أنا متحضرة
دلال بنت عبد الله
صورة ملموسة للتمسك بالحضارة الشائعة المنتشرة في هذا الزمن..
وقد بهرت المرأة بهذه الحضارة فلهثت وراءها وحاولت تقمص شخصية أفراد من تلك الشعوب التي نسبت إليهم الحضارة ونسبوا إليها، وهي في نظرها غير ناقصة وتملك المال الذي يكفي لأن يعليها أعالي سلم الحضارة المنشودة..
فبدأت في المظهر فمسخته إلى تلك الأشكال الملفتة التي تطالعها. فأطالت الأظافر، وغيرت الملبس، وصبغت الشعر، و... و... إلخ.
ثم سمعت عن مظاهر النظافة عندهم.. فلم تعد تلمس شيئاً إلا بقفاز، وتسارع إلى غسل يديها كل حين..
تخاف من جراثيم الجو وملوثات البيئة ولم تشعر أن أكبر مصنع للجراثيم تحت أظافرها تتنقل به في كل مكان...
ذهبت إلى البنك مرة، لم يعجبها شكل النساء، متزاحمات متراصات.. زمجرت وألقت خطبة عن النظام عن تلك الشعوب المتحضرة.. طبعاً لم يأبهن لكلامها، فهي تتكلم بلهجة المحتقر لمن حوله.. خرجت غاضبة إلى منزلها وهي تعتقد أنهن متخلفات وأنها المتحضرة.
دخلت غرفتها، جلست وإذا بالقراطيس والأدوات المرمية ترمقها، تنتظر خطبة كالتي ألقتها في البنك..
حدثتها إحدى زميلاتها عن اهتمام الشعوب المتحضرة بالوقت (شي رائع) قالتها ثم جرت مسرعة..
تناديها زميلتها قفي لم أكمل حديثي بعد، ردت آسفة ليس لدي وقت أضيعه معك.. ثم انفردت ساعة أو أكثر وهي تقلب مجلات الأزياء وتفكر في أحدث زي تلبسه في سهرة الغد..
تسمع وتسمع الكثير عن مظاهر الحضارة.. تحترق ألماً حينما تحس أنها متحضرة والناس لم يفهموها..
ترمي بظهرها على السرير، تطلق تنهدات وزفرات.. تتمنى.. تتمنى أن تسوق كلبة في شارع "السوق الشعبي"!! وتكون محل إعجاب.. وتطلق العنان للحرية..
صغيرتي الكبيرة أو كبيرتي الصغيرة :
لا نلومك على تشوفك للقدوة.. كلنا يريد ذلك.. وكلنا أيضاً يسعى لمقومات الحضارة التي فكرت فيها..
ولكن ليس على طريقتهم...
