تخريج موسع لحديث: (أنا مدينة العلم وبابها علي)، وبيان علله
بسم الله الرحمن الرحيم
قال محمد زياد عُفي عنه:
رُوي هذا الحديث عن ابن عباس، وعلي، وجابر بن عبدالله، وأنس، وأبي سعيد الخدري، وابن مسعود، وعن عدة من الصحابة، رضي الله عنهم أجمعين.
فأما حديث ابن عباس:
فيُروى من طرق عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعا، وهذا بيانها:
الطريق الأولى: عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير عن الأعمش به، ورواه عن أبي معاوية جماعة:
1) أبوالصلت عبدالسلام بن صالح الهروي عنه: أخرجه ابن محرز في معرفة الرجال (2/242) وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (ص105 مسند علي) والطبراني في الكبير (11/65-66) وابن عدي (5/67) والحاكم (3/126-127) وابن عبدالبر في الاستيعاب (ذكره ابن حجر في أجوبة أحاديث المصابيح 3/1789 والذي في مطبوعة الاستيعاب 8/155 أو 3/38 دون إسناد) والخطيب (11/48 و49) وابن المغازلي في المناقب (121 و123 و124) وأبوالخير الطالقاني في الأربعين المنتقاة (30) وأخطب خوارزم في المناقب (69) وفي مقتل الحسين (24) وابن عساكر (42/380) وابن الجوزي في الموضوعات (1/351) وابن الأثير في أسد الغابة (4/109) وابن حمويه الجويني في فرائد السمطين (كما في نفحات الأزهار وحاشيته 10/181) والمزي في تهذيب الكمال (18/77) والذهبي في تذكرة الحفاظ (4/1231) من طرق عنه.
وهذا أشهر مخارج الحديث، بل الحديث معروفٌ بأبي الصلت كما نصّ جماعة من الحفاظ، منهم: مطيّن، وابن حبان، وابن عدي، والدارقطني، وابن عساكر.
وهذا ضعيف جداً، فأبوالصلت رافضيٌّ منكر الحديث، واتهمه غير واحد بالكذب، بل صرَّح العقيلي وابن طاهر وابن الجوزي أنه كذاب، وقال بعض الأئمة فيه: هو أكذب من روث حمار الدجال!
• وهذه بعض أقوال أهل العلم في حديث أبي الصلت هذا:
فقال المروذي في العلل (308 ومن طريقه الخطيب 11/48): سئل أبوعبدالله [يعني الإمام أحمد] عن أبي الصلت، فقال: روى أحاديث مناكير. قيل له: روى حديث مجاهد عن علي: "أنا مدينة العلم وعلي بابها"؟ قال: ما سمعنا بهذا! قيل له: هذا الذي تنكر عليه؟ قال: غير هذا، أما هذا فما سمعنا به! وروى عن عبدالرزاق أحاديث لا نعرفها ولم نسمعها!
وقال الخلال في العلل (120 منتخبه): أخبرنا محمد بن علي، ثنا محمد بن أبي يحيى، قال: سألت أحمد عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا مدينة العلم وعلي بابها". فقال أحمد: قبح الله أبا الصلت، ذاك ذكر عن عبد الرزاق حديثا ليس له أصل.
قلت: هو بمعنى الذي قبله، والأول أصح، فإن محمد بن أبي يحيى لم أعرفه، وكذا قال الألباني في الضعيفة (6/521)، وقال: إن ابن أبي يعلى لم يذكره في طبقات الحنابلة.
وذكر الخطيب في غنية الملتمس (379) راويين بهذا الاسم، وهما متقدمان عن هذا، وليس هو محمد بن أبي يحيى الزهري الأصبهاني المترجم في طيقات المحدثين بأصبهان (3/542) وتاريخ الإسلام (23/328)، فهذا لم يدرك الرواية عن أحمد وابن معين.
وقال أبوجعفر محمد بن عبد الله الحضرمي المعروف بمطين: لم يرو هذا الحديث عن أبي معاوية من الثقات أحد، رواه أبو الصلت فكذبوه. رواه الخطيب (7/172) ومن طريقه ابن عساكر (42/381).
وقال ابن حبان في المجروحين (2/151): هذا شيء لا أصل له، ليس من حديث ابن عباس، ولا مجاهد، ولا الأعمش، ولا أبومعاوية حدّث به، وكل من حدث بهذا المتن فإنما سرقه من أبي الصلت هذا؛ وإن أقلب إسناده.
ونقله السمعاني محتجاً به في الأنساب (5/637 الثقافية).
وقال ابن عدي (1/189): وهذا الحديث يعرف بأبي الصلت الهروي عن أبي معاوية، سرقه منه أحمد بن سلمة هذا، ومعه جماعة ضعفاء.
وقال أيضا (2/341): هذا حديث أبي الصلت الهروي عن أبي معاوية، على أنه قد حدث به غيره، وسرق منه من الضعفاء، وليس أحد ممن رواه عن أبي معاوية خير وأصدق من الحسن بن علي بن راشد، والذي ألزقه العدوي عليه.
وقال أيضا (3/412): وهذا يروي عن أبي معاوية عن الأعمش، وعن أبي معاوية يعرف بأبي الصلت الهروي عنه، وقد سرقه عن أبي الصلت جماعة ضعفاء.
وقال أيضا (5/67): والحديث لأبي الصلت عن أبي معاوية، وبه يُعرف، وعندي أن هؤلاء كلهم سرقوا منه.
وقال أيضا (5/177): وهذا الحديث في الجملة معضل عن الأعمش، ويروي عن أبي معاوية عن الأعمش، ويرويه عن أبي معاوية أبو الصلت الهروي، وقد سرقه من أبي الصلت جماعة ضعفاء.
وقال الدارقطني في تعليقاته على المجروحين (179): قيل إن أبا الصلت وضعه على أبي معاوية، وسرقه منه جماعة فحدثوا به عن أبي معاوية.. ثم سرد جماعة.
وأشار أبونعيم لنكارته بقوله عن أبي الصلت في الضعفاء (140): يروي عن حماد بن زيد وأبي معاوية وعباد بن العوام وغيرهم أحاديث منكرة.
وقال ابن عساكر في تاريخه (42/380) بعد أن سرد عدة طرق للحديث: كل هذه الروايات غير محفوظة، وهذا الحديث يُعرف بأبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي.
وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ (4/1231-1232): هذا الحديث غير صحيح، وأبو الصلت هو عبد السلام متهم.
وقال ابن كثير في جامع المسانيد والسنن (مسند ابن عباس رقم 1940): عبد السلام بن صالح الهروي، وهو متروك. (وعنده تصحيف، ولعل الصواب ما أثبت).
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/114): فيه عبد السلام بن صالح الهروي، وهو ضعيف.
فهذا مما فيه النص على رواية أبي الصلت، وتأتي أقوال جملة من الحفاظ حكموا أن الحديث برمّته لا أصل له، كما يأتي مزيد إعلال لمخرج الحديث قريباً.
• إلا أن ابن معين نُقل عنه ما يفيد تمشية هذه الطريق، أو تليين القول في الحديث، على اضطراب واضح في النقول عنه، بل في بعضها تضاد، نسوقها جميعاً في هذا الموضع ثم نناقشها:
فقال ابن معين في رواية عن الدوري عنه: ثقة. هكذا روى الحاكم المستدرك (3/126-127)، بينما جاءت في رواية الخطيب (11/50 ومن طريقه ابن عساكر 42/381) من طريق الدوري أيضاً: سمعت يحيى بن معين يوثق أبا الصلت. ولم أجد ذلك في تاريخ الدوري المطبوع.
وقال ابن معين في رواية صالح بن محمد: صدوق. على ما جاء في المستدرك (1/127)، وجاءت العبارة عند الخطيب (11/50): رأيت يحيى بن معين يُحسن القول فيه.
وقال في رواية عبدالخالق بن منصور: ما أعرفه. رواها الخطيب (11/49).
وقال في رواية ابن الجنيد (ضمن سؤالاته 387 و497 ومن طريقه الخطيب 11/48-49): قد سمع، وما أعرفه بالكذب. وقال أيضا: لم يكن أبوالصلت عندنا من أهل الكذب، وهذه الأحاديث التي يرويها ما نعرفها.
وقال في رواية ابن محرز (1/79 ومن طريقه ابن عساكر 42/382): ليس ممن يكذب.
وقال في رواية حاتم بن يونس الجرجاني الحافظ (كما في السير 11/448): صدوق أحمق.
وقال في رواية عمر بن الحسن بن علي بن مالك عن أبيه عنه: ثقة صدوق إلا أنه يتشيع. رواها الخطيب (11/48) وعمر وأبوه ضعيفان.
فهذا كلامه في الرجل، وأما الحديث فقد قال في رواية عبد الخالق بن منصور الآنفة لما سئل عن رواية أبي الصلت: ما هذا الحديث بشيء.
وقال في رواية ابن الجنيد: ما سمعت به قط، وما بلغني إلا عنه. وقال في الموضع الثاني: هذه الأحاديث التي يرويها لا نعرفها.
ولما أخبر الدوري وصالح بن محمد ابنَ معين أن أبا الصلت يروي حديث أبي معاوية عن الأعمش هذا أجابهما أنه محمد بن جعفر الفيدي تابعه، وزاد عند في رواية الحاكم عن الدوري أن الفيدي ثقة مأمون.
وسأله أبومنصور يحيى بن أحمد بن زياد الشيباني الهروي (في أحاديثه عن ابن معين رقم 40، ومن طريقه الخطيب 11/49) عن حديث أبي الصلت هذا فأنكره جدا.
