لمن أبوح بسرّي؟

لمن أبوح بسرّي؟


بدرية العسكر



رشا طالبة في المرحلة المتوسطة عادت من المدرسة وهي متوترة جدا فقد وقعت في مشكلة مع إحدى معلماتها, وهي بحاجة ماسة لتفريغ ما بدخلها وإن كان يراه البعض أمرا سخيفاً مقارنه بما لديهم من مشاكل, لكنها تحتاج لمن يسمع منها ويبادلها الحديث,فمن سيستمع لها؟
الأم مشغولة بلا شيء و لا تحب أن تسمع المشاكل, الأب في العمل, الأخوة صغار, والخادمة لن تفهم حديثها, اضطرت رشا أن تخبر أمها عن المشكلة, الأمانفعلت، تكلمت على ابنتها، اتهمتها بالخطأ، رشا خرجت من عندها وهي تحلف يمينا بأن لا تخبر أمها بشيء مستقبلاً.
جاء الأب، واجتمع أفراد الأسرة, الأم أعادت الحديث في مشكلة أبنتها، رشا أصبحت تدافع عن نفسها أمام الأسرة بعد أن كانت ترجو منهم أن يدافعوا عنها!
هذاحال كثير من الفتيات, لا تجد من يستمع, لا تجد من ينصت, لا تجد من يحسن التصرف, و لا تجد من يواسيها.
إن الفتاة لا بد أن تبحث عن من تبوح لها بسرها, وكل شيء لديها هو سر, وإذا لم تجد الصدر الحنون في البيت: أم، أب، أخت، أخ، خالة، عمة. تبث له أدق تفاصيل حياتها ويستمع لها و يوجهها و يكتم سرها ويبوح أيضا لها ببعض أسراره لتكونالثقة متبادلة و لا يثور و لا ينفعل و يظهر لها مدىالحب والخوف فإنها حتما ستبحث عنه خارج البيت, فقد تبحث عن معلمتها, أو عن صديقتها, أو المرشدة الطلابية في المدرسة,
وحين لا تجد شخصامتفهما, فهي لن تستسلم بسهولة وستبحث عن من سيستمع لها و قد تبحث عن شاب يبادلها الهموم تحكي له ويحكي لها, يواسيها وتواسيه, و قد تنجرف الفتاة مع تيار الحب, ويبدأ مسلسل العبث بالشرف.

يا ترى ماذا تفعل هذه الفتاه, هل ستبوح بأسرارها أم أن قلبها الصغير قادر على كتمانها؟ ومن هو المستودع لهذه الأسرار أن أحبت التصريح بها ؟ وما هي نوعية هذه الأسرار؟ وغيرها من الأسئلة الكثير وجهناها لبعض الفتيات وكانت نتائجها كالتالي:


الأخت (رشا) كما رمزت لنفسها بأحد المنتديات تقول "أنها تحتفظ بإسرارها ولا يمكن أن تسلمها لأحد سوى والدتها فقط, لذلك فهي لم تتعرض للأذى مطلقاً نتيجة كشف أسرارها لوالدتها, أما عن نوعية هذه الأسرار فقالت أن أي شيء خاص فيها تعتبره سر ".
وتضيف الأخت (د.ج) على ما قالته الأخت (رشا) " أنه لن يصعب على الفتاة أن تبوح بأسرارها إلى والدتها وخاصة إذا كانت هذه الأم من اللاتي تقترب إلى أبنتها وتعرف ماذا يتعبها, و ماذا يزعجها وتحل معها المشكلة بكل هدوء وتكون في تعاملها مع أبنتها صديقه وليست أم فهذا يسهل على الفتاة البوح بأسرارها لأمها دون سابق تفكير"
وتكمل الأخت (نور من الجزائر) بقولها "في الحقيقة إن الأم هياعز صديقة ،وحسب تجربتي فانا عندما اكلم والدتي لا أجد فارق كبير في السن بيننافوالدتي تتعامل معي على أساس أنها زميلة بنفس العمر تنصح بنصائح امرأةعاقلة متوازنة,وبذلك فانا لا أتكلم مع غير والدتي"
وتضيف إحدى الأخوات أيضاً " أن الأصل يعود في ذلك إلى التربية فيجب على الأم أن تربيالفتاة على أن تصارحها منذ الصغر وفي كل أمورها, الجيد منها و السيئ وعلى الأمالمنتبهة فعلا لأبنائها أن تلاحظ ما إذا كانت الفتاة تخفي شيئا ما أم لا, وتعالجالموضوع بشكل جيد"

