أوَّلُ وَاجِبٍ عَلى الْعَبِيد *** مَعْرِفَةُ الرَّحْمَنِ بِالتَّوْحِيدِ
أوَّلُ وَاجِبٍ عَلى الْعَبِيد *** مَعْرِفَةُ الرَّحْمَنِ بِالتَّوْحِيدِ
إذْ هُوَ مِن كُلِّ الأَوَامِر أعْظَمُ *** وَهُوَ نَوْعَانِ أيَا مَن يَفْهَمُ
إثْبَاتُ ذَاتِ الرَّبِّ جَلَّ وعَلاَ *** أسْمَائِهِ الْحُسْنَى صِفَاتِهِ العُلَى
وَأنَّهُ الرَّبُّ الْجَلِيلُ الأكْبَرُ *** الْخَالِقُ الْبَارِىءُ وَالْمُصَوِّرُ
بَاري الْبَرَايَا مُنْشِىءُ الْخَلائِقِ *** مُبْدِعُهُمْ بِلاَ مِثالٍ سَابِقِ
الأوَّلُ الْمُبدِي بِلاَ ابْتِدَاءِ *** والآخِرُ الْبَاقِي بِلاَ انْتِهَاءِ
الأحَدُ الفَرْدُ الْقَدِيرُ الأزَليّ *** الصَّمَدُ الْبَرُّ الْمُهَيْمِنُ العَلِيّ
عُلُوَّ قَهرٍ وَعُلُوَّ الشَّانِ *** جَلَّ عَنِ الأضْدَادِ وَالأعْوَانِ
كَذَا لَهُ الْعُلُوُّ والفَوْقِيَّهْ *** عَلَى عِبَادِهِ بِلاَ كَيْفِيَّهْ
وَمَعَ ذَا مُطَّلِعٌ إلَيْهِمُ *** بعلْمِهِ مُهَيْمنٌ عَلَيْهِمُ
وَذِكرُهُ لِلقُرْبِ وَالْمَعِيَّةْ *** لَمْ يَنْفِ لِلْعُلُوِّ وَالْفَوْقِيهْ
فَإِنَّهُ الْعليُّ في دُنُوِّهِ *** وَهُوَ الْقَريِبُ جَلَّ في عُلُوِّهِ
حَيٌّ وَقَيُّومٌ فَلاَ يَنَامُ *** وَجَلَّ أَنْ يُشْبِهُهُ الأنَامُ
لاَ تَبْلُغُ الأوْهَامُ كُنْهَ ذَاتهِ *** وَلاَ يُكَيِّفُ الْحِجَا صِفَاتِهِ
باقٍ فَلاَ يَفْنَي وَلاَ يَبِيدُ *** وَلاَ يَكُونُ غَيْرَ مَا ُيرِيدُ
مُنفَرِدٌ بِالْخَلْقِ وَالإرَادَهْ *** وَحَاكِمٌ جَلَّ بِمَا أرَادَهْ
فَمَنْ يَشَأْ وَفَّقَهُ بِفَضْلِهِ *** وَمن يَشَأْ أضَلَّهُ بِعَدْلِهِ
فَمِنْهُمُ الشَّقِيُّ والسَّعِيدُ *** وَذَا مُقَرَّبٌ وَذَا طَريدُ
لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ قَضَاهَا *** يَسْتَوْجبُ الْحَمْدَ عَلَى اقتِضَاهَا
وهُوَ الَّذِي يَرَى دَبِيبَ الذَرِّ *** في الظُّلُمَاتِ فَوْقَ صُمِّ الصَّخْرِ
وَسَامِعٌ لِلْجَهْرِ وَالإِخفاتِ *** بِسَمْعِهِ الْوَاسِعِ لِلأَصْوَاتِ
وَعِلْمُهُ بِمَا بَدَا وَمَا خَفِي *** أحَاطَ عِلْما بالْجَليِّ وَالْخَفِي
وَهُوَ الْغَنِيُّ بِذَاتِهِ سُبْحَانَهُ *** جَلَّ ثَنَاؤُهُ تَعَالى شَأنُهُ
وكُلُّ شَيْءٍ رِزْقُهُ عَليْهِ *** وَكُلُّنَا مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ
رد: أوَّلُ وَاجِبٍ عَلى الْعَبِيد *** مَعْرِفَةُ الرَّحْمَنِ بِالتَّوْحِيدِ
كَلَّمَ مُوسَى عَبْدَهُ تَكْليِمَا *** وَلَمْ يَزَلْ بِخَلْقِهِ عَلِيمَا
كَلاَمُهُ جَلَّ عَنِ الإِحْصَاءِ *** وَالحَصْرِ وَالنَّفَادِ وَالْفَنَاءِ
لَوْ صَارَ أَقلاَماً جَميعُ الشَّجَرِ *** وَالبَحْرُ تُلقَى فِيهِ سَبْعُ أبْحُرِ
وَالْخَلْقُ تَكتُبْهُ بِكُلِّ آنِ *** فَنَتْ وَلَيْسَ القَوْلُ مِنهُ فَانِ