ورواه الخطيب في موضع آخر (11/205) من نفس الطريق، لكن لفظه: سألت يحيى بن معين عن حديث أبي معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس أنا مدينة العلم، فأنكره جدا.
وقال ابن مـحرز (1/79 ومن طريقه الخطيب 11/50): سـألت يحيى بن مـعين عن أبي الصلت عبد السلام بن صـالح الـهروي؟ قال: ليس ممن يكذب، فقيل لـه في حديث أبي مـعاوية، عن الأعمش، عن مـجاهد، عن ابن عباس: "أنا مـدينة العلم ، وعلي بابها"، فقال: هو من حديث أبي معاوية، أخبرني ابن نـمير قال: حدّث به أبو مـعاوية قديماً ثم كف عنه. وكان أبو الصلت رجلاً موسراً، يطلب هذه الأحاديث، ويكرم المشايخ، وكانوا يحدّثونه بها.
ولما سأل ابن الجنيد ابن معين عن رواية أبي الصلت لحديث الأعمش هذا قال: ما سمعت به قط، وما بلغني إلا عنه. وقال في موضع آخر: هذه الأحاديث التي يرويها ما نعرفها.
ولما سأله القاسم بن عبد الرحمن الأنباري عن حديث أبي الصلت هذا قال: هو صحيح. رواه الخطيب (11/49) ومن طريقه ابن عساكر (42/380) والمزي (18/77).
وقال ابن معين عن رواية عمر بن إسماعيل بن مجالد الآتية: حدّث عن أبي معاوية بحديث ليس له أصل، كذبٌ عن الأعمش: عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: عليٌّ مدينة العلم، أو كلام هذا معناه. كما في العلل لعبد الله بن أحمد (3/9)، ورواه عنه بمعناه ابن أبي حاتم والعقيلي.
وقال ابن الجنيد (53 ومن طريقه الخطيب 11/204): سمعت يحيى بن معين وسئل عن عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد، فقال: كذاب، يُحدِّث أيضاً بحديث أبي معاوية عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وهذا حديث كذب ليس له أصل.
وذكر أبوزرعة في الضعفاء (520 وانظر الجرح والتعديل 6/99 وتاريخ بغداد 11/205) أنه سمع من عمر بن إسماعيل هذا الحديث، فأنكره عليه قائلا له: ولا كل هذا بمرة! ثم قال: فأتيتُ ابن معين فذكرتُ ذلك له، فقال: قل له: يا عدو الله! متى كتبت أنت هذا عن أبي معاوية؟ إنما كتبتَ أنت عن أبي معاوية ببغداد، ومتى روى هو هذا الحديث ببغداد؟
وروى الخلال (121) عن محمد بن أبي يحيى، عن ابن معين أنه قال: حدثني به ثقة: محمد بن الطفيل عن أبي معاوية.
• فهذا ما وقفنا عليه من كلام ابن معين عن الحديث وراويه أبي الصلت، وهو كما ترى مختلف جدا، وقد حاول الخطيب في تاريخه (11/49) التوفيق قائلاً: أحسب عبد الخالق سأل يحيى بن معين عن حال أبي الصلت قديما، ولم يكن يحيى إذ ذاك يعرفه، ثم عرفه بعد، فأجاب إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد عن حاله. وأما حديث الأعمش فإن أبا الصلت كان يرويه عن أبي معاوية عنه، فأنكره أحمد بن حنبل ويحيى بن معين من حديث أبي معاوية، ثم بحث يحيى عنه فوجد غير أبي الصلت قد رواه عن أبي معاوية.
وقال في توجيه تصحيح ابن معين المذكور في رواية ابن الأنباري قائلا (11/50): أراد أنه صحيح من حديث أبي معاوية، وليس بباطل، إذ قد رواه غير واحد عنه.
قلت: من الظاهر من هذه النقول أن يحيى بن معين -على إمامته وسعة معرفته وروايته- لم يكن قد سمع بالحديث في البداية، مع أنه مذكورٌ عن مجاهد، والأعمش، وأبي معاوية، وهم من هم! وكذلك الشأن مع الإمام أحمد -وهو القائل: كل حديث لا يعرفه ابن معين فليس هو بحديث- فكيف يفوتهما هذا الحديث ويظهر في القرن الثالث عند أبي الصلت؟ وعن أبي معاوية شيخ ابن معين وأحمد! ثم لما أخبر أصحابُ ابن معين شيخَهم بالحديث مستنكرين له كانت إجابته على أضرب:
أما عن الأعمش فقد نص أنه كذبٌ عليه ولا أصل له عنه وأنه لم يسمع به قط، ولم يُذكر عن ابن معين خلاف هذا بخصوص رواية الأعمش، وهذا كافٍ في الحكم على الطريق، على أن لابن معين حكماً في مسألة رواية الأعمش عن مجاهد، فقال في رواية ابن طهمان الدقاق عنه (59): الأعمش سمع من مجاهد، وكل شيء يرويه عنـه لم يسمع، إنما مرسلة مُدلَّسة.
وأما عن أبي معاوية فقد صرَّح في بعض الروايات أنه لا يعرف روايته، وقال في واحدة منها إنه من حديثه الذي كفَّ عنه، على ما أخبره ابن نُمير -وفي هذا الأمر استشكال يأتي قريباً- وقال في رواية أخرى أنه حدثه ثقة عن أبي معاوية -والراوي لهذا عنه لم أجد له ترجمة- ولكن على فرض ثبوت ذلك فقد جمع الخطيب بين القولين كما تقدم، كما أن الأمر إن كان كما نقل عن ابن نُمير فهذا يلتقي مع حكم ابن معين أن الحديث كذبٌ لا أصل له عن الأعمش، فلولا أن أبا معاوية علم وهنه وأنه ليس من حديث شيخه الأعمش ما كفَّ عنه، وأشار لهذا العلامة المعلمي في حاشيته على الفوائد المجموعة للشوكاني (352)، وأما إن كان الأمر كما كان يقول ابن معين -وجماعة سواه- إنه لا يعرفه عن أبي معاوية مطلقاً فالحال أشد.
نعم، وأما ما نقل أبوزرعة عن ابن معين أن أبا معاوية لم يحدّث بهذا الحديث في بغداد فيحتمل أمرين: الأول: أن يكون قد حدّث به خارج بغداد، وهنا قد يكون أُدخل عليه في بلده الكوفة التي يكثر فيها التشيع وأخوه الوضع، أو أنه وهم ودخل عليه شيء في شيء، ثم تنبّه، وهذا قد يلتقي مع نقل ابن نمير أنه حدَّث به ثم كفَّ عنه ورجع، وقد يؤيد هذا الرواية التي فيها إثبات ابن معين لرواية الفيدي للحديث عن أبي معاوية، وكلاهما كوفي، فربما كانت عمدة ابن معين في أن أبا معاوية حدَّث به خارج بغداد، ولكن يأتي بيان حال متابعة الفيدي هذه، وأنها معلولة.
والاحتمال الثاني: أنه يُنكر حالة خاصة، فقد علم أن سماع الرجل من أبي معاوية كان ببغداد، وهي بلد ابن معين وغيره من أصحاب أبي معاوية -كالإمام أحمد- وما سمعوا قط أن شيخهم -مع شهرته وانتشار حديثه- قد حدّث بهذا الحديث، فلو كان مما حدّث بها لعلمه أصحابه فيها من باب أولى، فلا يفوت على حفاظ هذا البلد ويُغرب عليهم فيه ضعيفٌ جاءهم من خارجها! ولهذا في نفس الجواب الذي فيه نفي ابن معين أن يكون أبومعاوية حدَّث به في بغداد قال: إنه حديث كذب ولا أصل له. وهذه العبارة تقوّي هذا الاحتمال.
بقي تحرير حكم ابن معين في رواية أبي الصلت نفسه، فهو معاصر لابن معين، وتوفي بعده سنة 236، وهذا سببٌ لئلا يسبر ابن معين حديثه جيداً، إذ ليس من طبقة شيوخه، ولهذا قال في البداية إنه لا يعرفه، ولم يعرف أن هذا من أحاديثه، وكان أصحابه وتلامذته يُعلمونه بها، فظهر بذلك أن معرفة ابن معين بحال الرجل كانت قاصرة.
ثم كان أبوالصلت من خواص الخليفة المأمون وجيهاً موسراً، فضلاً عن زهده الظاهر، وقد نقل الخطيب (11/50) عن صالح بن محمد أن ابن معين كان يُحسن القول فيه، وأنه رآه عنده. ولما سأله ابن محرز عن حاله ذكر ابن معين أنه يُكرم الشيوخ ويُحسن إليهم، فهنا ابن معين هو الذي يزور أبا الصلت بنفسه، ويُجيب بهذا الجواب، فكان الأمر كما قال الحافظ الذهبي عن أبي الصلت في السير (11/447): "جُبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وكان هذا بارًّا بيحيى، ونحن نسمع من يحيى دائماً ونحتج بقوله في الرجال، ما لم يتبرهن لنا وهن رجل انفرد بتقويته أو قوة من وهّاه".
