حكم إدعاء النسب الهاشمي

إدعاء النسب الهاشمي
وأما مَن ادَّعى هذا النَّسبَ الشريف وهو ليس من أهله فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب وأتى أمراً محرَّماً، وهو متشبِّعٌ بِما لَم يُعط، وقد جاء عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله r قال:"المتشبِّعُ بِما لَم يُعْطَ كلابس ثوبَي زور" رواه مسلم.
وقد دلت الأحاديث الصحيحة على تحريمُ انتساب المرء إلى غير نسبِه، كما جاء عن أبي ذر t أنَّه سَمع النَّبِيَّ r يقول: "ليس مِن رجلٍ ادَّعى لغير أبيه وهو يَعلَمه إلاَّ كفر بالله، ومَن ادَّعى قوماً ليس له فيهم نسبٌ فليتبوَّأ مقعَدَه من النار". متفق عليه.
وعن واثلة بن الأَسْقع t قال: قال رسول الله r: "إنَّ مِن أعظَمِ الفِرى أن يَدَّعيَ الرَّجلُ إلى غير أبيه، أو يُري عينَه ما لَم تَرَ، أو يقولَ على رسول الله rما لَم يقل" رواه البخاري.
وعن ابن عباس t عن عمر بن الخطاب t قال: إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله ألا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم، أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم". رواه البخاري.
ومما سبق يتبين أن إدعاء النسب الهاشمي يضر مدعيه ولا ينفعه فهو لا حصّل الفضل ولا سلِم الوزر.
وإذا كان ما سبق عنه التحذير في عموم من انتسب إلى غير قومه ولو لم يكونوا من آل البيت، فلا شك أن إدعاء الانتساب إلى آل البيت أولى بالتحريم وأشد في الإثم لكونه يتعلق به من الأحكام ما لا يتعلق بغيره من الانتسابات.
وليعلم المسلم أن كون الشخص من آل البيت إنما هو اصطفاء يصطفيه الله لمن يشاء من عباده، فلا يجوز لأحد أن ينتسب إلى هذا النسب زورا وكذبا لما جاء عن علي t أن رسول الله r قال: "ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا". رواه مسلم.
وما أكثر هذا الانتساب والإدعاء في كتب التصوف والرافضة فإن كثيرا منهم ينتسبون إلى آل البيت ليخدعوا الناس بتلك الدعوى، وليتخذوا من ذلك ستارا لبث أفكارهم ومعتقداتهم وللترويج لأباطيلهم وترهاتهم.
وفي المقابل : فإنه لا يجوز الطعن في نسب من صح انتسابه إلى هذه الدوحة الشريفة بغير حق لما جاء عن عبد الله بن مسعود t قال: قال رسول الله r :"ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء ". رواه أحمد والترمذي وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب .
والطعن في النسب الثابت بلا حجة ولا برهان واحتقار الناس والتهاون بهم والافتخار عليهم كل ذلك من أعمال الجاهلية التي حاربها الإسلام ولا ينبغي للمسلم أن يتخلق بها لما جاء عن أبي مالك الأشعري t أن النبي r قال:"أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة". رواه مسلم.
وأشد أنواع القذف وأسوأها وأعظمها جرما أن ينفي هذا الطاعن الجاهلي نسبة إنسان إلى آل النبي r بعد ثبوت نسبته إليهم أو اشتهاره بين الناس باستفاضة تامة أنه من آل بيت النبي r فيجمع بين كبيرتين من كبائر الذنوب:
الأولى : قذفه بإخراجه من نسبه على الأصل الصحيح فينسبه إلى غير أهله.
الثانية : ما فيه من الأذية لآل بيت النبي r إذ أن قذفهم والطعن فيهم ليس كقذف غيرهم والطعن فيهم، وإيذاؤهم ليس كإيذاء غيرهم.
كما ينبغي التنبيه إلى أنه ينبغي على الهاشمي حقا أن يعتز بنسبه وأن يشهر نفسه بالانتساب إلى البيت الذي ينتسب إليه من بيوت الهاشميين، لا أن يفعل كفعل كثير من الأدعياء ممن زعموا ذلك وألقابهم منسوبة إلى مدن وبلدان وربما تكون أعجمية لا عربية، وتجدهم يتكلمون بغير اللغة العربية وهم مع ذلك يزعمون الانتساب إلى دوحة خير البرية، وأحدهم لا يعرف جده الرابع وإنما يتخذون ذلك سلما لنيل بعض المآرب الدنيوية.
كما يجب على الهاشمي الذي اصطفاه الله وفضله بهذا النسب الزكي أن يحافظ على ما خصه الشرع به من أحكام وأوجب عليه من واجبات وأن يعلمها لأولاده من بعده ويلزمهم بها اقتداء بنبي الله r وإشهارا لنفسه ولآله بهذا النسب الكريم، دون أن يكون ذلك سببا لترفعه على المسلمين أو مجاوزته لحدود الشرع وتعديه ما سنه رسول الله r سيد الهاشميين.

من بحثي (تحرير القول في بيان حكم الصدقة على آل الرسول)