اسم الله العليم في فواصل آيات التشريع- دراسة قرآنية
أ. سامي فلاح محمد طنش[*]
المطلب الثالث
اسم الله العليم في آيات تتضمن أحكام التشريع المالي
المال قوام حياة الناس وأحد الضرورات الخمس, وقد جاءت الآيات بتشريعات الربانية للنظام المالي, وقد جاءت عدة فواصل من هذه الآيات تذكر بالعلم الرباني وبحكمته سبحانه, وفيما هو آت نتناول المسائل والدلالات والهدايات التي احتوتها:
مسألة: اسم الله العليم في آية الدين:
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ + وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: 282-283).
وقبل أن نشرع في بيان الأحكام المستمدة من الآيات, نلحظ عدة دلالات لآية الدين, فهي أطول آية في كتاب الله, ولهذا دلالاته وهي: أهمية وكثرة التعاملات المالية بين الناس, ونلحظ أن القرآن الكريم وضع أسسا وقواعد لبناء تشريع اقتصادي, وهذا التشريع جزء من منظومة تشريعات تشمل كافة نواحي الحياة, وفي ذلك دلالات على أن الشريعة الإسلامية أولت المال أهمية كبيرة, فحفظه ضرورة من الضرورات الخمس, فهو قوام العيش ووسيلة لنمو والتطور أذا أحسن استغلاله, وفي هذه الأمور السالفة الذكر تأكيد على شمولية الشريعة, وصلاحيتها لكل زمان ومكان, وأن أحكامها جاءت بالصلاح للفرد والمجتمع المسلم, بل للناس جميعاً, ونلحظ التأكيد على صفة العلم الشامل المحيط لله عز وجل, للإشارة إلى أن التشريع الرباني قائم على علم الله الشامل والمحيط, مما يجعل ذلك التشريع متسم بالحكمة, وبذلك التأكيد دعوة لذوي الألباب للامتثال والتطبيق.
*جاءت الآية بعدة أحكام تختص بالدين, وهي([28]):
مشروعية الدَّين.
مشروعية واستحباب كتابه الدَّين, وبتفصيل يبين كيفية الكتابة, وصفات الكاتب, والنهي عن الامتناع عن كتابة الدَّين, والإشهاد عليه, وصفات الشهود, وغيرها من التعديلات والأحكام التي تخص الكتابة والإشهاد على الدين.
استثناء التجارة الحاضرة من الكتابة والإشهاد وأحكامها.
مشروعية الرهن في ظروف معينة.
مشروعية الدَّين من غير كتابة والرهن في حال الائتمان بين المدين والدائن.
الدعوة للشهادة بالحق على الديون, وعدم كتمان الشهادة إذا طلبت من الشاهد.
ونلحظ أن نهاية الآيتين, اختتمت باسم الله العليم الدال على صفة العلم, ففي الآية الأولى جاء التأكيد على علم الله الشامل المحيط, وفي الآية الثانية جاء التأكيد على أن هذا التشريع قائم على هذه الصفة, وأن هذه الحكمة سمة لهذه الأحكام الشرعية, ونلحظ أيضا أن فاصلة الآية الثانية مناسبة لموضوعها وهي الدعوة إلى الشهادة, ومضمونها الحث على التقوى والالتزام وذلك بالتعريض بالثواب والعقاب بالتذكير بصفة العلم لله عز وجل في فاصلتها, وهذا من شأنه استقرار القلوب المؤمنة وطمأنينتها وسرعة الاستجابة والامتثال.
*مسألة: اسم الله العليم في آية فرضية الزكاة وآية الأصناف المستحقين لها:
إن من أحكام التشريع المالي أحكام الزكاة, ونظام الزكاة يهدف إلى بناء مجتمع قوي متماسك ومتراحم كالجسد الواحد, وان للمال أهمية كبيرة, فهو عصب الحياة وبه تقوم, وبتوفره ووجوده يكون الرخاء والأمن والاستقرار, وبقلته يظهر الفقر وتتشكل طبقتان فقراء والأغنياء, وقد تتكون العداوة بين الفئتين, ويحدث الخلل فيسود الحقد والكراهية بين أفراد المجتمع, مما يؤدي إلى مفاسد عظيمة تعصف بالمجتمع وتزلزل أركانه, وقد تؤدي إلى انهياره, فلذا شرع نظام الزكاة ليقلص الفوارق بين الطبقات, ويدفع للاستثمار, ويقضي على البطالة, وينمو الشعور بمعاني الأخوة الإسلامية, من الحب والإخاء والرحمة, من خلال السلوك العملي الذي تترجمه الزكاة, ببذل المال من المسلم لأخيه المسلم, لذلك كله يعدّ نظام الزكاة حلاً لعلاج كثير من الأزمات التي تعصف بالمجتمع, وقد تؤدي إلى تفكك وانهيار المجتمع بقيمة وأخلاقه.
*مشروعية الزكاة:
قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾(لتوبة:1 03), في الآية عدة دلالات ومعانٍ منها([29]):
أن الذي يأخذ الزكاة هو النبي e, أو من يقوم مقامه في السلطان, وبأمره يتم التحصيل وأخذ الزكاة.
