لا ينفع التلفظ بالشهادتين من غير علم بمعناها ولا عمل بمقتضاها
يقول الشيخ العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن فى رده على عثمان ابن منصور حين ادعى انه ينفع التلفظ بالشهادتين من غير علم بمعناها ولا عمل بمقتضاها--فكان جوابه رحمه الله-فالجواب أن يقال : هذا الرجل من أبعد الخلق عن الفقه عن الله ورسوله ومعرفة مراده ، وحقائق أحكامه ، ومن أجهل خلق الله بأقوال أهل العلم ومدارك الأحكام ، وكل من عقل عن الله يعلم علماً ضرورياً أن المقصود من الشهادتين ما دلتا عليه من الحقيقة والمعنى ، وما اشتملتا عليه من العلم والعمل . وأما مجرد اللفظ من غير علم بمعناهما ولا اعتقاد لحقيقتهما فهذا لا يفيد العبد شيئاً ، ولا يخلصه من شعب الشرك وفروعه ، قال تعالى : { فاعلم أنه لا إله إلا الله } وقال : { إلا من شهد بالحق وهم يعلمون }فالإيمان بمعناها والانقياد له لا يتصور ولا يتحقق إلا بعد العلم ، والحكم على الشيء فرع عن تصوره ، فإذا لم يعلم ولم يتصور فهو كالهاذي وكالنائم وأمثالهما ممن لا يعقل ما يقول ، بل لو حصل له العلم وفاته الصدق لم يكن شاهداً بل هو كاذب ، وإن أتى بهما صورة ، قال الله تعالى : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } فكذبهم في قيلهم ، ورد شهادتهم وشهد على كذبهم ، وأكد الحكم بإن المؤكدة ولام التعليق ، فهل يقول عاقل أنهم يشهدون بكلمتي الإخلاص ، ويعترفون بها ؟ وهل هذا القول إلا رد لكتاب الله وخروج عن سبيل المؤمنين ؟ فإنهم مجمعون على اعتبار ما دلت عليه الشهادتان من المعنى المراد ، وأنه هو المقصود ، ولم يقل أحد أن الإيمان مجرد اللفظ من غير عقيدة القلب وعلمه وتصديقه ، ومن غير عمل بمدلول الشهادتين ، وما سمعت أن أحداً قاله إلا طائفة من المتكلمين من الكرامية نازعوا الجهمية في قولهم إن الإيمان هو التصديق فقط ، وقابلوا قولهم بأنه مجرد الإقرار فقط . والقولان مردودان عند الأمة ولكنهما أحسن وأقرب إلى قول أهل العلم مما أتى به هذا المفتري : من عدم اعتبار العلم والمعنى . ومن قرأ القرآن أو سمعه وهو عربي اللسان فإنه يعلم أن قتل المشركين معلل بنفس الشرك معلق عليه ، قال تعالى : { وقاتلوا المشركين كافة } وقال تعالى : { إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار } وقال تعالى : { براءة من الله ورسوله ... فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } ونحو ذلك من الآيات الدالة على تعليق الحكم على نفس الشرك ، وفي الحديث : ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه ) وفي الحديث الآخر : ( من بدل دينه فاقتلوه ) وكلام الفقهاء في باب حكم المرتد وقولهم : فمن أشرك بالله إلى آخر كلامهم .[مصباح الظلام]