كما يظهر أن أبا الصلت كان يتجمل لابن معين بشكل خاص، فإنه فضلا عن إحسانه وإكرامه له: كان يكتم عنه مناكيره، يدل على ذلك أن ابن معين لم يعرف حديثه هذا إلا من غير أبي الصلت، ولا نُقل له كلام في أحاديثه المنكرة الأخرى عن آل البيت، رغم أنه يجالسه ويزوره، فهذا من دهاء أبي الصلت، فقد كان يبثّ المناكير ويُشيعها مع حرصه على إخفائها عن الأئمة كابن معين وأحمد، وأشار لهذا المعنى المعلمي في حاشية الفوائد المجموعة، ولا سيما أنه منقولٌ في ترجمة ابن معين أن المشايخ كانوا يتهيبونه ويُكرمونه ويجّلونه إجلالاً خاصًّا.
ولهذا وذاك يظهر أن ابن معين جامل أبا الصلت في الحكم على روايته، أو أنه لم تظهر له حقيقة حاله فعلاً، فكان يدافع عن أبي الصلت أنه لم يسمع الحديث منه، وأن ظاهر الرجل عنده عدم الكذب، وأن الحديث ليس من عهدته، وذلك (في أكثر الروايات) بأنه توبع، أو أن الحديث كان عند أبي معاوية فعلا.
ويظهر أن بقاء أبي الصلت حيًّا بعد يحيى واستمرار إحسانه وتستره له منع يحيى من الكلام الصريح فيه، فإجاباته لأصحابه الذين يستنكرون حديثه هذا بالذات تظهر فيها المدافعة والتحرج، فيقول حيناً: ما أعرفه! وحيناً: قد سمع، وما أعرفه بالكذب، ولم يكن عندنا من أهل الكذب، وأحياناً يجيب بجواب فيه الإدانة بشكل غير مباشر بقوله: هذه الأحاديث التي يرويها ما نعرفها!
وأما ما رُوي عنه من إطلاق توثيقه ففيه وقفة، فما نقله الحاكم عن الدوري من قول ابن معين عنه: "ثقة" ليس في تاريخ الدوري المطبوع، ولما أورده الخطيب من طريق الدوري جاءت العبارة: سمعت يحيى بن معين يوثق أبا الصلت. وهذه العبارة يُمكن أن تجتمع مع نقل صالح بن محمد أن ابن معين كان يُحسن القول فيه، خلافاً لما نقله الحاكم عن صالح بن محمد نفسه بلفظ: صدوق! فبين العبارتين فرقٌ، والحاكم له عدة أوهام ومخالفات في النقل في المستدرك عموما، وفي هذا الحديث خصوصاً، كما سبق ويأتي، ولعله تسمّح ونقل بالمعنى الذي فهمه.
وأما رواية الحسن بن علي بن مالك عن ابن معين أنه قال فيه: ثقة صدوق؛ فهي ضعيفة السند كما تقدم، وأما رواية الجرجاني عنه قوله: صدوق أحمق فإن ثبتت فتلتقي مع قوله: ما أعرفه بالكذب.
فهذا ما يتعلق بتحرير كلام ابن معين في أبي الصلت، وكله منصب في دفع جناية الحديث به، وأن الفيدي تابعه.
• لكن كان ابن معين يرتاح أكثر في الكلام على الحديث منفصلاً دون قرنه بحال أبي الصلت، فقد صرَّح في رواية عبد الخالق بن منصور: ما هذا الحديث بشيء. وفي رواية يحيى الشيباني: أنكره جداً. وفي غير رواية: ما أعرفه أو ما سمعت به قط. وسبقت رواية عبد الله بن أحمد في أنه كذب لا أصل له عن الأعمش. وأما ما نُقل عنه من تصحيحه فقد مضى توجيه الخطيب له.
فظهر بذلك أن حكم ابن معين على الحديث لا يتأثر عند التحقيق بموقفه الشخصي من أبي الصلت، وقال الألباني في الضعيفة (6/522): إن أكثر الروايات عن ابن معين تميل إلى تضعيف الحديث.
وإن أردنا الترجيح أكثر فرواية عبد الله بن أحمد (ت290) متأخرة فيما يظهر عن الرواية المذكورة عن الدوري (ت271)، ولا سيما أن الإمام أحمد أيَّد ابنَ معين في حكمه، وقد توفي أحمدُ بعد ابن معين، ولم ينقل عنه عبد الله بن أحمد تعقباً ولا تغيراً في الحكم على الحديث، وعاضدته رواية يحيى بن أحمد الشيباني عن ابن معين (ت298) -وهو من أواخر الرواة عنه- في أن الحديث منكر جداً، ولعل هذا ما استقر عليه رأي الإمام ابن معين، وبذلك يوافق سائر الحفاظ والحمد لله.
ثم لنفترض أن ابن معين يوثق أبا الصلت، فهذا مخالِفٌ لجرح سائر الحفاظ له، وكثير منهم جرحُه مفسر، بل شديد، ولا شك أن كلامهم مقدَّم، وتقدم كلام الذهبي في السير (11/447): ونحن نسمع من يحيى دائما ونحتج بقوله في الرجال ما لم يتبرهن لنا وهن رجل انفرد بتقويته أو قوة من وهاه.
كما قال الخطيب بعد إيراده لأقوال ابن معين: وقد ضعَّف جماعة من الأئمة أبا الصلت وتكلموا فيه بغير هذا الحديث. ثم سرد أقوال جماعة.
• وقبل الفراغ من تحقيق موقف ابن معين أرى التنبيه على أربع مسائل:
الأولى: ما تقدم في رواية ابن محرز عن ابن معين من قوله: هو من حديث أبي معاوية، أخبرني ابن نمير، قال: حدّث به أبو معاوية قديماً ثم كفّ عنه.
فأقول: إن هذا مخالف لسائر الحفاظ الذين أنكروه عن أبي معاوية أصلا، والنفس تتساءل: لماذا لم يكن هذا جواب ابن معين عن رواية أبي الصلت من البداية؟ فما كان أبوالصلت بحاجة إلى متابع إن كان الحديث ثابتا أصلا من حديث أبي معاوية، ثم إن ابن معين قال في رواية عمر بن إسماعيل بن مجالد عن أبي معاوية الآتية: هذا حديث كذب ليس له أصل. واستدل على كذب ابن مجالد أنه روى هذا عن أبي معاوية، فلو كان محفوظاً عند ابن معين عن أبي معاوية فلماذا يكذّبه؟ ثم إنه يتعارض مع قول ابن معين لما سئل عن حديث أبي الصلت هذا: ما بلغني إلا عنه.
فهذا يحتاج إلى تأمل، ولا سيما مع إعراض الحفاظ بعد ابن معين عن الاعتبار بكلامه هذا، والله أعلم.
وقد قال المعلمي في حاشيته في الفوائد المجموعة (ص350): قد يُقال: يحتمل أن ابن نمير ظن ظنًّا، وذلك أنه رأى ذينك الرجلين زعما أنهما سمعاه من أبي معاوية، وهما ممن سمع منه قديماً، وأكثر أصحاب أبي معاوية لا يعرفونه، فوقع في ظنه ما وقع.
الثانية: نبّه العلامة المعلّمي أن من وثّق أبا الصلت لزمه الطعن في علي بن موسى الرضا، فقد تكلم فيه ابن حبان وابن طاهر لروايته العجائب عن آبائه، ودافع الذهبي وابن حجر أن علة ذلك من الرواة عنه، ومن أشهرهم أبوالصلت، فمن مشّى أبا الصلت فقد ألزق علة تلك الأباطيل بالرضا.
الثالثة: ذكر الغماري في جزئه عن الحديث أن أبا داود قال عن أبي الصلت: كان ضابطا، ورأيتُ ابن معين عنده؛ وهذا من أخطائه الكثيرة في الحديث، فأبوداود قاله في عبد السلام بن مطهر، وليس ابن صالح الهروي راوي الحديث! نعم، هذا الوهم مذكور في ترجمة الهروي في التهذيب، ولكن الغماري شنَّع في جزئه على من قلَّد غيره في هذا الحديث، ثم قلَّد في هذا وغيره من الأوهام!
ومن أخطائه أنه عدّ رواية عبد الله بن أحمد عن أبي الصلت توثيقاً، وزعم تبعاً أن الإمام أحمد وثقه تبعاً، وكلا ذلك افتراء، فالإمام ضعّف أبا الصلت وأنكر حديثه كما تقدم، وكذا ابنه عبد الله بن أحمد تَكلم في أبي الصلت أيضاً؛ كما في ضعفاء العقيلي (3/70) وإكمال مغلطاي (8/274)! فضلا أن مجرد روايته عنه لا تلزم التوثيق، كما فصَّل الكواري في جزئه عن الحديث (ص18).
ومن أخطاء الغماري الفاحشة أنه روى الحديث بإسناده في فاتحة جزئه من طريق الذهبي في التذكرة (4/1231 دون إشارة!) من طريق أبي محمد الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ من هذا الوجه، ودلّس الغماري فزعم أنه رواه من كتاب بحر الأسانيد للسمرقندي، وهو لم يره، وإنما اعتمد على وصفه من قبل الذهبي، وهو بدوره نقلا عن النسفي في كتاب القند، ولم ينص الذهبي أن الحديث الذي أورده منقول من الكتاب المذكور! ولا ذكر ما يفيد أنه رآه بنفسه! وبعد أن زعم الغماري أخذه من الكتاب المذكور أوهم أن السمرقندي صححه فيه! وكرر ذلك في جزئه، وكل ذلك من الهوى، والله المستعان.
