عون الإله في بيان أن السلف لم يفوضوا صفات الله
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد : فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة هو بيان أن السلف رحمهم الله لم يفوضوا معنى صفات الله فإني قد وجدت في بعض كتب أصول الفقه[1] أن السلف كانوا يفوضون معنى صفات الله وهذا باطل فالسلف رحمهم الله كانوا يثبتون ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو علىلسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ،ولا تمثيل .
[1] - غاية الغرابة أن يقول د. وهبة الزحيلي في الوجيز في أصول الفقه ص 189: ( رأي السلف أحوط وأولى ، ورأي الخلف أحكم عقلاً ) لاعتقاده أن طريقة السلف مجرد الإيمان بألفاظ النصوص بغير إثبات معناها ، كون طريقة السلف أسلم من لوازم كونها أعلم وأحكم إذ لا سلامة إلا بالعلم والحكمة، العلم بأسباب السلامة ، والحكمة في سلوك تلك الأسباب .
معنى التعطيل و التمثيل و التكييف
والمقصود بالتعطيل نفي ما أثبته الله لنفسه من أسماء أو صفات كقول البعض في قوله تعالى : ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ﴾[1] لا أدري ما المراد أفوض معنى اليد ، ولا أثبت أن لله يداً حقيقية فهذا باطل فالله أثبت لنفسه يدين إذاً لله يدان ، والمقصود بالتكييف أي حكاية كيفية الصفة فعندما أقول لك كيف يأكل محمد ؟ فتقول يأكل محمد هكذا ، وعندما أقول لك كيف يبرك البعير ؟ تقول يبرك البعير هكذا ، ونحن لأننا لم نر الله ،وليس لله شبيه فكيف نكيف صفاته ؟!!! أما أهل الأهواء فعندما تقول لهم ينزل الله يقولون لك ينزل هكذا ،وهم لم يروا الله فهذا كذب ، والمقصود بالتمثيل ذكر مماثل لله في صفاته فعندما تقول لله يد يقولون لك له يد كيدي ، وعندما تقول ينزل الله يقولون ينزل كنزولنا ، وهذا باطل قال تعالى : ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾[2]
[1]- المائدة من الآية 64
[2]- الشورى من الآية11
معنى تفويض صفات الله و تبرئة السلف منه
ومعنى تفويض معنى صفات الله أي مجرد الإيمان بألفاظ النصوص من غير إثبات معناها و السلف رحمهم الله لم يفوضوا معنى صفات الله ،ومما يدل على عدم قول السلف بتفويض معنى صفات الله أن القول بتفويض معنى صفات الله قول باطل فكيف ينسب للسلف الباطل ، وهم خير الأمة ؟!! وبيان ذلك أن كل موجود في الخارج فلابد أن يكون له صفة إما صفة كمال، وإما صفة نقص، والله ليس له صفات نقص إذا لله صفات كمال ،و قد ثبت بالحس والمشاهدة أن للمخلوق صفات كمال ، والله سبحانه هو الذي أعطاه إياها فمعطي الكمال أولى به ،والنفوس السليمة مجبولة ومفطورة على محبة الله ، وتعظيمه، وعبادته ، فكيف تحب وتعظم وتعبد إلا من عرفت أنه متصف بصفات الكمال اللائقة بربوبيته وألوهيته ؟!! وقد قال تعالى : ﴿وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[1] أي لله الوصف الأعلى فالآية أثبتت أن لله صفات الكمال وكفى بكلام الله دليلاً .
[1]- النحل من الآية 60
كلام مالك و الشافعي وأحمد
ولما سئل مالك عن كيفية استواء الله على العرش قال : (الكيف منه غير معقول , والاستواء منه غير مجهول , والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة )[1] فقوله : الكيف غير معقول : أي مجهول ، وقوله : الاستواء غير مجهول : أي معلوم ،وقال الشافعي : ( نثبت هذه الصفات التي جاء بها القرآن ووردت بها السُّنة وننفي التشبيه عنه كما نفى عن نفسه )[2] فقوله رحمه الله ظاهر في إثبات حقيقة المعنى ؛لأنه لو كان لايعتقد ثبوته ما احتاج إلى نفي التشبيه ، وقال أبو بكر المروزي : ( سألت أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية والإسراء وقصة العرش فصححها وقال : تلقتها الأمة بالقبول وتمرّ الأخبار كما جاءت)[3] فقوله تمر كما جاءت يشمل لفظ الخبر ،ومعنى الخبر ،ومن قال يقصد اللفظ فقط دون المعنى نقول له أين الدليل على قولك هذا ؟
[1] - أخرجه ابن عبد البر في التمهيد 7/151 ، و البيهقي في الأسماء والصفات ص408 وصححه الذهبي في العلو ص103 .
[2] - سير أعلام النبلاء للذهبي 20/ 341
[3] - طبقات الحنابلة 1/56
1 مرفق
بحث عون الإله في بيان أن السلف لم يفوضوا صفات الله على ملف ورد بالمرفقات
بحث عون الإله في بيان أن السلف لم يفوضوا صفات الله على ملف ورد بالمرفقات