وتخالفهم الأخت (دنيا من تونس) الرأي فتقول "لا نقدر أن نبوح بما يلج فيصدورنا كفتيات إلى أمهاتنا نظرا لفارق السن و لاختلاف العادات والتقاليد, لذا فالأم لن تقدرأن تتفهم الأحاسيس و القصص العاطفية أو الفكرية"
وتضيف الأخت (سارة من العراق) "بعض الأشياء قد لا تتفهمها الأم لكونها لاتستطيع أن تنزل إلى مستوى تفكير ابنتها وبذلك تكون صديقتها اقدر على فهم هذا السرونأخذ بعين الاعتبار أن تكون الصديقة موضع ثقة وأن تسديالنصيحة لصديقتها"
وتوافقهم الرأي الأخت (عهود) فتقول " أنا برائيكوني فتاه سعوديه فاغلب الأمهات لا يجدن فن الاستماعولو تحدثت الفتاه عن مشكلاتها لن تجد إلا صدى كلماتها"
وتقول أيضاً إحدى الأخوات من سلطنة عمان " إذاكانت أمي غير متعلمة ولا تستطيع حل مشاكلي بالهدوء فالأفضل إني أتناقش مع صديقتيلأنها تفهمني بسرعة وتحلها بدون أي تعقيد"
وتضيف إحدى الأخوات "أشعر بأن والدايلا يفهماني جيدا لذا فضلت صديقتي ربما لأننا في العمر وربما نكونقد مررنا بنفس التجربة فكلا منا يحاول مساعدة الأخر بقدر المستطاع, أما أمي فوجدتأنها تبوح بأسراري كلها إلى والدي مما جعلني أتحول إلى صديقتي"
وكذلك الأخت (يسرى من الجزائر) تشعر"بأنها ليست قريبةمن أمها كثيرا كما أنها تخجل بأن تخبرها بأسرارها المتعلقة بالحب وغير ذلك مما تتحدثالفتيات عنه مع أن والدتها تخبرها بالعديد من أسرارها"


وكرأي آخر تقول الأخت (سارة بنت بدر) "بأنها تبوح بسرها لأمها وأخواتها فهي بذلك تملك أكثر من مستودع لأسرارها, وعن نوعية هذه الأسرار قالت أن كل ما يختص بعائلتها يعد سراً"
و أخبرتنا الأخت (م) " بأن لديها عدد كبير من المستودعات لحفظ أسرارها, فهي ترى أن أمها وأختها وبعض من قريباتها وكذلك صديقاتها صالحات بأن يكونوا مستودع لأسرارها, وبالرغم من ذلك فهي لم تتعرض للأذية نتيجة كشفها لأسرارها لهم, وقد يكون السبب في ذلك أنها أحسنت اختيارهم"
و ترى (سمية من الجزائر)" أنها تحتاج لأكثر من مستودع لأسراها على حسب نوع هذا السر, فهي تبوح بالنصف لأمهاوالنصف الأخر لصديقتها بحسب الموضوع والموقف"
والأخت (ب) "لديها أيضاً العديد من المستودعات من القريبات والصديقات لكنها استثنت من القائمة والدتها بسب فارق العمر بينهم"
وتملك الأخت (بشاير من السعودية) " أكبر عدد من المستودعات لحفظ أسرارها فهي تبوح لأمها وقريباتها وصديقاتها ودفتر الذكريات بما عندها, ولكنها للأسف تعرضت للأذى من بعض من أعطتهم أسرارها, و أكدت على أهمية الاحتفاظ بالأسرار العائلية"