الرابعة: بالإمكان إضافة المزيد من الأئمة الذين أنكروا الحديث على أبي الصلت، وهم جل الذين سألوا ابن معين عنه، مثل: صالح بن محمد الحافظ الملقب جزرة، وابن الجنيد، والدوري، وعبد الخالق بن منصور، فيتضح من سياق أسئلتهم ورواياتهم أنهم يُنكرون ويستغربون حديثه هذا بالذات، وأنهم ما سألوا يحيى عن الرجل إلا لأجل الحديث فيما يظهر، ولهذا عندما يحيى كان يجيبهم إجابة فيها تردد أو عدم معرفة له كانوا يُخبرونه أنه روى حديث كذا، ومن تأمل ظهر له ذلك.
وبعد الفراغ من رواية أبي الصلت نعود إلى سياق الطرق عن أبي معاوية:
2) محمد بن جعفر الفَيْدي عن أبي معاوية:
ذكره هذه الرواية ابن معين كما سبق، وأخرجها الحاكم (3/127) عن محمد بن أحمد بن تميم القنطري، ثنا الحسين بن فهم، ثنا محمد بن يحيى بن الضريس، ثنا محمد بن جعفر الفيدي به.
قال الحاكم: ليعلم المستفيد لهذا العلم أن الحسين بن فهم بن عبد الرحمن ثقة مأمون حافظ.
قلت: كذا قال هنا، ولكنه قال في موضع آخر: ليس بالقوي، وقال شيخه الدارقطني: ليس بالقوي. (انظر: اللسان 2/308-309)، فالظاهر أن توثيقه هنا هو أحد أخطائه الكثيرة في المستدرك، ولا ننسى ما ذكره ابن حجر أن الحاكم ألف كتابه في آخر عمره، وأنه لم يُمْلِ إلا نحو الربع من الكتاب، ثم توفي دون إملاء بقيته، وكثر في القدر الباقي التساهل والوهم، حتى إنه صحح لبعض من كذّبهم وضعّفهم في كتبه الأخرى، وهذا الحديث جاء في النصف الثاني من الكتاب.
والقنطري ليّنه ابن أبي الفوارس، وأما الفيدي فقد روى الحاكم عن الدوري عن ابن معين توثيقه كما سبق، ولكن في النفس منه، فقد رواه الخطيب (11/50) من طريق الدوري دون ذكر التوثيق، وليس في ما بين أيدينا من تاريخ الدوري المطبوع، وهذا الذي اعتمده المزي في التهذيب (18/79)، بل جاء في نقل ابن حجر عن مستدرك الحاكم في إتحاف المهرة (8/41): قد حدّث به محمد بن جعفر الفيدي وهو معه. والنص يحتمل التصحيف ويحتمل عدمه. كما قال عنه البزار: صالح. وذكره ابن حبان في الثقات، وهما متساهلان، بينما اتهمه الدارقطني نصًّا في تعليقاته على المجروحين (179) بسرقة هذا الحديث من أبي الصلت، وتعمُّه تهمة جماعة من الحفاظ بسرقة الحديث من أبي الصلت، وأنه لم يروه من الثقات أحد عن أبي معاوية، وقال ابن حجر في التهذيب: له أحاديث خولف فيها. وقال في التقريب: مقبول.
وكما نرى أن الكلام تعارض فيه، فذُكر بنوع توثيق -على الخلاف المذكور في ثبوته- وجُرح، وقد فُسِّر الجرح بسرقة الحديث والمخالفة، فيُقَدّم كما هي القاعدة، بل جوَّز الألباني في الضعيفة (6/524) أن يكون هو بعينه جعفر بن محمد البغدادي الذي أشار مطين لكذبه -وتأتي روايته قريباً- ولكن انقلب اسمه، فإن الفيدي كوفي نزل بغداد، وكلاهما روى عنه مطين، فإن كان هو فيتأكد الجرح الشديد في حاله.
وعلى كل حال فمع ضعف سند الحاكم وتعدد العلل فيه فإنه قد خولف:
فرواه ابن محرز في معرفة الرجال (2/242) وابن المغازلي (128) عن محمد بن جعفر الفيدي، عن محمد بن الطفيل، عن أبي معاوية به.
وهذا أقوى من رواية الحاكم، وقد كشف علة أخرى، وهي أن الفيدي لم يسمعه من أبي معاوية، بل هناك واسطة بينهما، فسقطت حجة من اعتمد على متابعة الفيدي لأبي الصلت لتبرئته.
وابن الطفيل هذا كوفي مستور، ولم أجد فيه توثيقاً معتبراً، فالظاهر أنه من المجاهيل والضعفاء الذين عمّهم الحفاظ بتهمة سرقة الحديث من أبي الصلت، أو أنه أُدخل عليه من قبل الكوفيين الشيعة -مخرج الحديث-، ولا سيما أنني لم أَرَ له عن أبي معاوية حديثاً غير هذا بعد البحث، فروايته عنه غريبة، بل رأيتُ ابن الطفيل يروي عن الأعمش عدة أحاديث بواسطة شريك وغيره، لا عن أبي معاوية (كما في المعجم الأوسط 2/275 و276 والكبير للطبراني 5/166 رقم 4970 وبحر الفوائد للكلاباذي 302 والسنة للالكائي 8/1389 وتالي تلخيص المتشابه 2/467)، والله أعلم.
نعم، رُوي أن ابن معين وثق ابن الطفيل (علل الخلال 121 منتخبه)، ولكن راويه عن ابن معين -محمد بن أبي يحيى- لا يُعرف، وتقدم الكلام عليه في الطريق السابقة، ولم يذكر التوثيق أحد من رواة ابن معين المعروفين.
3) محمد بن الطفيل عن أبي معاوية:
تقدم في الرواية السابقة.
4) جعفر بن محمد البغدادي عنه بنحوه: أخرجه الخطيب (7/172-173) -ومن طريقه ابن عساكر (42/381) وابن الجوزي (1/350)- من طريق الحافظ مطين، قال: ثنا جعفر بن محمد البغدادي أبومحمد الفقيه -وكان في لسانه شيء- حدثنا أبومعاوية به.
قول مطين عن شيخه: "وكان في لسانه شيء"؛ إشارة إلى أنه يكذب، وقد كان بعض الحفاظ إذا أراد تكذيب راو: ذَكَره وأشار بيده إلى لسانه (انظر مثلاً: الجرح والتعديل 6/168 والضعفاء لأبي زرعة 360 و362 و676)، ولا سيما وقد قال مطين آخر روايته هذه: لم يرو هذا الحديث عن أبي معاوية من الثقات أحد، رواه أبوالصلت فكذّبوه.
وقال ابن الجوزي: إن جعفر بن محمد البغدادي متهم بسرقة هذا الحديث.
وحكم الذهبي في الميزان (1/415) على هذه الرواية بالوضع.
وتقدم تجويز الإمام الألباني أن يكون جعفر هذا هو الفيدي المذكور قبل روايتين.
5) عمر بن إسماعيل بن مجالد عنه بنحوه: أخرجه العقيلي (3/150) وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/99) وابن بطة في الإبانة، والخطيب (11/204) وابن عساكر (42/381) وابن الجوزي في الموضوعات (1/351).
وعمر هذا متروك، وكذبه ابن معين لحديثه هذا، وقال: حديث كذب ليس له أصل، ووافقه أحمد، والعقيلي، وابن عدي، وابن عساكر، كما أنكر حديثه أبوزرعة الرازي، وقال الدارقطني: إنه سرقه من أبي الصلت. (انظر: سؤالات ابن الجنيد 51 والعلل لعبد الله بن أحمد 3/9 والضعفاء لأبي زرعة 520-521 والكامل لابن عدي 5/67 والتعليقات على المجروحين 179 وتاريخ الخطيب).
6) أبو عبيد القاسم بن سلام، عنه: أخرجه ابن حبان في المجروحين (1/130) -ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (1/352)- عن الحسين بن إسحاق الأصبهاني، ثنا إسماعيل بن محمد بن يوسف الجبريني، عن أبي عبيد به.
وإسماعيل هذا متهم بالكذب، وحكم ابن حبان أنه ممن يقلب الأسانيد ويسرق الحديث. (انظر: اللسان 1/433)، وبه أعله ابن الجوزي.
وله طريق أخرى أردأ حالاً، فقال الدارقطني في تعليقاته على المجروحين (179): حدَّث به شيخ لأهل الري دجال، يقال له: محمد بن يوسف بن يعقوب، حدّث به عن شيخ له مجهول، عن أبي عبيد القاسم بن سلام، عن أبي معاوية.
7) الحسن بن علي بن راشد عنه بنحوه: أخرجه ابن عدي (2/341 و5/67) -ومن طريقه ابن عساكر (42/379) وابن الجوزي (1/352)- عن الحسن بن علي العدوي، عن ابن راشد.
والعدوي وضاع مشهور، وبه أعله ابن الجوزي، وقال ابن عدي في الموضع الأول: هذا حديث أبي الصلت الهروي عن أبي معاوية، على أنه قد حدث به غيره، وسرق منه من الضعفاء، وليس أحد ممن رواه عن أبي معاوية خير وأصدق من الحسن بن علي بن راشد، والذي ألزقه العدوي عليه.
وتكلم عليه ابن عدي في الموضع الثاني بمعناه.
8) إبراهيم بن موسى الرازي عنه بنحوه: رواه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (ص105 مسند علي) عنه.
قال ابن جرير: الرازي هذا ليس بالفراء، وقال: لا أعرفه، ولا سمعت منه غير هذا الحديث.
قلت: فإن كان الراوي عنه -بل من لم نجد راويا عنه سواه- لا يعرفه فمن يعرفه؟ فهو نكرة مجهول، ويشمله اتهام الحفاظ بسرقة الحديث من أبي الصلت، وأنه لم يروه ثقة عن أبي معاوية.