إخراج الزكاة دليل عملي على الإيمان, فالعبد يخرج الزكاة لإيمانه باليوم الآخر وبالثواب على الطاعة, والعقاب على المعصية.
وردت الإشارة في الآية لعبادة الدعاء, وهذه دلالة على أهميتها, وردت الإشارة أيضا إلى الأمر بالدعاء لمن اخرج الزكاة, وفي ذلك إشارة عظم ثواب الزكاة.
الختام باسم الله العليم الدال على صفة علمه سبحانه دلالة على أن هذا التشريع حكيم قائم على العلم الشامل الصادر من الخالق الآمر, قال تعالى: ﴿ألا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾(الأ عراف: 54), وقال تعالى: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾(الم لك: 14).
وفي الآية إشعارُ بالجزاء على الأعمال الصالحة, بذكر الله العليم الدال على صفة علمه سبحانه في ختام الآية.
في الآية دلالة على وجوب الزكاة في الأموال النامية, كعروض التجارة والزروع والماشية المعدة لدر النسل.
في الآية دلالة أن العبد لا يمكنه أن يتطهر من الذنوب أو أن تزكى نفسه حتى يخرج زكاة ماله.
في الآية دلالة أن الاستجابة لدعاء الإمام لمخرج الزكاة, دليل رضا الله عز وجل.
* أصناف المستحقين للزكاة:
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَة ِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾(التوبة : 60).
مع وجود سبب نزول هذه الآية, وهو أن المنافقين لمزوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قسمته الصدقات والغنائم, ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب, وأصناف المستحقين للزكاة هي([30]):
الفقراء, والفقير أشد حاجة من المسكين.
المساكين, وهم الذين لا يجدون ما يكفيهم.
العاملون عليها, الذين يجمعونها ويعملون فيها.
المؤلفة قلوبهم, لأنه يرجى من إسلامهم نفع الإسلام وخدمته.
في الرقاب, والمقصود به: عتق الأرقاء وفك الأسرى, بتحريرهم من الأسر وذل العبودية.
الغارمون, المدينين العاجزين عن الأداء, وأن يكون دينهم لغير معصية.
في سبيل الله, في إعداد المجاهد بما يعينهم على الجهاد, وما يتصل بأبواب الخير ووجوه البر.
ابن السبيل, وهو المسافر الذي انقطعت به أسباب اتصاله بأمواله وأهله.
وختمت الآية بقوله تعالى: ﴿والله عليم حكيم﴾, فجاءت هذه الفاصلة تؤكد على أن الله سبحانه هو العليم بمصالح خلقه, والحكيم في تشريعه, قال تعالى: ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ (الأعراف: 54).
*مسألة: اسم الله العليم في آية كفارة القتل الخطأ:
قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ (النساء: 92).
تتضمن الآية الحكم بتحريم قتل المؤمن لأخيه المؤمن, وإذا حدث خطأ فإنه يترتب على ذلك عدة أحكام, هي([31]):
تحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة لورثته, إلا أن يعفوا أهل المقتول, فلا دية وتبقى الكفارة "تحرير رقبة".
إن كان المقتول مؤمناً من قوم كفار فعلى تفصيل: إذا كان من قوم كفار أعداء, فتحرير رقبة دون ديّة لورثته, ولأهله الدية إذا كان من قوم كفار معاهدين, والدّية تكون على العاقلة.
إن عجز القاتل عن تحرير رقبة, فصيام شهرين متتابعين.
إن الناظر في الآيات والمتدبر لهذه الأحكام يجد أنّ من شأنها تعظيم الأخوة الإيمانية والحفظ لدماء المسلمين والإصلاح بين المسلمين في حال القتل الخطأ, فأهل القاتل عليهم الدية, مما يجعلهم حريصين على تربية أبنائهم وتوعيتهم وتحذيرهم من ارتكاب الأخطاء, وأما الرقبة فهي إحياء لنفس مؤمنة, بتحريرها من رق العبودية إلى حياة السيادة والحرية, وفي ذلك تأديب للنفس بالمال وإرضاء للضمير بالبذل وعمل الصالحات, تكفيرا وتعويضا عن ذلك الفعل الضار وإن لم يكن مقصوداً, كل هذا وغيره من حكم الإصلاح بالمال له نتائجه الطيبة على الفرد والمجتمع ككل, وهذا يؤكد أن هذه التشريعات وضعت لأهداف سامية نبيلة, تتحقق من خلال المال, فالتشريع صالح ومصلح ومعالج ومستثمر للمال في قيم سامية, تنعكس ثمارها على صلاح الفرد والجماعة.
وقد جاءت فاصلة الآية تذكر بصفة العلم الشامل المحيط والحكمة, التي هي سمة الأحكام الشرعية, للتأكيد على أن أحكام الشريعة مصدرها هو الله الخالق ذو العلم الواسع, وأنها حكيمة جاءت لصلاح الفرد والجماعة محققة للمصلحة, وهذا التأكيد للأهمية ولإقناع العقول, وشحذ الهمم وإلهاب النفوس وتهيجها للعمل, والتطبيق والالتزام بتلك الأحكام.