وأيضا يوجد لدينا بعض من الفتيات ليسوا بحاجة لمستودع لأسرارهم فالأخت ( ل.خ) قالت " أنها كتومة جدا و إذا أفشت سرا من أسرارها تحس بتأنيب الضمير لأنها سبق و أن وثقت في صديقتها ولكنها خانت الصداقة فضربت بثقتها عرض الحائط, والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين لذا فهي تفضل أن تكتم أسرارها في قلبها, أما عن أفراد عائلتها فالكل مشغول بمشاكله, و إذا تعرضت لمشكلة فملجأها رب العباد فقط"
وتكمل ذلك إحدى الأخوات بقولها "يجب على الفتاه ألا تبوح بأسرارها أبدا بل تحتفظبها لنفسها فمتى ما باحت الفتاه بذلك أصبح وبالا عليها , وهذه تجربة حقيقية لأنالثقة معدومة بالناس"
وأضافت الأخت (سعودية) "أنها عندما لا تجد من تبوح إليه فقد تلجأ للكتابة حتى تهدأ نفسها وبعد ذلك تتخلص من الورقة إن رأت ذلك"


وقد تم عمل استفتاء مبسط في أحد المواقع العربية مع مجموعة من فتيات الوطن العربي, وكان سؤالنا الموجة لهن, لمن تبوحين بأسرارك وكانت النتائج متفاوتة كالتالي:
المجموعة الأولى: حصلت على نسبة 50 %, ترى أن كل شخص متفهم وثقة يمكن أن يباح له بالأسرار (أم, أب, أخت, صديقة ...إلخ) .
المجموعة الثانية: حصلت على نسبة 43%, ترى أن الصديقة هي فقط من يمكن البوح لها بالأسرار.
المجموعة الثالثة: حصلت على نسبة 7%, ترى أن الأم أفضل مستودع للأسرار, و إن الأم هياعز صديقة.
المجموعة الرابعة: حصلت على نسبة 0%, ترى بأن " سرك أسيرك فإذا تكلمتَ به صرتَ أسيره".



وحتى نضع النقاط على الحروف, قمنا باستشارة شيخنا الفاضل الشيخ"عادل بن سعد الخوفي", وقد وتفضل مشكوراً بالإجابة على الأسئلة التالية:

1) برأيكم من هي الشخصية التي ينبغي على الفتاة بأن تثق فيها وتعطيها أسرارها؟
الحمد لله وحده، وصلِّ اللهم وسلم على من لا نبي بعده، وبعد:
تتميز الفتاة في سن المراهقة ( 12 – 20 ) سنة، بتسارع نموها العضوي، مع نشاط فطري وغريزي ، يجعلها في حاجة إلى إشباع عواطفها ومشاعرها ، الأمر الذي تحتاج معه إلى توسيع دائرة العلاقات ، لتشمل بالإضافة إلى والديها وإخوتها ، شخصيات معينة من بنات جنسها ، أو أحياناً من أبناء الجنس الآخر حيث تأسيس مقومات الحياة الزوجية .
وأمام هذه التقلُّبات والعلاقات تَتَشَكَّل مجموعة من الأسرار التي تضيقُ بها نفس الفتاة أما لضغوط هنا ، أو عاطفة هناك ، لتخرج إلى فضاء هذا الكون الواسع ، فتكونَ قنابل موقوتة ، وقيود حديدية إذا لم تخرج في مسارها الآمن ، بمظلَّة من العلاقات الإيجابية ، والتفكير السليم ، إذ أن هذه الأسرار مرتكزاً رئيساً لدى أصحاب القلوب المريضة من الذكور والإناث، للتأثير على الفتاة سلباً ، أو دعوتها لكل فحشاء ومنكر.
ومن هنا فمن العادات الحسنة التي ينبغي على الفتاة التعوّد عليها ؛ احتفاظها بأسرارها في نفسها ، وألا تعتاد نشرها ( للفضفضة ) وحسب ، فإن راحة الفتاة هنا مؤقتة ، تجني مرارتها ندماً بعد حين في الغالب ، وقد رُوي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : سِرُّك أسيرك، فإن تكلَّمتَ به صِرْت أسيره . وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: مَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَ الْخِيَارُ إلَيْهِ، وَمَنْ أَفْشَاهُ كَانَ الْخِيَارُ عَلَيْهِ.
فإن رأت الفتاة حاجة مُلِحَّة إلى إخراجه، فليكن إلى أمها أو أبيها، فإنَّهما أخوف الناس عليها، وأدرى الناس بمصلحتها، وأحرص الناس على سترها وسعادتها ، وهما ملجآها بعد الله ، ومستودعا سِرَّها بإذن الله .
كما يستحسن للفتاة أن تعتاد الاتصال بالمستشارين والمستشارات المختصِّين إن رأت حاجة ؛ لدلالتها على الطريق الصحيحة لأمر ما في حياتها ، على أن يكونوا ممن يوثق في إيمانهم وخبراتهم ، وينتمون إلى جهات رسمية معتمدة ، وفي هذه الحالة لا حاجة إلى التعريف بالمعلومات الشخصية .
وأما إفشاء الفتاة سِرَّها لصاحباتها ، فليس بالأمر المستقيم ، إذ أنهن مثيلات لها في الفهم ، كما أنه لا تؤمن الفتنة على هذه الصاحبة ، فيتحول السر إلى عَلَن ، كما هو حال كثير من الأسرار .
وتبقى قاصمة الظهر ، والمنزلق الأكبر ، فهو أن تخرج هذه الأسرار إلى أدعياء الحب ، وعشَّاق الرذيلة ، وخفافيش الظلام ، الثعالب في ثوب المخلصين ، الذئاب في جلباب الناصحين ، عبر المكالمات الهاتفية ، أو المنتديات على الشبكة العنكبوتية ، أو الشات ، و الاسكايبي ، والماسنجر ، وخلافهم .
تقول إحدى الأخوات – فرَّج الله همَّها - : ( تعرَّفت على شاب بالصدفة ، يعني واحد اتصل غلطان ، ومن بعدها كان يتصل كل يومبالصبح ، حاولت أصده ، أصده ، أصده ، لكن بالأخير وقعت ، كان صوته حلو وحنون ، وأنا كنت دائماًوحيده ، محتاجة أحد بجانبي ، أنا كنت محتاجة أحب أحد ، كنتأرتاح له ، وأفضفض كل اللي بخاطري ، وقلت له قصة حياتي ، هذا الشخص أنا أجزم لك أنهحبني جداً ، لدرجة التعلق بي ، لكن في النهاية هددني ، وقال لي والله لأفضحك ، وأحط أسرارحياتك ، قعدت أترجاه ، وقلت له حرام عليك ، خفت ، خسرت نفسي ، خسرت عقلي ، جاءتني حالهمرضية ، كنت أقعد أبكي ، وأخاف من كل شيء ، ولو كان صغيراً ، أقعد أكرر خائفة ، خائفة ، أحس إنه سيهدم حياتي ، أبغى أحافظ على سمعتي ، وشرف أبوي ، وأريد التخلص من هذا الشاب الذي يحاصرني ، حتى وأنا في بيتي ) .
السر هنا تحوَّل إلى طوق من حديد ، في رقبة الفتاة ، لابتزازها ، و إذلالها ، و فضحها ، تُجَر به هنا وهناك في طريق موحشة ، دون أن يكون لها خيار ، ويمكن لفتياتنا الكريمات زيارة مواقع ومراكز الاستشارات ، للاطلاع على مئات بل ألوف الاستشارات التي تنضح هماً وبؤساً ، كانت الخطوة الأولى ، تنفيس أو أسرار خَرَجَتْ إلى غير طريقها الصحيح
