عندما يتحرك الجماد
د.محمد السيد
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أخفيكم ان مشهد حديث الثلاثه الذين انطبقت عليهم الصخره يدخل في قلبي مهابه عظيمه وشعور يفصلني بخلوة بيني وبين نفسي ويختصر لي هذا المكان الصغير معنى لأعظم سلوك للقوه على مواجهة الصخره ومابعدها من مواقف الحياة وهو سلوك عبادة "الإخلاص" المحفوف بصدق المراقبه والخشيه والحب الصادق رغم صهيل شعور الرغبة والهوى
إنها قوة الإخلاص التي تمكنك ان تكون اكبر من كل الدنيا بأحداثها وأموالها وممتلكاتها .
دعوني اقف معكم مع مشهد واحد
عند تلك الصخره وهو آخرها والذي بعده تحركت الصخره لتعلن أن الإخلاص يجعل الجبال سهلا جميلا لك في طريق أعمالك
ذلك الذي استاجر أجيرا
وانصرف الأجير دون أن يأخذ حقه
ورغم ضعف ذلك الأجير الا ان صاحب الوادي من الغنم والبقر قد جعل لذلك الضعيف نسبته واهتم بها في الماكل والمشرب والرعايه والاهتمام
ويوم من أيام الدنيا
وجمال الحياة وروعة القلوب المطمئنه
ياتي الرجل المسكين ليذكر بماله القليل!
هنا ياتي التجرد والحياء والمراقبه والفرح بالقدوم
ويقول له بأجمل قرار ! انظر إلى هناك !
هناك قصة الذكريات و الرعايه والبناء والعمل والاطعام والصبر والتعب
كله لك ولم يقل اصبح لك لأنه شعور تحقيق الملكية الحقيقيه ليشعر الضعيف الذي كان يتمنى أن يملك كيانا ولو بثلاث أغنام فقط
نعم لقد شعر الضعيف بالملكية التي لم يبني بها شي ولم يدفع منها إلا القليل من الجهد
سبحان الله مالذي اوصل الضعيف إلى هذا الشعور من الملكية؟
إنه قوة إخلاص ذلك القلب الذي اتسعت له الدنيا حتى يصنع أعظم ملحمة لتجرد ورد المعروف بإضعافه في ذلك المكان
ذهب الضعيف وهو يمر ويستعرض الوادي من الغنم والبقر وربما استعرض بأنفة الفقير الذي تمكن من تلك الكثره وليس في ذاكرته أي قصه مع هذ المرعى وفصيله
وربما ذلك البطل ينظر إليه والى قطيعه من بعيد ويتذكر كل يوم نما فيه ذلك القطيع بجهده ووقته وماله
يودعه اليوم ليجد اثر ذلك القطيع يحرك له الجماد عند تلك الصخره
( {فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة اعين جزاء بما كانو يعملون} )
