ادعوا الله له أن يتوب عليه ، ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه
وقال أبو بكر بن عياش : سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول : جاء رجل إلى عمر بن الخطاب [ رضي الله عنه ] فقال : يا أمير المؤمنين إني قتلت ، فهل لي من توبة ؟ فقرأ عليه ( حم . تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم . غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ) وقال : اعمل ولا تيأس .
رواه ابن أبي حاتم - واللفظ له - وابن جرير .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن مروان الرقي ، حدثنا عمر - يعني ابن أيوب - أخبرنا جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم قال : كان رجل من أهل الشام ذو بأس ، وكان يفد إلى عمر بن الخطاب [ رضي الله عنه ] ، ففقده عمر فقال : ما فعل فلان بن فلان ؟ فقالوا : يا أمير المؤمنين ، يتابع في هذا الشراب . قال : فدعا عمر كاتبه ، فقال : اكتب : " من عمر بن الخطاب إلى فلان ابن فلان ، سلام عليك ، [ أما بعد ] : فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، غافر الذنب وقابل التوب ، شديد العقاب ، ذي الطول ، لا إله إلا هو إليه المصير " . ثم قال لأصحابه : ادعوا الله لأخيكم أن يقبل بقلبه ، وأن يتوب الله عليه . فلما بلغ الرجل كتاب عمر جعل يقرؤه ويردده ، ويقول : غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ، قد حذرني عقوبته ووعدني أن يغفر لي .
ورواه الحافظ أبو نعيم من حديث جعفر بن برقان ، وزاد : " فلم يزل يرددها على نفسه ، ثم بكى ثم نزع فأحسن النزع فلما بلغ عمر [ رضي الله عنه ] خبره قال : هكذا فاصنعوا ، إذا رأيتم أخاكم زل زلة فسددوه ووفقوه ، وادعوا الله له أن يتوب عليه ، ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه .
ما صحة هذا الأثر؟
رد: ادعوا الله له أن يتوب عليه ، ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي أثر عن عمر، فأحببت أن أسأل عن صحته إذا تكرمتم وجزاكم الله خيراً. قال: إذا رأيتم أخاً لكم زل زلة فسددوه، ووفقوه، وادعوا الله أن يتوب عليه، ولا تكونوا عوناً للشيطان عليه ؟
الاجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد؛
فهذا الأثر ضعيف لانقطاعه
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره، كما في تفسير ابن كثير(7/128)، وأبو نعيم في الحلية(4/97)، والبيهقي في شعب الإيمان(6263) مختصراً، وغيرهم من طريق جعفر بن برقان، قال: ثنا يزيد بن الأصم: أن رجلاً كان ذا بأس، وكان يوفد على عمر لبأسه، وكان من أهل الشام، وأن عمر فقده فسأل عنه فقيل له: تتابع في هذا الشراب، فدعا كاتبه فقال: اكتب: من عمر بن الخطاب إلى فلان، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو {غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير} [غافر: 3]، ثم دعا وأمن من عنده، ودعوا له أن يقبل الله بقلبه، وأن يتوب عليه.
فلما أتت الصحيفة الرجل جعل يقرأها ويقول: {غافر الذنب} ، قد وعدني الله أن يغفر لي، و{قابل التوب شديد العقاب} قد حذرني الله عقابه، {ذي الطول} والطول الخير الكثير، {لا إله إلا هو إليه المصير}، فلم يزل يرددها على نفسه، ثم بكى، ثم نزع فأحسن النزع.
فلما بلغ عمر أمره قال: (هكذا فاصنعوا، إذا رأيتم أخاً لكم زل زلة فسددوه، ووفقوه، وادعوا الله أن يتوب عليه، ولا تكونوا عوناً للشيطان عليه).
وهذا الإسناد ضعيف لانقطاعه؛ فيزيد الأصم لم يدرك عمر بن الخطاب.
وبالانقطاع أعله ابن كثير في مسند الفاروق (2/517). والله أعلم
الشيخ أبي الحسن علي الرملي
رد: ادعوا الله له أن يتوب عليه ، ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه
خرجه ابن أبي حاتم الرازي في تفسيره [18416]، فقال:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ يَعْنِي ابْنَ أَيُّوبَ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بَرَقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، قَالَ: كان رجل من أهل الشام ذو بأس، فذكره.
وهذا إسناد منقطع كما قال ابن كثير في مسند الفاروق (٢/٦٧٨).
وهذا الشامي هو أبو جندل كما سيأتي بيانه.
وقد ذكرت أنه يجب الحد عليه إذا كان شهود أو اعتراف، ففي هذا الخبر قولهم: "تتابع في هذا الشراب"، فهذه شهادة منهم.
وخولف فيما خرجه ابن ديزيل في تفسيره رواية الأسدي عنه [2 : 582] فقَالَ:
ثنا آدَمُ، قَالَ: ثنا الرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:
بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ رَجُلٍ شَيْءٌ كَرِهَهُ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى فُلانٍ: فذكر مثله إلا أنه في آخره قال: فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ، وَقَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَنَصَحَ عُمَرُ ". اهـ.
فهذا ليس فيه أنه كان يشرب.
ثم إنه ورد في موقف ءاخر الاعتراف ولم يقم الحد عليه، ففيما خرجه ابن أبي شيبة في مصنفه [28199]، فقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى عُمَرَ، فَقَالَ: " إنِّي قَتَلْتُ فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟، قَالَ: نَعَمْ، فَلَا تَيْئَسْ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ مِنْ حم الْمُؤْمِنِ، : {حم { 1 } تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ { 2 } غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ}. اهـ.
وهذا منقطع أيضا.
قلتُ: والصحيح أنه جلدهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ثم لما تابوا وعلم منهم الإخلاص أرسل لهم بهذه الأية.
هكذا ورد عن عروة وروي عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه.
ينظر تخريجي للروايات:
https://majles.alukah.net/t189106/
فالأثر رواه أكثر من تابعي منهم الذي ذكرته يزيد بن الأصم والحسن البصري وعروة بن الزبير ومحارب بن دثار.
لكن القضية هل طبق عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الشاربين الحد أم لا؟
فإنه كما ورد حديث النبي صلى الله عليه وسلم قوله لصفوان: "فلو قبل هذا".
فهذا يدل على وجوب إقامة الحد.
لذلك جاءت رواية عروة ومحارب وغيرهما مفصلة بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أقام عليهم الحد ثم بعث إليهم بهذه الأية بعدما علم حسن توبتهم وصلاح حالهم.
والله أعلم.
رد: ادعوا الله له أن يتوب عليه ، ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه
رد: ادعوا الله له أن يتوب عليه ، ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس
جزاكم الله خيرا
وجزاكم الله خيرا.