مرويات "حية تحت العرش" وبيان عللها.
أولا:
حديث عبد الله بن عمرو موقوفا:
*************************
أخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة" (2/ 474)1081 ، وحرب الكرماني في "مسائل حرب الكرماني من كتاب النكاح إلى نهاية الكتاب" (3/ 1113)، والدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (6/ 221-222)2578، وأبو الشيخ في "العظمة" (2/ 553)، والطبراني في "المعجم الكبير" - ط إحياء التراث (13/ 350)14168- من طريق مُعَاذ بْن هِشَامٍ، بِمَكَّةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "إِنَّ الْعَرْشَ لَمُطَوَّقٌ بِحَيَّةٍ، وَإِنَّ الْوَحْيَ لِيَنْزِلُ فِي السَّلَاسِلِ".
وأشار إليه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (4/ 581)، قال: "ورواية أخرى عن عبد اللَّه بن عمرو موقوف، رويناه في "النشريات".
وصححه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8/ 135) قال: "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرَ كَثِيرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ وَهُوَ ثِقَةٌ".
والسيوطي في "الهيئة السنية" (ص: 18)
وقال ابن عراق في " تنزيه الشريعة"(1/ 191):"رِجَاله ثِقَات".
وقال الألباني في "مختصر العلو للعلي العظيم" (ص: 126):" إسناده حسن".
قلت: ضعيف، فيه:
1- كثير بن أبى كثير البصري مولى عبد الرحمن بن سمرة:
اختلف فيه:
فقال العجلي: "بصري تابعي ثقة". "الثقات" للعجلي ط الباز (ص: 397).
وذكره ابن حبان في "الثقات" (5/ 332). قال:" كثير بْن أَبِي كثير مولى بنى سَمُرَة يَرْوِي عَن عَبْد الرَّحْمَن بْن سَمُرَة روى عَنهُ قَتَادَة والبصريون".
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/ 156):" وَهُوَ ثِقَةٌ".
وضعفه آخرون:
قال ابن حزم: " مجهول". "المحلى" (9/ 294)، وتبعه عبد الحق.
قلت: هو غير مجهول.
وذكره العقيلي في "الضعفاء الكبير" - ت السرساوي (5/ 153)
وقال البيهقي:" كَثِيرٌ هَذَا لَمْ يَثْبُتْ مِنْ مَعْرِفَتِهِ مَا يُوجِبُ قَبُولَ رِوَايَتِهِ" (السنن الكبرى: 7/ 349).
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" - الأم (2/ 234) ، في إسناده ضعْفٌ؛ كثِيْرٌ هذا ليس بالمشهور، ومع ذلك نسي هذا الحديث، وقد حدث به قتادة. وقال البيهقي: " لم يثبُتْ من معرِفتِهِ ما يُوْجِبُ قبُوْل روايتِهِ ".
وذللك في تعليقه على حديث حمّاد بنِ زيدِ قال: قلت لأيوب: هل تعلمً أحداً قال بقول الحسن في (أمْرُكِ بيدِكِ) ؟ قال: لا؛ إلا شيئاً حدّثناهُ قتادةُ عن كثِيْر- مولى ابنِ سمُرة- عن أبي سلمة عن أبي هُرْيرة عنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... بنحوه.
قال أيوبُ: فقدِم علينا كثِيْرٌ؛ فسألْتُهُ؟ فقال: ما حدثتُهُ بهذا قطُّ!
فذكرْتُه لقتادة؟! فقال: بلى؛ ولكنه نسي!".
**وتوسط الحافظ ابن حجر فقال في "تقريب التهذيب" (ص: 460):" مقبول من الثالثة".
أي: حيث يتابع، وإلا فلين الحديث".
قلت: لم يتابع على هذه الرواية مطلقا.
2- عنعنة قتادة مع غرابة المتن :
اشتهر عند أهل العلم بأن قَتادة كان يدلِّس في الحديث.
قال الذَّهبيُّ: "مدلِّس معروف بذلك". "سير أعلام النبلاء" (5/271) .
وقد ذكره ابن حجر في الطَّبقة الثالثة من طبقات المدلِّسين الذين أكثروا من التَّدليس، فلا يحتجُّ الأئمَّة من أحاديثهم إلا ما صرَّحوا فيه بالسَّماع". "تعريف أهل التقديس (ص63و146).
وقال أبو داود: "حدَّث قَتادة عن ثلاثين رجلاً لم يسمع منهم". "التهذيب" (3/430)
وممن وصفه بالتَّدليس ابن حبان في "الثقات" (5/322).
والحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص103).
والخطيب البغدادي في "الكفاية" (ص496).
وقال ابن عبد البرِّ "وقَتادة إذا لم يقل سمعت، وخولف في نقله فلا تقوم به حجَّة لأنه يدلِّس كثيراً عمن لم يسمع منه، وربَّما كان بينهما غير ثقة". "التمهيد" (3/307).
فالرواية ضعيفة منكرة.
مرويات "حية تحت العرش، والمجرة عرق الحية" وبيان عللها.