مسألة: اسم الله العليم في آيات المواريث:
* اسم الله العليم في آية تقرير أولوية ذوي الأرحام في الميراث, قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (الأنفال: 75).
جاءت هذه الآية تقرر أولوية ذوي الأرحام في الميراث, هذا الحكم موافق للفطرة, فالإنسان يحب أن يؤول ماله إلى أقرب الناس إليه, وقد جاء في بعض التفاسير أن هذه الآية جاءت ناسخة للإرث بالحلف والإخاء, وهما من الأسباب التي كانوا يتوارثون بهما, وقد جاء ختام الآية -وهي ختام سورة الأنفال- بيانا بأنّ الله مطلع على ما في الكون وما يجري فيه, ولا يجري شيء إلا وفق علمه, ولا يأمر بشيء ولا يحكم به إلا وفق علمه الشامل الكامل, فيشرع ما يكون بعلمه مناسباً, وفي هذه الفاصلة أيضا تعريض بالجزاء على الأعمال([32]).
* اسم الله العليم في آيات تقسيم المواريث:
قال تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا+ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ (النساء: 11-12).
تعد هذه الآيات دستوراً في بيان قسمة الله لميراث المسلم, فهذه الآيات تؤكد على قاعدة شرعية أساسية هي: أنّ هذه التشريعات تأتي وفق علمه الشامل, وأن سمة التشريع الحكمة. وتبين فاصلة هذه الآيات الجزاء على الامتثال أو الإعراض, وتؤكد أيضاً على شمول علم الله, وأنه العالم بالأحق بالفرائض من الأقارب, وتبين الآيات أنّ قسمة المواريث فرض من الله, لا مجال لتحكيم الأهواء بها, فالواجب على المسلم التسليم والرضا بحكم الله تعالى([33]).
﴿إن الله كان عليما حكيما﴾.. وهي اللمسة.. في هذا التعقيب تجيء لتشعر القلوب بأن قضاء الله للناس -مع أنه هو الأصل الذي لا يحل لهم غيره- فهو كذلك المصلحة المبنية على العلم والحكمة. فالله يحكم لأنه عليم -وهم لا يعلمون- والله يفرض لأنه حكيم- وهم يتبعون الهوى"([34]), ويقول أيضا في التعقيب بعد قوله تعالى في: "وهكذا يتكرر مدلول هذا التعقيب لتوكيده وتقريره.." ([35])
أما في مناسبة ذكر وصفي العلم والحكمة في ختام الأحكام المواريث في الآيتين الكريمتين, فقد قال ابن عاشور: "وذكر وصف العلم والحلم هنا لمناسبة أن الأحكام المتقدمة فيها إبطال لكثير من أحكام الجاهلية, وقد كانوا شرعوا مواريثهم تشريعا مثاره الجهل والقساوة"([36])
* اسم الله العليم في آية الكلالة:
قال تعالى: ﴿يَسْتَفْتُونَ َ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الانْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (النساء: 176).
إن معنى الكلالة ظاهر في الآية؛ وهو أن لا يكون للميت أصل وارث وإن علا أو فرع وارث وإن نزل, وقد جاءت أحكامها متممة لأحكام المواريث, ففي الآية بيان نصيب أصحاب الحقوق في بعض حالات الميراث, وقد جاء التعقيب في نهاية الآية وهي ختام سورة النساء, قوله تعالى: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾, ففاصلة الآية وما قبلها تؤكد على فضل الله سبحانه وامتنانه ببيان بين جميع الحقوق والواجبات التي تنظم علاقات المسلمين على مستوى الفرد والجماعة, ومنها أحكام المواريث.
* اسم الله العليم في آية الوصية:
قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ + فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ + وَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (البقرة: 180-181).
هذه الآية وضعت للحث على الإحسان وكثرة البر ورد الجميل والرحمة بالأرحام, هدفها تحقيق المصلحة وسد العوز بالمال للأقارب غير الوارثين على القول المختار عندي, فجمهور المفسرين يرون أنها في الأقارب الوارثين ومنسوخة بآيات الميراث, والبعض من أهل العلم قال بأنها غير منسوخة, والرد على ادعاء النسخ, بأن لم يرد عليه دليل صحيح صريح, وقول النبي e: "لا وصية لوارث"([37]), جاء لبيان منع الوصية للوارثين من الأقارب, أما غير الوارثين فقد تأول هذه الآية بعض العلماء, وقال: إنها في الوالدين الممنوعين من الميراث, كأن يكونا كافرين أو أرقاء, والآية عامة تشمل كل قريب لا يرث, فقد يكون القريب غير الوارث ذا حاجة وله فضل ومعروف على صاحب الوصية, أوقد يكون ذلك القريب غير الوارث ممن مات سبب ميراثهم منه كأحفاده, ففي هذه الآية حل لكثير من المسائل, وقد اشترط المعروف في الشريعة وهو حد الثلث, وأن تحقق الوصية العدالة, فلا يعطى غني ويترك فقير, ولا تعارض بين منع الوصية للوارثين, وبين وصية المسلم لقريبه غير الوارث, ومع دفع التعارض والإجماع على القول بالبر للقريب غير الوارث, يظهر لنا حكما محققا للمصلحة متمما لأحكام الميراث, يساهم في تحقيق العدالة ببر الأرحام وصلتهم([38]). جاءت فاصلة الآية ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾, تنزل العالم بصفتي السمع والعلم لله عز وجل منزلة الجاهل, تعريضا بالوعيد على تبديل الوصية ومخالفة الأمر([39]).