وَالْقَوْلُ في كِتَابِهِ المُفَصَّلْ *** بِأنَّهُ كَلامُهُ الْمُنَزَّلْ
عَلَى الرَسُولِ المُصْطَفَى خَيْرِ الوَرَى * لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ ولا بِمُفْتَرَى
يُحْفَظُ بِالقَلْبِ وَبِاللَّسَانِ *** يُتْلَى كَمَا يُسْمَعُ بالآذَانِ
كَذَا بِالأَبْصَارِ إِلَيْهِ يُنْظَرُ *** وَبِالأيَادِي خَطُّهُ يُسَطَّرُ
وَكُلُّ ذِي مَخلُوقَة حَقِيقَهْ *** دُونَ كَلامِ بَارِيءِ الْخَلِيقَةْ
جَلَّتْ صِفَاتُ رَبِّنَا الرَّحْمنِ *** عَنْ وَصْفِهَا بِالْخَلْقِ وَالْحَدثَانِ
فَالصوْتُ والأَلْحَانُ صَوتُ الْقَارِي *** لكنَّمَا الْمَتلُوُّ قَوْلُ الْبَارِي
مَا قَاَلهُ لاَ يَقبَلُ التَّبْدِيلاَ *** كَلاَّ وَلاَ أصْدَقُ مِنهُ قِيلا
وَقَدْ رَوَى الثِّقَاتُ عَن خَيْرِ المَلاَ *** بِأنَّهُ ّعزَّ وَجَلَّ وَعَلا
في ثُلُثِ اللِّيْلِ الأخِيرِ يَنْزِلُ *** يَقُولُ هَلْ مِن تَائِب فَيُقبِِلُ
هَلْ مَنْ مُسِيءٍ طالِبٍ للْمَغْفِرَهْ *** يَجِدْ كَرِيماً قَابِلاً لِلْمَعْذِرَهْ
يَمُنُّ بِالْخَيْرَاتِ وَالْفَضَائِلْ *** وَيَسْتُرُ العَيْبَ ويُعْطِي السَّائِلْ
وَأنَّهُ يَجِيءُ يَوْمَ الفَصْل *** كَمَا يَشَاءُ لِلْقَضاءِ الْعَدْلِ
وأنَّهُ يَرَى بِلاَ إنْكَارِ *** في جَنَّةِ الفِرْدَوْسٍ بِالأبصَارِ
كلٌّ يَرَاهُ رُؤيَةَ العِيَانِ *** كَمَا أتَى في مُحْكَمِ القُرآنِ
وَفي حَديثِ سَيِّدِ الأنَامِ *** مِنْ غَيْرِ مَا شَكٍّ وَلا إِبْهَامِ
رُؤْيَةَ حَقٍّ لَيْسَ يَمْتَرُونَهَا *** كَالشَّمْسِ صَحْواً لاَ سَحَابَ دُونَهَا
وَخُصَّ بالرُّؤيَةِ أوْلِياؤُهُ *** فَضِيلَةً وَحُجِبُوا أَعْدَاؤُهُ
وَكلُّ مَا لَهُ مِنَ الصِّفَاتِ *** أثْبَتَهَا في مُحْكَمِ الآيَاتِ
أوْ صَحَّ فيمَا قَالَهُ الرَّسُولُ *** فَحَقُّهُ التَّسلِيمُ وَالقَبُولُ
نمِرُّهَا صَرِيحَةً كَمَا أتَتْ *** مَعَ اعْتِقَادِنَا لمَا لَهُ اقْتَضَتْ
مِنْ غَيْرِ تَحْرِيف وَلاَ تَعْطِيلِ *** وغَيْرِ تَكْيِيف وَلاَ تَمْثيلِ
بَلْ قَوْلُنَا قَوْل أئمةِ الهدَى *** طُوبَى لِمَنْ بهَدْيِهِِمْ قَد اهْتدَى
وَسَمِّ ذَا النَّوْعِ مِنَ التَّوحِيد *** تَوْحِيدَ إثْبَاتٍ بِلا تَرْدِيدِ
قَدْ أفْصَحَ الوَحيُ المُبين عَنْهُ *** فَاْلتَمِسِ الْهُدَى الْمُنِيَر منهُ
لاَ تَتَّبِعْ أقوَالَ كلِّ مَارِدِ *** غَاوٍ مُضِلٍّ مَارِق مُعانِدِ
فَلَيْسَ بَعْدَ رَدِّ ذَا التِّبْيَان *** مِثْقَالُ ذَرَّة مِنَ الإيمَان
رد: أوَّلُ وَاجِبٍ عَلى الْعَبِيد *** مَعْرِفَةُ الرَّحْمَنِ بِالتَّوْحِيدِ
هذا وَثَانِي نَوعَي التوْحِيدِ *** إفْرادُ رَبِّ الْعرْشِ عنْ نَديدِ
أنْ تَعْبُدَ الله إلهاً وَاحِدَا *** مُعْتَرِفاً بِحَقِّهِ لاَ جَاحِدَا