وهناك احتمال –لكن فيه ضعفاً- أنه ذاك الجرجاني الذي أورد له ابن عدي حديثا منكرا عن أبي معاوية. (انظر الكامل 1/272).
9) موسى بن محمد الأنصاري الكوفي عنه: أخرجه خيثمة بن سليمان في حديثه (ص200) من طريق محفوظ بن بحر الأنطاكي، عن موسى، ولفظه: "أنا مدينة الحكمة وعلي بابها".
قلت: موسى ثقة، ولكن الراوي عنه كذّبه أبوعروبة، وضعّفه مفسَّراً ابنُ عدي وابن طاهر، وشذّ ابن حبان فقال: مستقيم الحديث. فلعله خفيت عليه حاله، ونص الذهبي في الميزان (3/444) أن هذا الحديث من بلاياه. وقال ابن العجمي في الكشف الحثيث (610): إنه من وضعه وأكاذيبه.
10) أحمد بن سلمة أبوعمرو الكوفي عنه بنحوه: أخرجه ابن عدي (1/189) ومن طريقه السهمي في تاريخ جرجان (65) وابن عساكر (42/142) وابن الجوزي (1/352).
وأحمد هذا كذاب، وقال ابن عدي: وهذا الحديث يعرف بأبي الصلت الهروي عن أبي معاوية، سرقه منه أحمد بن سلمة هذا، ومعه جماعة ضعفاء.
وقال أيضا (5/67): وحدث به أحمد بن سلمة الكوفي من ساكني جرجان، وكان متهما، عن أبي معاوية كذلك. واتهمه بسرقة هذا الحديث من أبي الصلت.
11) رجاء بن سلمة عنه بنحوه: رواه الخطيب (4/348) -ومن طريقه ابن عساكر (42/379) وابن الجوزي (1/351)- عن العتيقي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله الشاهد، حدثنا أبوبكر أحمد بن فاذويه بن عزرة الطحان، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يزيد بن سليم، حدثني رجاء به.
وهذا موضوع، فشيخ العتيقي هو أبوالقاسم الثلاج: كذابٌ وضاع.
والطحان ساق الخطيب هذا الحديث في ترجمته، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأما شيخه فثقة.
ورجاء قال عنه ابن الجوزي: إنهم اتهموه بسرقة هذا الحديث. فإن ثبت السند إليه فالأمر كذلك، لحكم جماعة من الحفاظ أن كل من رواه عن أبي معاوية سرقه، وأنه لم يروه عنه ثقة.
12) محمود بن خداش عنه: عزاه ابن الجوزي في الموضوعات (1/352) لابن مردويه من طريق الحسن بن عثمان، عن محمود به.
ومحمود ثقة، لكن البلية من الراوي عنه، فإنه كذاب يضع الحديث، وبه أعله ابن الجوزي.
13) هشام عنه: ذكر الدارقطني في التعليقات على المجروحين (179) أن رجلا كذابا من أهل الشام رواه عن هشام، عن أبي معاوية.
ولم يسم الرجل، ولا يهم معرفة اسمه ما دام كذاباً.
فهذا ما وقفنا عليه من طرق إلى أبي معاوية، ولم يثبت إليه منها شيئ عند التحقيق، بل كلها من طريق الكذابين والمجاهيل، فالأمر كما قال الحفاظ إنه لا يثبت عن أبي معاوية، ولم يحدّث به عنه ثقة.
والحديث عزاه السخاوي في الأجوبة المرضية (2/877) لأبي الشيخ في السنة من طريق أبي معاوية به.
الطريق الثانية: سعيد بن عقبة، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعا بنحوه:
أخرجه ابن عدي (3/412) -ومن طريقه ابن عساكر (42/380) وابن الجوزي (1/352)- عن أحمد بن حفص السعدي، نا سعيد به.
وهذا موضوع، فشيخ ابن عدي ضعيف صاحب مناكير، وقال الذهبي في الميزان (2/153): لعله اختلقه.
وسعيد هذا مظلم الأمر شديد الضعف، ويظهر أنه شيعي، فقال عنه ابن عدي: حدثنا عنه أحمد بن حفص السعدي وحده؛ عن جعفر بن محمد والأعمش بما لا يتابع عليه. سألت عنه ابن سعيد [يعني ابن عقدة] فقال: لا أعرفه في الكوفيين، ولم أسمع به قط. وكتب عني من حديثه بعضها. وأورد له ابن عدي هذا الحديث مع قصة في آل البيت، وحديث آخر عن آل البيت قال عنه: منكر الإسناد والمتن. ثم قال: وسعيد بن عقبة هذا لم يبلغني عنه من الحديث غير ما ذكرت، وهو مجهول غير ثقة.
قلت: لم أجد لسعيد ذكراً في موضع آخر، وكل من جاء بعد ابن عدي ممن كتب في الضعفاء والموضوعات فقد اعتمد على كلامه.
والقاعدة أن الراوي إذا كان شبه مجهول، وليس له إلا روايات قليلة، وهي على قلتها منكرة، ولا يتابع عليها: فإنه شديد الضعف على أقل الأحوال، وانظر مثالاً في سؤالات البرذعي لأبي زرعة (2/512) والجرح والتعديل (4/119).
أما الغماري فبتر كلام ابن عدي الطويل في السعدي وشيخه، وقال في جزئه: قال ابن عدي: سعيد بن عقبة مجهول. انتهى!
وطريقٌ غريبةٌ هذه رجالُها، وهي من الأفراد إلى القرن الرابع: لا ينبغي التردد في بطلانها.
الطريق الثالثة: عثمان بن عبدالله العثماني، عن عيسى بن يونس، عن الأعمش به، بلفظ: "أنا مدينة الحكمة":
أخرجه الآجري في الشريعة (1551) -ومن طريقه محمد بن يوسف الكنجي في كفاية الطالب (58 كما في نفحات الأزهار 10/165)- وابن عدي (3/412 و5/177) وعلّقه ابن حبان في المجروحين (2/102 وانظر تعليقات الدارقطني 183).
وعلته عثمان هذا، فإنه كذاب.
وأعل الحديث ابن حبان وابن عدي.
أما عميل التتار الكنجي الرافضي فقال: هذا حديث حسن عال!
وهذا أحد الأدلة على كونه حاطب ليل، وأنه لا عبرة بأحكامه.
الطريق الرابعة: سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن الأعمش به.
قال ابن عدي (3/412): حدثناه عن بعض الكذابين، عن سفيان به.
وكفانا ابن عدي الحكم على هذه الرواية، على أن سفيان فيه كلام معروف.
الطريق الخامسة: عبيد الله بن موسى عن الأعمش بسياق مغاير.
أورده الديلمي في الفردوس (1/44) عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: "أنا ميزان العلم، وعلي كفتاه، والحسن والحسين خيوطه، وفاطمة علاقته، والأئمة من أمتي عموده، يوزن فيه أعمال المحبين لنا والمبغضين لنا".
وأسنده ابنه في مسند الفردوس مسلسلاً (كما في ذيل الموضوعات للسيوطي 59-60 وفيه سقوط) -وعنه أخطب خوارزم في مقتل الحسين (107)- قال: أخبرني والدي، أخبرني عبد الرحيم بن محمد الفقيه بالري، وسألني أن لا أبذله، حدثنا حدثني أبوالفتح عبيد بن مردك، واستحلفني أن لا أبذله، حدثني يوسف بن عبد الله بأردبيل، واستحلفني أن لا أبذله، حدثني الحسن [خ: الحسين] بن صدقة الشيباني، واستحلفني أن لا أبذله، أخبرني أبي وسليمان بن نصر، واستحلفاني أن لا أبذله، حدثني إسحاق بن سيار، واستحلفني أن لا أبذله، حدثني عبيد الله بن موسى، واستحلفني أن لا أبذله، حدثني الأعمش، واستحلفني أن لا أبذله، حدثني مجاهد، عن ابن عباس به.
قلت: هذا ظاهر الوضع سنداً ومتناً وتسلسلاً، ومن دون عبيد الله لم أهتد لهم، فالبلاء من أحدهم، وهذا مخالف لمتن الرواية الأشهر عن الأعمش بهذا الإسناد في مدينة العلم، وحسبنا أن السيوطي -على تساهله الشديد- حكم عليه بالوضع.
كما أن الحديث ضعفه السخاوي في المقاصد (189)، ونقل عبد الباقي اللكنوي في المناهل السلسلة (ص179) عن السخاوي في مسلسلاته ما يُفيد حكمه على الحديث بالوضع، ولم أجد الحكم في موضعه من مصورتي لكتابه.
• الحاصل أنه لا يصح عن الأعمش من أي وجه، وهو منكر عنه باتفاق أئمة الحفاظ بما فيهم ابن معين، إذ لم يحدّث عنه أحدٌ من حفاظ أصحابه، وهم كثر، أما رواية أبومعاوية دونهم عن الأعمش فلا تصح كما تقدم، ولو صحَّت لم تُقبل، لأن تفرد أبي معاوية بأصل لا يُقبل من طبقته على الصحيح، كيف وهو أصلٌ منكر سندا ومتنا؟ وأنكره عنه تلميذاه أحمد وابن معين -في بعض النقول عنه-؟
ثم إن من رُوي عنه إثباته لأبي معاوية -وهو ابن معين- قد قال: أخبرني ابن نمير، قال: حدّث به أبومعاوية قديما ثم كفّ عنه. كما في معرفة الرجال لابن محرز (1/79).
