رد: تفسير اسم الله الباطن ؟؟
شرح حدوث النزول لابن تيمية رحمه الله
قال ابن أبي حاتم: قرأت على محمد بن الفضل: حدثنا محمد بن على بن الحسن بن شَقِيق، ثنا محمد بن مُزِاحم، ثنا بُكَيْر بن معروف، عن مقاتل بن سليمان في قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ} من المطر {وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} من النبات {وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء} من القطر {وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} ما يصعد إلى السماء من الملائكة {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} يعنى بقدرته وسلطانه وعلمه معكم أينما كنتم.
وبهذا الإسناد عن مقاتل بن سليمان قال: بلغنا ـ والله أعلم ـ في قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ} قال: قبل كل شيء {وَالْآخِرُ} قال: بعد كل شيء {وَالظَّاهِرُ} قال: فوق كل شيء {وَالْبَاطِنُ} قال: أقرب من كل شيء؛ وإنما نعنى بالقرب بعلمه وقدرته وهو فوق عرشه {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} يعلم نجواهم ويسمع كلامهم، ثم ينبئهم يوم القيامة بكل شيء نطقوا به، سيِّئ أو حسن.
وهذا ليس مشهورًا عن مقاتل كشهرة الأول الذي روى عنه من وجوه لم يجزم بما قاله، بل قال: بلغنا، وهو الذي فسر الباطن بالقريب، ثم فسر القرب بالعلم والقدرة، ولا حاجة إلى هذا. وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء " وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وأبي ذرـ رضي الله عنهما ـ في تفسير هذه الأسماء، وحديث [الإدلاء] ما قد بسطنا القول عليه في [مسألة الإحاطة] .
وكذلك هذا الحديث ذكره قتادة في تفسيره، وهو يبين أنه ليس معنى الباطن أنه القرب، ولا لفظ الباطن يدل على ذلك، ولا لفظ القرب في الكتاب والسنة على جهة العموم كلفظ المعية، ولا لفظ القرب في اللغة والقرآن كلفظ المعية .
فإنه إذا قال: هذا مع هذا؛ فإنه يعنى به المجامعة والمقارنة والمصاحبة، ولا يدل على قرب إحدى الذاتين من الأخرى، ولا اختلاطها بها؛ فلهذا كان إذا قيل: هو معهم، دل على أن علمه وقدرته وسلطانه محيط بهم، وهو مع ذلك فوق عرشه، كما أخبر القرآن والسنة بهذا.
وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ}
فأخبر سبحانه أنه مع علوه على عرشه يعلم كل شيء، فلا يمنعه علوه عن العلم بجميع الأشياء.
وكذلك في حديث [الأوعال] [جمع الوَعْل، وهو تيْس الجبل] الذي في [السنن] قال النبي صلى الله عليه وسلم: " والله فوق عرشه ويعلم ما أنتم عليه "، ولم يأت في لفظ القرب مثل ذلك أنه قال:
هو فوق عرشه وهو قريب من كل شيء، بل قال: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إن الذي تدعونه سميع قريب ".
قال ابن أبي حاتم: ثنا أبي، ثنا يحيى بن المغيرة، ثنا جرير، عن عبدة بن أبي بَرْزَةَ السجستاني، عن الصلت بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله، أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل الله
تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ واْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي} [البقرة: 186] . إذا أمرتهم أن يدعونى فدعونى أستجيب لهم.
ولا يقال في هذا: قريب بعلمه وقدرته؛ فإنه عالم بكل شيء، قادر على كل شيء، وهم لم يشكوا في ذلك ولم يسألوا عنه، وإنما سألوا عن قربه إلى من يدعوه ويناجيه؛ ولهذا قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} فأخبر أنه قريب مجيب.
وطائفة من أهل السنة تفسر [القرب] في الآية والحديث بالعلم؛ لكونه هو المقصود؛ فإنه إذا كان يعلم ويسمع دعاء الداعي حصل مقصوده، وهذا هو الذي اقتضى أن يقول من يقول: إنه قريب من كل شيء، بمعنى العلم والقدرة؛ فإن هذا قد قاله بعض السلف، كما تقدم عن مقاتل بن حيان وكثير من الخلف، لكن لم يقل أحد منهم: إن نفس ذاته قريبة من كل شيء. وهذا المعنى يقر به جميع المسلمين .
رد: تفسير اسم الله الباطن ؟؟
الفرق بين الباطن والقريب , أن الأول من الأسماء المتقابلة التي يقترن ذكرها باسم الظاهر , لكن القرب يذكر منفردا غير مفترن بغيره , ولذلك زلت أقدام أهل التصوف والسلوك لما تعبدوا الله باسم الباطن منفردا , فأدى بهم الى اعتقاد الحلول والاتحاد
رد: تفسير اسم الله الباطن ؟؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني
وطائفة من أهل السنة تفسر[القرب]في الآية والحديث بالعلم؛ لكونه هو المقصود؛ فإنه إذا كان يعلم ويسمع دعاء الداعي حصل مقصوده،وهذا هو الذي اقتضى أن يقول من يقول:إنه قريب من كل شيء، بمعنى العلم والقدرة؛ فإن هذا قد قاله بعض السلف، كما تقدم عن مقاتل بن حيان وكثير من الخلف، لكن لم يقل أحد منهم: إن نفس ذاته قريبة من كل شيء. وهذا المعنى يقر به جميع المسلمين .
بارك الله فيك--اختار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وجماعة من المحققين أن قرب الله جل وعلا الذي جاء في الكتاب والسنة إنما هو قرب خاص لأنه ما جاء الدليل بالقرب العام وقال بعض أهل العلم : القرب قربان :
* قرب عام .
* وقرب خاص .
فالقرب العام من جميع الخلق بإحاطته جل وعلا وبقدرته عليهم وهذا هو الذي جاء في قوله ?وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ? وقوله ?وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ? والقرب الخاص هو الذي جاء في الآيات والأحاديث الأخر التي فيها أنه جل وعلا قريب من خاصة خلقه .
وهذان وجهتان لأهل السنة : هل القرب ينقسم أم لا ينقسم ؟
ومُحَصَلُ ذلك أن قرب الله جل وعلا عند الجميع صفة من صفاته اللائقة به سبحانه وتعالى .
قال جل وعلا ?وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ? وهذا القرب في هذه الآية خاص وقد جعله قرب إجابة جل وعلا وقرب الإجابة نوعان :
* قرب عطاء .
* وقرب إثابة .
فمن سأل الله جل وعلا في دعائة كان داعيا دعاء المسألة فيكون قرب الله جل وعلا منه قرب من يعطي ، وإذا دعا العبد ربه جل وعلا في عبادة وطاعة - يعني دعاء - عبادة كان قرب الله جل وعلا منه قرب إثابة .
فإذن الإجابة في تفسير السلف في قوله ?أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ? فسرت بأنها إعطاء السؤال أو إثابة الداعي ، وكل أحد يسأل الله جل وعلا شيئا أو يدعو الله جل وعلا شيئا فإن الله جل وعلا يعطيه ويجيب دعاءه ?أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ? ولا بد فإنه ما من داع يدعو إلا والله جل وعلا يجيب دعاءه .
ولكن إجابة الدعاء أعم من إعطاء عين السؤال فإن العبد قد يدعو بدعاء فيه مسألة وقد يدعو بدعاء ليس فيه مسألة خاصة ، فإذا سأل العبد ربه مسألة خاصة (أعطني كذا) فإنه يجاب بإحدى ثلاث خصال الاولى: إما أن يعطى عين ما سأل (اللهم هيء لي زوجة صالحة) (اللهم هيء لي من أمري رشدا) (اللهم اجعل هذا الأمر خيرا لي) فيجاب في سؤاله فيعطى عين ما سأل هذا حال .
* والثانية أن لا يعطى عين ما سأل ولكنه يؤخر له ذلك في الآخرة فيكون جواب السؤال في الآخرة ، هذا أعظم في بعض الأحوال .
* والثالث أن يصرف عنه من السوء مثل ما سأل فهو سأل شيئا وقضى الله جل وعلا بحكمته أن لا يعطي العبد عين ما سأل فيصرف عنه من السوء مثل ما سأل وهذا قد جاء في الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح وغيره (ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال) وذكر هذه الخصال التي أسلفت .
فإذن إجابة الداعي قد تكون إجابة للسائل وقد تكون إثابة للعابد ، وإجابة السائل أعم من إعطاء عين المسؤول ولهذا في حديث التنزل الإلهي تبارك ربنا وتقدس (فإن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى الثلث الآخر من الليل فيقول هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له هل من داع فأجيبه) ومعلوم أن الاستغفار والسؤال والدعاء الأولى تدخل في الثانية فإن المستغفر سائل وليس كل سائل مستغفرا كما أن السائل داع وليس كل داع سائلا ، ولهذا نقول الدعاء ينقسم إلى قسمين :
* دعاء مسألة .
* ودعاء عبادة .
وهذا جميعا داخل في قوله جل وعلا ?أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ واْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي?
قال رحمه الله (وَقَوْلِهِ صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ: "إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُم مِن عُنقِ رَاحِلَتِهِ")
(إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ) فعلق القرب هنا بقربه جل وعلا ممن دعاه .
وذلك أنهم كانوا يرفعون أصواتهم بالدعاء فبين لهم النبي صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ أن الله قريب منهم. وهذا يشهده العبد في هذا القرب الخاص ويشهده أيضا إذا تأمل اسم الله الباطن الذي ليس دونه شيء فيجد أنه إذا قوي علمه بمعنى اسم الله الباطن فإنه يظهر له ظهورا جليا لا لبس معه في قلب العبد المؤمن العالم بأسماء الله وصفاته أنه إذا حدث نفسه بحديث فإن الله جل وعلا معه قريب يسمع جل وعلا ما حدَّث به نفسه مطلع عليه يعلمه وذلك لأن الله جل وعلا الباطن الذي ليس دونه شيء .
فلا تتصور أن ثم شيء يمكن أن تكون فيه خفيا على رب العالمين ولو كان ذلك بأقل حديث نفس ولو بخطرة نفس أو بخطرة بال فإن الله جل وعلا ليس دونه شيء يعلم ذلك ، وهذا من آثار اسم الله الباطن فإنه جل وعلا ليس دونه شيء كما أوضحنا ذلك مفصلا في معنى البطون في تفسير حديث النبي صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ فيما مضى .
قال (إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُم مِن عُنقِ رَاحِلَتِهِ) والتمثيل هنا أو المفاضلة بعنق الراحلة لأجل شدة قربها من جهة مَنْ على الراحلة فإن عنق الراحلة قريب منه جدا فإذا تحدث بحديث خفي فإن مَنْ على عنق الراحلة سيسمعه والله جل وعلا أقرب من ذلك ، فهذه المفاضلة للتقريب لتقريب معنى الصفة (إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُم مِن عُنقِ رَاحِلَتِهِ) فليس العبد بحاجة إلى أن ينادي في الدعاء بل الأمر أمر مناجاة والله جل وعلا قرب موسى عليه السلام فناجاه كما قال سبحانه ?وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا? فالمناجي هو من حاله القرب والعبد المؤمن العابد لله تبارك وتعالى الذي يستحضر أسماءه وصفاته ويستحضر آثار ذلك في ملكوته وفي نفسه وفي خلق الله تبارك وتعالى فإنه إذا نادى الله جل وعلا يحس بقرب الرب تبارك وتعالى من العبد الداعي خاصة .
