ السِّرِّ، فإنها تُطفئُ غضبَ الربِّ عزَّ وجلَّ ". اهـ، وصححه الألباني في صحيح الجامع [4052] قلت: هو حسن لغيره من الشواهد.
قلتُ: وكذلك له متابعة أخرى أخرجها ابن أبي الدنيا في اصطناع المعروف (1/34) فقال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ:
قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: " مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ سَبَقَ مِنِّي إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ إِلَّا أَضَاءَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ [سَبَقَ] مِنِّي إِلَيْهِ سُوءٌ إِلَّا أَظْلَمَ مَا بَيْنِي وبينه ". اهـ.
وهذا إسناد ضعيف، فيه إسحاق بن عيسى بن علي الهاشمي "مجهول" ومثله لا يثبت عند أهل العلم بالنقل كما ذكر الخطيب البغدادي، انظر تاريخ دمشق لابن عساكر (66/308).
ووقعت عند الزمخشري في ربيع الأبرار (3/171) بلفظ: (ما رأيت رجلا أسعفته بحاجة إلا أضاء ما بيني وبينه، ولا رأيت رجلا رددته إلا أظلم ما بيني وبينه).
والله أعلم.

جزاكم الله خيراً.

اقتباس:

---

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس

جزاكم الله خيراً.

---

وجزاكم الله خيرا.