الرابع: حديث أبي عائشة:
*******************
أخرجه حرب الكرماني في "مسائله" (3/ 1115) حدثنا عمرو بن عثمان قال: ثنا بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان قال: قال أبو عائشة: إن نفرًا من اليهود أتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم -فقالوا: من يحمل العرش؟ قال: "تحمله الهوام بقرونها، والمجرة التي في السماء من عرقهم" قالوا: نشهد إنك رسول الله.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (5/ 258)2784 – ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (5/ 2981)6940 -حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، نَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي عَائِشَةَ، أَنَّ نَفَرًا مِنَ الْيَهُودِ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا لَهُ حَدِيثًا عَنْ تَفْسِيرِ أَبْوَابٍ مِنَ التَّوْرَاةِ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ قَالَ: «وَمَا هُوَ؟» فَذَكَرُوا ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُمْ
وأخرجه إسحاق بن راهويه (كما في " إتحاف الخيرة" (1/ 189)240، و
"المطالب العالية" (12/ 574)3014 -- أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنِي بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّ نَفَرًا مِنَ الْيَهُودِ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: نَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ، لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا نَبِيٌّ، أَخْبِرْنَا عَنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ مَنْ هُمْ؟ وَعَنْ مَنِيِّ الرَّجُلِ وَمَنِيِّ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا حَمَلَةُ الْعَرْشِ فَإِنَّ الْهَوَامَّ تَحْمِلُهُ بِقُرُونِهَا وَالْبَحْرَةُ الَّتِي فِي الشمس من عرقهم، وَمَنِيُّ الرَّجُلِ أَبْيَضُ غَلِيظٌ، وَمَنِيُّ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ / وَذَكَرَ الثَّالِثَةَ، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ، هَكَذَا نَجِدُهُ فِي التَّوْرَاةِ".
قلت:
أولا: هو عن أبي عائشة لا عن عائشة رضي الله عنها، وما في مسند إسحاق بن راهويه خطأ، والصواب ما في أخرجه حرب الكرماني في "مسائل حرب الكرماني" (3/ 1115)، و"الآحاد والمثاني"، و"معرفة الصحابة".
ويؤيده قول ابن الأثير في "أسد الغابة" ط الفكر (5/ 192):"وروى بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن أبي عائشة: أن نفرا من اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: حدثنا عن تفسير أبواب من التوراة لا يعلمها إلا نبي. فذكروا ذلك، فأخبرهم".
وقول الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (ط هجر) (12/ 496)- في ترجمة أبي عائشة-:" وأخرج حديثه من طريق يحيى ابن سَعد، عَن خالد بن معدان عنه أن اليهود أتوا النَّبيّ صَلى الله عَلَيه وسَلم فقالوا حدثنا، عَن تفسير أبواب من التوراة لا يعلمها إلا نبي قال وما هن فذكر الحديث.
قلت (د.محمد الشوا):
وعلى فرض كون الرواية عن عائشة، فالرواية فيها انقطاع، فخالد بن معدان لم يسمع من عائشة رضي الله عنها
وعلى احتمال كونها عن أبي عائشة، فهو في عداد التابعين، وروايته مرسلة.
وقال عنه ابن حجر:" مقبول من الثانية". يعني إذا توبع، وإلا فهو لين الحديث.
ولم يتابع هنا.
ثانيا: خالد بن معدان: ثقة يرسل كثيرا، ولم يصرح هنا بالتحديث عن أبي عائشة، ولم يلق عائشة كما ذكر أبو زرعة، مع نكارة المتن.
ثالثا: بقية بن الوليد: كثير التدليس عن الثقات. ولم يصرح بالتحديث.
الخامس: أثر خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ (من قوله مقطوعا):
****************************** ********
أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (4/ 1300-1301) من قول خالد بن معدان، قال أبو الشيخ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ مَعْبَدٍ بِنْتُ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِيهَا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: «الْمَجَرَّةُ الَّتِي فِي السَّمَاءِ مِنْ عِرْقِ الْهَوَامِّ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ».
قلت: أم معبد بنت خالد بن معدان: لا أعرفها.
ولها رواية واحدة –غير هذه – بنفس السند، ولكن فيها (أم معبد أخت خالد بن معدان): أخرجها الشجري في "الأمالي الشجرية" (1/ 268) من طريق عبد الله بن عبد السلام، قال حدثنا بحر بن نصر، قال حدثنا بشر بن بكر، قال حدثتني أم معبد عن أخيها خالد بن معدان، قال إذا رأيتم عموداً من قبل المشرق في السماء مثل النار في رمضان فأعدوا طعام سنتكم فإنها تكون سنة جوع.
وأم معبد هذه مجهولة.
وبشر بن بكر يروي عن (أم عبد الله بنت خالد بن معدان) نفس الأثر ، أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط" (1/ 119)371 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رِشْدِينَ قَالَ: نا زَيْدُ بْنُ بِشْرٍ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: نا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ ابْنَةُ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِيهَا، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ عَمُودًا أَحْمَرَ قِبَلَ الْمَشْرِقِ فِي رَمَضَانَ، فادَّخِرُوا طَعَامَ سَنَتِكُمْ، فَإِنَّهَا سَنَةُ جُوعٍ».
فإن تكن هي فقد قال الجوزجاني:" أم عبد الله ابنة خالد بن معدان أحاديثها منكرة جدا". (أحوال الرجال (ص: 289).
وبشر بن بكر التّنيسي، أبو عبد الله البجلي، ثقة يغرب، كما في التقريب (1/ 98 رقم 46).
وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: له ترجمة مختصرة في "طبقات المحدثين بأصبهان" (3/ 512):" يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ، مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، يَنْزِلُ قَرِيبًا مِنْ دَارِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَيْ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَة ٍ بِالْبَادِيَةِ سَنَةَ الْقَرْمَطِيِّ، يَرْوِي عَنْ يُونُسَ وَالْمِصْرِيِّي نَ".
وفي "تاريخ أصبهان" (2/ 30)، و"تاريخ الإسلام" (7/ 254)
ولم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا من جهة الرواية.
** والخلاصة: أن هذا الأثر لا يثبت بحال.
د. محمد محمد الشوا