وهذا مراد شيخ الإسلام أن القرب ، قرب العبد من الله يستلزم قرب الرب جل وعلا من العبد .وليس هذا القرب قرب مساحة بأن من قَرُبَ شيئا مساحة من الأرض أو قُرْبْ مسافة فإن المقابل يقرب منه ، ليس قُرْبْ مسافة ولكنه قُرْبٌ كما يليق بالله جل وعلا .
ولهذا في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة أن النبي صَلَّىْ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ قال (من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا) وهذا التقرب فإن الله جل وعلا يقرب من العبد إذا قرب العبد منه (وأقرب ما يكون العبد من ربه جل وعلا وهو ساجد) .
وهذا قرب لا تحيط به العبارة .. لكن نعلم أنه ليس قربا بالمسافة يعني بحركة البدن لأن العبد وهو ساجد ، اثنان يصليان هذا بجنب هذا ويكون أحدهما قريبا جدا من ربه تبارك وتعالى والآخر يكون بعيدا جدا من ربه تبارك وتعالى .
وهذا القرب لا تحيط به العبارة ولكنه حق يحسه العابد إحساسا بينا لا يحتاج معه إلى أن يدلل عليه وهذا ظاهر ، هل هو قرب الروح والعلو علو النفس أم شيء آخر ؟
ولهذا قال بعض السلف (القلوب والأرواح جوالة فمنها ما يجول حول العرش ومنها ما يجول حول الحُشْ)
فالقلوب جوالة بعضها يرتقي يرتقي يرتقي حتى يصير قريبا .[مهم جدا]
المقصود من ذلك أن النصوص فيها قرب العبد من الله وفيها قرب الله جل وعلا من العبد وليس الأمر مستلزما ، ما نقول قرب العبد من الله يستلزم قرب الله من العبد لأن العبد قد يكون من أهل الخشوع والبكاء ونفسه متعلقه بالله جل وعلا أعظم تعلق ويكون من الممقوتين كما قال طائفة من السلف (ليس الشأن أن تُحِب ولكن الشأن أن تُحَب) فهو يتعلق قلبه بالله جل وعلا ولكن يكون على ضلالة وعلى غواية فلا يلزم من قرب العبد من ربه في ظنه أن يكون الله جل وعلا قريبا منه.
ولهذا نقول أن قرب الله تعالى صفة له تبارك وتعالى وأما العبد المؤمن المُسَدَد الصالح فإنه إذا تقرب من الله جل وعلا فإن الله يقرب منه كيف يشاء .فهذا الاستلزام في حق العبد الصالح إذا قرب من الله جل وعلا فإن الله يقرب منه كما قال جل وعلا (من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة) .
قال رحمه الله (وَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتِابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ قُرْبِهِ وَمَعِيَّتِهِ لاَ يُنَافِي مَا ذُكِرَ مِنْ عُلُوِّهِ وَفَوْقِيَّتِهِ )
ما ذُكِرَ في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذُكِرَ من علوه وفوقيته لأن الجميع حق والحق كما ذكرت لك لا يناقض حقا أبدا بل يكون معه يسير معه ويدل عليه ويبينه ويكون أحدهما دالا على الآخر والآخر دالا على الأول وهكذا .