قال المعلمي في حاشية الفوائد المجموعة (352): فلولا أنه عَلِم وهنه لما كفَّ عنه.
على أنا قدمنا مناقشة النقول المختلفة عن ابن معين، ورجحنا أن رأيه الأخير موافق تماماً لبقية الحفاظ، وقد حكم أبوزرعة ومطين وابن عدي وغيرهم أنه لم يروه ثقة عن أبي معاوية، وهو ما تأكد بالتخريج، ولو كان ثابتا عن أبي معاوية وأنه حدَّث به قديما لوجدنا ولو راويا واحدا ثقة رواه عنه، وهذا ما لم يوجد!
ثم إنه لو ثبت إلى الأعمش فإنه مدلس، وقد عنعن في جميع الطرق التي وقفت عليها، وروايته عن مجاهد بالذات فيها كلام كثير، وقال ابن معين -الذي يحتج ببعض قوله من يمشّي الحديث-: إن كل ما يرويه عنه لم يسمعه منه، وإنما هي مرسلة مدلَّسة.
انظر تهذيب التهذيب (4/197)، وحاشية المعلمي على الفوائد المجموعة (ص351)، وجزء تخريج حديث أنا مدينة العلم للكواري (ص9).
كما أن تفرد الكوفيين الشيعة بالحديث -وهو يؤيد غلوهم وبدعتهم، وعُرفوا بالوضع وسرقة الأحاديث لأجلها- علة بحد ذاتها، زاد عليها أن تفرد هؤلاء الكوفيين جاء عن غير أهل بلدهم، فابن عباس مكي، ومجاهد مكي، ثم لم يوجد الحديث في مكة ولا الحجاز مع كثرة الآخذين عن ابن عباس ومجاهد، وتفرد بنقله مَنْ في روايته عن مجاهد كلام كثير من الغرباء، فهذه أيضا علة قوية تطعن في الحديث.
ثم إن جماعة آخرين نصُّوا أنه لا يصح هذا الحديث من جميع طرقه ووجوهه، ويأتي ذكرهم إن شاء الله.
وروي من وجهين تالفين آخرين إلى سعيد بن جبير عن ابن عباس:
الأول: ما رواه أبوعبدالغني الحسن بن علي، عن عبدالوهاب بن همام، حدثني أبي، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا مدينة الجنة، وعلي بابها، فمن أراد الجنة فليأتها من بابها".
رواه ابن المغازلي (127) والطوسي الرافضي في أماليه (1193) كلاهما من طريقه.
وأبوعبدالغني كذاب وضاع، وقال ابن عدي: له أحاديث لا يُتابع عليها في فضل علي.
وعبدالوهاب شيعي، وفيه كلام على صدقه.
وأما همام بن نافع فوثقه ابن معين، ولكن لم يذكروا من الرواة عنه إلا ولده عبد الرزاق، ونص الذهبي أنه ما علم عنه راوياً سواه، كما لم يذكر أحد ممن ترجم لعبدالوهاب روايته عن أبيه، ولا رأيت ذلك بالبحث، كما لم أر أحداً ذكر نافعاً برواية قط، فالظاهر أن السند من اختلاقات وتركيبات أبي عبد الغني، والله أعلم.
أما المتن فإنه مخالف للأشهر في الرواية.
الوجه الثاني: ما رواه ابن شاذان في مائة منقبة (18) من طريق سعد بن طريف، حدثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعا مطولا.
وهذا موضوع متأخرا، وابن شاذان وضاع، وابن طريف رافضي رمي بالوضع، وقد رُوي أصل الحديث عنه، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي، وسيأتي.
على أن في النفس من صحة أي كتاب ينفرد الرافضة بوجوده وإخراجه مما فيه أسانيد، لأنه جُرِّب عليهم وضع كتب كاملة بأسانيدها؛ ونسبتها إلى قدماء مصنفي ورواة الرافضة والمنسوبين للتشيع، ومن أمثلة ذلك كتاب شواهد التنزيل المنسوب للحاكم الحسكاني، فهو موضوع جملة وتفصيلا، والحسكاني بريء منه ومن أسانيده المركبة.
وكتاب مائة منقبة هذا تفرد بطرق كثيرة مركبة لا يرويها سواه، فلا يبعد أن يكون من جنس ما سبق، والله أعلم.
ولهذا فإني وقفت على طرق منسوبة للحديث تفردت بها كتب الرافضة -مثل كتب المسمى عندهم الصدوق، والمفيد، وتفسير فرات، وعيون أخبار الرضا، وبشارة المصطفى للطبرسي، ووسائل الشيعة للعاملي، والمناقب لمحمد بن سليمان، ولابن حمزة الطوسي، وشواهد التنزيل، وغيرها- فأعرضتُ عنها رأساً تأسيًّا بالحفاظ، فكلها موضوعات، ولا أصل لها مطلقاً، والرافضة أكذب الخلق قديماً وحديثاً.
حتى أحمد الغماري -مصحح الحديث لتشيعه!- يقول في كتابه الجواب المفيد (52): أنا لا أثق في علم الشيعة الإمامية الروافض، لأنهم كذبة.. إلى أن قال: إلا أنهم لكذبهم وكذب مصادرهم وخبث مذهبهم لا أعتمد عليهم.
رد: تخريج موسع لحديث: (أنا مدينة العلم وبابها علي)، وبيان علله
جزاك الله خير اخي الفاضل محمد زياد تكلة وزادك الله علماً
اشتقنا لك ياصديقي
رد: تخريج موسع لحديث: (أنا مدينة العلم وبابها علي)، وبيان علله
مناقب علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ
هذا بحث كنت سطرته لنفسي ، فلما رأيت الأخوة قد تلكموا عن هذا الحديث أحببت أن أشاركهم .
فأقول ـ مستعينا بالله ـ :
من ضمن الأحاديث المشتهرة حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " ، فقد روي من عدة طرق ، وبعد النظر في أي هذه الطرق أقوى أصح ؛ قمت بتخريجه ودراسته ، ونقل كلام أهل الفن فيه ، وبعدما قمت بذلك أحببت أن أقوم بإنزاله في هذه المجلس المبارك ـ إن شاء الله ـ ولا نستغني عن تعليقات المشايخ بما فتح الله به عليهم .
قال السخاوي : حديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " : وبالجملة فكل طرقه ضعيفة ، وألفاظ أكثرها ركيكة ، وأحسنها حديث ابن عباس بل هو حسن( ).
وحديث ابن عباس هذا ؛ أخرجه ابن عدي( )، والطبراني( )، والحاكم( )، وابن الجوزي( )، من طريق أبي الصلت عبد السلام بن صالح ،
والعقيلي( )، والخطيب البغدادي( )، وابن الجوزي( )، عن عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد الهمداني ،
كلاهما " أبو الصلت ، الهمداني " عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير ،
وابن عدي( )، ومن طريقه ابن الجوزي( )، من طريق أبي الفتح سعيد بن عقبة الكوفي ،
وابن عدي( )، والآجري( )، من طريق عـثمان بن عبد الله العثماني ، عن عيسى بن يونس ،
ثلاثتهم " أبو معاوية ، أبو الفتح ، عيسى بن يونس " عن سليمان الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : " أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأته من بابه " إلا أن عيسى بن يونس بلفظ " أن مدينة الحكمة ، وعلي بابها " .
من خلال ما سبق تبين أن مدار هذا الحديث على الأعمش سليمان بن مهران ، وقد أعل بجميع طرقه بأربع علل :
العلة الأولى : تدليس الأعمش(*)، وصفه بذلك غير واحد من العلماء كالكرابيسي ، والنسائي ، والدارقطني ، ور بما وصف بتدليس التسوية .
قال الدارمي : سـمعت يحيى ، وسئل عن الرجل يُلقي الرجل الضعيف من بين ثقتين ، يوصل الحديث ثقة عن ثقة ، ويقول: أنقص من الحديث وأصل ثقة عن ثقة يُحَسّن الحديث بذلك ؟ فقال: لا يفعل ، لعل الحديث عن كذّاب ليس بشيء ، فإذا هو قد حسّنه وثَبته ، ولكن يُحدّث به كما روي .
قال عثمان الدارمي: وكان الأعمش ربما فَعَلَ ذلك( ).
وقال الخطيب البغدادي : وربما لم يسقط المدلس اسم شيخه الذي حدثه لكنه يسقط ممن بعده في الإسناد رجلا ًيكون ضعيفاً في الرواية ، أو صغير السن ، ويحسن الحديث بذلك ، وكان سليمان الأعمش ، وسفيان الثوري ، وبقية بن الوليد ، يفعلون مثل هذا( ).
وقال الحافظ أبو الفتح الأزدي : قد كره أهل العلم بالحديث مثل : شعبة وغيرهِ التدليسَ في الحديث ، وهو قبيحٌ ومهانةٌ ، والتدليس على ضربين : فإن كان تدليساً عن ثقةٍ ،لم يحتج أن يوقف على شيءٍ ، وقُبل منه ، ومن كان يدلس عن غير ثقةٍ ،لم يُقبل منه الحديث إذا أرسله حتى يقول: حدثني فلان ، أو سـمعت ، فنحن نقبل تدليس ابن عيينة، ونظرائه لأنه يـحيل على ملئ ثقة ، ولا نقبل من الأعمش ، تدليسه لأنه يحيل على غير ملئ ، والأعمشُ إذا سألته عمن هذا ؟ قال: عن موسى بن طريف ، وعَباية بن ربعي، وابن عيينة إذا وقفته قال: عن ابن جريج ، ومعمر ونظرائهما فهذا الفرق بين التدليسين( ).