المطلب الرابع
اسم الله العليم في آيات تتضمن أحكام التعامل مع الكافرين
من سمات الشريعة العالمية الشمول, فقد شملت تشريعاتها جميع الناس بكافة معتقداتهم في كل الظروف والأحوال, وقد جاءت عدت آيات فاصلتها اسم الله العليم الدال على علمه سبحانه تتضمن أحكام التعامل مع الكافرين وفي ما يلي تلك الآيات ودلالاتها وهداياتها:
مسألة:اسم الله العليم في آيات الأمر بقتال الكافرين المعادين:
قال تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ + وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة:14-15).
سورة براءة فيها أحكام ومظاهر للبراءة من الشرك والكفر, ومن هذه الأحكام التي يظهر به المسلم ولاءه لله عز وجل وبراءته من الكفر وأهله قتال المعتدين من الكفار, ففي الآيات أمر بالقتال وتشريف للمؤمنين بجعلهم أداة للنصر ولتعذيب الكافرين, ففي الآيتين أيضا وعد بالنصر والشفاء لما في الصدور, وختام الآية فاصلة تذكر أسماء الله تعالى العليم الحكيم, وكأنه إعلام وبيان بأن تشريع الله حكيم قائم على علم الله المحيط, وهو الذي يأتي بالمصلحة على أكمل وجوهها, وإشعار أيضا بأن الله حكيم في تدبير شؤون خلقه, يجازي بحسب النوايا وما في القلوب, إن خيرا فخير وإن شرا فبما يترتب عليه من جزاء وفاقا, وفي الآيات كذلك إخبار عن الغيب في المستقبل, وهو حصول النصر للمؤمنين وإسلام كثير من المشركين المعادين([40]).
وفي وحصول ما أخبر به رسول الله e دليل من دلائل صدق نبوته e.
مسألة:اسم الله العليم في آية المنع للمشركين من دخول البيت الحرام:
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة: 28).
في الآية مظهر من مظاهر البراءة من الشرك والمشركين وهو الأمر بتطهير البقاع المقدسة من الشرك, وذلك بمنع المشركين من دخول مكة المكرمة, والمنع هو منع لأي عبادات أو شعائر شركية في البقاع الطاهرة, فقد كان المشركون يحجون إلى البيت ويرافق حجهم إشراكا بالله سبحانه, وقد كان لحجهم أيضا فوائد تجارية تعود على أهل الحرم, لذلك وعد عباده بأنه سيغنيهم من فضله إن شاء, وجاءت فاصلة الآية إشعارا بأن الله عز وجل عليم, لا يشرع إلا تشريعا حكيما يحقق المصلحة, وقد كان المنع في السنة التاسعة للهجرة, وأغنى الله تعالى أهل الحرم بفضله, ودخل الناس أفواجا في الإسلام, وجاءوا إلى البيت حجاجا ومعتمرين, وقد ظهر الإسلام في الجزيرة العربية وما اجتمع فيها معه دين آخر([41]).
مسألة:اسم الله العليم في آيات تتضمن أحكام النساء المهاجرات:
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُن َّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنّ َ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآَتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنّ َ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ + وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ + يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ ولا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (الممتحنة:12-13).
جاءت أحكام القرآن الكريم غاية في العدل والإحسان مع الكافرين, فدعا القرآن الكريم إلى برهم والإحسان بكل ما تحمله الكلمة من معاني ودلالات, فالمسلمون دعاة مقصدهم إدخال الناس في دين الله تعالى دون أكراه, ونحن نتعبد الله بالإحسان إليهم وبرهم, وفي ذلك دعوة لهم للدخول في دين الإسلام, أما من قاتلنا وأخرجنا من ديارنا وساعد على ذلك, فهذا مما جاءت الآيات في سورة الممتحنة بقتاله, وبعض الأحوال قد يحدث سلم وهدنة مع الكافرين, ويحصل هجرة لنساء مؤمنات من جانب الكافرين, وقد يحدث العكس وهو أن ترتد نساء من المسلمات إلى الكفر ويهربن إلى ديار الكفار, لذلك وردت عدة أحكام في هذه السورة تعالج موضوع هجرة النساء هي([42]):
النهي عن موالاة المشركين ومصافاتهم, وهذا النهي يقتضي مهاجرة النساء المؤمنات من ديار الشرك إلى ديار الإسلام, وقطع أقوى أسباب الموالاة وهو النكاح بترك الأزواج المشركين.
استحباب امتحان المؤمنات المهاجرات, ويكون ذلك بالحلف أمام إمام المسلمين.
عدم رد المؤمنات المهاجرات لأزواجهنّ الكفار.
أعطاء الزوج المشرك المهر المدفوع للزوجة المؤمنة المهاجرة.
يحل الزواج بالمؤمنة المهاجرة بمهر جديد.