وَهوَ الَّذي به الإله أرْسَلا *** رُسْلَهُ يَدْعُونَ إلَيْهِ أولا
وأنْزَلَ الْكِتَابَ والتِّبْيَانَا *** مِن أجْلِهِ وَفَرَقَ الْفُرْقَانَا
وكَلفَ الله الرَّسُولَ الْمُجْتَبَى *** قِتَالَ مَن عَنْهُ تَوَلَّى وَأبَى
حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ خَالِصا لَهُ *** سِرّاً وَجَهْرَاً دِقَّةُ وَجِلَّهُ
وَهَكَذَا أمَّتُهُ قَدْ كُلِّفُوا *** بذَا وَفي نصِّ الْكِتَابِ وُصِفُوا
وَقَدْ حَوَتْهُ لَفْظَةُ الشَّهَادَهْ *** فَهِيَ سَبِيلُ الْفَوْزِ وَالسَّعَادَهْ
مَن قَالَهَا مُعْتَقِداً مَعْنَاها *** وَكَانَ عَامِلاً بِمُقْتَضَاهَا
في القَوْلِ والفِعْلِ ومَاتَ مُؤمِناً *** يُبْعَثُ يَوْمَ الْحَشرِ نَاجٍ آمِنَا
فَإِنَّ مَعْنَاهَا الَّذِي عَلَيْهِ *** دَلتْ يَقِينا وَهَدَتْ إِلَيْهِ
أن لَيْسَ بِالْحَقِّ إِلهٌ يُعْبَدُ *** إلاَّ الإلهُ الوَاحِدُ المُنْفَرِدُ
بِالْخَلقِ وَالرِّزْقِ وَبالتَّدْبِيرِ *** جَلَّ عَنِ الشَّريِكِ وَالنَّظِيرِ
وَبِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ قَدْ قُيِّدَتْ *** وَفي نُصُوصِ الوَحْيِ حَقاً وَرَدَتْ
فَإنَّهُ لَمْ يَنتَفِعْ قَائِلُهَا *** بِالنُّطْقِ إلاَّ حَيْثُ يَسْتَكْمِلُهَا
الْعِلمُ وَالْيَقِينُ وَالقَبُولُ *** وَالانْقِيَادُ فَادْرِ مَا أقُولُ
وَالصِّدْقُ وَالإِخْلاَصُ وَالْمَحَبَّة *** وَفَّقَكَ الله لِمَا أحَبَّه
رد: أوَّلُ وَاجِبٍ عَلى الْعَبِيد *** مَعْرِفَةُ الرَّحْمَنِ بِالتَّوْحِيدِ
ثُمَّ الْعِبَادَةُ هيَ اسْمٌ جَامِع *** لِكُلِّ مَا يَرضَى الإلهُ السَّامِع
وَفِي الْحَدِيثِ مُخُّهَا الدُعَاءُ *** خَوْفٌ تَوَكُّلٌ كَذَا الرَّجَاءُ
وَرَغْبَة وَرَهْبَةٌ خشوعُ *** وَخَشيَةٌ إنَابَة خضُوعُ
وَالاسْتِعَاذَة ُ والاسْتِعَانَهْ *** كَذَا اسْتِغَاثةٌ بهِ سُبْحَانَهْ
وَالذَّبْحُ وَالنَّذْرُ وَغَيْرُ ذَلِكْ *** فَافْهَمْ هُدِيْتَ أوْضَحَ الْمَسَالِكْ
وَصَرْفُ بَعْضِهَا لغَيْرِ اللهِ *** شِرْكٌ وَذَاكَ أقْبَحُ الْمَنَاهِي
وَالشِّرْكُ نَوْعَانِ : فَشِرْكٌ أَكْبَرُ *** بهِ خُلودُ النَّارِ إذْ لاَ يُغْفَرُ
وَهُوَ اتِّخَاذُ الْعَبْدِ غَيْرَ اللهِ *** نِدّاً بهِ مُسَوِّياً مُضَاهِي
يَقْصُدُهُ عِنْدَ نَزَولِ الضُّرِّ *** لِجَلْبِ خَيْرٍ أوْ لِدَفْعِ الشرِّ
أوْ عِنْدَ أيِّ غَرَضٍ لاَ يَقدِرُ *** عَلَيْهِ إلاَّ الْمَالِكُ الْمُقتَدِرُ
مَعْ جَعْلِهِ لِذَلِكَ الْمَدَعُوِّ *** أوِ المُعَظَّمِ أوِ المرْجُوِّ
في الْغَيْبِ سُلْطَاناً بهِ يَطَّلعُ *** عَلَى ضَمِيرِ مَنْ إلَيْهِ يَفْزَعُ
وَالثَّانِ شِركٌ أصْغَرُ وَهْوَ الرِّيَا *** فَسَّرَهُ بِهِ خِتَامُ الأنْبِيَا
وَمِنهُ إقسَامٌ بِغَيْرِ البَاري *** كَمَا أتَى في مُحْكَمِ الأخْبَارِ