ويشتد اعتبار تدليس الأعمش في هذا الخبر ، لأنه عن مجاهد ، لأن روايته عنه متكلم فيها من حيث السماع :
قال يحيى بن سعيد : كتبت عن الأعمش أحاديث ، عن مجاهد كلها ملزقة لم يسمعها( ).
وقال يحيى بن مـعين : الأعمش سمع من مجاهد ، وكل شيء يرويه عنـه لم يسمع ، إنما مرسلة مُدلَسة ( ).
وقال أبو حاتم الرازي : الأعمش قليل السماع من مجاهد، وعامة ما يرويه عن مجاهد مدلس( ).
وقال يعقوب بن شيبة : في " مسنده " ليس يصح للأعمش ، عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة ، قلت لعلي بن المديني : كم سمع الأعمش من مجاهد ؟ قال : لا يثبت منها إلا ما قال : سمعت ، هي نحو من عشرة ، وإنما أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات( ).
قال المعلمي : و القتات ، ضعيف ، ولعل الواسطة في بعض أحديث الأعمش من هو شر منه ، فقد سمع الأعمش من الكلبي أشياء ، يرويها عن أبي صالح باذام ، ثم يرويها الأعمش عن باذام تدليس ، وسكت عن الكبي ، والكلبي كذاب( ).
العلة الثانية : رجـوع أحد رواته عن الأعمش عن التحديث بـهذا الخبر ، وهو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير.
قال يحيى بن مـعين: أخبرني ابن نـمير ، قال: حـدّث بـه أبو مـعاوية قـديماً ، ثم كف عنه( ).
وقال المعلمي : ويتأكد وهن الخبر بأن من يثبته عن أبي معاوية يقول : إنه حدّث به قديماً ثم كـف عـنه ، فلو لا أنه علم وهنه لما كف عنه( ).
العلة الثالثة : ضعف رواته :
فكل طريق من هذه الطرق الثالثة لهذا الحديث جاء من طريق راوي إما موصوف بأن ضعف أو مترك :
الطريق الأول : طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير ، رواته متكلم فيهما :
1ـ أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي :
قال أبو حاتم الرازي : لم يكن عندي بصدوقٍ ، وهو ضعيفٌ ، وأمر أبو زرعة الرازي أن يضرب على حديثه ، وقال : لا أحـدث عنـه ، ولا أرضاه ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال العقيلي : كان رافضياً خـبيثاً ، وقـال ـ أيضاً : كذّاب ( ).
وقال أبو نعيم الأصبهاني : يروي عن حماد بن زيد ، وأبي معاوية ، وعباد بن العوام ، وغيرهم أحاديث منكرة( ).
وكذّبه واتهمه بالوضع محمد بن طاهر ، وابن الجوزي( ).
وقال ابن رجب ، والذهبي ، والزيلعي : متروك الحديث( ).
وتعقب الذهبي الحاكم لما قال عنه : ثقـة مأمون ، بقوله : لا والله لا ثقة ولا مأمون( ).
وقال المعلمي : أبو الصلت فيما يظهر لي كان داهية ، من جهة خدم علي الرضا بن موسى بن جعفر بن محمد ، وتظاهر بالتشيع ، ورواية الأخبار التي تدخل في التشيع ، وتظاهره بالتشيع لأهل البيت مكراً منه لكي يصدق فيما يرويه عنهم ، فروى عن علي بن موسى عن آبائه الموضوعات الفاحشة كما ترى بعضها في ترجمة علي بن موسى من " التهذيب " ، وتبين مما هناك أن من يأبى أن يكذبه يلزمه أن يكذب علي بن موسى الرضا وحاشاه( ).
وقال ابن حبان: هذا شيء لا أصل لـه من حديث ابن عباس ، ولا مجاهد ، ولا الأعمش ، ولا أبو معاوية حدّث به ، وكل من حدّث بهذا المتن ، فإنما سرقه من أبي الصلت هذا ، وإن أقلب إسناده ) ( ).
وقال الهيثمي : رواه الطبراني ، وفيه عبد السلام بن صالح الهروي ، وهو ضعيف( ).
2ـ عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد الهمداني :
قال أبو حاتم : ضـعيف الحديث ، وقال الدارقطني ، والنسائي ، وابن حجر : متروك الحديث ، وقال ابن عدى : يسرق الحديث ( ).
وقال ابن مـعين : كذّاب ، يحدث ـ أيضاً ـ بحديث أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن مـجاهد ، عن ابن عباس ، عن النبي ـ صلي الله عليه وسلم : " أنا مدينة العلم ، وعلي بابها " ، وهذا حديث كذب ، ليس له أصل .
وقال عبد الله بن أحمد : سمعت ابن مـعين يقول : شويطراً ، ليس بشيء ، كذاب ، رجل سوء ، خبيث ، حدّث عن أبي معاوية بحديث ، ليس لـه أصل ، كَذِبٌ ، عن الأعمش ، ....) ( ).
عمر بن إسماعيل بن مجالد ليس بثقة متروك الحديث( ).
الطريق الثاني : طريق أبي الفتح سعيد بن عقبة الكوفي :
قال ابن عدي: مجهول ، غير ثقة( ).
الطريق الثالث : طريق عيسى بن يونس العثماني :
فقد سبق في التخريج في التخريج أن الراوي عن عيسى بن يونس هو عـثمان بن عبد الله العثماني ، وعثمان اتهم بالوضع :
قال ابن عدي : حدث في كل موضع بالمناكير عن الثقات ، وقال ـ أيضاً ـ له أحاديث موضوعة ، وقال الجوزجاني : كذاب ، يسرق الحديث ، وقال الدارقطني : متروك الحديث ، وقال مرة : يضع الأباطيل على الشيوخ الثقات .
وقال الذهبي : روى عن الليث ، ومالك ، وكان يضع عليهما الحديث ، لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل الاعتبار( ).
العلة الرابعة : النكارة في المتن :
قال ابن تيمية : وهذا الحديث أضعف ، وأوهى ، ولهذا إنما يعد في الموضوعات ، والمكذوبات ، وقد ذكره ابن الجوزي ، و بين أن سائر طرقه موضوعة ، والكذب يعرف من نفس متنه ، فإن النبي إذا كان مدينة العلم ، ولم يكن لها إلا باب واحد ، ولم يبلغ عنه العلم إلا واحد ، فسد أمر الإسلام ، و لهذا اتفق المسلمون على أنه لا يجوز أن يكون المبلغ عنه العلم واحداً ، بل يجب أن يكون المبلغون أهل التواتر ؛ الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب ، وخبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرائن ، وتلك قد تكون منتفية أو خفية عن أكثر الناس فلا يحصل لهم العلم بالقرآن ، والسنن المتواترة ، وإذا قالوا ذلك الواحد المعصوم يحصل العلم بخبرة ، قيل: لهم فلا بد من العلم بعصمته أولاً ، وعصمته لا تثبت بمجرد خبره قبل أن يعلم عصمته ، فإنه دور ولا تثبت بالإجماع ، فإنه لا إجماع فيها ، وعند الإمامية إنما يكون الإجماع حجة لأن فيهم الإمام المعصوم ، فيعود الأمر إلى إثبات عصمته بمجرد دعواه ، فعلم أن عصمته لو كانت حقاً لا بد أن تعلم بطريق آخر غير خبره ، فلو لم يكن لمدينة العلم باب إلا هو ،لم يثبت لا عصمته ، ولا غير ذلك من أمور الدين فعلم أن هذا الحديث إنما افتراه زنديق ، جاهل ، ظنه مدحاً ، وهو مطرق الزنادقة إلى القدح في دين الإسلام إذ لم يبلغه إلا واحد .
ثم إن هذا خلاف المعلوم بالتواتر ، فإن جميع مدائن الإسلام بلغهم العلم عن الرسول من غير علي ، أما أهل المدينة ومكة فالأمر فيهما ظاهر ، وكذلك الشام ، والبصرة فإن هؤلاء لم يكونوا يروون عن علي إلا شيئاً قليلاً ، وإنما كان غالب علمه في الكوفة ومع هذا فأهل الكوفة كانوا يعلمون القران والسنة قبل أن يتولى عثمان ، فضلاً عن علي..... ( )) .
وقال ـ أيضاً ـ : هذا الحديث ضعف بل موضوع عند أهل المعرفة بالحديث( ).
وقال المعلمي : مما يُعل به هذا الحديث النظر في متن الخبر ، كل من تأمل منطوق الخبر ، ثم عرضه على الواقع ، عرف حقيقة الحال( ).
ومع وضوح ضعف هذا الحديث ونكارته حاول بعض أهل الحديث أن يرفعه من درجة الضعف إلى درجة الحديث الحسن ؛ لكثرة طرقه(*).
قال العلائي : والصواب أنه حسن باعتبار طرقه لا صحيح ولا ضعيف( ).
وقال ابن حجر : هذا الحديث له طرق كثيرة في " مستدرك الحاكم " ، أقل أحوالها أن يكون للحديث أصل ، فلا ينبغي أن يطلق القول عليه بالوضع .
وقال ـ أيضاً ـ: هذا الحديث لا صحيح كما قاله الحاكم ، ولا موضوع كما قاله ابن الجوزي ، وأن الصواب أنه من قسم الحسن ، لا يرتقي إلى الصحة ، ولا ينحط إلى الكذب .
قال الشوكاني : وهذا هو الصواب( ).
