صور من عناية السلف الصالح بتقوية الإيمان في نفوسهم
لقد اهتم السلف الصالح واعتنوا أيما اعتناءٍ بتقوية الإيمان في نفوسهم، وفي نفوس أصحابهم، وحرصوا على ذلك أشد الحرص، ومن أقوالهم التي أُثرت عنهم ودوَّنها العلماء في مؤلفاتهم، التي تؤكد حرصهم على زيادة الإيمان ما يلي:
1- كـان أمير المؤمنين عمر بن الخطـاب رضي الله عنه يقـول لأصحـابه: "هَلُمُّوا نَزْدَدْ إِيمَانًا، فَيَذْكُرُونَ الله عَزَّ وَجَلَّ"[1].
2- وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "الصَّبْرُ مِنَ الإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، فَإِذَا ذَهَبَ الصَّبْرُ ذَهَبَ الإِيمَانُ"[2].
3- وقال عبدالله بن مسعـود رضي الله عنه: "اللَّهُـمَّ زِدْنَا إِيمَـانًا وَيَقِينًا وَفِقْهًا"[3].
4- وكان عبدالله بن رواحة رضي الله عنه يأخذ بيد النفر من أصحابه، فيقول: "تَعَالَوْا فَلْنُؤْمِنْ سَاعَةً، تَعَالَوْا فَلْنَذْكًرِ اللهَ، وَلِتَزْدَادُوا إِيْمَانَاً، تَعَالَوْا نَذْكُرُ اللهَ بِطَاعَتِهِ، لَعَلَّهُ يَذْكُرَنَا بِمَغْفِرَتِهِ"[4].
5- كَانَ مُعَاذ رضي الله عنه يَقُولُ لِرَجُلٍ مِنْ إخْوَانِهِ: "اجْلِسْ بِنَا فَلْنُؤْمِنْ سَاعَةً، فَيَجْلِسَانِ يَتَذَاكَرَانِ اللَّهَ وَيَحْمَدَانِهِ "[5].
6- وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: "مِنْ فِقْه الْعَبْدِ أَنْ يَتَعَاهَدَ إِيمَانُه وَمَا نَقَصَ منه، وَمِنْ فِقْه الْعَبْدِ أَنْ يَعْلَمَ أَيَزْدَادُ هُوَ أَمْ يَنْقصُ؟"[6].
7- وقال مالك بن دينار رحمه الله: "الْإِيمَانُ يَبْدُو فِي الْقَلْبِ ضَعِيفًا ضَئِيلًا كَالْبَقْلَةِ؛ فَإِنْ صَاحِبُهُ تَعَاهَدَهُ فَسَقَاهُ بِالْعُلُومِ النَّافِعَةِ وَالْأَعْمَـالِ الصَّالِحَةِ وَأَمَاطَ عَنْهُ الدَّغَلَ وَمَا يُضْعِفُهُ وَيُوهِنُهُ أَوْشَكَ أَنْ يَنْمُوَ أَوْ يَزْدَادَ وَيَصِيرَ لَهُ أَصْلٌ وَفُرُوعٌ وَثَمَرَةٌ وَظَلَّ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى حَتَّى يَصِيرَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، وَإِنْ صَاحِبَهُ أَهْمَلَهُ وَلَمْ يَتَعَاهَدْهُ، جَاءَهُ عَنْزٌ فَنَتَفَتْهَا أَوْ صَبِيٌّ فَذَهَبَ بِهَا وَأَكْثَرَ عَلَيْهَا الدَّغَلَ، فَأَضْعَفَهَا أَوْ أَهْلَكَهَا أَوْ أَيْبَسَهَا كَذَلِكَ الْإِيمَانُ"[7].
8- قَالَ خيثمة بْنُ عَبْدِالرَّحْمَ نِ رحمه الله: "الْإِيمَانُ يَسْمَنُ فِي الْخِصْبِ وَيَهْزُلُ فِي الْجَدْبِ فَخِصْبُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَجَدْبُهُ الذُّنُوبُ وَالْمَعَاصِي"[8].
وأؤكد جازمًا - وأنا على يقين تام - أهمية العناية بالقرآن الكريم ومداومة قراءته، وتدبره، والتخلُّق بأخلاقه، ففي ذلك شفاء وعلاج لداء ضعف الإيمان، فبه يقوى إيمان العبد المسلم ويستقيم حاله، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2].
وأوضح السعدي رحمه الله معنى هذه الآية بقوله: أي: خافت ورهبت، فأوجبت لهم خشية الله تعالى الانكفاف عن المحارم، فإن خوف الله تعالى أكبر علاماته أن يحجز صاحبه عن الذنوب، ﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾، ووجه ذلك أنهم يلقون له السمع، ويحضرون قلوبهم لتدبره، فعند ذلك يزيد إيمانهم؛ لأن التدبر من أعمال القلوب، ولأنه لا بد أن يُبين لهم معنى كانوا يجهلونه، أو يتذكرون ما كانوا نسوه، أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير، واشتياقًا إلى كرامة ربهم، أو وجلًا من العقوبات، وازدجارًا عن المعاصي، وكل هذا مما يزداد به الإيمان[9].
اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعَلنا من الراشدين.
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــ
[1] (أبو العز الحنفي، شرح الطحاوية في العقيدة السلفية، ج 2، ص 306).
[2] (ابن أبي شيبة، المصنف، حديث رقم: 31097).
[3] (أبو العز الحنفي، شرح الطحــاوية في العقيدة السلفيـة، ج 2، ص 307).
[4] (ابن أبي شيبة، الإيمان، ج 1، ص 41).
[5] (ابن أبي شيبة، المصنف، حديث رقم: 31002).
[6] (أبو العز الحنفي، شرح الطحاوية في العقيدة السلفية، ج 2، ص 306).
[7] (ابن تيمية، الفتاوى، ج 2، ص 114).
[8] (ابن تيمية، الفتاوى، ج 2، ص 114).
[9] (السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ج 1، ص 315).
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/social/0/132848/#ixzz5gABf0x4K
رد: صور من عناية السلف الصالح بتقوية الإيمان في نفوسهم
في مدارج السالكين لابن القيم رحمه الله:
قال الحارث المحاسبي: الصادق هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الخلق من أجل صلاح قلبه. ولا يحب اطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله .