أقوال العلماء في حديث التوسعة على الأهل في عاشوراء
السؤال:
قريباً إن شاء الله سيقبل علينا العاشر من محرم الذي نجى فيه الله سبحانه وتعالى نبيه موسى عليه السلام من فرعون وقومه والذي أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بصيامه، ولكن سؤالي هو: في هذا اليوم طقوس لا أعرف مصدرها وهي مثلاً طبخ الفول والحمص والبيض، فما حكمها ومن أين أتت هذه العادة أو (البدعة)؟ وشكراً.
الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن فعل ذلك بقصد التوسيع على الأهل والأقارب فلا بأس به، وقد ورد فيه حديث ولكنه مختلف فيه، فأكثر أهل العلم على تضعيفه وهو عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من وسع على عياله يوم عاشوراء لم يزل في سعة سائر سنته.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن إسماعيل الجعفري، قال أبو حاتم: منكر الحديث.
وقال المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير: قال جابر الصحابي: جربناه فوجدناه صحيحاً، وقال ابن عيينة: جربناه خمسين أو ستين سنة، وقال ا بن حبيب أحد أئمة المالكية:
لا تنس ينسك الرحمن عاشورا
واذكره لا زلت في الأخبار مذكوراً
قال الرسول صلاة الله تشمله
قولا وجدنا عليه الحق والنورا
من بات في ليل عاشوراء ذا سعة
يكن بعيشته في الحول مجبورا
فارغب فديتك فيما فيه رغبنا
خير الورى كلهم حيا ومقبورا
قال المؤلف: فهذا من هذا الإمام الجليل يدل على أن للحديث أصلاً.
وقال المناوي رحمه الله تعالى: وقال ابن حجر في أماليه: اتفقوا على ضعف الهيصم وعلى تفرده به، وقال البيهقي في موضع: أسانيده كلها ضعيفة، وقال ابن رجب في اللطائف: لا يصح إسناده، وقد روي من وجوه أخر لا يصح شيء منها، ورواه ابن عدي عن أبي هريرة، قال الزين العراقي في أماليه: وفي إسناده لين فيه حجاج بن نصير ومحمد بن ذكوان وسليمان بن أبي عبد الله مضعفون لكن ابن حبان ذكرهم في الثقات، فالحديث حسن على رأيه، وله طريق آخر صححه ابن ناصر وفيه زيادة منكرة. انتهى.
وتعقب ابن حجر حكم ابن الجوزي بوضعه.
وأما كلام أهل العلم في المسألة فقد اتفقت المذاهب الأربعة على استحباب التوسعة على الأهل في يوم عاشوراء، قال الصاوي المالكي في حاشيته على الشرح الصغير: ويندب في عاشوراء التوسعة على الأهل والأقارب. انتهى.
وقال سليمان الجمل في حاشيته على فتح الوهاب لزكريا الأنصاري: ويستحب فيه التوسعة على العيال والأقارب، والتصدق على الفقراء والمساكين من غير تكلف فإن لم يجد شيئاً فليوسع خلقه ويكف عن ظلمه. انتهى.
وقال البهوتي الحنبلي في شرح منتهى الإرادات: وينبغي التوسعة فيه على العيال. قال في المبدع: وقال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار: نعم حديث التوسعة ثابت صحيح كما قال الحافظ السيوطي في الدرر.، وعليه فلا بأس فيما ذكرت إن فعل بقصد التوسعة الواردة.
والله أعلم.
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/inde...twaId&Id=45441
رد: أقوال العلماء في حديث التوسعة على الأهل في عاشوراء
6824 - ( من وسع على عياله يوم عاشوراء ؛ وسع الله عليه سائر سنته ).
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف.
أخرجه البيهقي من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وعبد الله بن مسعود، وجابر، وعقب عليها بقوله:
" هذه الأسانيد - وإن كانت ضعيفة ؛ فهي - إذا ضم بعضها إلى بعض ؛ أخذت قوة. والله أعلم ".
قلت: شرط التقوية غير متوفر فيها - وهو: سلامتها من الضعف الشديد -.
وهاك البيان:
1 - حديث أبي هريرة: يرويه حجاج بن نصير: نا محمد بن ذكوان عن يعلى بن حكيم عن سليمان بن أبي عبد الله عنه.
أخرجه البيهقي في " الشعب " ( 3/ 366/ 3795 ) من طريق ابن عدي (1)، وهذا في " الكامل " ( 6/ 200 )، والعقيلي في " الضعفاء " ( 4/ 65 )، ومن طريقه ابن الجوزي في " العلل " ( 2/ 62/ 910 )، والشجري في " الأمالي " ( 2/ 86 ).
قلت: وهذا إسناد واه ؛ مسلسل بالعلل:
الأولى: حجاج بن نصير: قال الذهبي في "المغني ":
" ضعيف، وبعضهم تركه".
الثانية: محمد بن ذكوان - وهو: الجهضمي البصري -: قال البخاري:
"منكر الحديث".
وفي ترجمته أورده العقيلي، وكذا ابن عدي وقال:
"وعامة ما يرويه أفرادات وغرائب، ومع ضعفه يكتب حديثه ".وقال ابن حبان في " الضعفاء" ( 2/ 262 ):
" يروي عن الثقات المناكير، والمعضلات عن المشاهير ؛ على قلة روايته، حتى سقط الاحتجاج به ".
الثالثة: سليمان بن أبي عبد الله: قال العقيلي عقب الحديث:
"مجهول بالنقل، والحديثُ غير محفوظ ".
قلت: وهذه فائدة من العقيلي لم تذكر في ترجمة ( سليمان ) هذا من " التهذيب لما وفروعه ؛ فلتستدرك. وهي كقول أبي حاتم فيه:
" ليس بالمشهور، فيعتبر بحديثه ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات "! وأشار الذهبي إلى تليين توثيقه بقوله في " الكاشف ":
" وُثق ". والحافظ بقوله في " التقريب ":
" مقبول ".
2 - وأما حديث أبي سعيد: فيرويه عبد الله بن نافع الصاثغ المدني عن أيوب ابن سليمان بن ميناء عن رجل عنه.
أخرجه البيهقي ( 3793، 4 379 ).
قلت: وهذا إسناد مظلم، الرجل لم يسم ؛ فهو مجهول.
وأيوب بن سليمان بن ميناء: لا يعرف إلا بهذه الرواية - كما يؤخذ من " الجرح " ( 1/ 1/ 248 ) -. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 6/ 61 )!
وعبد الله بن نافع الصائغ المدني: فيه لين - كما في " التقريب " -.
وروي بإسناد آخر أسوأ منه: يرويه محمد بن إسماعيل الجعفري قال: حدثنا عبد الله بن سلمة الربعي عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري به.
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 9/ 0 4 1 - 1 4 1/ 9298 )، والشجري أيضاً في " الأمالي " ( 2/ 81 )، وقال الطبراني:
" تفرد به [ محمد بن ] إسماعيل الجعفري".
قلت: وهو متروك - كما قال أبو نعيم - وقال أبو حاتم: "منكر الحديث، يتكلمون فيه ".
وبه أعله الهيثمي ( 3/ 189 ) بعدما عزاه لـ " الأوسط ". وفاته أن شيخه ( عبد الله بن سلمة الربعي ) مثله في الضعف، فقال فيه أبو زرعة:
" منكر الحديث".
3 - وأما حديث عبد الله بن مسعود: فيرويه هَيصم بن الشدّاخ عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عنه.
أخرجه البيهقي ( 3792 )، والطبراني في " المعجم الكبير " ( 0 1/ 94/ 10007 )، وعنه الشجري ( 1/ 176 )، وابن عدي ( 5/ 211 )، وابن حبان ( 3/ 97 )، وابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2/ 3 0 2 )، وقال البيهقي:
"تفرد به هيصم ".
قلت: قال ابن حبان:
" هو شيخ يروي عن الأعمش الطامات في الروايات ".
وكذا قال ابن طاهر في " تذكرة الموضوعات " ( ص 97 )، وابن الجوزي، واتهمه أبو زرعة - كما في "اللسان " -.
ونقل ابن الجوزي عن العقيلي أنه قال:
" الهيصم مجهول، والحديث غير محفوظ ".
ونقله الحافظ أيضاً عنه في " اللسان "، وما أظنه إلا وهماً عليه، وإنما قال هذا العقيلي في حديث ( سليمان بن أبي عبد الله ) المتقدم. وليس لـ ( الهيصم ) ترجمة في "ضعفاء " العقيلي. والله أعلم. وقال الهيثمي:
" رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه الهيصم بن الشداخ، وهو ضعيف جداً".
4 - وأما حديث جابر: فيرويه محمد بن يونس: ثنا عبد الله بن ابراهيم الغفاري: نا عبد الله بن أبي بكر ابن أخي محمد بن المنكدر [ عن محمد بن المنكدر ] (2) عنه.
أخرجه البيهقي ( 3791 ) وقال:
" هذا إسناد ضعيف "!
قلت: لقد تسامح - عفا الله عنا وعنه - في هذه الأحاديث كثيراً، وتساهل بالسكوت عنها - مع شدة ضعفها، وبخاصة هذا. وتبعه عليه السيوطي في " اللآلي المصنوعة " ( 2/ 112 ) - فإن محمد بن يونس هذا - هو: الكديمي -:
متهم بالوضع مع حفظه، قال الذهبي في " المغني ":
" هالك، قال ابن حبان وغيره: كان يضع الحديث على الثقات".
ونحوه شيخه ( عبد الله بن إبراهيم الغفاري ) : قال الحافظ في " التقريب ":
" متروك، ونسبه ابن حبان إلى الوضع ".
وعبد الله بن أبي بكر ابن أخي محمد بن المنكدر: لم أعرفه، ووقع في شيوخ عبد الله الغفاري من " تهذيب الكمال " ( عبد الله بن أبي بكر بن المنكدر ). والله أعلم (*). وله طريق أخرى عن جابر ؛ هي أصح الطرق عند السيوطي، ومع ذلك قال الحافظ في متنه:
" منكر جداً ".
وقد كنت تكلمت عليه في " تمام المنة " ( ص 410 - 411 ) ؛ فلا داعي لإعادته هنا. فمن شاء ؛ رجع إليه.
وذكره ابن الجوزي في " العلل " ( 2/ 62/ 09 9 ) من رواية الدارقطني من حديث ابن عمر، بإسناد فيه ( يعقوب بن خُرّة )، وقال الدارقطني:
" حديث منكر، ويعقوب بن خرة ضعيف". وفي ترجمته قال الذهبي من " الميزان ":
" قلت: له خبر باطل، لعله وهم ".
يشير إلى هذا ؛ فقد ساقه الحافظ عقبه في " اللسان ".
هذا ؛ وإن مما يؤكد قول الذهبي هذا وغيره ممن قال بنكارته ووضعه أنه - مع شدة ضعف أسانيده - لم يكن العمل به معروفاً عند السلف، ولا تعرض لذكره أحد من الأئمة المجتهدين، أو قال باستحباب التوسعة المذكورة فيه ، بل قد جزم بوضعه شيخ الإسلام ابن تيمية في " فتاويه "، وهو من هو في المعرفة بأقوالهم ومذاهبهم، وأن العمل به بدعة - كاتخاذه يوم حزن عند الرافضة - ؛ بل إنه نقل عن الإمام أحمد أنه سئل عن هذا الحديث ؟ فلم يره شيئاً. فمن شاء الوقوف على كلام الشيخ ؛ فليرجع إلى " مجموعة الفتاوى " ( 25/ 300 - 314 )، فإنه يجد ما يشرح الصدر.
__________
(1) وقع في الأصل: " ابن علي"! وعلق عليه محققه فقال: " في ( ب ): ابن عدي، وهو خطأ "! وما خطأه هو الصواب بلا ريب!
(2) سقطت من الأصل، واستدركتها من " اللآلي " ( 2/ 112 )، و " العجالة ".
(*) قال الشيخ رحمه الله عنه في " تمام المنة " ( ص 411 ): "ضعيف ؛ كما في " الميزان "". ( الناشر ).