قال (فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ) هذا تعليل (فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي جَمِيعِ نُعُوتِهِ، وَهُوَ عَلِيٌّ فِي دُنُوِّه، قَرِيبٌ فِي عُلُوِّهِ)
هو سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته ، ليس كمثله شيء سبحانه في علوه علو الذات ، ليس كمثله شيء في استوائه على عرشه ، ليس كمثله شيء في قربه ليس كمثله شيء في معيته الخاصة ليس كمثله شيء في معيته العامة ، ليس كمثله شيء في إحاطته ، ليس كمثله شيء في قهره ، ليس كمثله شيء في جبروته ، ليس كمثله شيء في جماله ، ليس كمثله شيء في جلاله تبارك ربنا وتقدس ليس كمثله شيء البتة [شرح العقيدة الواسطية للشيخ صالح ال الشيخ]
رد: تفسير اسم الله الباطن ؟؟
أظن أن شيخ الاسلام له كلام حول المعية وكأنه يشير الى أنها معية حقيقية ,
رد: تفسير اسم الله الباطن ؟؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد القلي
أظن أن شيخ الاسلام له كلام حول المعية وكأنه يشير الى أنها معية حقيقية ,
بارك الله فيك --في كلام العلماء الأجلاء إشارة بل في بعضه تصريح بأن تفسير معية الله تعالى لخلقه بعلمه تفسير بلازمها أو حكمها ومقتضاها ، كما في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ، واللازم غير الملزوم ، والمقتضي غير المقتضى ؛ فلهذا قال شيخ الإسلام : ففرق بين معنى المعية ومقتضاها ، وربما صار مقتضاها من معناها . ووجه ذلك أن دلالة اللفظ على مدلوله تارة تكون بالمطابقة ، وتارة بالتضمن ، وتارة بالالتزام ، فدلالة المعية على العلم من دلالة الملزوم على اللازم ، كما نص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية .
ولهذا قال : وعلمه بهم من لوازم المعية ومن التبعيض ، وذلك لأن العلم ليس وحده لازم المعية ، بل لها لوازم أخرى كالاطلاع والسمع والرقابة والهيمنة والقدرة والسلطان ، وغير ذلك مما تقتضيه المعية . وقد مثل بهذه اللوازم الزائدة على العلم شيخ الإسلام وابن القيم وابن كثير وابن رجب رحمهم الله تعالى .
وأشار إلى مثل ذلك الشيخ الشنقيطي حيث قال : وأما المعية العامة لجميع الخلق فهي بالإحاطة التامة والعلم ، ونفوذ القدرة ، وكون الجميع في قبضته ، فدل ذلك أن تفسير السلف لها بالعلم تفسير ببعض لوازمها ، وليس وحده هو معناها ، وأن مقصودهم بذلك خوف توهم حلول البارىء - جل وعلا - في أماكننا في الأرض ، أو دفع دعوى من ادعى ذلك من الحلولية الجهمية ، وقد ذكر أن ذلك مقصودهم الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم حيث قال في الفهارس العامة لمجموع الفتاوى ص 90 : فسر بعض السلف بعض نصوص المعية بالعلم ، وهو بعض مقتضاها ؛ دفعًا لاستدلا الحلولية بها . اهـ فجوابه أن يقال : إن العلماء الذين ذكرهم المردود عليه في هذه الجملة لم يقل أحد منهم أن معية الله لخلقه معية ذاتية ، وإنما كان كلامهم يدور على إثبات معية العلم والقدرة والإحاطة والسماع والرؤية لعموم الخلق . وعلى إثبات معية النصر والتأييد والكفاية لأنبياء الله وأوليائه [مجلة البحوث ] ----------------------------السؤال: هل سبق أحدٌ شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في أن المعية حقيقية تليق بالله ينزه فيها الباري عن أن يكون مختلطاً بالخلق أو حالاً في أمكنتهم؟ وعن الحديث القدسي: "وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل.."؟ وعن قول ابن القيم في الصواعق مختصرها: "فهو قريب من المحسنين بذاته ورحمته" هل هو صحيح وهل سبقه أحد في ذلك؟ -------- الإجابة: فأجاب فضيلته بقوله: - لا أعلم أحداً صرح بذلك، لكن الذي يظهر أن الكلام فيها كغيرها من الصفات، تفهم على حقيقتها مع تنزيه الله عما لا يليق به، كما يفهم الاستواء والنزول وغيرهما، ولهذا لم يتكلم الصحابة فيما أعلم بلفظ الذات في الاستواء والنزول، أي لم يقولوا: استوى على العرش بذاته، أو ينزل إلى السماء الدنيا بذاته، لأن ذلك مفهوم من اللفظ، فإن الفعل أضيف إلى الله تعالى، إما إلى الاسم الظاهر، أو الضمير، فإذا أضيف إليه كان الأصل أن يراد به ذات الله عز وجل، لكن لمّا حدث تحريف معنى الاستواء والنزول احتاجوا إلى توكيد الحقيقة بذكر الذات، وكذلك لما حدث القول بالحلول وشبّه القائلون به بآيات المعية بين السلف بطلان تلبيسهم، وأنه لا يراد بها أنه معهم بذاته مختلطاً بهم، كما فهم أولئك الحلولية، وأن المراد بها بيان إحاطته بالخلق علماً، وذكروا العلم لأنه أعم الصفات متعلقاً، ولأنها جاءت في سياقه. والمهم أن هذه المسألة كغيرها من مسائل الصفات تجري على ظاهرها على ما يليق بالله عز وجل، وما ورد عن السلف فإنه داخل في معناها، لأنه من لوازمه، واقتصروا عليه خوف المحذور، وإلا فلا يخفي أن حقيقة المعية أوسع من العلم وأبلغ، ولظهور هذه المسألة وأنها لم تخرج عن نظائرها لم يكن فيها كلام عن الصحابة رضي الله عنهم اللهم إلا ما ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره عنه، قال: "هو على العرش، وعلمه معهم"، ثم اشتهر ذلك بين السلف حين انتشر تفسير الجهمية لها بالحلول. وأما سؤالكم عن الحديث القدسي: "وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه"، فأنت ترى أن الله تعالى ذكر في الحديث عبداً ومعبوداً، ومتقرباً ومتقرباً إليه، ومحباً ومحبوباً، وسائلًا ومسؤولاً، ومعطياً ومعطي، ومستعيذاً، ومستعاذاً به، ومعيذاً ومعاذاً فالحديث يدل على اثنين متباينين، كل واحد منهما غير الآخر، فإذا كان كذلك لم يكن ظاهر قوله: "كنت سمعه وبصره ويده ورجله" أن الخالق يكون جزءاً من المخلوق، أو وصفاً فيه، تعالى الله عن ذلك وإنما ظاهره وحقيقته أن الله تعالى يسدد هذا العبد في سمعه، وبصره، وبطشه، ومشيه، فيكون سمعه لله تعالى إخلاصاً وبه استعانة وفيه شرعاً، واتباعاً، وهكذا بصره، وبطشه ومشيه. وأما سؤالكم عن قول ابن القيم في الصواعق (مختصرها): فهو قريب من المحسنين بذاته، ورحمته، فهل يصح؟ وهل سبقه أحد في ذلك؟ فإن ابن القيم رحمه الله تعالى قاله أخذاً بظاهر قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}، فهذه الضمائر: {عبادي}، {عني}، {فإني}، {قريب}، {أجيب}، {دعان}، {لي}، {بي}، كلها تعود إلى الله عز وجل فكما أنه نفسه المعبود المسؤول عنه المجيب لدعوة الداعي الواجب الإيمان به فهو القريب كذلك، ولا يلزم من ذلك الحلول، لأن الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع صفاته، فهو قريب في علوه. وقد سبقه إلى مثل ذلك شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حيث قال في شرح النزول ص 508 ج 5 من مجموع الفتاوى: "ولهذا لما ذكر الله سبحانه قربه من داعيه وعابديه قال: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}، فهنا هو نفسه سبحانه القريب الذي يجيب دعوة الداع"، إلى أن قال ص:510 "وأما قرب الرب قرباً يقوم به بفعله القائم بنفسه فهذا تنفيه الكلابية، ومن يمنع قيام الأفعال الاختيارية بذاته، وأما السلف وأئمة الحديث والسنة فلا يمنعون ذلك، وكذلك كثير من أهل الكلام".أ.هـ. ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــــ مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الأول - باب الأسماء والصفات