2) بعض الأمهات لا تجيد التعامل مع مشكلات ابنتها فتتجه إلى الضرب كعقاب, أو بالمنع للحماية, أو بالتجسس وحرمان الفتاة من الثقة..فإلى من تلجأ الفتاة إن كان هذا وضع والدتها؟ وإلى من تلجأ من لا أم لها؟
الفتاة تحتاج من والديها إشباع حاجاتها الأساس لتصبح فاعلة متواصلة معهم ، ولاشك أن الضرب ، والمنع السلبي ، والتجسس ؛ كلها عوامل مؤثِّرة في استقرار الفتاة ، وفي تواصلها في والديها ، وفي إحساسها بتقدير ذاتها ، فضلاً على أن الأم والحالة هذه تضع حاجزاً بينها وبين فتاتها ، ولن تكون حينها مستودع أسرارها ، أو ملجأها بإذن الله ، بل ستبحث الفتاة عمَّن يُقّدِّر ذاتها ، ويعطيها الري العاطفي ، والأمان النفسي ، ليكون مهوى فؤادها ، ومستودع أسرارها .
ولذا فوصيتنا للأبوين العمل على تحقيق حاجات بناتهم ، مع التعبير عن الحب بالسلوك ، وليس بالمشاعر فقط ، فقد كان هذا هدي نبينا صلى الله عليه وسلم ، جاء في البخاري ومسلم رحمهما الله ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( أقبلت فاطمة تمشي كأنمشيتها مشي النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مرحباً بابنتيثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ) ، وفي رواية لأبي داوود والترمذي والنسائي: ( وكانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليها ، وقبلها ، وأجلسها فيمجلسه صلى الله عليه وسلم ) . إنَّ في ذلك دلالة على الاهتمام والتقدير ، وإن من أهم فوائد التقدير أنه يساعد على بناء الثقة بالنفس ، والتَّغلُّب على المشكلات العارضة ، والانتماء للأسرة .
وأما الفتاة ، فينبغي أن تعتاد الشكوى لمن إليه الأمر ، وبيده كشف الكربات ، وقضاء الحاجات ، سبحانه وتعالى ، ثم لتزرع الحب في أسرتها ، ولتبذر العاطفة في محيطها ، فإن للعاطفة تيار لن تستنشق عبيره حتى تعطيه لمن حولك ، فإن رأت الفتاة في أحد والديها جفاءً ، أو أساليب خاطئة في التربية ، فلتُرَطِّب الأجواء من حولها ، بعاطفتها النَّفاثة المتألِّقة ، ولتزرع بابتسامتها أكاليل الورود لدى والديها وإخوتها ، لتمارس الحب الحقيقي معهم ،لا يُسمع منها إلا أطيب حديث ، ولا يُرى منها إلا كل فعل جميل ، متفاعلة مع الأحداثمن حولها ، متعاونة مع جميع أفراد أسرتها ومن ذلك : تقبيل رأس ويدي والديها كلما التقتهما بعد انقطاع ، وتعويد لسانها علىالمفردات المُعَبِّرة حين الحديث معهم ، مثل : تاج رأسي ، رأس مالي ، نورحياتي ، ثم لتذكر مشاعرها لوالدتها ، ترتمي في حضنها ، تمطرها بقبلاتها ، تبدع في بِرِّها وخدمتها ،وفي المقابل لتحذر أشد الحذر من المفردات السلبية . فهي هنا ستكون مؤثر إيجابي عليها .
فإن لم يكن هذا ، ولا ذاك ، فلتستشر أحد المختصِّين في مراكز الاستشارات الأسرية ، أو التربوية ، أو النفسية ، لمحادثتهم هاتفياً ، أو المواقع الالكترونية التي تُقَدِّم الاستشارات ، كمثل موقعنا الرائع المتجدِّد ( رسالة الإسلام ) ، فإن هذه المواقع تستقبل مئات الاستشارات يومياً ، يجيب عنها أساتذة فضلاء ، ومختصين نجباء ، جمعوا بين العلم والخبرة ، يشيرون بالرأي الحكيم ، والموعظة بالتي هي أحسن ، أسهموا ولله الحمد والمنة في علاج كثير من الانحرافات السلوكية ، والمشكلات الأسرية ، والمحاذير الأمنية ، ورسموا آيات البر ، وعلامات الأسرة الواحدة ، ومنهج الأخلاق العالية ، وأزاهير السعادة والابتهاج لدى المتصلين بهم .
وللآباء والأمهات أقول : إننا ومهما كان قربنا من فلذات أكبادنا أبناء كانوا أم بنات ، بل وحتى زوجاتنا ، فإنه يبقى لهم أسرارهم الخاصة ، وخصوصياتهم التي يحتفظون بها ، فمن الأهمية بمكان ؛ أن نُفسح لهم مساراً آمناً ، يُنَفِسون فيه عمَّا يعتلج في صدورهم من ضغوط ، أو مشكلات ، ويستقبلون التوجيه السليم ، فيكفيهم ذلك عن مشورة رفقاء السوء ، أو قنوات الفساد ، سدَّا لذريعة الانحراف ، ومنعاً للمشورة السلبية ، وحفظاً للأسرار عن تداولها عن أصحابها ، فهناك لا تُطْلَب البيانات الشخصية .