لا يحل للمسلم أن يبقي في عصمته زوجة مشركة.
إذا ارتدت المرأة عن الإسلام وفرت إلى ديار الكفر, فللزوج المسلم المطالبة بمهرها من بلاد الكفر, وعليهم أن يدفعوا له مهرها.
إذا منع المشركون المرأة المرتدة ولم يردوها على المسلمين, فعليهم غرامة مهرها.
إذا امتنع الكفار عن دفع مهر المرأة المرتدة للزوج المسلم, وانتصر المسلمون وظفروا بهم, فيعطى الأزواج مهر نسائهم المرتدات من رأس الغنائم وقبل توزيعها, ويرى البعض أن تكون المعاملة بالمثل, بأن لا يعطى الزوج الكافر مهر زوجته المؤمنة المهاجرة إذا لم يعط المسلم مهر زوجته المرتدة الفارة قصاصاً, والذي جاء عن النبي e أنه طبق الرأي الأول بعد فتح مكة, بأن أعطى مهور النساء المرتدات من رأس الغنيمة ولم يعمل بالقصاص بالمثل.
أحكام متممه: أمر النبي e بمبايعة النساء المهاجرات بالمعروف, على أن لا يقترفن أعظم المعاصي وهي الإشراك بالله, وقتل الأولاد وارتكاب فاحشة السرقة والزنا ونسب الأولاد لرجال ليسوا بإبائهم, وجاء ذكر هذه الإحكام للأهمية وانتشار تلك الفواحش في مجتمع الجاهلية.
وجاء قوله تعالى:﴿وَاللَّه ُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾,فاصلة للآية العاشرة من السورة, للدلالة على أن الله تعالى يعلم ما يصلح لكم من الأحكام, ويشرع لكم ما تقتضيه الحكمة.([43])
مسألة:اسم الله العليم في تقرر مبدأ السلم والمهادنة:
قال تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (الأنفال:61).
جاءت هذه الآية في وسط سورة الأنفال, وقد جاء قبلها أسباب النصر وبيان لسنة الله تعالى في نصر عباده وغيرها من المواضيع, وبعد هذه الآية الأمر بالإعداد العسكري وبناء القوة, ولهذا دلالاته, فالشريعة جاءت لتحقيق المصلحة, وقد تكون المصلحة في السلم أو في الحرب, فمتى كان السلم أفضل كان للإمام أن يسالم, ومتى كانت الحرب أفضل, كان للإمام أن يحارب, ولكن بشرط أن تكون له القوة على الحرب, لذلك كان الأمر بالإعداد وبناء القوة بعد تلك الآية التي تدعو إلى السلم.
وقد جاء عند الزمخشري وابن كثير أن الآية تقرر مبدأ عاماً في معاملة الأعداء, وهو أن من الجائز مهادنة الأعداء ومسالمتهم, ما دام ذلك في مصلحة المسلمين([44]), قال الزمخشري في تفسير تلك الآية: "والصحيح أن الأمر موقوف على ما يرى فيه الإمام صلاح الإسلام وأهله من حرب أو سلم, وليس يتحتم أن يقاتلوا أبداً, أو أن يجيبوا إلى الهدنة أبداً "([45]), ونلحظ عدة دلالات في الآية السالفة الذكر منها:
أ- أن التشريع شامل لنواحي الحياة كلها, ولم يترك حالة الحرب والسلم دون تشريع.
ب- وان لله التشريع وعلى إمام المسلمين الامتثال والتنفيذ.
ج- وتنفيذ التشريع فيه معنى التوكل والتسليم.
د- ومن الدلالات أن التشريع الإسلامي وضع لتحقيق المصلحة, وأنه قائم على علم شامل.
*إشكالات وتساؤلات حول هذه الآية وهذا المبدأ([46]):
ادعاء النسخ بآية السيف وهي قوله تعالى:﴿قَاتِلُو هُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ﴾(ال توبة:14), وقد قال بهذه الدعوة ابن عباس رضي الله عنهما, ومجاهد, وزيد بن اسلم, وعطاء الخراساني, وعكرمة والحسن وقتادة.
ورد عليهم الطبري بقوله: بأنه "لا دلالة على نسخ هذه الآية من كتاب الله" وهذه الدعوة فيها نظر, لأن آية التوبة فيها الأمر بالقتال إذا أمكن ذلك, فأما إن كان العدو كثيفاً, فإنه يجوز مهادنتهم, كما دلت عليه آية الأنفال: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾, ودل ذلك فعله e يوم الحديبية, فلا نسخ لهذه الآية, وكل يأخذ من كلامه وفعله وتقريره ويرد إلا النبي المعصوم e.
دعوى تخصيص هذه الآية بالتعامل مع أهل الكتاب دون غيرهم, أو نزلت للتعامل مع بني قريظة دون غيرهم, فقد رد مجاهد على هذه الدعوى: بأن نزولها ببني قريظة فيه نظر, لأن السياق القرآني كله في موقعة بدر, ورد ابن كثير على هذه الدعوى: بأن صلح الحديبية ومدته سبع سنوات, وما فيه من شروط قد تبدو في ظاهرها مجحفة في حق المسلمين, جاء بعد حادثة بني قريظة وإخراجهم, فلا تخصيص, فالآية عامة, فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب, ولم يرد دليل يخصص.
