هل الأفضل المشي أمام الجنازة أم خلفها؟
قلت: المشيعون للجنازة شخصان:
الأول: الماشي. والثاني: الراكب.
وقد جاء عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ، وَالْمَاشِي يَمْشِي خَلْفَهَا، وَأَمَامَهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا، وَعَنْ يَسَارِهَا قَرِيبًا مِنْهَا، وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ»([1]).
فدل هذا الحديث على أنَّ الماشي يمشي حيث شاء مِنَ الجنازة، وأنَّ الأفضل للراكب أنْ يسير خلف الجنازة.
قلت: وقد أجمع العلماء على أن الأفضل للراكب أنْ يسير خلف الجنازة.
قال الخطابي رحمه الله: ((فأما الراكب فلا أعلمهم اختلفوا في أنه يكون خلف الجنازة))([2]).
وأما الماشي فقد اختلفوا هل الأفضل له السير أمامها أم خلفها؟
قال الخطابي رحمه الله: ((أكثر أهل العلم على استحباب المشي أمام الجنازة، وكان أكثر الصحابة يفعلون ذلك؛ وقد روي عن علي بن أبي طالب وأبي هريرة أنهما كان يمشيان خلف الجنازة.
وقال أصحاب الرأي: لا بأس بالمشي أمامها، والمشي خلفها أحب إلينا.
وقال الأوزاعي: هو سعة، وخلفها أفضل))([3]).
قلت: واستدل القائلون باستحباب سير الماشي أما الجنازة بما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الجَنَازَةِ([4]).
وهو حديث لا يصح؛ ولو صحَّ فلا يدل على الأفضلية؛ لأنه يحمل على التخيير المذكور في حديث المغيرة رضي الله عنه؛ حيث لم يأت حديث ابن عمر رضي الله عنهما بصيغة التَّكرار.
كما استدلوا بفعل بعض الصحابة. وقد وُجد مَنْ خالفهم من الصحابة.
وعليه، فالصحيح أنَّ الماشي يمشي حيث شاء مِنَ الجنازة. والله أعلم.
[1])) أخرجه أحمد (18174)، وأبو داود (3180)، والترمذي (1031)، وقال: ((هذا حديث حسن صحيح))، والنسائي (1942)، وابن ماجه (1481)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (3523)، وكذا صححه محققو المسند.
[2])) ((معالم السنن)) (1/ 308).
تنبيه: قد وردت أثار عن بعض السلف كما في ((مصنف ابن أبي شيبة)) وغيره أنهم كانوا يسيرون أمام الجنازة وهو راكبون، وهذا لا يعارض الإجماع المنقول؛ لأنَّ الإجماع منعقد على أنَّ السير خلفها هو الأفضل للراكب، والسير أمامها جائز.
[3])) ((معالم السنن)) (1/ 308).
[4])) أخرجه أحمد (4539)، وأبو داود (3179)، والترمذي (1007)، والنسائي (1944)، وابن ماجه (1482)، وصححه الألباني في ((الإرواء)) (3/ 189)، قلت: ولكن أطبق الأئمة المتقدمون على ضعف هذا الحديث وأنَّ الصواب فيه الإرسال؛ قال الإمام الترمذي رحمه الله: ((حديث ابن عمر هكذا، رواه ابن جريج، وزياد بن سعد، وغير واحد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، نحو حديث ابن عيينة، وروى معمر، ويونس بن يزيد، ومالك، وغير واحد من الحفاظ عن الزهري، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي أمام الجنازة. وأهل الحديث كلهم يرون أن الحديث المرسل في ذلك أصح»، وسمعت يحيى بن موسى يقول: سمعت عبد الرزاق يقول: قال ابن المبارك: حديث الزهري في هذا مرسل أصح من حديث ابن عيينة)).
قلت: وقد رجح إرساله الأئمة: أحمد والبخاري والنسائي وابن عدي والخليلي وغيرهم.
رد: هل الأفضل المشي أمام الجنازة أم خلفها؟
رد: هل الأفضل المشي أمام الجنازة أم خلفها؟
- الرَّاكبُ خلفَ الجِنازةِ ، والماشي حيثُ شاءَ منها ، والطفلُ يُصَلَّى عليه.
الراوي : المغيرة بن شعبة | المحدث : الترمذي | المصدر : سنن الترمذي | الصفحة أو الرقم : 1031 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح | التخريج : أخرجه ابو داود (3180 ) بمعناه، والترمذي (1031 )،والنسائي (1942 )
الرَّاكِبُ يسيرُ خلفَ الجَنازةِ ، والماشي يَمشي خلفَها ، وأمامَها ، وعن يمينِها ، وعن يسارِها قريبًا مِنها ، والسِّقطُ يصلَّى علَيهِ ، ويُدعى لوالديهِ بالمغفِرةِ والرَّحمةِ
الراوي : المغيرة بن شعبة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 3180 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه أبو داود (3180 )،وأحمد(18174 )،والطبراني في ((المعجم الكبير)) (20/ 430) (1042)
في هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بعضَ آدابِ الجَنائزِ؛ مثلَ كيفيَّةِ اتِّباعِ الجِنازةِ، إذا حُمِلَ الميِّتُ في نعْشِه، فهناك مَن يتْبَعُه لدفْنِه ماشِيًا كان أو راكِبًا، وفي ذلك يبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كيف يَكونُ السَّيرُ مع الجِنازةِ في قولِه: "الرَّاكِبُ يَسيرُ خلْفَ الجِنازةِ"، أي: الَّذي يَركَبُ دابَّةً أو ما شابَه مُتَّبِعًا بها جِنازةً فيَمشِي وراءَها، "والماشِي"، أي: المترجِّلُ على قدمَيْه له أنْ "يمشِي خلْفَها"، أي: خلْفَ الجِنازةِ في حالِ اتِّباعِه لها، وله أنْ يمشِيَ أيضًا "أمامَها، وعن يمينِها، وعن يَسارِها"؛ كلُّ ذلك "قريبًا منها"، أي: مِن الجِنازةِ؛ وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ الرَّاكِبَ يُفسِحُ للجِنازةِ والمترجِّلين حولَها فهُمْ أَوْلى بالقُرْبِ منها.
ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "والسِّقْطُ"، أي: المولودُ الَّذي لم يَكتَمِلْ وخرَج مِن بطْنِ أمِّهِ قبلَ تمامِ شُهورِه، "يُصلَّى علَيه"، أي: صلاةَ الميِّتِ، "ويُدعَى لِوالِدَيه"، أي: لِوالِدَيِ المولودِ الَّذي سقَطَ، "بالمغفِرةِ والرَّحْمةِ"، أي: يَدعو المسلمون لوالِدَيِ السِّقْطِ بأنْ يغفِرَ اللهُ لهما ذُنوبَهما، ويَرحَمَهما في الدُّنيا والآخرَةِ؛ وذلك تصبِيرًا ومُواسَاةً لهما في ابتِلائِهما. .
رد: هل الأفضل المشي أمام الجنازة أم خلفها؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين / بلوغ المرام
شرح كتاب الجنائز-07
فوائد حديث :( سالم عن أبيه : أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبابكر وعمر وهم يمشون أمام الجنازة ... ). حفظ
الشيخ : فيستفاد من هذا الحديث : مشروعية كون الماشي أمام الجنازة، لأن ابن عمر أخبر بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون، وهذا يحتمل أنه رآهم جميعًا وهم في جنازة، ويحتمل أنه رأى كل واحد على انفراد، لكن المهم أن الجميع كانوا يمشون أمام الجنازة، ووجه كون المشي أمامها على ما قال أهل العلم : أن المشيع كالشافع للجنازة فكان الأولى أن يكون أمامها يتقدمها، ولكن الحديث يقول : إنه معل معل بالإرسال ويش معنى الإرسال ؟ الإرسال يطلق على معنى خاص وهو ما رفعه التابعي أو الصحابي الذي لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم هذا المرسل هذا بمعناه الخاص، وتارة يطلق الإرسال على كل ما لم يتصل سنده فكل ما لم يتصل سنده يسمونه مرسلًا لسقوط راو بين المحدث به وبين من عزاه إليه، وهنا الحديث متصل بالنظر إلى سالم عن أبيه فإذا جعلناه مرسلًا بالمعنى الخاص من الذي يسقط منه ؟ ابن عمر أبوه ليكون الرافع له تابعيًّا وهو سالم، وأما إذا جعلناه بالمعنى العام فيمكن أن بعض سنده فيه انقطاع على كل حال الإرسال يوجب ضعف الحديث، يوجب ضعف الحديث حتى نعلم من الساقط فإن علم الساقط ممن تقبل روايته قبل وإلا رد.
وهذه المسألة أعني مسألة المشاة أين يكونون من الجنازة ؟ فيها أحاديث كل الأحاديث التي فيها لا تخلو من مقال وضعف، لكن فيها حديث المغيرة وهو لا بأس به أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الراكب خلف الجنازة والماشي حيث شاء منها ) فجعل الماشي مخيرًا يكون أمامها خلفها عن اليمين عن الشمال، أما الراكب فيكون في الخلف ليش ؟ لئلا يعيق الناس عن المشي، لأن الدابة ربما تحرن وربما تهون المشي فيعيق الناس، ثم لو قلنا له : ينبغي لك أن تتقدم وكان في مؤخر الناس لزم من هذا أن يؤذيهم بالعبور من عندهم، فلهذا صار المشروع أن يكون خلف أن يكون خلفها، والظاهر لي في هذه المسألة : أنه أن الأمر فيها واسع يكون الإنسان أمامها يكون خلفها يكون عن يمينها يكون عن شمالها، أما الذي يريد أن يحمل فأمره ظاهر لا بد أن يكون آه قريبًا منها، إما عن اليمين وإما عن الشمال وإما في الأمام وإما في الخلف، لكن الكلام على من يمشي وليس بحامل فالأمر في هذا واسع، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر يمشون أمامها قد يقال : إن هذا فعل وقضية عين رأوا أن الأنسب في تلك القضية بعينها أن يكونوا أمامها، وما دام حديث المغيرة لفظه يقول : ( الماشي حيث شاء منها ) ( الماشي حيث شاء ) فإن اللفظ له مدلول عام فيكون أولى بالاتباع فنقول : من أراد أن يمشي أمامها فعل أو خلفها فعل أو عن يمينها فعل أو عن يسارها فعل، لكن أحيانًا يكون الإنسان لا يستطيع أن يمشي أمامها فهنا يمشي بلا شك خلفها، لأنه يتعب وأحيانًا يرى الإنسان أنهم يسرعون فيها إسراعًا كثيرًا فيجب أن يمشي أمامهم لأجل أن يخفف من هذا الإسراع، لاسيما إذا كان له كلمة بحيث يقول : لا تتعبوا على الناس أو ما أشبه ذلك، فما دام الأمر موسعًا فلينظر الإنسان إلى المصلحة ويتبعها نعم .
الطالب : ... .
الشيخ : أي نعم نعم