3) هناك أسرار بسيطة وأخرى في غاية الخطورة..كيف يمكن للفتاة أن تتعامل مع هذه الأسرار بنوعيها؟
على الفتاة حين رغبتها في التنفيس عمَّا يشغلها من أمور ، أن تسأل نفسها ، ماذا أريد أن أقول ؟ ولمن أقول ؟ ومتى أقول ؟ فبعض ما يمكن أن يقال للأم ، لا يقال للأب ، وما قد يقال للوالدين ، لا يقال للصديقات ، أو قد لا يقال للأخوة مثلاً ، ولذا ينبغي على الفتاة أن يكون لديها قدر كافٍ من التعقُّل ، والتفكير ، لتحديد الوجهة الصحيحة لهذا التنفيس .
وحديثنا هنا عن كل خبر أو سِر يكون في كشفه تأثير سلبي على الفتاة ، وقد نقول أن ( المخالفات الشرعية ، والانحرافات السلوكية ) يجب أن تكون طي الكتمان ، وبما أن الله سترها ، فلتستر الفتاة على نفسها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً ، وعند الحاجة لمشورة معينة ، فعليها بمراكز الاستشارات . . فإن كان هناك تهديد حقيقي لم تستطع الوقوف أمامه ، وكان والديها أو أحدهما حكيماً مؤمناً ، فليكن عون لها .
وأما المشاعر العاطفيَّة المجرَّدة ، والعلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة ، أو علاقات الأسرة مع المجتمع المحيط ؛ فيمكن أن يكون مع الوالدين ، أو أحد أفراد الأسرة الموثوق في علمه وإيمانه وحكمته .

5) كلمة أخيرة؟
هي رسالة لكل أب استرعاه الله على بنين أو بنات ، لتكن صدورنا ميادين واسعة لهم يسرحون ويمرحون فيها ، لنحتويهم ، نؤكد الري العاطفية لديهم ، نمنحهم شيء من اهتماماتنا ، فإنهم امتداد لذكرنا ، وأجور لاحقة بعد وفاتنا ، لنقبلهم كما هم ، وليس كما نحن .
ثم دعواتي للأخوة والأخوات القائمين على هذا الموقع المتجدِّد ، بارك في سِنِيِّ أعمارهم ، ورفع الله قدر شيخنا الكريم الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن فوزان الفوزان ، مع شكري الجزيل لتشريفي بالتواصل معكم فيما ترونه خيراً ، والله يرعاكم


المراجع:

http://almutawa.info/ara/index.php?menu=1
http://alfrasha.maktoob.com/index.php
http://www.khjl.net/#a
http://vb.alfaris.net/
http://www.al3skar.com