مسألة: ارتباط اسم الله العليم بمعنى الآية وأثره في السلوك.
عشنا فيما مضى مع آيات تتضمن أحكاما شرعية, ختمت فواصلها باسم العليم, الدال على صفة العلم لله عز وجل, بحثنا في موضوع الآيات وما تؤديه الفاصلة في موقعها من معنى وارتباطها, بمعنى الآية ودلالة أو دلالات ذلك, ونشير إلى أثر ذلك على وجدان وسلوك المخاطب, فمجيء اسم الله العليم كفاصلة في آيات, تتضمن أحكاما عملية, شرعها العليم سبحانه في آية تأمر بفعل طاعة لله عز وجل, وفي أخرى تأمر باجتناب أمر آخر هو معصية لله سبحانه, وفي آية فيها تعريض بالوعيد على فعل محرم, وفي أخرى تعريض بالوعد على فعل الطاعة, وفي آية تعريض بكلا الأمرين, وفي آية تذكير بامتنانه سبحانه بنعمة التشريع الحكيم, من شأنه أن يحدث أثرا في وجدان وسلوك المؤمن؛ فالتذكير بالوعد على الطاعة والوعيد على المعصية والامتنان على النعمة, شأنه أن يولد في النفس شعورا بمراقبة الله عز وجل, فتنفيذ الأمر طمعا, واجتناب النهي خوفا, والفعل للطاعة والترك للمعصية حياء وشكرا لله العليم المنان, كل ذلك يجعل المؤمن يعبد الله تعالى كأنه يراه, ليرقى بذلك إلى درجة الإحسان.
الخاتمة:
وأخيرا وبعد هذا التطواف مع هذه الآيات الكريمة وما تضمنته من مواضيع, ومع وهذا الاسم العظيم من أسماء الله الحسنى الدال على صفة كريمة عليا لله سبحانه جاءت هذه الخاتمة والتي أودعت دلالات وآثار لملحوظة وجود اسم الله العليم في فواصل آيات التشريع, وما توصلت إليه من أهم النتائج وهي فيما يلي:
1) أن من دلالات وجود اسم الله العليم الدال على صفة العلم لله سبحانه وتعالى في عدد من آيات التشريع, يكشف عن ارتباط هذه الصفة بمعاني الآيات وما تضمنته من حكم وأحكام,, ومن ذلك دلالة سر وجود اسم العليم دون غيره من الأسماء الحسنى في فواصل بعض آيات التشريع, وفيه إشارة إلى دور الفاصلة القرآنية بشكل عام, وأسماء الله الحسنى في فواصل الآيات بشكل خاص بشكل خاص, وفي الإشارة إلى التناسق بين اللفظ والمعنى إشارة إلى إعجاز القرآن الكريم في نظمه.
2) من الدلالات على الإيمان بصفة العلم لله عز وجل وان يعتقد أن الله يعلم وسيجازي على الأعمال.
3) وفي ذكر اسم العليم في فواصل آيات التشريع تأكيد دال على سعة علم الله سبحانه وعلى شمول الشريعة لجميع نواحي الحياة تنظيما.
إتباع اسم الله العليم باسمه الحكيم في آيات التشريع تأكيد على صفتين ملازمتين للتشريع الرباني, وهما العلم والحكمة, فالحكمة سمة لأحكام التشريع والعلم صفة لازمة للمشرع, فالعليم يعلم من هم خلقه, وما يصلح لهم وما يصلحهم, فيشرع الصالح للناس في كل زمان ومكان وحال.
إن وجود هذا الاسم في مواطن كثيرة في كتاب الله منها آيات التشريع, له أثره على إيمان العبد وعلى وجدانه وسلوكه, ومن ذلك: استشعار المراقبة التي قد تصل به إلى درجة الإحسان.
أن دلالة معرفة التشريعات الربانية وملحوظة سماتها من الإتقان والإحكام وغيرها من سمات التشريع, يعد مظهر من مظاهر علم الخالق سبحانه بخلقه.
من ثمار ملحوظة اسم العليم في الآيات الإخلاص في العمل؛ لأنه بتلك الملحوظة يستشعر رقابة الله تعالى وإطلاعه عليه في كل أعماله ويتذكر الجزاء عليها.
التسليم بأن الله عليم حكيم, يعلم ويشرع يقتضي الاقتناع والتسليم لشرع الله عز وجل.
ملحوظة المصلحة والصلاح التي يحققها التشريع للمسلم في دنياه وآخرته لهذا نتائج منها:سهولة الانقياد لحكم الله في التحليل والتحريم, وسرعة التطبيق.
والختام فهذا ما توصلت إليه, وهو جهد بشري, فما كان من صواب فمن الله تعالى وما كان من خطإ فمن نفسي ومن الشيطان, والحمد لله رب العالمين.
هوامش البحث:
[*] باحث بمرحلة الدكتوراه, بجامعة اليرموك, المملكة الأردنية الهاشمية.