إلا أن قوة العلل التي أوردت على هذا الحديث الذي عُد بأنه أصح ما في هذا الباب ؛ دفعت كثير من أهل لعلم إلى الحكم على أحادث هذا الباب بالنكارة والضعف ، وأن كثرة طرقها لا تنفعه لأنها إما مروية من طريق كذابين أو متهمين بالكذب ، أو موصفون بالضعف .
قال العقيلي : ولا يصح في هذا المتن حديث( ).
وقال الدارقطني : الحديث مضطرب غير ثابت( ).
وأما البخاري فأنكره ، وقال مرة : ليس له وجه صحيح( ).
وقال أبو زرعة : كم خلق افتضحوا فيه( ).
وقال يحيى بن سعيد ، وابن حبان : هذا خبر لا أصل له عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ( ).
وقال النجم : طرق هذا كلها ضعيفة واهية( ).
وقال ابن دقيق العيد : هذا الحديث لم يثبتوه ، وقيل : إنه حديث باطل( ).
وتعقب الذهبي الحاكم لما قال عن هذا الحديث : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، بقوله : بل موضوع( ).
وممن حكم عليه بالوضع : أبو جعفر مطين الحضرمي ، وابن طاهر ، والمعلمي ، والألباني( ).
============================== ==========
( )ـ " المقاصد الحسنة " (ص 170) ، و" الأجوبة المرضية " (2/880) .
(2)ـ " الكامل " (5/ 67)
(3)ـ " المعجم الكبير " (11/ 66) .
(4)ـ " المستدرك " (3/126).
(5)ـ " الموضوعات " (2/113ح 661).
(6)ـ " ( الضعفاء " : ( 3 / 150 ).
(7)ـ " تاريخ بغداد " (11/204).
(8)ـ " الموضوعات " (2/113ح 661).
(9)ـ " الكامل " (3/126) .
(10)ـ " الموضوعات " (2/114ح 663).
(11)ـ " الكامل " (5/177) .
(12)ـ " الشريعة " (3/236).
(*) ـ جعله الحافظ ابن حـجر في الطبقة الثانية من طبقات كتابه : " طبقات المدلسين " (ص 67) ، وحقه أن يكون في الطبقة الثالثة ، فقد عرف عنه كثرة التدليس ، ووصف بتدليس التسوية ، ولهذا نرى أن ابن حجر ذكره في الطـبقة الثـالثة في كتابه: " النكت على ابن الصلاح " ( 2 /640 ) ، فهل هذا الصنيع من ابن حجر تردد منه ، أو أنه رأى أن بعض العلماء قد احتمل تدليسه فيكون من أصحاب الطبقة الثانية ، أو أن بعضهم توقف فيه فيكون من أصحاب الطبقة الثالثة . قال الذهبي : الأعمش يدلس ، وربما دلّس عن ضعيفٍ ، ولا يدرى به ، فمتى قال: حدّثنا ، فلا كلام ، ومتى قال: عن ، تطرق إليه احتمال التدليس إلاّ في شيوخ له أكثر عنهم: كإبراهيم ، وابن أبي وائل ، وأبي صالح السمّان ، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال. " الميزان " ( 2 / 224 ).
(13)ـ " تاريخ عثمان الدارمي: ( ص 243 ) ، علق ابن حجر على هذا بقوله : ظاهر هذا تدليس التسوية ، وما علمت أحداً ذكر الأعمش بذلك فَيُسْتَفَاد . " اللسان " (1 /205 ) ، وقد سبق في ( كتاب البيوع / باب ما جاء في ذم بيع العينة ) أن ابن حجر أشار أن الأعمش ربما دلس حديث ابن عمر تدليس التسوية .
(14)ـ " الكفاية " ( ص364 ).
(15)ـ " الكفاية " (362).
(16)ـ انظر " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم (1/ 241).
(17)ـ " رواية ابن طهمان: ( رقم: 59 ).
(18)ـ " العلل: ( 2 / 210 ).
(19)ـ " تهذيب التهذيب " (4/196) .
(20)ـ " التعليق على الفوائد المجموعة " ( ص 351) ، وانظر " تهذيب التهذيب " (4/196) .
(21)ـ " معرفة الرجال "رواية ابن محرز (1/ 79 ) .
(22)ـ " التعليق على الفوائد المجموعة " ( ص 352) .
(23)ـ " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم ( 6 / 48 ) ، و " الضعفاء " للعقيلي ( 3 / 70 ) ، وانظر " السير " (22/30) ، و " تهذيب التهذيب " ( 6/ 286 ).
(24)ـ " الضعفاء: ( رقم: 140 ).
(25)ـ " الموضوعات " ( 2/ 177 ) ، و " تهذيب التهذيب " ( 6/ 287 ) .
(26)ـ " فتح الباري" لابن رجب ( 6 / 412 ) ، و " المغني " للذهبي ( 2 / 394 ) ، و " نصب الراية " ( 1 / 345 ).
(27)ـ " المستدرك " وبحاشيته " تلخيص المستدرك " للذهبي (3/126) .
(28)ـ " التعليق على الفوائد المجموعة " ( ص 293 ، 349) ، وانظر " تهذيب التهذيب " ( 6 / 287 ) .
(29)ـ " المجروحين " ( 2 / 94 ، 152) .
(30)ـ " مجمع الزوائد " (9/ 114) .
(31)ـ " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم ( 6 / 99 ) ، وانظر " الميزان " (3/182ت 6055) ، و" التقريب: (ت 4900 ) ، و" تهذيب التهذيب " ( 6 / 287 ) .
(32)ـ " سؤالات ابن الجنيد " ( رقم: 51 ) ، و" سؤالات البرذعي " ضمن كتاب " أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية " ( 520 ،521) ، و " العلل للإمام أحمد " ( 3/ 9) ، وانظر " الميزان " (3/182ت 6055) .
(33)ـ " سؤالات ابن الجنيد " ( رقم: 51 ) ، و" سؤالات البرذعي " ضمن كتاب " أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية " ( 520 ،521) ، و " العلل للإمام أحمد " ( 3/ 9) ، وانظر " الميزان " (3/182ت 6055) .
(34)ـ " الكامل " ( 3 / 413 ت 840 ) ، وانظر " الميزان " (2/152) ، و " اللسان " (4/68ت 3460) .
(35)ـ " الكامل " (5/176ت 1336) ، و " المجروحين " لابن حبان (2/102ت 671) ، و " الضعفاء والمتروكون " ( ص 82 ت 466) .
(36)ـ " منهاج السنة " ( 7 /515) .
(37)ـ " مجموع الفتاوي " (18/123، 377) .
(38)ـ " التعليق على الفوائد المجموعة " ( ص 353) .
(*) ـ جمع بعض أهل العلم طرق هذا الحديث وراياته بأجزاء من ذلك : " جزء فيه طرق حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها" لجلال الدين السيوطي ، و" بحث في حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها" للكوكباني ، و " جواب على معنى حديث: أنا مدينة العلم ، وعلي بابها" الشوكاني . انظر " التعريف بما أفرد من الأحاديث بالتصنيف " للعتيق (1/32 ) ، وتخريج حديث " أنا مدينة العلم ، وعلي بابها " لخليفة الكواري ، وهو من أحسنها وأشملها .
(39)ـ " الأسرار المرفوعة " (ص 118) .
(40)ـ " لسان الميزان " (2/ 465) ، و " الفوائد المجموعة " ( ص 349) .
(41)ـ " الضعفاء " ( 3 / 150 ) .
(42)ـ " العلل: ( 3 / 248 ).
(43)ـ " العلل الكبير " للترمذي (ص 375) ، و " المقاصد الحسنة " للسخاوي ( ص170 ).
(44)ـ انظر " المقاصد الحسنة " ( ص170 ) ، و " كشف الخفاء " (1/204) .
(45)ـ " المجروحين " ( 2 / 94 ) ، وانظر " المقاصد الحسنة " ( ص170 ) ، و " كشف الخفاء " (1/204) .
(46)ـ انظر " المقاصد الحسنة " ( ص170 ) و " كشف الخفاء " (1/204) .
(47)ـ " شرح الإلمام " ( ) ، وانظر " مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " (17/ 443) ، و " التذكرة في الأحاديث المشتهرة " للزركشي (ص 164) .
(48)ـ " المستدرك " وبحاشيته " تلخيص المستدرك " للذهبي (3/126) .
(49)ـ " كتاب معرفة التذكرة " لابن طاهر المقدسي ( ص 127) ، وانظر " ميزان الاعتدال" (1/ ص 415) ، و" تخريج أحاديث الإحياء " للعراقي (4/30) ، و " التعليق على الفوائد المجموعة " ( ص 353) ، و" ضعيف الجامع " (2/13) .
رد: تخريج موسع لحديث: (أنا مدينة العلم وبابها علي)، وبيان علله
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل محمد زياد التكلة
و قد وجدت هذا البحث في ملف مرفق بالملتقى على وورد
و هذا رابطه
www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=46 204&d=1175093296
هل تنوي يا شيخنا الفاضل طبع هذا البحث النفيس في رسالة ؟
رد: تخريج موسع لحديث: (أنا مدينة العلم وبابها علي)، وبيان علله
صرف الله هذه الأيدي بما خطت عن النار وصاحبها آمين
ملاحظة: هل نسيت أمري؟
رد: تخريج موسع لحديث: (أنا مدينة العلم وبابها علي)، وبيان علله
اللهم اصرف من خطت يده هذا العلم عن النار واصرف النار عنه ، وأدخله الجنة دون حساب ولا سابقة عذاب ...