عرض للطباعة
في سير الأعلام (13/79):
قال أحمد بن محمد بن سليمان: سمعت أبا زرعة يقول : إذا مرضت شهرا أو شهرين ، تبين علي في حفظ القرآن ، وأما الحديث ، فإذا تركت أياما تبين عليك .
ثم قال أبو زرعة: نرى قوما من أصحابنا ، كتبوا الحديث ، تركوا المجالسة منذ عشرين سنة ، أو أقل ، إذا جلسوا اليوم مع الأحداث ، كأنهم لا يعرفون ، أو لا يحسنون الحديث . ثم قال : الحديث مثل الشمس ، إذا حبس عن الشرق خمسة أيام ، لا يعرف السفر ، فهذا الشأن يحتاج أن تتعاهده أبدا .
ارجو شرح وتوضيح ما ذكر؟
الحمد لله وحدهاقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم
أحمد بن محمد بن سليمان، وهو أبو جعفر التستري [الضعفاء لأبي زرعة الرازي (1/164)] تلميذ أبي زرعة الرازي.
يقول أبو زرعة لأحد أصحابه : إذا مرضت شهرًا أو شهرين [عن طول المدة] تبين علي [أثر المرض] في حفظ القرءان [بتغير حفظه]،
أي أنه قد أدرك أنه تغير حفظه بدليل قول [تبين علي أنا] من المرض أي العلة واضحة لذا يحاسب نفسه ويذاكرها ويستطيع أن يستدركها قبل أي أحد ويعالج الأمر.
وأمَّا الحديث، فإذا تركت أيامًا [عن قصر المدة] تبين عليك [وإبهام تأثيره دلالة على مدى شدة ووضوح تغير حفظه في الحديث بخلاف حفظ القرءان].
أي أنه لم يدرك أنه تغير حفظه في الحديث لا من مرض ولا من شيء بل وهو سليم.
بل يدرك غيره ذلك بدليل قوله [تبين عليك أنت]، فيحاسبه غيره على ذلك فتظهر سوءته أمام الناس علانية وهذا أشد وأفظع من الأولى، بل قد لا يدرك أحدهم البتة ما توهم في حفظه من الحديث فتبقى العلة معه ما بقي لخفاء علته عليه إلا عند ظهورها على الأخرين.
لذلك حتى في وسط تذاكره قد يقع ذلك لذا ورد في العلل لابن أبي حاتم (1/84) :
عن عبدِ الرحمنِ بنَ مَهْدي يقولُ: «حرامٌ عليكم أن تَأْخُذوا عنِّي في المذاكرةِ حديثًا؛ لأنِّي إذا ذاكَرْتُ تساهلْتُ في الحديث» .
وقال أحمد بن محمد بن سليمان التُّسْتَري: حدَّثني أبو زرعة الرازي؛ حدَّثني إبراهيم بن موسى؛ نا عبد الرحمن بن الحَكَم المَرْوَزي، عن نَوْفَل بن المُطَهَّر قال:
قال لنا عبد الله بن المبارك: «لا تَحْمِلُوا عنِّي في المذاكرةِ شيئًا» .
قال أبو زُرْعة: وقال إبراهيم: «لا تَحْمِلوا عنِّي في المذاكرة شيئًا» .
قال أحمد: وقال لي أبو زُرْعة: «لا تَحْمِلوا عنِّي في المذاكرةِ شيئًا». اهـ.
وبين ذلك الإمام أبو زرعة في مثاله الأتي :
نرى قوما من أصحابنا، كتبوا الحديث، تركوا المجالسة منذ عشرين سنة، أو أقل، إذا جلسوا اليوم مع الأحداث كأنهم لا يعرفون، أو لا يحسنون الحديث.
وفي هذا إشارة إلى قوة حفظه وعدم نسيانه لمن يحضر ومن لم يحضر منذ عشرين سنة ... سبحان الله!
ثم أبلغ بيان ذلك في عبارة موجزة :
ثم قال: الحديث مثل الشمس، إذا حبس عن الشرق خمسة أيام، لا يعرف السفر، فهذا الشان يحتاج أن تتعاهده أبدا.
يقول أبو زرعة معبرًا عن شأن إفلات الحديث من أذهان المحدثين أنه كالشمس أي كالخريطة حفظها المسافر في ذهنه فلما غابت الشمس عن ذهنه لأيام،
وذلك كما قال الله تعالى :
{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ (17)}. سورة البقرة.
فكانت نتيجته لا يعرف السفر كحال الذين تركوا المجالسة عشرين سنة كأنما يتيهون في الأرض عشرين سنة وذلك كما قال الله تعالى :
{قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26)}. سورة المائدة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : فتاهوا في الأرض أربعين سنة ، يصبحون كل يوم يسيرون ليس لهم قرار ". اهـ.
والله أعلم.
جزاكم الله خيرا على الإيضاح وزادكم علما