المكتسبات اللغوية عند الأطفال
المكتسبات اللغوية عند الأطفال
محمد مصطفى ناصيف ([*])
إن اللغة عمومًا تشمل الكلمة والنغمة الصوتية والإشارة واللهجة وتعبيرات الوجه والجسم، وجميع الرموز التي تستعمل للتعبير، لفظية أو غير لفظية، وهي فضلًا عن ذلك وسيلة الاتصال الأساسية بين الأفراد في المجتمع، ووسيلة من وسائل النمو العقلي والتوافق الاجتماعي والتنشئة الاجتماعية. دراسات وبحوث عن الطفل الوليد (المناغاة)
بالنسبة لعالم الأطفال تشير الدراسات والبحوث المختصة إلى أن الوليد يستخدم الصراخ أولاً، ثم المناغاة ثانيا للتعبير عن انفعالاته وحاجاته، وكذلك سروره وابتهاجه، إذ تعتبر المناغاة طريقًا إلى تعلم اللغة، بحيث إن الطفل الحديث الولادة يستعذب إصدار الأصوات وإدراكها، ويحاول أن يحاكي بها ما يصل إليه من أصوات وكلمات.
دراسات وبحوث عن الطفل الوليد (الكلمة الأولى) .
أجمعت البحوث على أن الطفل يكون قادرًا على نطق الكلمة الأولى فيما بين السنة والسنة والنصف بعد الولادة، وأن مفرداته تصل إلى نحو خمسين كلمة خلال السنة الثانية من عمره، ولكن تجدر الإشارة إلى بعض الفروق الفردية، إذ قد يتأخر بعض الأطفال في نطق الكلمة الأولى إلى السنة الثانية، أما بخصوص الكلمات الأولى التي يستخدمها الطفل أثناء التعبير فهي غالبًا ألفاظ تعبر عن اهتماماته المباشرة فيما يتعلق بإشباع حاجاته الأولية كالطعام والشراب واللعب، وكذلك الأشياء الموجودة في محيط بيئته مثل الأشياء القابلة للحركة، كالقطة والكلب والكرة وقارورة الحليب، وفي السياق نفسه تشير إلى أن الأطفال في بداية تعلمهم للكلام يستخدمون غالبًا كلمة واحدة يعبرون بها عن جملة، ويظهر ذلك في نهاية السنة الأولى من عمر الطفل، فإذا نطق مع الإشارة مثلا بكلمة "محمد" فهو يقصد القول: "أريد أن أذهب مع محمد" أو "محمد مزق لي لعبيت" أو "محمد ضربني" وفي العادة غالبًا ما تتوصل الأم بكل بساطة إلى أن ابنها عندما ينظر إلى حذاء والده على الأرض ويقول "بابا" فهو يقصد بذلك "هذا حذاء والدي"، كذلك تفهم الأم ما يريده ابنها من خلال نبرات الصوت، فإذا قال مثلا "بابا" بنبرة عالية نسبيًا في حالة غياب والده، فذلك يعني "أين والدي؟"، وهكذا معظم الأطفال قد استعمل أنواعًا جديدة من الجمل السهلة التي يصل طولها أحيانا إلى خمس أو سبع كلمات، وفي السنة الرابعة يكون نظام الأصوات الكلامية عند الطفل قد قارب كلام الكبار، وفي السنتين الخامسة والسادسة من عمر الطفل يصبح نضج اللغة عنده في مستوى كامل من حيث الشكل والتركيب والتعبير بجمل صحيحة ومتنوعة، كما يكون استعمال الألفاظ أكثر دقة مما كان عليه في السابق.
نخلص بعد هذا إلى أن معاني الكلمات لا تكتسب إلا بعد أن يكون الطفل قد استطاع أن يكوّن صورًا ذهنية ثابتة للأشياء والأحداث التي ترمز إليها تلك الكلمات، ثم إن مراحل اكتساب معاني الألفاظ متطور بشكل ملحوظ لدى الأطفال، ففي البداية يرتبط معنى الكلمات عند الطفل بشكل أو حدث معين، لا يتم تعميمه على أحداث أو أشياء من الفئة نفسها، فكلمة "الكلب" مثلًا ترتبط بكل واحد، لكن في مرحلة لاحقة يبدأ بملاحظة أوجه الشبه التي تجمع بين الأشياء، فيلاحظ مثلا ما يجمع بين الكلاب من تشابه ويصبح لديه مفهوم عام عن هذا الحيوان.
وإضافة إلى جميع ما سبق نتعرض إلى مسألة الاستكشاف عند الطفل، لأن حب الاطلاع يزداد وينمو ويتطور كلما كانت مشاعر الآباء إيجابية تجاه أبنائهم، وتحذيراتهم السلوكية فليلة، وكلما زاد اهتمامهم بتقديم الجديد له.
ويمكن أن يتم ذلك من خلال إشراك الطفل في الرحلات مع أقرانه في المساجد وأماكن المتنزهات، والمكتبات العامة المخصصة للأطفال، وانضمامه إلى فرق الكشافة، مما يساعده على مزيد استكشاف العناصر الجديدة والفردية والمجهولة في بيئته، إضافة إلى توسيع مداركه وإثراء خبراته.
[*] كاتب صحافي