[1] محمد بن حمد الحمود، المنهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى،, مكتبة الإمام الذهبي, الطبعة الأولى, الكويت,1991، ج1،ص201.
[2] انظر: ضياء الدين الجماس، التفكير في الأسماء طريق العلماء؛دراسات موضوعية علمية في الأسماء والأفعال الإلهية،الطبعة الأولى، دار الهجرة، بيروت،1990م، ص306.
[3] انظر: محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري (ابن منظور) ( ت711هـ)، لسان العرب، الطبعة الثالثة، دار صادر، بيروت1994م، ج12، ص416.
[4] محمد ابن جرير أبو جعفر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن (ت 310هـ)، تحقيق: أحمد محمد شاكر، الطبعة الأولى، مؤسسة الرسالة، بيروت 2000م، ج1، ص495.
[5] المصدر ذاته، ج15، ص239.
[6] أحمد بن الحسين أبو بكر البيهقي,(ت:458هـ)، الأسماء والصفات, تحقيق: عبد الله الحاشدي، الطبعة الأولى، مكتبة السوادي، جدة, ص ص 1-24.
[7] أبو حامد محمد بن محمد الغزالي, المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى، تحقيق:بسام الجابي،الطبعة الأولى, الناشر الجفان والجاني, قبرص،1987م,ص86.
[8] انظر:محمد بن حمد الحمود، المنهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى, ج1،ص ص203-210, أيضا: محمد عز العرب، الصفات الثبوتية وموقف الغزالي منها،عرض وتحليل، الطبعة الأولى, دار الطباعة المحمدية،,(د م)،1987م،ص ص 54-55 .
[9] محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله، (ت 256هـ)، الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله e وسننه وأيامه، (صحيح البخاري)، الطبعة الثانية، مكتبة الرشد، الرياض2006م, كتاب التفسير، باب (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) (4752)، ص656-657، أيضا: مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (ت261هـ)، صحيح مسلم، مكتبة الرشد، الرياض2006م، كتاب الفضائل, باب فضائل الخضر عليه السلام,(2380)، ص611.
[10] أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (ت 395هـ), معجم مقاييس اللغة,تحقيق:عبد السلام محمد هارون، دار الفكر،بيروت 1979م، ج4، ص505.
[11] محمد الحسناوي، الفاصلة في القران،الطبعة الثانية,المكتب الإسلامي,بيروت 1986م،ص25
[12] انظر: عبد الفتاح لاشين، من أسرار التعبير القرآني، الفاصلة القرآنية، دار المريخ للنشر، الرياض، 1402ه ص39-42
[13] انظر: مرجع سابق عبد الفتاح لاشين، من أسرار التعبير القرآني، الفاصلة القرآنية، ص1-2.
[14] نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد, دار الفكر، بيروت 1412 ه,ج7،ص174.
[15] انظر: محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي، التحرير والتنوير (تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد)، الدار التونسية للنشر– تونس، 1984م، ج28 ص196.
[17] مرجع سابق:ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج18، ص196.
[18] مرجع سابق:ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج18، ص196.
[19] محمد محمد أبو موسى، من أسرار التعبير القرآني"دراسة تحليلية لسورة الأحزاب"، الطبعة الثانية، مكتبة وهبة، مصر 1997م، ص50
[20] مرجع سابق: ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج18، ص299.
[21] انظر: محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط للقرآن الكريم،,دار المعارف،القاهرة ،1992م. ج3، ص143.
[22] أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (ت: 502هـ), المفردات في غريب القرآن، تحقيق: صفوان عدنان الداودي، الطبعة الأولى,دار القلم-الدار الشامية- 1412هـ دمشق بيروت،ص84.
[23] انظر: سيد سابق، فقه السنة، (ت1420ه) الطبعة الثالثة، دار الكتاب العربي، بيروت1977م، ج1، ص ص197-198.
[24] نخبة من العلماء، التفسير الميسر، بإشراف عبد الله عبد المحسن التركي، الطبعة الثانية، مجمع الملك فهد، السعودية، 1424هـ.ص36.
[25] انظر: مرجع سابق:محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط،ج14،ص479-470 .أيضا: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (ت: 1376هـ), تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، الطبعة الأولى، مؤسسة الرسالة،1420بيروت هـ،ص757.
[26] انظر: مرجع السابق: تفسير الوسيط ج 3 ص99-122.
[27] انظر: مرجع سابق، محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط ,ج3 ص122
[28] انظر: مرجع سابق: محمد سيد طنطاوي,التفسير الوسيط,ج1 ص643-656.
[29] انظر: مرجع سابق، عبد الرحمن السعدي، تفسير تيسير الكريم الرحمن، ص474.
[30] انظر: عبد الرحمن السعدي تفسير تيسير الكريم الرحمن، ص459 -460.
[31] انظر: نخبة من العلماء، التفسير الميسر.ص93.
[32] انظر:محمد سيد طنطاوي، تفسير الوسيط،ج6 ص169-170،عبد الرحمن السعدي، تيسير الكريم الرحمن،ص440.
[34] المرجع ذاته، ج1، ص93.
[35] المرجع ذاته، ج1، ص94.
[36] ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج4، ص 267.
