تختار حكمة البشر مفردات من عناصر البيئة المعاصرة أو القديمة للاستشهاد بها فيما يخص حياة الناس وطريقة عيشهم، مثل الحيوانات؛ كالحصان في”لسانك حصانك”، أو الأشجار مثل “الشجرة المثمرة يرميها الناس بالحجارة”.وتلاحظ أن البئر من أكثر المفردات التي تكررت حولها الأمثال العربية والعالمية رغم أن البئر لم يعد موجودًا بصورة منتشرة؛ بسبب تطور وسائل الحصول على المياه، لكنه رمز دائم للتجربة والمعاناة منذ قصة يوسف عليه السلام، ومنذ عهود الترحال والسفر الشاق، ويظل خير مثال للتعبير عن الحكم التالية والتي تحمل مضمونًا عميقًا يستطيع أن يغير بعض قناعاتك أو أفكارك في الحياة.
“بئر به ماء قريب أفضل من نهر به ماء بعيد”
الإمكانيات القليلة المتاحة في حوزتك والتي تحقق لك فائدة مباشرة هي أفضل لك من الكثير الذي في يد غيرك، أو ليس متاحًا لك، أو لم تحصل عليه بعد؛ فالماء القليل الذي في بئرك قد يروي بعض ظمئك حتى وإن علمت أن هناك أضعاف هذا الماء في نهر بعيد يستهلك جهد الوصول إليه المزيد من العطش.يشبهه المثل القائل: “عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة”، فقد يشغلنا الطمع في المزيد عن الاستمتاع بالقليل الذي لدينا، وقد يشغلنا انتظار القادم عن استمتاعنا باللحظة الحالية المعاشة.
“تغطي البئر بعد أن يقع الولد فيها”
نحن لا نتعلم إلا بعد أن تحدث الكارثة، فماذا تجدي تغطية البئر بعد وقوع الولد، ولماذا لم نغطها قبل وقوعه.. هكذا تتكرر حكمة “الوقاية خير من العلاج”، لكننا ننفق الجهد والأموال في علاج ما كان يمكن أن نتفادى حدوثه، فهذا المثل يطلب من خيالنا أن يمتلك حساسية توقع الأحداث، خاصة السيئ منها كي لا تصدمه المفاجآت التي كان بإمكانه أن يتجنبها.
“لا تبصق في البئر، علك تشرب منه يومًا ما”
حاجات الناس إلى بعضهم متشابكة، ومن تظن أنك قدمت له الود من أجل مصلحتك ثم جفوته عند انقضاء المصلحة لأنك لم تعد في حاجة إليه، فلابد أن تدرك أن الأرض كروية، كل يوم بوجه، وأن المثل الشعبي المصري: “اللي ما تحتاجش لوشّه النهارده بكره تحتاج لقفاه”، يفيدنا في أن من لا يعجبك وجهه الآن فإنك غدًا قد تضطر إلى الإعجاب بقفاه مضطرًا ومرغمًا عندما تحتاج إليه؛ فالحياة لا تغلّب المصلحة على الصلات الإنسانية المجانية بين البشر وإلا فنيت البشرية، لكن الناس لا يتعلمون.
“إذا أردت أن يكون لك بئر، احفر في مكان واحد”
التراكم هو الذي يكوّن الخبرة الإنسانية، فهذا المثل يفيدنا في ألا نصبح عرضة للتشتيت في الأعمال والعلاقات الإنسانية وتكوين الصداقات؛ فالعمل في مهنة تحبها والاستمرار فيها يجعلك تكون خبراتك طول الوقت سواء خبراتك المهنية أو علاقاتك بمن تفيدهم ويفيدونك في محيطها، نفس الأمر يتحقق في تكوين أصدقاء العمر والأحبة الذين كوّنا محبتنا لهم في سنوات طويلة ولا يمكن بأي حال من الاحوال أن نفقدهم.
منقول