[37] محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، الترمذي، أبو عيسى (ت 279هـ) سنن الترمذي، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون، الطبعة الثانية, مكتبة مصطفى البابي الحلبي, مصر, 1975 م،مذيلا بأحكام الألباني:وحكم على الحديث بالصحة،ج4،ص433، (2120).
[38] انظر: محمد سيد طنطاوي، تفسير الوسيط، ج1،ص ص374-379، أيضا: عبد الرحمن السعدي تفسير الكريم الرحمن، ص85.
[39] انظر: ابن عاشور التحرير والتنوير ج2,ص153.
[40] انظر: ابن عاشور، التحرير والتنوير،ج2،ص ص135-136، أيضا:مرجع سابق,محمد سيد طنطاوي، تفسير الوسيط,ج6،ص-ص223-224.
[41] انظر: مرجع سابق، محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط،,ج6،ص ص244-247.
[42] انظر: محمد سيد طنطاوي، تفسير الوسيط،,ج14،ص ص337-347.
[43] عبد الرحمن السعدي، تيسير الكريم الرحمن، ص757.
[44] انظر: محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله أبو القاسم (ت 538هـ)، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، الطبعة: الثالثة، دار الكتاب العربي- بيروت 1407هـ. ج2، ص233،أيضا: إسماعيل بن عمر بن= كثير القرشي البصري ثم الدمشقي أبو الفداء (ت 774هـ) تفسير القرآن العظيم، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة، الطبعة الثانية 1999 م.، ج4، ص83.
[45] انظر:مرجع سابق، جار الله الزمخشري،تفسير الكشاف،ج2، ص233.
[46] انظر: مرجع سابق، ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج4، ص ص83-84.
مصادر البحث ومراجعه:
- القرآن الكريم.
أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (ت 395هـ)، معجم مقاييس اللغة، تحقيق:عبد السلام محمد هارون، دار الفكر،- 1979م.
أحمد بن الحسين أبو بكر البيهقي,(ت 458 هـ )،الأسماء والصفات, تحقيق: عبد الله الحاشدي،الطبعة الأولى، مكتبة السوادي، جدة.
إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي أبو الفداء (ت 774هـ) تفسير القرآن العظيم، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة، الطبعة: الثانية 1999 م.
الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني، أبو القاسم (ت: 502هـ),المفردات في غريب القرآن، تحقيق: صفوان عدنان الداودي، الطبعة: الأولى - دار القلم، الدار الشامية - 1412 هـ دمشق بيروت.
سيد سابق، فقه السنة، (ت1420ه) الطبعة الثالثة، دار الكتاب العربي، بيروت1977م.
ضياء الدين الجماس، التفكير في الأسماء طريق العلماء؛دراسات موضوعية علمية في الأسماء والأفعال الإلهية،الطبعة الأولى،،دار الهجرة، بيروت،1990م.
عبد الفتاح لاشين، من أسرار التعبير القرآني، الفاصلة القرآنية، دار المريخ للنشر، الرياض، 1402هـ.
محمد بن حمد الحمـــــود، المنهج الأسمى في شرح أســـــــــــما ء الله الحــــسنى، مكتبة الإمام الذهبي,
الطبعة الأولى, الكويت,1991.
محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري(ابن منظور)( 711هـ)، لسان العرب، الطبعة الثالثة، دار صادر، بيروت1994م.
محمد ابن جرير أبو جعفر الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن(ت 310هـ )، تحقيق: أحمد محمد شاكر، الطبعة الأولى، مؤسسة الرسالة، بيروت 2000م.
محمد بن محمد الغزالي أبو حامد, المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى، تحقيق:بسام الجابي،الطبعة الأولى,الناشر الجفان والجاني,قبرص،1987 .
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبد الله، (ت 256هـ)، الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، (صحيح البخاري)، الطبعة الثانية، مكتبة الرشد، الرياض2006م.
مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري(ت261هـ )، صحيح مسلم، مكتبة الرشد، الرياض2006م.
محمد الحسناوي، الفاصلة في القران،الطبعة الثانية, المكتب الإسلامي,بيروت 1406ه-1986م،ص25.
محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»، الدار التونسية للنشر– تونس، 1984م.
محمد محمد أبو موسى، من أسرار التعبير القرآني "دراسة تحليلية لسورة الأحزاب"، مكتبة وهبة، الطبعة الثانية،1997.
محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط للقرآن الكريم، دار المعارف، القاهرة،1992م.
محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، الترمذي، أبو عيسى (ت 279هـ) سنن الترمذي، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون،: الطبعة: الثانية, مكتبة مصطفى البابي الحلبي مصر,- 1975 م،مذيلا بأحكام الألباني.
محمد عز العرب، الصفات الثبوتية وموقف الغزالي منها،عرض وتحليل، الطبعة الأولى,دار الطباعة المحمدية، (د م).
نخبة من العلماء، التفسير الميسر بإشراف عبد الله عبد المحسن التركي، التفسير الميسر، الطبعة الثانية، مجمع الملك فهد، 1424هـ.
نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد,دار الفكر، بيروت 1412هـ